بالصور.. تزامناً مع احتفالات عيد العمال.. نرصد تاريخ أول ثورة عمالية فى التاريخ غرب الأقصر.. الفراعنة أول من ابتكروا الاعتصام الليلى لصرف مستحقاتهم.. والمئات تظاهروا أمام المعابد ضد فساد المسئولين

تزامناً مع احتفالات مصر اليوم بعيد العمال، يرصد "انفراد" القصة الكاملة لأول وأشهر ثورة عمالية فى التاريخ المصرى القديم.

لعب دور البطولة فى تلك الواقعة التاريخية، عمال (دير المدينة) بالبر الغربى بمحافظة الأقصر، حيث خرج مئات العمال فى مواجهة البطش والظلم والفساد للمسئولين عن بناء المقابر، واستمروا فى التظاهر والاضراب والاعتصامات نهاراً وليلاً لوصول صوتهم للملك "رمسيس الثالث" وقتها.

وكشف العمال الذين عاشوا خلال الحقبة من الأسرة 18 حتى الأسرة 20، وخرجوا فى ثورتهم وتظاهراتهم للملك وقتها أن مسئوليه الذين يثق فيهم كانوا يتحايلون لسرقة عدد من الكنوز النفيسة من المقابر، وكذلك قيامهم بمعاشرة النساء المتزوجات الذى كان يعتبر وقتها من أبشع أنواع الفساد الأخلاقى، وكذلك طالبوا بصرف رواتبهم المتأخرة لتعنت المسئولين معهم.

وفيما يلى القصة الكاملة والحقيقية لتلك الثورة التاريخية التى يتوافد بشأنها آلاف السائحين لزيارة "دير المدينة" بالبر الغربى لمشاهدة منازل ومقابر عمال الدير، الذين سطرت أسماؤهم فى التاريخ المصرى القديم.

أطلق على (دير المدينة) هذا الاسم نظرا لقيام دير بها فى العصر المسيحى، وتحتل هذه المنطقة اهتماما خاصا بين الجبانات الأخرى، ذلك لأنها تعبر بوضوح عن الوضع الاجتماعى للأشخاص الذين دفنوا فى هذه الجبانة، وهم العمال والفنانين الذين أشرفوا على حفر ونقش مقابر الملوك والملكات، والذين بنوا مساكنهم ونقروا مقابرهم فى منطقة واحدة، ولم يكن يتصف سكان دير المدينة بالجاه والثراء كالباقين، بل هم من طبقات الشعب الفقيرة، وقاموا بحفر مقابرهم بأنفسهم.

موقع وتاريخ دير المدينة بجبل القرنة غربى الأقصر يقع دير المدينة فى قلب جبل القرنة التاريخى، وهى مدينة أطلق عليها قدماء المصريين اسم "مكان الحق"، وكان يطلق على سكانها "خدام مدينة الحق" وتشتهر فى العصر الح إلى باسم "دير المدينة"، وتعود أهمية هذه المدينة لوجودها بين واديين شهيرين وهما وادى الملوك الذى كان يضم أجساد ملوك مصر، ووادى الملكات الذى كان يضم أجساد ملكات وأميرات مصر الفرعونية، مما يعنى ارتباط المدينة بهذين الواديين.

من جانبه، يقول أحمد صالح عبد الله عالم الآثار المصرى أن المدينة تأسست فى بداية عصر الأسرة الثامنة عشرة، واستمرت إلى نهاية الأسرة 20، وبعد بداية تأسيسها بقليل تعرضت لحريق هائل، ولكن الدولة أعادت بنائها قبيل عهد الملك العظيم تحتمس الثالث، وعندما جاء الملك المارق - كما أسموه المصريون القدماء – (إخناتون) استعان بأهل هذه المدينة ليساعدوه فى تأسيس عاصمته الجديدة بتل العمارنة بمحافظة المنيا، ولكن دير المدينة ازدهر فى عصر الرعامسة (عصر الأسرتين 19 و20 )، وكان سكان المدينة من أمهر حرفيى وعمال مصر فى أزهى عصورها، فقد كان يقطن بها الحجارين وقاطعى الأحجار الذين ينقرون أشهر المقابر فى مصر، كما تضم النقاشين الذين نقشوا أروع المناظر فى العالم، بالإضافة إلى مصممى المقابر وأمهر الرسامين فى العالم القديم.

ويضيف أحمد صالح – حول دير المدينة – أنه كان يبلغ عدد سكان هذه المدينة فى أوج ازدهارها 400 أسرة أى أن معدل السكان كان حوالى 5 آلاف نسمة - تضم أسر العمال والشيوخ والأطفال - وكانوا ينقسمون إلى مجموعتى "أهل اليمين" و"أهل اليسار" وربما كان انقسامهم عائد إلى طريقة عملهم فى المقابر الملكية التى كانوا يعملون بها حيث يقسم العمل إلى مجموعتين إحداهما تعمل يمين المقبرة والأخرى على اليسار، وكان المسئول عن كل مجموعة سواء فى المقبرة او المدينة شخص يحمل لقب "كبير العمال" وكان يعينه الوزير، ويقوم بتوزيع العمل على العمال ويشرف على توزيع الحصص التموينية "الأجور" ويساعده فى عمله "نائب كبير العمال"، ثم يأتى فى المرتبة الثالثة "كاتب المقبرة" الذى كان يسجل العمل المنفذ فى المقبرة الملكية، ويسجل المتغيبين عن العمل، ويوزع مواد وأدوات البناء من المستودعات الملكية.

ثورة عمال دير المدينة الأشهر فى التاريخ الفرعونى بطيبة تعتبر التظاهرات التى قام بها عمال دير المدينة الأشهر فى التاريخ الفرعونى فى مدينة طيبة – الأقصر حالياً – حيث أنها اندلعت فى الشهر السادس من عام 29 من حكم رمسيس الثالث، ففى اليوم العاشر من الشهر، مر العمال المتظاهرون على نقاط حراسة المقبرة، ومن أمام أعين الحراس الموجودون، وتحركوا ناحية معبد الملك تحتمس الثالث، واعتصموا خلف المعبد، وحاول مسئولو إدارة جبانة طيبة الغربية إقناع العمال المتظاهرين وإدخالهم داخل المعبد لمناقشة مطالبهم، ولكن العمال المتظاهرين رفضوا، ولكنهم عادوا داخل المقبرة التى يعملون بها واتجهت مظاهرة أخرى نحو الطريق الصاعد لمعبد الملك منتوحتب الثالث.

وفى اليوم الحادى عشر، دار العمال المتظاهرون حول السور المحيط بمعبد الرامسيوم، ووصلوا إلى السور الجنوبى، وجاء لهم الكاتب "بنتاورت" لكى للتفاوض معهم ، وأعطاهم خمس وخمسين كعكة.

واستمرت تظاهرات العمال، ففى اليوم الثانى عشر جاء العمال المتظاهرون إلى معبد الرامسيوم ثانية، واعتصموا بعد جدالهم مع كهنة المعبد، ودخلوا داخل فناء المعبد فجاء إلى المعبد الكاتب بنتاورت ورئيس الشرطة منتومس، وبعض مسئولى الإدارة، وأثناء محاولات إقناعهم ذهب بنتاورت إلى عمدة طيبة لعرض مطالب المتظاهرين ولكنه عاد دون حلول، واستمر العمال المتظاهرون يعرضون مطالبهم فى توفير المأكل والمشرب والملبس، وطالبوا بعرضها على فرعون مصر رمسيس الثالث أو وزيره" تو"، لاسيما وأن هذه مطالب كانت وقتها متأخرة عن الشهر الماضى.

وفى اليوم الثالث عشر، حدث أمر عجيب، وهو أن رئيس الشرطة "منتومس" تعاطف مع العمال لعدم توفير الإدارة حلولا لمشكلتهم، فطلب من العمال المتظاهرين التجمع من أجل قيادتهم للاعتصام فى معبد سيتى الأول بالقرنة، وفى اليوم الخامس عشر حاولت الإدارة إيجاد حلول مؤقتة فقررت صرف نصف عبوة قمح لكل واحد من العمال المتظاهرين كما أعطت لهم خمسين إناء بيرة، ولكن هذا لم يف بحاجة العمال فلجأوا إلى طريقة جديدة وهى المظاهرة والاعتصام فى الليل، باستخدام أسلوب جديد تعبيرا عن التظاهر والاحتجاج وهو حمل المشاعل.

ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد، ففى اليوم الثامن عشر، كان الوزير "تو عائدا من مهمة جمع تماثيل الآلهة من المعابد المحلية جنوب الأقصر من أجل عيد تتويج الملك الذى سيقام فى منف (العاصمة القديمة لمصر)، وحاول رئيس الشرطة الجديد "نب سمن" مقابلته أثناء مروره بالأقصر من أجل عرض مطالب العمال المتظاهرين، ولم يستطع الوزير سوى إيجاد حل مؤقت وهو صرف نصف أجر من المتأخر وطلب من الكاتب حورى توزيعه عليهم.

استمرار تظاهرات العمال وزعيمهم "بن أنوكي" يفضح المسئولين وجرائمهم أمام رمسيس الثالث استمر نضال العمال وتظاهراتهم واعتصاماتهم، من أجل الحصول على حقوقهم المهدورة وقتها، ففى الشهر التاسع من عام 29 من عهد رمسيس الثالث، وفى اليوم الثالث عشر قام العمال المتظاهرون بالاعتصام بمعبد الملك "مرنبتاح"، وعندما حاول عمدة طيبة مناقشتهم صرخوا فيه مما جعله يهرب ويرسل لهم الجناينى "منيوفر" ومعه خمسين زكيبة قمح ليوزعها عليهم، حتى يقرر الفرعون رمسيس الثالث الصرف لهم.

وفى اليوم السادس عشر، قام زعيم العمال "بن انوكي" بعرض مطالب العمال والمشاكل التى تحدث فى الجبانة من وراء الفرعون، ووجه اتهامات خطيرة لاثنين من المسئولين المهمين وهما "وسرحات" و"بنتاورت" وهى سرقة أحجار من مقبرة الملك العظيم رمسيس الثانى و"ثور مرقط" وعليه علامة معبد الرامسيوم ومعاشرة ثلاث سيدات متزوجات، كما لمح بتستر الوزير "حوري" على هذه الجرائم وطالب العامل بعرض المطالب والاتهامات على "رمسيس الثالث" او وزيره "تو".

قائمة مطالب عمال "دير المدينة" ووسائل تعبيرهم عنها وخطوات استجابة الحكومة وقد تركزت مطالب عمال "دير المدينة" فى ثورتهم ضد المسئولين وقتها فى 3 مطالب وهى (صرف الأجور المتأخرة - محاربة الفساد الذى تفشى بين رؤسائهم (سرقة –فساد خلقى واجتماعي) - إيصال صوتهم إلى فرعون مصر ووزيره).

أما وسائلهم فى التعبير عن مطالبهم فتنوعت للغاية، حيث شملت (التجمع والتظاهر فى أماكن العمل (المقبرة) والأماكن الدينية ( معابد تحتمس الثالث –الطريق الصاعد لمعبد منتوحتب الثالث- معبد سيتى الأول – معبد الرامسيوم – معبد مرنبتاح ) فى أوقات النهار، والإضراب والتوقف عن العمل، والاعتصام نهارا بالإقامة فى أماكن العمل أو المعابد، والاعتصام ليلا بالمبيت فى الأماكن المذكورة، أو حمل المشاعل كوسيلة للتعبير عن الاحتجاج، وعرض المطالب فى إفادة مكتوبة أو شفاهة، ووجود زعيم يقود المظاهرة مثل بن انوكى الذى عرض مطالب العمال واتهاماته للإدارة الفاسدة، واستغلال زيارة المسئولين لعرض المطالب مثل تواجد الوزير فى مهمة فتم عرض مشكلة العمال عليه.

على جانب طرق تعامل الحكومة وقتها مع تظاهرات واحتجاجات العمال، كانت تارة بمحاولة إيجاد حلول مؤقتة ومسكنة للعمال كصرف جزء من الأجور وذلك بسبب نفاذ مخزون الحبوب من الصوامع، بعد أن وجهت الدولة كل جهودها ناحية المنشآت العامة والحروب الخارجية والاحتفالات المكلفة كحفل تتويج الملك رمسيس الثالث، واستخدام وسيلة الإقناع لإيقاف التظاهر أو الإضراب والاعتصام، واستخدام وسيلة تهديد العمال بمحاكمتهم، وكذلك تعاطف المسئولين مع الحركة العمالية مثل رئيس الشرطة منتومس، والذى يبدو أنه أقيل من منصبه بعد أيام قليلة من إبداء التعاطف، وإلقاء المسئولية من صغار الموظفين على كبار الموظفين.

نظام العمل والرواتب لعمال "دير المدينة" فى مقابر وادى الملوك والملكات فى جانب نظام العمل الذى كان يسود العصر الذى كان يعيش فيه عمال وفنيين "دير المدينة" فى مقابر وادى الملوك ووادى الملكات، كان الشهر مقسما إلى ثلاثة أسابيع كل أسبوع حوالى عشرة ايام، وقامت الحكومة بتشغيل العمال ثمانية أيام فى كل أسبوع ومنحتهم راحة يومين، مما يعنى أن الراحات الأسبوعية فى الشهر هى ستة أيام وهى 9 و10 و19و 20 و29 و30 من كل شهر، وأثناء العمل كان العمال يتجمعون فى معسكرات (أكواخ أو خيام ) وبجوار منطقة العمل أى بجوار المعبد أو المقبرة المراد تشييدها ولا يسمح لهم بالاتصال بذويهم إلا بعد انتهاء أيام العمل للحفاظ على سرية المبنى الذين يقومون بتشييده.

أما بالنسبة للعائد الذى كانوا يتقاضونه، فلم تكن العملة معروفة عند قدماء المصريين، لذا فان عمال دير المدينة كانوا يحصلون على أجورهم على هيئة "حصص تموينية"، ولكن المسئولين عن المدينة كانوا يحصلون على أعلى الأجور، وكان الأجر الأساسى للعامل يضم حصة تموينية شهرية بها القمح لعمل دقيق الخبز، وكان العامل يحصل على أجر شهرى يبلغ خمس عبوات ونصف من القمح شهريا والتى تعنى أن نصيبه اليومى حوالى 10.6 كيلوجرام يومياً، وكذلك الشعير لتصنيع البيرة وسمك وخضراوات وماء (بسبب بعد مياه النيل عن المدينة بحوالى كيلو مترين) وحطب للنار وآوانى فخارية.

وكان هناك ما يسمى بـ"الأجر المتغير" أو الحافز نتيجة جهد زائد للعاملين، وضم هذا الأجر المتغير البلح والكعك والبيرة الجاهزة، كما أنه كانت هناك مكافئات وعلاوات لتشجيع العمل وتضم زيت السمسم وكتل ملح النطرون واللحم، وكان نظام الأجور كالتالي:- (رئيس عمال 585 قرش "قمح" - كاتب 585 قرش "قمح" - عامل 429 قرش - حارس بوابة (غفير) 117 قرش - طبيب 117 قرش).

وفيما يلى قائمة بالأسعار الداخلية للمنتجات والمأكولات بالتناسب بمعدلات الأسعار الحالية، والتى تم تقريبها بمعرفة خبراء اقتصاد وسياحة وآثار وشملت ما يلي: (كيلة او زكيبة القمح ترواح سعرها بين 39 قرش و78 قرش - كيلة الشعير او زكيبة الشعير 78 قرش - لتر الزيت 39 قرش - رغيف الخبز 2.3 قرش - لتر الخمر 39 قرش – الـ50 سمكة 78 قرش (السمكة الواحدة بأكثر من قرش ونصف) - القميص 97.5 قرش - موس الحلاقة 78 قرش - المرآة 234 قرش - فرخة 9.75 قرش - المعزة 97.5 قرش - الثور 1950 قرش - كتاب الموتى 3900 قرش (اغلى شيء فى حياة عامل دير المدينة )، كانت هذه المنتجات تسعر بما يسمى الدبن النحاسى الذى يساوى (91 جرام ) وهذا الدبن يسعر فى عصرنا الحالى بحوالى 39 قرشا بأسعار اليوم.

طبيعة وأسلوب بناء وتقسيم المنازل الخاصة بالعمال فى "دير المدينة" وصل عدد منازل "دير المدينة" الخاص بالعمال إلى سبعين منزلا داخل السور المحيط بالمدينة الذى يبلغ نحو131م من الشمال إلى الجنوب 50 م من الشرق إلى الغرب، قسمت إلى قسمين متساويين، ويفصل بينهما شارع يمتد من الشمال إلى الجنوب، وكانت المنازل متجاورة، فلم يترك مسافات بين كل منزل وآخر وغالبا ما يشترك المنزلان المتجاور فى جدار واحد، وهناك بعض المنازل التى بنيت خارج سور القرية من الناحية الشمالية وتبلغ نحو 50 منزلا.

كانت بالقرية فى ذلك الوقت "محكمة" وجميع أعضائها من أهل القرية، للفصل فى خلافات الأهالى، وكان لها الحق فى توقيع الجزاء والعقاب على المتهمين والعفو على المظلومين، ولكن عقوبة الإعدام كانت تستوجب أخذ رأى الوزير الذى كان له أيضا حق العفو، وبلغ عدد العمال مائتين وعشرين عاملاً.

تلك المنازل لم تختلف كثيراً عن بعضها البعض، حيث تطل على أزقة كانت مغطاة لحماية الناس من أشعة الشمس، والجدران كانت مطلية باللون الأبيض أما الأبواب الحمراء فقد دون فوقها اسم صاحب المنزل، وقد شيدت المنازل دون أساسات وبنيت بالحجر الغفل إلى ارتفاع 150 سم فوق مستوى سطح الأرض، ثم استكمل البناء بالطوب اللبن، أما الأسطح فهى من اللبن المقوى بدعامات من الخشب، ومن الشارع ندخل إلى الحجرة الأولى، حيث المذبح الموجود داخل ما يشبه الصوان، وفوقه مظلة وقد زينت حوائطه بمناظر الإله بس وغيرها، وتنخفض هذه الحجرة عن مستوى أرضية الشارع بدرجتين أو ثلاث، وتؤدى فيها النسوة فروض الشعائر المنزلية لربات الحياة اليومية وللأجداد، وتزخر بمختلف الأدوات من موائد قرابين ومسارج وأوانى، ثم ننتقل إلى الحجرة الثانية وهى أكبر حجرات المنزل وأجملها زخرفا، وسقفها أعلى من باقى أسقف المنزل.

وتتوفر الإضاءة للحجرة داخل المنازل بواسطة شباك داخل طاقة له فتحات حجرية، والسقف مرفوع فى المعتاد فوق أسطون أو أسطونين، ويمكن أن يدون اسم صاحب المنزل على قاعدتها، والأثاث الرئيسى بالحجرة هو الأريكة المخصصة، كما فى الوقت الراهن لاستقبال الضيوف، ويهبط من الحجرة سلم يفضى إلى مستودع تحت الأرض لحفظ كل نفيس تمتلكه الأسرة، وتقع مخازن المؤن فى مؤخرة المنزل، ثم إلى حجرة الحريم ثم إلى المطبخ الموجود فى مؤخرة المنزل ومنه نصل إلى قبو الأوانى والجرار، ومن المطبخ يمكن أيضا الوصول إلى سطح المنزل وهو مكان يستريح فيه القوم ويتبادلون أطراف الحديث، كما يستخدم أيضا كمكان لوضع مختلف المهملات تماماً، ويضم المطبخ أدوات الخبز وطهى الطعام من رحى وأجران ومعاجن وجرار ماء وأفران، وهو مغطى فى جانب منه بشباك من فروع الشجر للحماية من أشعة الشمس.

طريقة بناء مقابر العمال فى "دير المدينة" وأشهر المقابر داخلها أما المقابر الخاصة بهم فهى مبنية بنظام شبة موحد، وتتكون المقبرة من جزء علوى يتمثل فى مدخل ثم فناء ثم هريم صغير من اللبن، وجزء سفلى ينقر فى باطن الأرض يتكون من بئر يؤدى إلى حجرة الدفن التى تنقش بموضوعات الحياة الأخرى، وتضمن جدرانها العديد من المناظر الملونة مثل حقول اليارو وبعض الطقوس الدينية ومناظر تتعلق بالتحنيط وبرحلة المتوفى إلى العالم الآخر.

ومن أهم مقابر دير المدينة، (مقبرة سن نجم)، والذى كان خادما فى مكان الحق، وترجع مقبرته للأسرة التاسعة عشرة، وقد اكتشفت هذه المقبرة عام 1886 وكان بها مجموعة من الأثاث الجنائزى وهى محفوظة الآن بالمتحف المصرى، وداخل المقبرة توجد "حجرة الدفن"، وهى حجرة صغيرة ذات سقف مقبى وقد كسيت جدرانها وسقفها بمناظر جميلة ذات ألوان زاهية، وذلك بواسطة الدرج الهابط الموجود فى الفناء الخارجى للمقبرة، وعلى نفس جدار المدخل على اليسار يوجد المنظر الذى يمثل مومياء المتوفى راقدة على سرير داخل مقصورة بين كل من "ايزيس ونفتيس" وقد صورهما الفنان على هيئة طائر الصقر، أما أسفل هذا المنظر فهناك لوحة لوليمة يقدم فيها الشراب والهواء والعليل، وتمثل مناظر الجدار الضيق على يسار الداخل منظرا مزدوجا للإله "انوبيس" فى صورة ابن آوى بلونه الأسود راقدا فوق مقصورته ذات اللون الأبيض، وفوق رأسيهما رسمت عينى "اوجات" ربما لكى يستطيع المتوفى من خلالهما الرؤية لتقبل القربان.

ويوجد أسفل هذا المنظر "سن نجم" وخلفه زوجته "أى أى نفرتى" وهو يتعبد لمجموعة من آلهة العالم الآخر صورت فى صفين الكل جالس على رمز الماعت.

والمقبرة الثانية هى (مقبرة باشدو) حيث كان أيضاً خادماً فى مكان الحق فى غرب طيبة وهو صاحب المقبرة رقم 326 ايضا وترجع إلى عهد الرعامسة، وتضم المقبرة غرقة الدفن وهى ذات سقف مقبى وقد كسيت بمناظر ذات ألون زاهية، ويوجد على جدارى الدهليز الموصل اليها رسم للإله انوبيس فى صــــورة ابن آوى قابعا فــــــوق مـــقصورته، وأعلى جدار مدخل غرفة الدفن منظر يمثل الإله بتاح سوكر فى صورة صقر مجنح داخل زورق وأمامه يتعبد "قاحا" ابن باشد وخلف الزورق يوجد ابن آخر يدعى مننا يتجه بالدعاء إلى مجموعة من الآلهة مصورة على الجدار الآخر، وفى عين "الاوجات" فوق رأس الإله بتاح سوكر فى صـــورة الصقر، وأسفل هذه المنظر يوجد على يمين الداخل صورة المتوفى وهو راكع تحت نخلة مثمرة ليشرب الماء من البحيرة.

اما على يسار الداخل على نفس جدار المدخل، فهناك ثلاثة صفوف من أقارب المتوفى ، وعلى الجدار الجنوبى الواقع على يمين الداخل فهناك منظر يمثل المتوفى وابنته وهو واقفا يتعبد للآلهة رع حور آختى واتوم وخبرى وبتاح وتجسيد للعمود "جد" ثم نشاهد على الجدارين منظر الرحلة المقدسة إلى ابيدوس، حيث نرى المتوفى وزوجته ومعهما طفلة وأمامهما مائدة قربان داخل زورق.








































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;