أحدث منصور الرواشدة، حارس زنزانة عبد الحميد السراج فى سجن «المزة العسكرى» بدمشق، نوعا من ألفوضى داخل السجن لإشغال الحرس والإدارة، وذلك فى بدء عملية تنفيذ تهريب السراج الذى أودعه قادة الآنفصال للوحدة المصرية السورية السجن منذ 28 سبتمبر 1961، وتمت هذه العملية بقرار من عبد الناصر، وأوكل مدير مكتبه سامى شرف فى وضع خطتها وتنفيذها، حسبما يؤكد «شرف» فى الكتاب الرابع من مذكراته «سنوات وأيام مع جمال عبد الناصر»، وشارك فيها شخصيات لبنانية وسورية، أشهرهم الزعيم اللبنانى الدرزى كمال جنبلاط، ومعروف سعد المناضل اللبنانى الشهير والد الدكتور أسامة سعد نائب البرلمان اللبنانى الحإلى عن دائرة صيدا، وتمت بعلم الرئيس اللبنانى فؤاد شهاب.. «راجع، ذات يوم 7 و8 مايو 2020».
يذكر «شرف»، أن «الرواشدة» فتح الباب الخلفى للسجن بعد أن أخذ مفتاحه من المأمور، فغمرت مياه المجارى المكان، وتسللت المجموعة المنوط بها التنفيذ إلى النقطة المحدد فيها انتظار الجمال والخيل، وبسرعة قام الجميع بتغيير ملابسهم وارتداء ملابس بدوية وركبوا الجمال التى كان يقودها مندوب من طرف جنبلاط ومعروف سعد، واسمه شبلى العريان وكان معه دليل، كما تمت ترتيبات لتأمين الطريق كله حتى الحدود اللبنانية وداخلها حتى المختارة.
يؤكد «شرف» أن السلطات السورية اكتشفت عملية الهروب بعد حوإلى ست ساعات، وكان تفكيرهم أنه مختبئ فى داخل مدينة دمشق، وبدأوا فى البحث عنه مما ساعد فى كسب الوقت.. يضيف شرف: «بعد فترة زمنية كنا أعددنا عددا من الدرجات البخارية استخدمتها المجموعة التى هربت السراج وحارسه، وسلكت منطقة وعرة حتى نقطة أخرى عادوا إلى امتطاء الجمل، ثم من نقطة ثالثة كانت تتواجد سيارة خاصة لنقل الخضروات وألفاكهة، فركبوها وظلوا بها حتى وصلوا إلى أرض آمنة تماما داخل منطقة نفوذ كمال جنبلاط».
يتذكر «شرف»، أن السراج والرواشدة وصلا إلى منطقة «المختارة»، وتوجه محمد نسيم للقاء الاثنين، بينما بقى هو فى منزل نسيم فى بيروت..يؤكد شرف: كنا نستأجر ثلاث منازل أمينة فى بيروت بأسماء مستعارة، يمكن الآنتقال لأى منها فى أى وقت تحسبا لأى مخاطر، يضيف: «اتصلت بالرئيس شهاب وطلبت مقابلته، وقمت بإبلاغه أن السراج وحارسه موجودان فى منطقة الشوف، يؤكد شرف أنه طلب من شهاب ملابس عسكرية لبنانية، فرد: هذا الأمر بسيط للغاية، وستكون عندك الألبسة العسكرية كى تتوافر لكم الصفة الرسمية، يوضح شرف، أن الملابس العسكرية كانت ستؤمن سيرهم فى اتجاه المطار الذى كان الطريق إليه يعتبر فى المساء منطقة عسكرية تخضع للتفتيش.
يذكر «شرف» أنه تم نقل السراج إلى بيت محمد نسيم فى بيروت، وقام سامى الخطيب أحد أبرز رجال الرئيس شهاب، وعضو المجلس النيابى ووزير الداخلية فيما بعد بقيادة السيارة المزودة بعلامات الشرطة العسكرية، وانتظر الجميع موعد وصول طائرة الصحافة، يؤكد شرف، أنهم فور تلقيهم إشارة بوصول الطائرة نزلوا من منزل نسيم، وكانوا أربعة بملابس العسكرية اللبنانية،هو ومحمد المصرى ومنصور الرواشدة والسراج، وكان «الخطيب» يقود السيارة إلى المطار، وتوقفت عند منطقة محددة حيث انتزع الخطيب السلك الشائك بشكل غير ملحوظ، لتمر السيارة منه إلى داخل المطار، حيث تقف الطائرة كما كان متفقا عليه فى الخطة، وعلى أساس أنه بعد أخذ الإذن بالإقلاع تقف الطائرة فى نهاية المدرج، وتفتح الباب ليسقط منها سلم ينتظر الوصول إلى الطائرة.. يؤكد شرف: «كان من ضمن المخطط أنه إذا حدث وطلب برج المراقبة السؤال عن أسباب وقوف الطائرة فى هذا المكان، أن يكون الرد أن هناك عطلا فنيا بسيطا، وتم إصلاحه، ولا يرد الطيار على أى استفسار آخر بعد ذلك.
يقول شرف، إنه بعد أن أفرغت الطائرة حمولتها من الصحف، وأخذت الإذن بالإقلاع ووقفت عند نهاية المدرج، كنا وصلنا إلى مكان وقوفها وصعدنا السلم بالترتيب، عبد الحميد السراج، منصور الرواشدة، محمد المصرى، محمد نسيم، سامى شرف..يتذكر: «عندما أغلق باب الطائرة تقدم منا عبد المجيد فريد سكرتير عام الرئاسة، ومحمد السعيد سكرتيرى الخاص، وكانا حضرا مع الطائرة من القاهرة».
وصلت الطائرة إلى القاهرة ووقفت فى مكان منعزل.. يذكر شرف: قمت فور وصولى بالاتصال بالرئيس جمال عبدالناصر، وأبلغته، فطلب أن يتحدث إلى السراج وهنأه بسلامة الوصول، وقال لشرف: هات عبد الحميد وتعالوا تفطروا معايا.