تصاعدت الاتهامات المتبادلة بين القوتين العظميين "الصين وواشنطن" بسبب فيروس كورونا، إلا أن هذه المرة كانت الاتهامات على المستوي الدبلوماسي، حيث دائما يخرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخرج يكيل بالاتهامات للصين لترد فيما بعد الصين علي ما يروج له "ترامب، أما هذه المعركة فهى من نوع جديد، إذ أصدرت الصين مقالا مطولا تفند فيه ما وصفتها بأنها 24 "ادعاء غير منطقي" – أي أكاذيب- أطلقها بعض الساسة الأمريكيين البارزين بشأن تعاملها مع تفشي فيروس كورونا المستجد، ليخرج مايك بومبيو يؤكد أن أمريكا تمتلك أدلة ملموسة بأن فيروس كورونا خرج من مختبر صيني في مدينة ووهان.
الخارجية الصينية تنفى اتهامات واشنطن
وخصصت وزارة الخارجية أغلب إفاداتها الصحفية على مدى الأسبوع الماضي لنفي اتهامات الساسة الأمريكيين، خاصة وزير الخارجية مايك بومبيو، بأن الصين حجبت معلومات وأن الفيروس نشأ في معمل في مدينة ووهان الصينية.
وشمل مقال يقع في 30 صفحة، عدد كلماته 11 ألف كلمة، نشرته الوزارة على موقعها الإلكتروني تكرارا وتفسيرا للتفنيدات التي وردت في الإفادات الصحفية وبدأ بالاستشهاد بابراهام لينكولن الرئيس الأمريكي في القرن التاسع عشر.
وجاء في المقال "كما قال لينكولن يمكنك أن تخدع بعض الناس كل الوقت ويمكنك ان تخدع كل الناس بعض الوقت لكن لا يمكنك أن تخدع كل الناس كل الوقت".
مفاجأة من العيار الثقيل
كما استشهد المقال بتقارير إعلامية قالت إن أمريكيين أصيبوا بالفيروس قبل تأكيد أول إصابة به في ووهان. ولا يوجد دليل على صحة ذلك.
وفي إطار السعي لتفنيد المزاعم الأمريكية بأن الفيروس جرى تخليقه عمدا أو تسرب بشكل ما من معهد علوم الفيروسات في ووهان قال المقال إن جميع الأدلة تظهر أن الفيروس ليس من صنع الإنسان وإن المعهد لا يملك قدرات تخليق فيروس جديد.
تحذير "في الوقت المناسب"
أورد المقال كذلك جدولا زمنيا لتقديم الصين المعلومات للمجتمع الدولي "في الوقت المناسب" و"بشكل يتسم بالشفافية" نافيا المزاعم الأمريكية بأنها تباطأت في توجيه التحذير.
ورغم تأكيدات الصين المتكررة ما زال القلق بشأن توقيت توصيل المعلومات مستمر في بعض الدوائر.
فقد نقل تقرير نشرته مجلة دير شبيجل الألمانية يوم الجمعة عن جهاز المخابرات الألماني قوله إن محاولات الصين في بادئ الأمر حجب المعلومات أضاعت على العالم ما بين أربعة وستة أسابيع كان يمكن استغلالها في مكافحة الفيروس.
ورفض المقال انتقادات غربية لتعامل الصين مع حالة لي وين ليانغ وهو طبيب عمره 34 عاما حاول لفت الانتباه لتفشي الفيروس الجديد في ووهان. وأدت وفاته بمرض كوفيد-19 التنفسي الناتج عن الإصابة بالفيروس إلى موجة غضب وحزن في الصين.
وأفاد المقال بأن لي لم يكن ينبه لخطر وإنه لم يسجن كما ذكرت تقارير غربية عديدة.
ورفض المقال اقتراحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الخارجية بومبيو بأن الفيروس يجب أن يطلق عليه اسم "الفيروس الصيني" أو "فيروس ووهان"، أشار المقال إلى وثائق من منظمة الصحة العالمية تفيد بأن الفيروس يجب ألا يرتبط اسمه بمكان أو بلد.
هجوم أمريكى على الصين
لم تصمت أمريكا على ما وصفته الصين بتفنيد الأكاذيب، إذ شن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو هجوما جديدا على الصين، محملة إياها المسئولية عن وفاة مئات آلاف الأشخاص في العالم جراء جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19".
وشدد بومبيو، في تصريحات صحفية، على أنه "كان بإمكان الصين، لو تصرفت بشفافية في المراحل المبكرة من الجائحة، إنقاذ هؤلاء الناس وتجنيب العالم الأزمة الاقتصادية" التي تسبب بها أزمة تفشي الفيروس التاجي.
وقال: "كانوا على دراية، وكان بإمكان الصين إنقاذ مئات آلاف الأشخاص في العالم. كان بوسع الصين تجنيب العالم الوقوع في مأزق اقتصادي عالمي. كان أمامهم الخيار لكن الصين، عوضا عن ذلك، تسترت على تفشي الفيروس في ووهان".
الصين ترفض تبادل المعلومات
وتابع وزير الخارجية الأمريكي أن الصين لا تزال ترفض تبادل المعلومات التي تحتاج إليها الدول الأخرى للحفاظ على سلامة مواطنيها.
وذكر بومبيو أن دول العالم بدأت تدرك أكثر فأكثر "خطورة ممارسة أي أعمال مع الحزب الشيوعي الصيني الحاكم"، مضيفا أن "هذا الحزب لا يقبل التعاون على أساس منفعة متبادلة".
وأكد الوزير أن الاستخبارات الأمريكية لا تزال تعمل على تحديد مصدر الفيروس بالدقة التامة، وتصدى للأسئلة عن وجود تضاربات في تصريحات كبار المسؤولين الأمريكين وحتى في تصريحات بومبيو نفسه بشأن ما إذا كانت هناك أي أدلة على أن الفيروس أنشئ في مختبر صيني، كما تدعي إدارة ترامب في الآونة الأخيرة.
أمريكا تؤكد أمتلاكها أدلة أن كورونا صينى
وشدد بومبيو على أن جميع تصريحات المسؤولين الأمريكيين بهذا الشأن تتماشى مع بعضها البعض بالكامل، موضحا: "هناك مختلف مستويات القناعة في مختلف الأماكن، وليست لدينا قناعة لكن لدينا أدلة ملموسة على أنه (الفيروس) جاء من المختبر (الصيني في مدينة ووهان)".
وأعرب بومبيو عن خيبة أمله إزاء امتناع الاتحاد الأوروبي، أثناء مؤتمر مانحين عقد في وقت سابق من الأسبوع الجاري، عن حث الصين على التصرف بشفافية أكبر بشأن فيروس كورونا، مضيفا أنه يجب على منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أن تطلب فتح تحقيق رسمي في طريقة تعامل بكين مع أزمة "كوفيد 19".