عادل السنهورى يكتب: دعوة لتدريس أفكار رواد التنوير فى الأزهر والمدارس والجامعات ..الشيخ أمين الخولى ابن ثورة 19.. دعا إلى تبني تدين إنسانى القلب نبيل العاطفة يؤدى إلى الإخاء الإنسانى و لا يعرف إرهاب

*كان يرى"ان الدين فى هذه الحياة لا مفر له من التفاعل والتبادل مع ما سواه من فهم وتنظيم لتلك الحياة" *رفع شعاره الشهير: "أول التجديد الدينى هو قتل القديم من التراث فهمًا وبحثًا ودراسة" *أول من درس الفلسفة فى الأزهر وكان أكثر ما يؤلمه أثناء الدرس أن يجد طلابه يسلمون برأيه ، لا يجادله أحد فيه " *الجمود على القديم هو العلة المباشرة لتخلفنا وخروجنا من مسار التاريخ، فضلًا عن دورة التقدم. والتجديد ليس إلا حماية المجتمع من العوامل المفسدة لأمره مثل الجمود والتخلف *انشغل بقضية إصلاح الأزهر ورسالته في القرن العشرين، ودخل في صدام قاس للغاية مع شيوخه المتعنتين الذين رفضوا دعوته في الربط بين الدين والحياة *أعطى الخولي أولوية للعقل على النقل في قضية تفسيرالقرآن وأسس ما يعرف بالمنهج الأدبي في التفسير للقرآن ، وليس التفسير العلمي المعركة مع الارهاب ليست فقط مع الأيدى التى تحمل السلاح ضد مؤسسات الدولة وانما هى – وهذا هو الأساس- معركة مع الأفكار الزائفة والمعتقدات الخاطئة التى سكنت وعششت فى عقول من آمن بها على مدار عقود طويلة..أجهضت خلالها –بفعل فاعل- حركات التنوير والتجديد فى مصر وخلت الساحة لائمة الظلام والاظلام لبث أفكارهم المسمومة. من هنا ..واذا كانت لدينا الارادة الحقيقية لايقاظ الوعى المصرى وانقاذه من جديد فلابد من اعادة الاعتبار لأفكار وآراء واجتهادات وكتب رواد التنوير فى مصر وهم كثر. والتفكير بجدية ودراسة امكانية تدريس افكارهم وكتبهم فى المناهج الدراسية فى المراحل الاساسية للتعليم وفى الجامعات الحكومية وفى الأزهر وافساح المجال لها للتنفس حرية التداول والبحث والتفكير ودورنا هنا أن نلقى الدور على بعض النماذج لرواد التنوير فى مصر مع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين الى نهايته سواء من بدأ الطريق الشاق مثل الشيخ الامام محمد عبده أو من عبد ومهد هذا الطريق مثل الشيخ أمين الخولى ومصطفى عبد الرازق وعلى عبد الرازق وعبد المتعال الصعيدى وشيوخ" التنوير" فى الأزهر الشريف وغيرهم من هؤلاء الذى نحتفل بالمصادفة بميلاده الـ125 هذا الشهر، هو الشيخ أمين الخولى واحدا من ابرز وربما أهم رموز التجديد فى مصر مع استاذه محمد عبده والذى ظل وفيا طوال حياته (ولد شيخنا فى أول مايو 1895- وتوفى فى 9 مارس 1966) لفكرة تجديد التفكير الديني، الذي يعتقد انه يقوم على تفاعل وتبادل الدين مع مختلف العلوم والمعارف البشرية وتوظيفها في فهمه وتفسير نصوصه. كما يلخص لنا ذلك بقوله فى كتابه (نظرات الإسلام الاجتماعية.. أمس واليوم غدا): "ان الدين فى هذه الحياة لا مفر له من التفاعل والتبادل مع ما سواه من فهم وتنظيم لتلك الحياة، وأنه لن يُكتب لهذا الدين البقاء إلا على قدر ما فيه من قدرة على هذه المسايرة والمفاعلة والاستفادة، والانتفاع بما سواه من التفسيرات والتدبيرات الأخرى. أى أن الدين- فى أى حال من الأحوال - قد احتاج ويحتاج إلى التطور والتجديد على مدى الأزمان، و بفعل العوامل القوية بل العنيفة التى تصطخب حوله مما يدعو إلى تقدير تجدد الحياة المستمر والحاجة إلى ما يعنى بمقتضيات هذا التجدد الدائم، واحترام المحاولات الإنسانية التى يبذلها الناس فى استنباط حلول المشكلات العارضة، والحاجات المتجددة، وحق القوى الإنسانية فى تفسير الحياة وتدبيرها تفسيرا منطلقا يعتمد على طاقة تلك القوى فى المعرفة على أساس (أن الناس أعلم بأمور دنياهم). وهو أيضا من دعا وبصوت عال إلى ضرورة تبني نمطَ "تدين إنسانى القلب، نبيل العاطفة، يؤدى إلى التعاون البشرى، ولا يعوق الإخاء الإنسانى. تدينٌ لا يعرفُ تلك السلطة الغاشمة التى ترهب العقل الطليق، وتفت فى العزم الوثيق، وتفسد الذوق الرقيق، وتتحكم بجبروت لاهوتى فى الحياة الدنيا، وتسد الطريق إلى الآخرة. تدينٌ لا يخلقُ تلك الطبقة التى تحتكر الدين، وتسد المسالك إلى الله، ولا يعترف بتلك الطبقة التي خلقتها الظروف، لأنه لا رياسة فى الإسلام، وكلهم قريب إلى الله سبحانه وتعالى". كتابات كثيرة ومقالات ودراسات ورسائل ماجستير ودكتوراه فى مصر وخارجها تناولت الشيخ امين الخولى بآراءه وافكاره ومناقشاته فى مجالات عديدة سواء الدينية أو الفكرية او العلمية أيضا وفى مشروعه الفكرى، وكلها تؤكد وتشدد على أن الدور الريادي الذي لعبه الشيخ أمين الخولي، بتمكنه الأستاذي من التراث ونصوصه — من أصوليات حضارتنا — لينذر جهوده لقضايا التجديد. تجعله بحق شيخ الأصوليين في التجديد، وشيخ المجددين في الأصولية، إيمانًا منه بالماضي كركيزة، والحاضر كحياة متوثبة، وبالحوار الدائم بينهما ليتفاعلا ويتلاقحا فيثمرا المستقبل المأمول. ولذلك رفع شعاره الشهير: "أول التجديد قتل القديم فهمًا وبحثًا ودراسة، «أما إذا مضى المجدد برغبة في التجديد مبهمة، وتقدم بجهالة للماضي وغفلة عنه، يهدم ويحطم ويشمئز ويتهكم، فذلكم — وقيتم شره — تبديد لا تجديد.» هكذا كان الخولي يبث «أصول» التجديد في كل المجالات المتصلة بإسهامه: التجديد في اللغة ونحوها، في البلاغة وجمالياتها، في الأدب ونقده، في تفسير القرآن، وفي الفكر الديني … وحتى حين تعرَّض لترجمة إمام من عصر التدوين، لن يحمل خطوطًا تجديدية بل فقط أصول السلفية، هو الإمام مالك بن أنس (٩٠–١٧٩ﻫ / ٧٠٨–٧٩٥م)، حتى في هذا أعطى الخولي درسًا تجديديًّا في أصول تحرير التراجم و«ثارت بينه وبين العقاد معركة أدبية شهيرة حول كتابة التراجم.» لذلك قيل عن الخولي أنه في كل إسهاماته قد «حرر عقله من سلطان التقليد الذي يبطل الإرادة الحرة، ويميت روح الإبداع، ويشل حركة العقل، فبعدت مطارح أفكاره، وسما في نظر طلابه، ودأب على سموه في كل يوم في النفوس والعقول معًا." وكما تشير احدى الدراسات الى انه "يستوقفنا من ميراث أمين الخولي مقولة تجديد الفكر الديني في تفاعلها مع مقتضيات الواقع العربي الحديث.ولا بد من العود بها إلى أصولها، فلم يكن الخولي بتجديده للفكر الديني إلا سائرًا في طريق سبق أن ترسمت معالمه وتشكلت تضاريسه في خريطة الفكر العربي الحديث، وبفعل جهود دءوبة لرواد أسبق، يتقدمهم بجدارة الشيخ محمد عبده (١٨٤٩–١٩٠٥) الأستاذ الإمام، إمام المجددين، وقائد قوة جيش الهجوم على التقليد، إنها قوة شقت طريق التيار الإصلاحي، المنطلق من المقدمة التي رأيناها مع الشيخ الامام ومفادها أن الجمود على القديم هو العلة المباشرة لتخلفنا وخروجنا من مسار التاريخ، فضلًا عن دورة التقدم. وكان هذا هو الطريق الذي سار فيه أمين الخولي إلى غايته، حتى إن التجديد عنده ليس إلا حماية المجتمع من العوامل المفسدة لأمره — عوامل الجمود والتخلف . واذا كان لتأصيل الفكر دور فى شخصية الشيخ امين الخولى فان البيئة الحاضنة له منذ مولده لها دور اصيل ايضا فى تكوينه وتنوع مصادر ثقافته، فعناك عوامل عديدة ساهمت فى تشكيل وعيه وتربيته الثقافية والوطنية وانفتاحه على الآخر وايمانه بحرية العقل. أولها، انتماءه لثورة 1919 قولا وفعلا فالشيخ أمين الخولي ولد في أول مايو عام 1895 في قرية شوشاي في مركز أشمون بمحافظة المنوفية. ثم دخل مدرسة لافيسوني في القاهرة ثم مدرسة المحروسة. حفظ القرآن وهو في العاشرة من عمره. وتخرج من مدرسة القضاء الشرعي وتزوج الدكتورة عائشة عبد الرحمن وأنجب منها 3 أبناء. إعتقل مع "سعد زغلول" في 8 مارس 1919م ونفى الى سيشل وإشتعلت الثورة بداية من يوم 9 مارس 1919 حيث حمل "أمين الخولي" علم مدرسة القضاء الشرعي ، وقاد المظاهرة إلى (الأزهر) ، وحاصرهم حكمدار القاهرة بجنوده وهددهم بإطلاق الرصاص إذا لم يتفرقوا. وتقدم إليه "الخولي" قابضا على العلم وكاشفا صدره قائلا (ها أنا ذا) وتماسك الطلاب وتراجع الحكمدار وسارت المظاهرة تهتف للإستقلال وبحياة سعد ، قاد "الخولي" المظاهرة إلى حي الفجالة ، وهو يهتف بصوته القوي بحياة الأقباط .. الإخوة في الوطن .. وبحياة الهلال مع الصليب. ظل "أمين الخولي" يرى: (أن الشخصية المصرية عقيدة يخفق بها قلب المصري ، ويرى أن ما بين مسلمي مصر وأقباطها أقرب مما بينهم وبين المسلمين الأتراك). العامل الثانى هو استاذه عاطف بركات ابن شقيقة سعد زغلول وناظر مدرسة (القضاء الشرعي) ، والذي تخرج على يديه "أمين الخولي" وأحمد أمين وعبد الوهاب عزام وأحمد فرج السنهوري وعبد الحميد العابدي. كان هذا الناظر الوطني الذى نفي إلى سيشل عام 1921 مع سعد زغلول ومصطفى النحاس وسينوت حنا وفتح الله بركات ومكرم عبيد، يغرس في نفوس تلاميذه أن يبحوثوا عن أنفسهم في جذورهم العميقة بأرض مصر ، ويثير فيهم روح الجدل والحوار ولا يهتم بأن يقولوا له نعم أو آمين ، وكان ينمي فيهم الشخصية القويمة والرأي المستقل. ونشأ تلميذه "أمين الخولي" فيما بعد هذه الصفات حتى قيل عنه (الثائر الأول بين الأساتذة والتلاميذ على السواء). لم يكن مجرد محاضر أو مدرس وإنما كان "أستاذا" بكل ما تحمله الكلمة من معان. لم يكن يهتم بتدوين المحاضرات وتلقين المعلومات قدر ما يهتم بتربية النفوس والضمائر وبناء القيم. كتب عنه تلميذه الشاعر "صلاح عبد الصبور": "كان أكثر ما يؤلمه أثناء الدرس أن يجد طلابه يسلمون برأيه ، لا يجادله أحد فيه ". ثالثها، والذى ساهمت فى تنوع مصادر ثقافته والاطلاع على الثقافة الغربية سفرياته من خلال عمله الذى هيأ له إتقان اللغات الأجنبية كالإيطالية، والألمانية، والفرنسية، وكان قد صدر المرسوم الملكى فى 7 نوفمبر 1923 بتعيين أئمة للسفارات الأربع المصرية فى لندن، وباريس، وواشنطن، وروما، وكانت الأخيرة هى مكان عمل أمين الخولى فأبحر إليها من الإسكندرية، وبقى فى إيطاليا عامين، وأجاد الإيطالية وشرع يطلع على الحياة الدينية والثقافية وجهود المستشرقين فى أوروبا، كما عمل فى مفوضية مصر فى برلين عام 1926، وتعلم اللغة الألمانية ولما ألغيت وظيفة الأئمة من السفارات والمفوضيات المصرية عام 1927 عاد إلى مصر واستأنف عمله فى مدرسة القضاء الشرعى ثم فى كلية الآداب بالجامعة المصرية مدرسا ثم أستاذا مساعدا ثم أستاذا لكرسى الأدب فى عام 1943. رابعهما بالتأكيد هو أستاذه الشيخ الامام محمد عبده، فخطوط التواصل بين محمد عبده وأمين الخولي أكثر مما يمكن نفيه، أو حتى مناقشته، وإن كانت جميعها تصب في التيار الإصلاحي وونهجه نحو التجديد.فكلاهما انشغل بقضية إصلاح الأزهر ورسالته في القرن العشرين. ومن الأعمال المتميزة لأمين الخولي بحثه «رسالة الأزهر في القرن العشرين»، إذ كانت وزارة علي ماهر قد أعلنت عام ١٩٣٦ عن مسابقة في عدة مواضيع، منها هذا الموضوع. وكان أمين الخولي قد انتهى من بحثه هذا قبل الإعلان عن المسابقة، ولأنه اختير عضوًا في لجنة التحكيم فلم يتقدم ببحثه، وأهداه إلى الأزهر بعد صدور الحكم.نشر الأزهر طبعة أولى لهذا البحث، ونفذت فورًا، وتوالت طبعاته فيما بعد، المهم أن نلاحظ كيف أن كلًّا من الأستاذ الإمام محمد عبده، والشيخ المجدد أمين الخولي قد انشغل بقضية إصلاح الأزهر الشريف ورسالته في القرن العشرين، كلاهما أبلى فيها، وأيضًا كلاهما دخل في صدام قاس للغاية مع شيوخه المتعنتين الذين دأبوا فيما مضى على معارضة أي إصلاح؛ فرفضوا دعوى الخولي في الربط بين الدين والحياة. وفي النهاية أخفق كلاهما ولم يحقق أهدافه، فعلق آماله في إصلاح التعليم على الجامعة المصرية. ومع أن الشيخَ أمين الخولي لم يدرس في الأزهر، بل تعلّم في مدرسة القضاء الشرعي، لكنه درَّس فيه. وكانت محاضراتُه أولَ ما يُدرَّس من الفلسفة رسميًّا في العهد الجديد للأزهر، فعقب عودته من ألمانيا عام ١٩٢٧، انتُدب للتدريس في الأزهر، فألقى محاضراتٍ على طلاب كلية أصول الدين في التاريخ العام لفلسفة الأخلاق، أو كما أسماها هو "الفلسفة الأدبية". كما اهتم بتجديد البلاغةِ وأساليبِ البيان العربي، ودعا إلى تحريرها من حمولة الفلسفة والمنطق الصوري، واصطلح عليها "فن القول"، وكان هاجسُه ربطُ أساليب البيان والتعبير بالحياة، وتكريسُ الذوق الفني، والانفتاحَ على مكاسب العلوم والمعارف الحديثة. فكشف عن الأبعاد النفسية للبلاغة. ودشّن أفقاً آخر في بيان أساليب تفسير النصوص، وما يشوبها من ملابسات الذات والزمان والمكان والبيئة. وكان الشيخ الخولي أولَ رجلِ دين مسلم حاول العبورَ من المناهج والمفاهيم والأدوات التراثية في فهم الدين ونصوصه، إلى استعمال مناهج ومفاهيم وأدوات جديدة، وتوظيفها في بناءِ فهم بديل ونقدِ الفهم القديم. وتميز بخبرة رصينة، وشجاعة كبيرة في توظيفها. معركة اصلاح الأزهر اكتشف خلال مدة اقامته في ايطاليا الأساليبَ الجديدةَ في التربية والتعليم في أوروبا، وتعرّف عن قرب على نمط التعليم الديني في الفاتيكان، الذي جعله يدرك ضرورةَ إصلاح نظام التعليم الديني القديم في الأزهر، كما أشار هو إلى ذلك بقوله: "قصدت إلى دراسة الخطط والأساليب التي تتبع في الدراسات اللاهوتية، كما نظرت فيما حولي من الدولة الدينية – الفاتيكان – القائمة في عاصمة الدولة المدنية – ايطاليا – وخلال تتبع لهذه الدراسة اللاهوتية في أقطار أوروبا عشت فيها بعد ذلك، كألمانيا، أو أقطار زرتها مجرد زيارة، وعمدت بعد الدراسة والتفكير للكتابة عن قضية الأزهر واصلاحه" فكتب بيانَه لتحديث الأزهر، الموسوم بـ"رسالة الأزهر في القرن العشرين". ونشر الأزهرُ عام ١٩٣٦ هذه الرسالة، ثم تكرّرت طبعاتُها لاحقاً، بعد أن نفدت الطبعةُ الأولى سريعاً. وفي أوائل الخمسينيات من القرن الماضي عاد الخولي مرةً أخرى يدعو لإصلاحِ الأزهر وتحديثِ نظامه التعليمي، فنشر سلسلةَ مقالاتٍ في جريدة "المصري"، "وقد أفردت جريدة المصري حينذاك مساحة لأمين الخولى على مدى ثلاثة أشهر، يشرح فيها رؤيته حول رسالة الأزهر الاجتماعية، ويبين العلاقة بين الدين والحياة، وإصلاح الدين نفسه بالحياة هو ما كان يتطلع إليه الخولى، الذى رأى أن يكون مادة للتجديد الروحى والسمو الخلقى، ويكون أداة فعالة فى الإصلاح الاجتماعى. غير أن الأزهرَ لم يصمت هذه المرّة كما صمت في المرة الأولى، فأصدرت جبهةُ علماء الأزهر بياناً ورد فيه: "اعتاد الأزهر الشريف أن يسمع من حين لآخر أفراداً يحاولون أن ينالوا منه ومن رجاله، وكأنما خولت لهم أنفسهم أن تعلقهم بهذا الجبل الأشم يلقي في روع الناس أن لهم شأناً، أو عندهم رأياً، أو فيهم غيرة على حق، أو غضباً للدين، أو حرصاً على صالح عام، ولكن هيهات، فهم كناطح صخرة يوماً ليوهنها". إلا أن الشيخَ الخولي وجّه لهم نقداً صريحاً ذكر فيه: "ان قصدهم النفسي من هذا التوجيه ليس بارئاً، ولا خالصاً، من الغايات المدخولة، فسبيلهم إلى هذا التوجيه والبيان سبيل غير صادق، وتناولهم له غير مستقيم،كما أن سيادة روح التحكم في فضل الله ونعمه، والاستبداد بدين الله وهدايته واضح، فإذا أفتوا فقولهم هو رأي الاسلام، وإذا حكموا فحكمهم هو حكم الله، وإذا خالف عليهم إنسان فهو يحارب الله". لكن الأزهرَ لم يتوقف عن مساجلته، فردّوا على نقده ببيان أيضاً، غير أنه لم يتراجع عن دعوته لإصلاح الأزهر. أولوية العقل على النقل وأعطى الخولي أولوية للعقل على النقل في قضية تفسيرالقرآن وأسس الخولي ما يعرف بالمنهج الأدبي في التفسير، وتعتبر قضية نقد التفسير العلمي للقرآن من كبريات مقاصد التفسير الأدبي عند الخولي، فينتقد التفسير العلمي للقرآن، لأنه يكشف عن سيطرة الروحي المكبلة لحركة الزمني ويقول كيف تؤخذ جوامع الطب، والفلك، والهندسة، والكيمياء من القرآن، وهي جوامع لا يضبطها اليوم أحدا إلا وتغير ضبطه لها بعد يسير من الزمن، أو أكثر، وما ضبطه منها القدماء قد تغير عليهم فيما مضي، ثم تغير تغيرا عظيما فيما تلا فنقد الخولي للتفسير العلمي هو دعوة واضحة للفصل بين العلم والدين، فالعلم زمني معني بالأمور الدنيوية، وفي حالة تغير مستمر، والدين ثابت، ولهذا يذهب الخولي إلى تحرير العقل من سلطة النص، والزمني من سلطة الروحي. من أقوال أمين الخولى من قال إن الطالب يستطيع أن يصل بالبحث إلي غايته؟ نحن نعيش العمر كله طلاب علم, كادحين إلي ما نستشرف له في كل خطوة من جديد الآفاق و الغايات. و ما من بحث يمكن أن يقول الكلمة الأخيرة في موضوعه. و جهد طالب العلم لا يقاس بمدي ما قطع من أشواط و إنما يقاس بسلامة اتجاهه و لو لم يقطع سوي خطوة واحدة علي الطريق الطويل الممتد إلي غير نهاية و لا مدي.” "من أجدى ما قدمه المجددون للحياة الدينية فهم الدين على أنه اصلاح الحياة لا الطقوس و الاشكال و ذلك كالذى نسمعه مجلجلا فى فهم عمر بن عبدالعزيز حين طلبوا اليه ان يأمر للبيت بكسوة كما كان يفعل من قبله , فكتب يقول : انى رأيت ان اجعل ذلك فى أكباد جائعة فانها أولى بذلك من البيت” “مثالية الاسلام تهيئه للخلود و تصلحه للبقاء السرمدى، فهو يتسع لكل محاولة انسانية علمية تجريبية تثبت صلاحيتها و ترتضيها الانسانية الراقية لنفسها”. وللمساهمة في التجديد أصدر حوالى 10 كتب ،كان أبرزها " المجددون في الإسلام " ثم توالت كتبه مثل " من هدي القرآن " و " تاريخ الملل والنحل " صلة الإسلام بإصلاح المسيحية " أما كتابه عن حياة وفقه الإمام مالك فقد أصبح الكتاب العمدة الذي لا يستغني عنه طالب علم . مسرحى ومتذوق للموسيقى الجانب الفني في حياة الشيخ الخولي لم يكن مقصورًا على مغامرته المسرحية والتى اكتب خلالها مسرحية بعنوان " الراهب المتنكر" لفرقة عكاشة المسرحية عرضت على مسرح الأوبرا قبل مئة عام، فقد كان محبًا للموسيقى متذوقًا لها . تقول كريمته الموسيقة الشهيرة سمحة الخولي :" سمع أبي أثناء وجوده خارج الوطن عزف عازفة مصرية على البيانو ، كانت المصرية تدعى عايدة عالم ، ولم تكن معروفة بمصر لكن أعجب بعزفها وتمنى لو كنت أنا مثلها" . ولذلك كان من التلاميذ النجباء لهذا الشيخ باقة من رموز الفكر والأدب ومنهم الشاعر صلاح عبدالصبور والباحث فاروق خورشيد، والناقد عز الدين إسماعيل وآمال فهمى، وعبدالرحمن فهمى، وشكرى عياد وبنت الشاطئ والتى صارت زوجته. خاض الكثير من المعارك داخل الجامعة وخارجها مع العقاد وأحمد حسن الزيات ومع الأزهر لكن يبقى فقط أن نشير وباختصار الى معركته التى حاول البعض من الدارسين للاسف اقحام ثورة يوليو فى بدايتها فيها وهى بريئة برجالها منها فهى التى طبعت كتبه واحتفت بأفكاره فيما بعد.وهى معركة دفاعه عن تلميذه الدكتور محمد احمد خلف الله فى رسالة الدكتوراه حول " الفن القصصى فى القرآن الكريم" والذى اشرف عليها الخولى، فقد آثار موقفه المناصر لرسالة الدكتوراه عام 47 الى غضب الحكومة وابعاده عن الاشراف على رسائل الدكتوراه ثم بعد ذلك وقبل احالته للمعاش بعامين اى فى يونيو 53 تم نقله الى دار الكتب وكانت بالمناسبة تابعة لاشراف وزارة المعارف أيضا فى ذلك الوقت ثم عمل مديرا بعدها مباشرة مديرا عام لإدارة الثقافة التابعة لوزارة التربية والتعليم إلى أن أتم الخدمة الحكومية في أول مايو عام 1955م. ظل الشيخ أمين الخولى يعلم ويتعلم إلى أن رحل في العام 1966. هكذا انطلق أمين الخولي مؤكدًا أن التجديد تطور، والتطور الديني هو نهاية التجديد الحق. والتجديد بهذا انطلاق مع الحياة ووفاء بجديد حاجتها، وما كان أصل الاجتهاد في الدين إلا تقديرًا للحاجة الماسة والضرورة القاضية بحدوث تغيير يوجبه التطور. وكشف عن حاجة النصوص إلى توسيع يمدها بحيوية، تجعلها أصلح للبقاء الذي نودي به لها، بهذا نجد التجديد لا يكون مع منطق الحياة والواقع إلا تطورًا.٤٢ الدين في حاجة دائمة للتجديد والتطور بفعل المتغيرات العاتية والأمواج العالية، والعوامل القومية التي تصطخب حوله؛ لهذا كان الاجتهاد والتجديد أصلًا ثابتًا في العقيدة. ولكن محمد عبده كانت الجامعة بالنسبة له أملًا وحلمًا — حلمًا انهار — فقد استطاع إقناع صديقه المنشاوي باشا «فأبدى استعداده لإقامة الجامعة على نفقته بأراضيه بقرية بسوس قرب القناطر الخيرية، لكن وفاة المنشاوي باشا عصفت بالفكرة، ثم لحق به محمد عبده»٢٢ ولم يريا ميلاد الجامعة عام ١٩٠٨. أما بالنسبة للخولي، كانت الجامعة واقعًا ماثلًا، بل هي واقعه الأول، حلبة كفاحه وساحة نضاله الذي أتى بكثير من الثمار المرجوة. وكان يؤكد دائمًا أن تدريسه في كلية الآداب بالجامعة المصرية — جامعة القاهرة الآن — هو مهمته الكبرى، وأن صناعته لعقول الطلاب إنجازه الأعظم، وانتشر تلاميذ له في مواقع شتى من حياتنا الأكاديمية والثقافية، فزادوها ثراءً بما تعلموه واكتسبوه من روح الأستاذ المعلم أمين الخولي «شيخ الأمناء»، الجماعة التي ضمت هؤلاء التلاميذ بريادته. لقد أكد الخولي على أنه لا مذهبية في القرآن أبدًا. وكرس لهذه القضية كتابه «في أموالهم» ليدحض القول برأسمالية الإسلام وباشتراكيته على السواء، فهذا «محاولات تلفيقية يجل عنها الإسلام، وتكلفات مغتصبة يأبى أن يُشد إليها الإسلام، على حين هو يقدم من الشعور الإنساني والأصل الاجتماعي ما يدع للإنسانية حرية الفكر وحرية الممارسة وحرية التجربة.» ويعترض الخولي على قول لشيخ الأزهر — منشور بجريدة الأهرام في ٢٧ رمضان ١٣٨٤ — يقصر فيه التطور على أحكام العبادات، وينأى به عن الأصول والعقائد. فيؤكد الخولي أن التغير والتطور سنة شاملة في الأصول: العقائد والعبادات والمعاملات، وفي هاتين الأخيرتين شريعة الإسلام هي انتخاب ما نراه أيسر عملًا وأصلح للبقاء. لقد كان التغير أمرًا واقعًا في الحياة الاعتقادية لعصر الإسلام الذهبي إبان القرون الهجرية الأربعة الأوائل، حيث تتكشف اختلافات، بل صراعات جمة حول العقيدة. ومن العقائد ما بلغ الاختلاف حولها حد سفك الدماء، كالذات والصفات وخلق القرآن. بالطبع ليس مثل هذا التغيير ولا موضوعاته هو المنشود أو حتى المطروح، لكنه بيان لإمكانية الاختلاف، وبالتالي قابلية التطوير والتجديد، فينتهي الخولي إلى أن «تطور العقائد ممكن، وهو اليوم واجب لحاجة الحياة إليه، وحاجة الدين إلى تقريره.»٦٣ هكذا كان التجديد الديني مع الخولي جذريًّا حقًّا، حتى بلغ أصول العقائد ذاتها، وهذا ما يسمى في المصطلح الفلسفي التجديد في علم الكلام، أو علم التوحيد في التسمية التي يفضلها محمد عبده. وقد كان علم الكلام دائمًا هو الفلسفة الإسلامية الحقة والتعبير العقلي الأصيل عن الروح الإسلامية، وفيه لا سواه نجد ما يمكن أن نسميه الأيديولوجيا الإسلامية. لم يدرس الخولي في الأزهر — بل في مدرسة القضاء الشرعي — لكن درَّس فيه. نذكر من هذا أول ما يُدرَّس من الفلسفة رسميًّا في العهد الجديد للأزهر، إنه محاضراته غير المنشورة «كُناش في الفلسفة وتاريخها» سنة ١٩٣٤، فأهداها «إلى روح الأستاذ الإمام». فرض أمين على نفسه الزي الأزهري رغم أنه لم يدرس بالأزهر ، وذلك الزي كما هو معروف يفرض على لابسه أشياء لا يفرضها على غيره ، منها مثلًا الابتعاد عن أجواء الفنانين ، ولكن الشيخ أمين كانت له وجهة نظر مغايرة ، فقد رأى أن من الواجب على أدباء عصره تغذية المسرح العربي وقد كان أيامها في مهده بثمرات أقلامهم ، الذي لم يكن في ذلك الوقت يقدم سوى الروايات التي يقوم الأشقاء الشوام بتعريبها ، فجاء الشيخ أمين وكتب مسرحية عربية من ألفها ليائها . كان التجديد هو قضية حياة الخولي الذي كان يقول لتلاميذه :" لا يمكن تقديم الجديد إلا إذا قُتل القديم بحثًا"أزمة الفن القصص في القرآن لم يكد يمضي وقت طويل على تقلد الخولي لمنصب وكيل كلية الآداب عام حتى تعرضت مكانته العلمية للاهتزاز عقب الأزمة التي أثارتها رسالة تلميذه محمد أحمد خلف الله “الفن القصصي في القرآن الكريم” عام 1947 التي أشرف عليها الخولي، ووقف مدافعا عنها في مواجهة الأزمة التي أثارتها ولم يتزحزح عن موقفه رغم صدور تقرير اللجنة العلمية التي شكلتها الجامعة يدين الآراء الواردة بالرسالة، وبلغ من تأييده لها أن كتب في جريدة الأخبار في ذروة الأزمة “أنه لو لم يبق في مصر والشرق كله أحد يقول أنه حق، لقلت وحدي وأنا أقذف في النار إنه حق حق”، وكان هذا أحد الدوافع التي حدت بجبهة علماء الأزهر رفع مذكرة إلى الملك فاروق شخصيا انتقدت فيها ريح الإلحاد التي عمت مصر، وضمنتها مطالب من بينها: أن تعقد جماعة كبار العلماء بالأزهر اجتماعا لمناقشة الخولي فيما ذهب إليه، وعدم التجديد له في عضوية مجلس كلية أصول الدين بالأزهر، وإيقافه وخلف الله عن عملهما بالجامعة لحين البت في أمرهما . وانتهت الأزمة بتدخل الحكومة وإلغاء الدرجة العلمية الممنوحة لخلف الله، وحرمان الخولي من حق الإشراف على الرسائل الجامعية المتصلة بالدراسات القرآنية، حتى أن تلميذه شكري عياد اضطر لتغيير تخصصه في رسالة الدكتوراة من “الدراسات القرآنية” إلى “الدراسات البلاغية” حتى يظل محتفظا بإشراف الخولي. وقال عند "الدكتور لويس عوض": ( كل من جلس بين يديه يتلقى العلم عليه إرتبط به المسحور بالساحر.. من عرفه لا يمكن أن ينساه). كان أمين الخولي يؤمن إيمانا عميقا بالشباب ، ويؤمن أنهم أصحاب الغد ، فدعاهم إلى إيجاد القادة الصادقين . وعاش يفكر في الغد لا في الأمس.. يدفع أبناءه ومريديه إلى العيش في المستقبل برأيهم لا برأي يملى عليهم أو يستوردونه من بلد آخر.. كان من أجهر الدعاة إلى الحرية الفكرية .. ويرى الحرية وسيلة الحياة الكريمة. لقد أخذ منهاجه في أستاذيته عن "عاطف بركات" من المحدثين وعن "الإمام الشافعي" من المجددين القدامى. وكان الأساس النظري عنده في الرأي والرأي الآخر: (أن الإختلاف في الآراء والتقاتل على المبادئ من نواميس الحياة على الأرض ، وليس ظاهرة تحلل ولا إشار فساد) ، وكان يؤمن بوحدة أصل البشرية. وبجودة المصير الإنساني ، فلا يصح تداعي بعض الناس في مختلف الأسر بأفضلية تميز ، وأجمل زميله وصديقه "أبو الفرج السنهوري" صـفاته التي تميز بها هذا الأستاذ" (جبار العقل ، عميق الفكر ، حلو المنطق ، قوي الحجة ، رصين الكلام ، غزير العلم في أدب عظيم). في إبريل سنة 1956 أصدر "الأستاذ أمين الخولي" مجلة الأدب مدرسة للفن والحياة على نفقته الخاصة ولتعيش عشر سنوات إنتهت في مارس عام 1966 عام رحيل الأستاذ نفسه. ومن مقولات الخولي الشهيرة: "أول التجديد قتل القديم فهمًا وبحثًا ودراسةً". وأيضًا: "أما إذا مضى المجدد برغبة في التجديد مبهمة، يهدم ويحطم ويشمئز ويتهكم فذلكم، وقيتم شره، تبديد لا تجديد." إن الأفكار حين تجد في العقل خواء، وتصادف في الدماغ خلاء، تعشش وتستقر حتى ليصعب إخراجها وانتزاعها من العقل، مهما بلغت درجة زيفها. - أمين الخولي المجددون في الإسلام من هدي القرآن: القادة والرسل التفسير: نشأته - تدرجه - تطوره (كتب دائرة المعارف الإسلامية صلة الإسلام بإصلاح المسيحية من هدي القرآن: في رمضان تاريخ الملل والنحل مناهج تجديد في النحو والبلاغة والتفسير والأدب أمين الخولي, شكري محمد عياد (تقديم) من هدي القرآن: في اموالهم تاريخ الحضارة المصرية: المجلد الثاني - العصر اليوناني والروماني والعصر الإسلامي أمين الخولي, محمد مصطفى زيادة, إبراهيم نصحي في الأدب المصري رسالة الأزهر كان الأزهر موجودا عنده في ثقافته وزيه. وفي (بروكسل) إنعقد (مؤتمر تاريخ الأديان الدولي) من 16-20 سبتمبر عام 1925 ، فبعث الأزهر مندوبين يمثلانه هما الشيخ مصطفى عبد الرازق والشيح أمين الخولي. وعام 1934 أصدر محاضرته عن (الفلسفة وتاريخها) وأهداها إلى (روح الأستاذ الإمام الشخ محمد عبده) ، وفي عام 1935م قدم لطلابه بكلية أصول الدين (تاريخ الملل والنحل) وتتوطدت صلته بالأزهر بهذه الدراسة ، وأعلنت الحكومة في عام 1936م عن مسابقة بين المفكرين والكتاب في موضوعات منها (رسالة الأزهر في القرن العشرين) وإختير عضوا في لجنة التحكيم وقال هو مداعبا.. (لماذا في القرن العشرين الميلادي وليس الرابع عشر الهجري ولا العاشر القمري من حياة الأزهر!؟) وشدته أهمية الموضوع إلى أن يدلي بدلوه فيه. وأفسحت له (جريدة المصري) صفحاتها على مدى ثلاثة أشهر يشرح فيها رسالة الأزهر الإجتماعية ، والعلاقة بين الدين والحياة وأوضح أن رسالة الأزهر من حيث هو مركز ديني هي .. حماية الدين ومحاوره الإجتماعية ، وأن يمكن الإنسانية من أن تسعد بأثره في الحياة ، ويكون ذلك بالتدبير المحكم في التعريف بالدين ونشر الإسلام على أيدي رجال لهم الصفة الدينية المتميزة. ورسالته من حيت هو بيئة إجتماعية. وهي أن يحمي الروح القومية لمصر والشرق الإسلامي حماية عاقلة متبصرة متدينة. وعن رسالته العلمية تحدث عن إعداد الإسلام الواعظين به الناشرين له ، وأن تكون دراسته المعلمية مرجعا للشرق كله والغرب كله. وحرص على ربط حاضر الأزهر بماضيه. ويشرح الدين الإسلامي المرجو بأنه تدين إنساني القلب نبيل العاطفة ، يؤيد التعاون البشري ، ولا يعوق الإخاء الإنساني. المجددون في الإسلام في 7 نوفمبر 1923م عين إماما للسفارة المصرية في روما ، وأبحر من الإسكندرية في 14 ديسمبر ، وتعلم اللغة الإيطالية حتى أجادها. وفي يناير عام 1926م نقل من روما إلى مفوضية مصر في برلين وأتقن الألمانية. وعاد إلى مصر عام 1927 حيث تسلم وظيفته في القضاء الشرعي في 19 مارس 1927م. وفي إيطاليا وألمانيا عطف على دراسته الفكر الديني الأوروربي ، وتوصل إلى أن سر عالمية الإسلام تكمن في صلاحيته لكل زمان ومكان وأنه يحمل عناصر التجدد والتطور على أساس التطلع إلى المثالية السامية. ودعا إلى جعل الإجتهاد أساسا للحياة الإسلامية ، وإلى التسامح الديني الرحب ، وإلى حرية الإعتقاد وحق الفهم الصحيح للدين. وفهم الدين على أنه إصلاح للحياة لا مجرد طقوس وإجراءات. وإيمانا منه بالحديث الشريف : " إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها.." – أو هذا ما معناه- ، لجأ الخولي إلى فهم القدماء للتجديد وإهتم بما قدموه للحياة الدنية من حقائق كالتطور الديني والتسامح الديني وحرية الإعتقاد وإصلاح الحياة والشعور بالوحدة الإجتماعية وسعة الأفق وإجلال العلم. وأصدر كتابه المهم ( المجددون في الإسلام) أصدر منه الجزء الأول ووعد بالجزء الثاني الذي يبدأ من (الإمام أبو حامد الغزالي) ، ولكن الخولي ترك دنيانا عام 1966م ولم يقدر للجزء الثاني أن يصدر. وقدم "الخولي" ترجمة لعدد من المجددين القدامى .. "عمر بن عبد العزيز" والإمام الشافعي وابن سيرج. وأبو سهيل الصعلوكي والباقلاني وأبو الحسن الأشعري وفي هذا العمل المهم أشاد بالإمام الشافعي ومنهاجه في حفز إخلاص الذين يشعرون بأبويته المعنوية. وبعد أن عرض "الشيخ الخولي" لثبت المجددين الذين ترجم لهم بين دور مصر (المتجددة بجهاد شبابها) في ذلك وأسهمت فيه بالنصيب الأكبر على سعة البلاد الإسلامية ، وعندما إشترك مع نخبة متميزة من الكتاب والمفكرين في تأليف (تاريخ الحضارة المصرية) الذي أصدرته في أجزاء متفرقة (المؤسسة المصرية العامة للتأليف) أعد "أمين الخولي" البحث الخاص (الحياة الدينية في مصر الإسلامية من ظهور الإسلام إلى مطلع العصر الحديث).. والمصريون كما قال هيرودوت – أشد البشر تدينا ، ولا يعرف شعب بلغ التقوى درجتهم فيها وصورهم بجملتهم تمثل المصريين يصلون أمام الآلهة ، وكتبهم على الجملة أسفار عبادة وتنسك. أساء البعض فهم الاجتهاد والتجديد على أنه مجرد إظهار معايب الفقهاء القدامى وتتبع زلات العلماء، فى حين اعتبر البعض من الظاهرية ودعاة النصوص أن أضابير الكتب والمخطوطات الإسلامية، التى أخرجتها عقول الفقهاء والمفكرين الإسلاميين فى الزمن القديم، هى العلم والرقى من دون أى محاولة للاستفادة منها فى أحوال معاشنا الراهن، بصورة أو بأخرى، وكأنهم يكتفون بأن يكون إحياء التراث هو عامل استنفار انفعالى فحسب يحفزنا إلى العمل، كالأغانى القومية وموسيقى المناسبات. ما سبق هو ما جعل الشيخ «أمين الخولي» يجتهد وفق اجتهاد عصره ويهتم بجملة من القضايا الدينية المعاصرة ليصبح إمام المجددين.. الشيخ أمين عُرف بزيه الأزهرى المميز، ووقاره المهيب، وبريق عينيه وملامحه المتفردة، وبحكم رئاسته لقسم اللغة العربية بكلية الآداب فى جامعة فؤاد الأول والقيام بأعمال العميد لفترات قصيرة. أرسى الشيخ أمين الخولى دعائم منهج التجديد والاستنارة، على ما سماه «التفسير البيانى للقرآن». كان محور هذا الضرب من التفسير هو إظهار الإعجاز البلاغى للقرآن، لكنّ الخولى يرى أنّ ما ألّف فى هذا الغرض من التفاسير السابقة ينطلق فى معالجته للنص من منطلق دعوى وتراثي، لذلك كانت الجهود مسخّرة لغايات دفاعيّة عن الإسلام، ولم تكن العناية بالجانب البيانى اللغوى غاية فى حدّ ذاتها. ويتحدد مدخل التجديد عند الخولى والمدرسة الحديثة كلها فى وظيفة المفسّر أوّلًا، وفى مكانة النصّ المفسّر ثانيًا، فليس مقبولًا عند الخولى أن يظلّ التفسير المعاصر مجرّد أداة لاختيارات مذهبيّة وتوظيفات دعويّة مهما كانت أهمّيتها. تقول عنه حفيدته الدكتورة يمنى طريف الخولي، أستاذ فلسفة العلوم ورئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب فى جامعة القاهرة، إن «جدى شخصية عملاقة فى تاريخ النهضة المصرية والحداثة العربية، عطاؤه باذخ فى كثير من المجالات، متعدد الزوايا، والصلب المحورى والإطار الهيكلى يتلخص فى كلمتين هو أنه شيخ المجددين بلا منازع، فهو شيخ المجددين فى الأصولية وشيخ الأصوليين فى التجديد». وتضيف: التجدد عند أمين الخولى فلسفة للفكر والخطاب الدينى ورسالة حضارية ومهمة ثقافية، فالنص الدينى عنده رحلة حضارية يطلق عليها الدوائر المعرفية التى تجعله يحلق حول هذا النص. وتستكمل: «الخولى يعطينا مثالا نموذجيا منشودا عن حديث الأصالة وتأصيل الحداثة، لا شطط لا ذات اليمين ولا ذات اليسار، لا يميل إلى الحداثة الغربية ولا يميل للأصالة، فينجرف إلى الاغتراب عن الزمان، فهو رائد التنوير الفعال الذى يعنى تأصيل الحداثة وتحديث الأصالة، وكان ميدان عمله وخامة بحثه هو التجديد والبحث عن الأفكار الجديدة، كما انه احترم الخصوصية الثقافية للأمة الإسلامية وسعى لتحديث الواقع استجابة لتحديات العصر الراهن». وترى «الحفيدة» أن جدها كان لديه تصور للفكر والحياة كإنسان فذ الشخصية، وكعالم لغوى لا يُشق له غبار، وكأستاذ من جيل الرواد الذين اضطلعوا بعبء تمصير الجامعة، وكمفكر هو واحد من التجديديين العِظام. وتقول: كنت طبعًا قد قرأت له وعنه بعض الشيء، فى إطار قراءاتى الغزيرة المتنوعة، ومنذ بواكير الصِّبا لا يمر عليَّ يوم دون أن أفتح كتابا له. وتتابع: أعترف بأننى لم أكن أتوقف إزاء قضية التجديد ومجدديه وضرورته الحضارية، وأبعاده الفلسفية وتشغيلها فى منظومتنا الثقافية، لم أكن لأتوقف بإزاء هذا منذ البداية وحتى لقائى الحقيقى الواعد بأمين الخولي. عندما تطلع على «كتاب الخير» و«مناهج تجديد» و«المجددون فى الإسلام» تجدها كتبا متقدمة فى مجالها، ومن يقترب من الجذوة المضرمة فى عقليته وفى أسلوبه لطرح الأفكار القادرة على تثوير كل خلجة بعقل المتلقي، فى خضم وابل من المنهجية والرصانة والدقة والعمق والاستنارة التى تفيض بها أعمال الخولي، كذلك توضح حفيدته: أنا أتتبع الخولى فى جولاته بأنحاء التراث وصولاته لتجديده، كنت أستجمع فرائد كنز من الأصول المنهجية للنظرة الحضارية التى لا تنفصل أبدًا عن ذاتها وعن تراثها، ما دامت تراه قابلًا للتجديد والتطوير، وأدركت كم كان بصرى حسيرًا، وكانت تلك فاتحة لسلسلة من الزلازل. وتختم د. يمنى الخولى كلمتها عن جدها، فتقول: «رفع الخولى شعاره الشهير والسديد «أول التجديد قتل القديم فهما وبحثا ودراسة»، أما إذا مضى المجدد برغبة فى التجديد مبهمة، وتقدم بجهالة للماضى وغفلة عنه، يهدم ويحطم، فذلكم - وقيتم شره - تبديد لا تجديد، هكذا كان الخولى يبث ويشمئز ويتهكم على كل من لا يفعل ذلك». الشيخ أمين الخولي.. مدرسة فكرية عن حياته الشخصية، يقول عنه الدكتور إسماعيل عبدالرحمن، شقيق زوجته، التى كانت بنت الشاطئ فريدة عصرها وأستاذة زمانها فلقد جمعت بين مدرستين مدرسة أبيها الذى كان من كبار علماء مشيخة دمياط، تلك المدرسة القائمة على محبة الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وآل بيته الكرام، ومدرسة زوجها فضيلة الأستاذ الدكتور أمين الخولى رحمه الله تعالى، التى ركزت على دور العقل والفكر فى النهوض بالأمة، الدكتورة عائشة عبدالرحمن «بنت الشاطئ» أحبت زوجها أمين الخولى حد الجنون حتى تمنت اللحاق به بعد وفاته، والتى ما فتئت تكرر تأثرها به علميا وأدبيا قالت قولتها المشهورة عند وداعه «على عينى اقتحم ناس غرباء مخدعه لتجهيز جسده للرحلة الأخيرة». التجديد «حماية الدين» وحول فكر التجديد عند الشيخ أمين الخولي، يقول الدكتور أحمد سالم، أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة طنطا وصاحب كتاب «الإسلام العقلانى التجديدى الدينى عند أمين الخولي»: «التجديد عند الخولى هو حماية للدين، وجعله مسايرا لتغيرات الحياة، ويبدأ التجديد عنده من استيعاب القديم وتجاوزه، وضرورة التحرر من الماضي، والتقيد به والوقوف عند حدوده التى وقفت بطبيعة الأمور عند المستوى العقلى والاجتماعى لأهل هذا الزمن الماضي، ويتجه التجديد بعد ذلك من خلال إدراك الكليات العامة التى جاء بها الإسلام، وتقديم رؤية مستنيرة لها وفقًا لظروف المجتمع، ومتطلبات الواقع». ويضيف «سالم»: «تمحورت دعوة التجديد عند أمين الخولى فى التركيز على البعد الاجتماعى للإسلام، أى على البعد الدنيوي، ولم يخض كثيرا فى الإطار الغيبى للإسلام إلا باعتباره دافعا للحياة الدنيا، وبدا له الإسلام محاولة إصلاحية كبرى لتنظيم روابط الجماعة الإنسانية، وتنسيقا للنفس البشرية فى صور وجودها المختلفة، من وجود فردى مستقل، ووجود جماعى شامل، على اختلاف أحوال الجماعات التى يندمج المرء فيها، ويرى الخولى أن الإسلام لم يأت فى المشكلات الاجتماعية بغير الكليات العامة القابلة للتفسير فى كل زمان، فالقرآن عودنا فى تدبيره الاجتماعى ألا يمس سوى الأصول الكبرى للإصلاح تاركا وراء ذلك من تفصيل للتدرج الحيوي، والجهاد العقلى الإنساني، لينتفع فى ذلك بكل ما يسعفه عليه نشاطه، ويؤهله له تقدمه، ويقدر الإسلام فى ذلك اختلاف الأحوال وتغير الزمان، وفى ضوء الكليات العامة للقرآن رأى الشيخ أمين الخولى مشكلة المال فى القرآن، فيرى أن القرآن قدر للإنسان حب التملك». معالم المشروع الفكري يدور مشروع الخولي الفكري حول عدة عناصر يمكن تلخيصها كالتالي: أولا: التفسير الأدبي للقرآن الكريم، يعد الخولي مؤسس مدرسة التفسير الأدبي للقرآن الكريم التي تولي عنايتها إلى إبراز الخصائص الأسلوبية والبيانية للقرآن باعتباره نصا أدبيا وتجعل منها مقصدا نهائيا لعملية التفسير ، وقد دعا الخولي إلى اعتماد هذا المنهج في التفسير ونظر إلى القرآن الكريم بوصفه (كتاب العربية الأكبر) وأثرها الأدبي الخالد، وهكذا يغدو النص القرآني نصا أدبيا في المقام الأول دون اعتبار لقداسة النص أو مقاصده الدينية والإيمانية. وقواعد هذا المنهج الأدبي كما صاغها الخولي تتلخص في: النظر إلى السياق التاريخي المتعلق بالنص القرآني، وتحليل المفردة القرآنية وتتبع أصولها ومعانيها واستعمالاتها في مختلف المواضع القرآنية، والاستعانة بالصنعة النحوية بقصد بيان المعنى وتحديده، وأخيرا الدراسة البلاغية التي تتمثل الجمال القولي في الأسلوب القرآني، وتستبينه، وتستجلي قسماته على نحو يستشف منه خصائص التراكيب العربية. أفلح الخولي في إقناع عدد من تلاميذه بتبني ذلك المنهج في دراستهم للنص القرآني، غير أن جهودهم لم تخل من انحرافات وادعاءات كما هو الحال في رسالة خلف الله التي طبقت نظرية الرواية التاريخية على القصة القرآنية وخلصت إلى أن قصص القرآن لا يمكن النظر إليه باعتباره حقائق تاريخية ثابتة وإنما هو تمثيل قصصي غرضه الاعتبار، وقد مهد القول بذلك لدعاة القراءات المعاصرة للقرآن الكريم كما فعل نصر حامد أبو زيد الذي صرح بأنه تلميذ غير مباشر للخولي، وأن محاولاته التفسيرية تشكل أساسا للقراءات المعاصرة. ثانيا: التجديد في الدين، يعود اهتمام الخولي بالتجديد إلى عام 1933 حين نشر في مجلة الرسالة مقالا تحت عنوان لافت هو “التجديد في الدين” واستمر إلى صدور كتابه المجددون وهو آخر مؤلفاته، وفي هذا الكتاب يحاول الخولي إسقاط نظرية التطور الديني -التي كان من مؤيديها – على مفهوم التجديد الديني، حين يدمج بينهما في اصطلاح جديد كل الجدة هو “التجديد التطوري” ويضعه في مقابلة ما يمكن أن نطلق عليه “التجديد الإحيائي” لدى الأقدمين، ووفقا لتعريف الخولي فإن “التجديد الذي هو تطور ليس إعادة قديم كان، وإنما هو اهتداء إلى جديد كان بعد أن لم يكن” ويقصد بذلك أن غاية التجديد ليس إعادة الإسلام جديدا نقيا من منابعه الصافية كما يعتقد العلماء وإنما هو تطوير الدين ذاته بما في ذلك عباداته التي طرأ عليها التطور فعليا-كما يدعي- ويضرب مثالا لذلك بالزكاة (أصبحت تقدر بمقادير جديدة كالكيلوجرام بدلا من الصاع). وقد سعى الخولي في محاولة أسلمة مفهوم التطور ودمجه ضمن الفكر الإسلامي، مفترضا أن الإسلام يحمل بداخله أسسا للفكرة التطورية ، وهذه الأسس أجملها في: -امتداد دعوة الإسلام زمانا ومكانا وهو ما يعني حاجته الدائمة للتطور من أجل ضمان الاستمرارية. – اقتصاد دعوته في الغيبيات وإراحته العقل من الإتيان بالتفاصيل، وبحسب الخولي فإن هذا الاقتصاد في العقيدة لن يدع فرصة للصدام بين العقيدة وبين ما يستطيع الإنسان أن يكتشفه من سنن الغيب، ولن تكون العقيدة معه بحاجة لتوفيق تصوراتها مع العلم. – عدم تورط الإسلام في كتابه ببيان شيء عن نشأة الحياة على الأرض وظهور الإنسان مما تورطت فيه الكتب السابقة عليه، ويبدو أن هذه المسألة ذات أهمية قصوى للخولي لأنها تسمح للنظريات العلمية-وفي مقدمتها بطبيعة الحال الداروينية- أن تفسر نشأة هذا الكون وتقدم إجاباتها على السؤال الأبدي كيف بدأ الخلق وما هي علة بقائه. – عدم تورط الإسلام في ذكر تفاصيل تاريخ الأمم والملوك والرسل السابقين ، وهي مسألة مهمة لأنه يؤسس عليها أن القرآن في جانبه القصصي “لا يعنى بما دون العرض الأدبي الفني المحض فلا يعنى ببيان زمان الحادث ومكانه.. ومع هذه الخطة تجئ الرواية المادية للتاريخ [هكذا] بلسان الحفريات والآثار، بكل ما يمكن أن تجيء به فلا يخشى الإسلام منها مناقضة ولا تكذيبا، ولا يتعرض بها الإسلام للأزمة التي تعرض لها غيره”. ثالثا: إصلاح الأزهر، أولى الخولي عناية لقضية إصلاح الأزهر، وليس أدل عليها من أنه عاود الكتابة فيها بضع مرات على أزمان متباعدة، مرجعا إياها إلى أن مصر لن تحسم موقفها تجاه النهضة إلا إذا حسمت موقفها من الأزهر، ويرجح أن أزمة الأزهر نبعت من تحوله تدريجيا إلى مدرسة جامعة يجتمع فيها طلاب العلم من كافة الأنحاء، حتى أصبح أهل الأزهر يقيمون فيه كل الوقت لتلقي العلم، وتكونت بذلك فئة خاصة متميزة في المجتمع عرفت باسم “المجاورين”، وهذا التجمع سرعان ما تحول إلى العزلة والتقوقع حول الذات، وفقد صلاته بالحياة الخارجية شيئا فشيئا وساء فهم أصحابه لما يجري فيها، وترتب على ذلك جملة آثار سلبية أعاقت نهضة مصر حيث أصبح الأزهريون معادين للتطور للاجتماعي وأنصارا للجمود، وضيقوا مساحة الحرية الدينية وأعاقوا التطور التشريعي وبخاصة في مجال قوانين الأسرة. ويذهب الخولي إلى أن إصلاح الأزهر ينبغي أن يكون عبر الاقتصار على رسالته العلمية باعتباره معهد ديني بحيث لا يكون له أي دور في المجال السياسي والاجتماعي والتشريعي ولعله تأسى في ذلك بالمؤسسة الكنسية في الغرب، ووفقا للخولي فإن هذا لا يعني اضمحلال دور المؤسسة الأزهرية حيث أن وظيفتها الأساسية هي “تقديم تدين لا سلطة فيه أو كهنوت” ولا تدهور منزلة الأزهري الاجتماعية لأنه “صاحب دين، مكانه منها يتحدد بما يفيده للحياة من حيث هو دين وثقافة لا غير، دون اختلاط بعمل أي فئة أخرى من فئات المجتمع التي لها خلفيتها وسلوكها الملائم لعملها”. ما نخلص إليه أن مشروع أمين الخولي الفكري تأثر جليا بالمؤثرات الثقافية الغربية وبخاصة في مسائل؛ التعامل مع النص القرآني باعتباره نصا أدبيًا، ومحاولة صبغ مفهوم التطور الدارويني بالصبغة الإسلامية، والدعوة إلى تقليص أدوار المؤسسة الدينية وقصرها على الدور التعليمي. أمين الخولي والأبعاد الفلسفية للتجديد(كتاب صدر عام 2000) يمنى طريف الخولي يمنى طريف الخولي: أستاذةُ فلسفةِ العلوم ومناهج البحث، والرئيسُ الأسبق لقسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة.(جدها أمين الخولى) مَعالِمَ فِكرِ جدِّها الذي يقف بمنهجيته العقلانية في صفوف الإسلاميين الإصلاحيين والرعيلِ الأول من كبار أساتذة جامعة فؤاد الأول. واجهت المنطقة العربية مع بداية القرن العشرين تحديات ومشاكل كبرى تمس هويتها واستقلالها السياسي والاقتصادي ومكانتها الحضارية والعلمية بين الأمم، لتصبح الحاجة إلى تجديد أسس ومعاملات خصوصيتنا الثقافية أكثر إلحاحًا من ذي قبل، ويغدو فرضًا واجبًا على جميع مثقفي العرب أن يراجعوا تراثنا ولغتنا وآدابنا، وبالطبع خطابنا الديني وتفسيراتنا للنصوص المقدسة، فكما يقول رائد المجددين الشيخ «أمين الخولي»؛ «إن أول التجديد هو قتل القديم بحثًا وفهمًا ودراسة» فإن المجدد إن لم يعِ الماضي ويحيط به فسيكون بغير بوصلة صحيحة ليصبح تجديده تبديدًا وتغريبًا. وهذا الكتاب هو رحلة تأخذنا فيها المؤلفة الدكتورة «يُمنى طريف الخولي» لندرس تجربة جدِّها شيخ المجددين «أمين الخولي» فنتعرف على فلسفته وفكره ونظرته لمشكلاتنا الثقافية؛ في وقت تتعالى أمواج العولمة الأمريكية التي تهدد الخصوصيات الحضارية، وتكاد تفقد العالم الإنساني تعدده وثراءه.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;