على ما يبدو أن المجتمع المصري يشهد عهدا جديدا فى التصدى لكل من يحاول العبث بالقيم الأسرية في المجتمع التي تضرب بجذورها منذ قدم التاريخ، فقد بدأت الحرب على فيديوهات التحريض على الفسق والفجور والإخلال بالقيم الأسرية التى يتم بثها على مواقع التواصل الاجتماعى للفيديوهات مثل - التيك توك وانستجرام - وغيرها من البرامج الأخرى، على رأس قائمة مباحث الآداب، وكان من ضمن النتائج القبض على اليوتيوبر مودة الأدهم، بسبب فيديوهات على تطبيق التيك توك.
حبس مودة الأدهم
فقد، أمر النائب العام المستشار حماده الصاوى، أمس، بحبس المتهمة مودة الأدهم، أربعة أيام احتياطاً على ذمة التحقيقات، التى تجرى معها بمعرفة النيابة العامة، لاتهامها بالاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصرى، وإنشائها وإدارتها واستخدامها مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات للتواصل الاجتماعى بشبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب تلك الجريمة.
حنين حسام وسما المصرى
وبذلك تكون مودة الأدهم قد لحقت بركب حنين حسام صاحبة فيديوهات التيك توك، المتهمة بارتكاب جريمة الاتجار بالبشر لها بتعاملها فى أشخاص طبيعيين وهن فتيات استخدمتهن فى أعمال منافية لقيم المجتمع المصرى بالتحريض على الفسق والفجور، بإنشاء حسابات على شبكة مواقع التواصل الاجتماعي وإدارتها، كما لحقت بركب المتهمة سامية أحمد عطية عبد الرحمن – وشهرتها سما المصري - وذلك لاتهامها بنشر صور ومقاطع مرئية مُصورة لها خادشة للحياء العام عبر حساباتٍ خاصة بها بمواقع إلكترونية للتواصل الاجتماعي، وإتيانها علانية أفعال فاضحة مخلة، وإعلانها بالطرق المُتقدمة دعوة تتضمن إغراء بالدعارة ولفت الأنظار إليها، واعتدائها على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري، وإنشائها وإدارتها واستخدامها تلك المواقع والحسابات على الشبكة المعلوماتية بهدف ارتكاب الجرائم المذكورة.
هذه الوقائع تكشف مخطط ضرب القيم الأسرية للمجتمع المصرى، حيث انتشرت في الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الإجتماعى - التيك توك وانستجرام والفيس بوك - دعوات عامة وعلنية لممارسة الدعارة والفجور من خلال بث مباشر لايف لفتاة ترتدى ملابس خليعة، وتقوم بحركات مثيرة وتتحدث بطريقه فجة بها إيحاء جنسى ودعوة على ممارسة الرذيلة، وتدعو الفتاة أو الفتى المتفرج إلى فتح الكاميرات ومشاركة البث المباشر مع الأصدقاء وإنشاء جروبات والتعليق والتحدث والرقص والاستعراض المثير للغرائز الجنسية.
دعوة فتح الكاميرا .. ظاهرة جديدة فى المجتمعات العربية
وهذه المواقع والوقائع بدأت فى حقيقة الأمر ببعض البلدان العربية لفتيات من الجزائر وتونس والمغرب والأردن، ولكنها للأسف انتقلت إلى مصر وتم التسويق لها من خلال شركات دعاية فى الخارج، وشارك فيها فتيات مصريات، ولقد ازداد انتشار مواقع هذه الجروبات الآن بسبب أزمة وباء كورونا والمكوث فى المنازل خلف شاشات الإنترنت وما لوحظ من عزوف معظم الشباب عن الزواج، ولا نعلم إلى أين ستمضى هذه الظاهرة وما هى أبعادها.
فى التقرير التالي، يلقى "انفراد" الضوء على ظاهرة جديدة على المجتمعات العربية انتشرت خلال الفترة الماضية، حيث التحريض على الدعارة والفجور من خلال مواقع التواصل الاجتماعى، وكيف تصدى القانون لمثل هذه الظاهرة بانتهاك الآداب والحشمة العامة وقيم المجتمع – بحسب أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.
جريمة اصطياد عوام الناس على شبكات التواصل
الواقع والحقيقة يؤكدان أنه إزاء ظهور تلك الظاهرة لابد وأن يكون للقانون يد صارمة تضرب بسيف بتار على من ينتهك الآداب والحشمة العامة وقيم المجتمع، فكل شخص حر فى ممارسة حياته الجنسية والشخصية، ولكن فى السر ودون علنية بما لا يؤذى الآخرين ويهز كيان المجتمع ويعصف بثوابته من خلال البث العام على عيون الناس، ونظرا لحداثة تلك الظاهرة، فإننا لا نرى نصا مباشرا يجرمها ولكن بإمعان النظر نلاحظ أن المشرع المصرى احتاط منذ زمن فى قانون مكافحة الدعارة ووضع شبكة من التجريم التحوطى التى تمنع أفراد المجتمع من الانزلاق فى الخطيئة كما أن قانون العقوبات رغم قدمه إلا أنه حوى نصوص يمكن أن تلاحق تلك الظاهرة، ولكن يجب التونيه إلى أن الشركات التى ترعى هذا البث وتقوم بتمويله من الصعب ملاحقتهم جنائيا لكونهم خارج البلاد، وإنما سيقع تحت سيف العقوبة الفتيات التى تتحادث وتقدم العروض المثيرة للشهوة فى مصر ومن يقوم بعمل مشاركة لهذا البث المباشر إذ يعتبر كمن بث تماما، والواقع أن المسؤولية القانونية للقائمين على هذا البث والمشاركين فيه ومن يقوم بمشاركة هذا البث المباشر يمكن أن تندرج تحت لواء أربع نصوص تجرم تلك الأفعال – وفقا لـ" فاروق".
قانون العقوبات وقانون مكافحة الدعارة
وهناك حزمة من نصوص ومواد القانون تتصدى لمثل هذه الأفعال المشينة حيث أن المادة 269 مكررا عقوبات تعاقب كل من حرض المارة علي الفسق بإشارات أو أقوال في أي مكان مطروق وهو ما ينطبق علي البث المشار عليه باستطياد عوام الناس المارين علي شبكة التواصل الاجتماعي بحسبانها مكان مطروق، والمادة 278 من ذات القانون تعاقب كل من يرتكب فعلا مخلا بالحياء علنا بأحد طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171 ومن ضمنها الإذاعة وهو ما ينطبق علي البث من خلال مواقع التواصل الاجتماعي العامة، وأيضا قانون مكافحة الدعارة رقم 10 لسنة 1961 إذ عاقب كل من حرض غيره علي ممارسة الدعارة أو الفجور أو المساعدة عليهما أو تسهيلها لشخص ذكر أو أنثي – الكلام لـ"فاروق".
تصدى محكمة النقض للأزمة
ولقد حددت محكمة النقض نطاق تطبيق نص قانون مكافحة الدعارة المشار إليه، فقضت بأن "لما كان القانون رقم 10 لسنة 1961 فيما تضمنه من أحكام مكافحة الدعارة قد نص فى مختلف مواده على جرائم شتى ميز كلاً منها من حيث نطاق تطبيقها وعناصرها وأركانها والغرض من العقاب عليها من الأخرى، وإن كانت فى عمومها تنقسم إلى طائفتين تتعلق الأولى بأفعال التحريض والتسهيل والمساعدة والمعاونة والاعتياد على ممارسة الفجور أو الدعارة أو ما يلحقها من ظروف مشددة، وتنصرف الطائفة الثانية إلى أماكن إتيان تلك الأفعال.
تصدى محكمة النقض للأزمة
ولقد نص القانون المذكور فى الفقرة الأولى من المادة الأولى منه على أن: " كل من حرض شخصاً ذكراً كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو الدعارة أو ساعده على ذلك أو سهله له وكذلك كل من استخدمه أو استدرجه أو أغواه بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة من مائة جنيه إلى ثلاثمائة جنيه "وكان مفاد نص الفقرة الأولى من المادة الأولى سالفة البيان أن الجرائم المنصوص عليها فيها لا تقوم إلا في حق من يحرض غيره على ممارسة الفحشاء مع الناس بغير تمييز أو يسهل له هذا الفعل أو يساعده عليه فلا تقوم الجريمة إذا وقع الفعل من المحرض بغية ممارسته هو الفحشاء مع المحرض، وذلك طبقاَ للطعن رقم 4693 لسنة 66 جلسة 12 مايو 2003.
قانون جرائم تقنية المعلومات
كما ينطوي السلوك ألاثم المار ذكره تحت نص المادة 25 من قانون جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 التي نصت علي أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الأسرية فى المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة أو أرسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع اليكتروني لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أي شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة أم غير صحيحة.