فى مفاجأة من العيار الثقيل، كشفت صحيفة نيويورك تايمز، نقلاً عن مسئولين أمريكيين عن اكتشاف شبكة قرصنة إلكترونية مقرها نيجيريا، استولت على ملايين من التعويضات التى كانت مخصصة للأمريكيين ضمن حزم الإعانات التى رصدتها الإدارة الأمريكية للتخفيف من آثار وباء كورونا الاقتصادية.
وقالت الصحيفة فى تقريرا لها السبت، إن مجموعة من المحتالين الدوليين شنت هجومًا كبيرًا ومعقدًا على أنظمة البطالة الأمريكية مما أدى إلى إنشاء شبكة استنزفت بالفعل ملايين الدولارات من المدفوعات التى كانت تهدف إلى تجنب الانهيار الاقتصادي وفقًا للسلطات الفيدرالية.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب قد رصدت منذ بداية أزمة كورونا وما أعقبها من إغلاقات فى كافة الولايات، وشلل فى غالبية القطاعات الإنتاجية، حزمة مساعدات ضخمة قدرت بـ3 ترليونات دولار، تضمنت مساعدات للشركات والأفراد على حد سواء، على هيئة شيكات لدعم البطالة.
وقال مسؤولون لصحيفة نيويورك تايمز، إن المهاجمين استخدموا معلومات مفصلة عن مواطنين أمريكيين مثل أرقام الضمان الاجتماعى التى ربما تم الحصول عليها من اختراق الإنترنت فى السنوات الماضية لتقديم مطالبات نيابة عن أشخاص لم يتم تسريحهم.
واستغل الهجوم أنظمة البطالة فى الولايات المتحدة فى وقت كانت فيه تكافح لمعالجة الكم المهول من المطالبات بإعانات البطالة خلال أزمة توظيف لم يسبق لها مثيل منذ الكساد الكبير.
ومع اندفاع العديد من الولايات لدفع المطالبات الخاصة بإعانات البطالة ذهبت المدفوعات مباشرة إلى حسابات الإيداع المباشر فى ولاية واشنطن، وبدأت الوكالة المكلفة بإدارة مطالبات البطالة هناك تدرك مدى المشكلة فى الأيام الأخيرة عندما اتصل الأشخاص الذين لا يزالون يعملون لاستفسار عن سبب تلقيهم أوراق تأكيد بالبريد.
وقال محققون من الخدمة السرية الأمريكية، إن لديهم معلومات تشير إلى أن الخطة قادمة من "خلية" احتيال نيجيرية منظمة بشكل جيد ويمكن أن تؤدي إلى "خسائر محتملة بمئات الملايين من الدولارات"، وفقًا لمذكرة حصلت عليها صحيفة نيويورك تايمز.
وقالت مذكرة الخدمة السرية، إن ولاية واشنطن ظهرت كهدف رئيسى حتى الآن، ولكن كان هناك أيضًا أدلة على هجمات في فلوريدا وماساتشوستس ونورث كارولينا وأوكلاهوما ورود آيلاند ووايومنج، وحذرت الوكالة من أن كل ولاية يمكن استهدافها، مشيرة إلى أن المهاجمين يبدو أن لديهم سجلات مكثفة لمعلومات التعريف الشخصية.
وبحسب المذكرة التى نشرتها الصحيفة، "من المفترض أن خلية الاحتيال تمتلك معلومات تعريف شخصية"، حيث أن قاعدة البيانات تقدم حجم الطلبات التي تمت ملاحظتها حتى الآن.
ووفقا للتقرير أفادت شرطة ولاية رود آيلاند أنها تلقت "تقارير عديدة عن عمليات احتيال مشتبه بها" تتعلق بإعانات البطالة.
وقال سكوت جنسن، مدير إدارة العمل والتدريب في رود آيلاند، يوم السبت، إنه قد يكون من الصعب التمييز بين المطالبة المشروعة وغيرها عندما يقدم المحتالون المعلومات المناسبة. وأضاف أن الحالات التي ظهرت على ما يبدو لترتيب أوراقها دون بصمات خلال الأوقات الأخرى التي قد تحتوي فيها الادعاءات على أخطاء أو مؤشرات أخرى على أنها ليست حقيقية.
وقال جنسن إن من يفعل هذا لم يكن يعرف ما إذا كانت مجموعة من الفاعلين الدوليين ولكنه يأمل أن يصل المحققون إلى مصدر عمليات الاحتيال. وأضاف أنه فى خلال ذلك فإن الدولة تضيق الخناق وتلقى نظرة فاحصة على المطالبات المحيطة ببنوك محددة أو اتجاهات أخرى.
وقال مسئول بولاية واشنطن، إنه لا يريد تحديد عدد الخسائر حتى الآن فى الولاية، ولكنه يعتقد أنها كانت بملايين الدولارات وتعمل إدارة الولاية الان مع وكالات تطبيق القانون لمحاولة استعادة بعض الأموال.
وتضررت بعض أماكن العمل بشدة، حيث قال بول كوك، المتحدث باسم جامعة واشنطن، إن أكثر من 400 من إجمالى 2500 موظف تم استهدافهم بمزاعم احتيالية.
وتلقت الإدارة عددا هائل من مكالمات من الأشخاص والشركات تسأل عن إشعارات البطالة التى تم إرسالها إليهم مما دفعهم لتفعيل خطًا ساخنًا لتلقى الشكاوى وأجبروا الدولة على توظيف المزيد من الأشخاص للرد على الهواتف.
وقالت آنا زيفارتز، إحدى سكان سياتل التي تعمل فى منظمة المعاقين غير الربحية فى واشنطن، وهى إحدى أولئك الذين قدموا شكوى، إنها عثرت على سلسلة من المظاريف الرسمية من الحكومة في بريدها في 8 مايو. في البداية، كانت قلقة من أنها قد تدين لها الضرائب. ثم عندما فتحت البريد، كان لديها قلق آخر، حيث تبين أن تلك المظاريف تشير إلى تلقيها إعانات بطالة!.
قالت زيفارنز: "اتصلت برئيسي في العمل وسالته هل سأحصل على استقالتي وأنا لا أعرف ذلك؟ " لكن رئيسها أكد لها أنها لا تزال تعمل.
وأضافت زيفارتز أنها اتصلت وأرسلت بريدًا إلكترونيًا لإبلاغ المشكلة للولاية لكنها لم تتلق ردا كما أبلغت صاحبة عملها الدولة بهذا الأمر.
وبحسب التقرير قدم أكثر من مليون شخص فى ولاية واشنطن مطالبات بالبطالة وسط الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن تفشي وباء كورونا في جميع أنحاء البلاد، وصلت الأرقام إلى أكثر من 36 مليون في الشهرين الماضيين.
وقامت العديد من الولايات ببدء مراجعات طويلة للمساعدة في التخلص من الادعاءات الاحتيالية، ولكن مع تزايد عدد الأشخاص الذين أصبحوا مؤهلين أصبحت الحاجة إلى مدفوعات سريعة ملحّة. وكما هو الحال مع العديد من الولايات الأخرى، تم تخفيض فترة الانتظار المعتادة التي تستغرق أسبوعًا في واشنطن قبل دفع مدفوعات البطالة، وقام التمويل الفيدرالي بتوسيع إعانات البطالة للعمال الذين لم يكونوا مؤهلين من قبل.
وقالت ليفين: "هناك حاجة ماسة للحصول على المال بسرعة هذا يجعلنا هدفا جذابا للمحتالين".
وأفاد عدد من الأشخاص الذين يحتاجون إلى إعانات البطالة عن التأخير والتحديات في الموافقة على طلباتهم وقالت السيدة ليفين إن الدولة تعمل على حل المطالبات المتأخرة أثناء محاولتها تحقيق التوازن بين التدقيق والتبسيط.
وفى ولاية واشنطن يتواجد بحسب الصحيفة، أعلى مبالغ من الإعانات الأسبوعية، حيث قدم القانون الفيدرالي 600 دولار إضافية في الأسبوع للأشهر القليلة القادمة كما يمكن للعاطلين عن العمل أيضا الحصول على مدفوعات بأثر رجعي.
وقال المحامي الأمريكي بريان موران في سياتل، إن مكتبه يعمل مع وكالات أخرى لتعقب ومحاكمة الأشخاص الذين يقدمون ادعاءات كاذبة، لكنه قال أيضًا إن الدولة بحاجة إلى "معالجة نقاط الضعف وإصلاحها في نظامهم".
فيما قالت ليفين إن وكالة البطالة تراقب الاتجاهات وتستخدمها لمحاولة التعرف على الحالات المشبوهة قبل إصدار المدفوعات. كما نفذت الدولة تأخيرًا لمدة يومين في المدفوعات لإعطاء العمال مزيدًا من الوقت لفحص المطالبات.