عمر زهران يكتب عن الشيخ صالح كامل.. رحل وهو ساجد فى العشر الأواخر من رمضان.. لم أتخيل حياتى بدون لقاء هذا الرجل.. علمنى أن الكبير بتواضعه وأخلاقه.. وأشهر أقاويله:"ابدعوا ما شئتم ولكن لا تدخلونى النار"

رحل وهوه ساجد لله.. رحل وهو يصلى فى أروع وأعظم الأيام، فى العشر الأواخر من رمضان فى أيام المغفرة وهو من علمنا كيف نغفر وكيف نعفو، حتى عمن اساءوا لنا، فقط من يعرفون هذا الرجل..هم فقط من سيفهمون سر هذه الموته وكيف أنه يستحقها، فقط من تعاملوا معه هم من سيدركون وحدهم.. كيف رحل رجل العفو فى أيام المغفره. الشيخ صالح كامل وحدهم أصدقائى والمقربون منى يعلمون من حواراتي وذكرياتى..حفر هذا الرجل فى ذاكرتى ومجمل مبادئى تعاليم.. وسلوكا.. ومبادئ ما كنت لأتحلى بها لولا لقائى الإنسانى قبل المهنى ،وتشاء الأقدار أن أول من دفعنى للعمل بالإعداد التليفزيونى إضافة لعملى كمخرجا كان الشيخ صالح كامل ، وكان لقائى الأول به حينما كنت فى بداية حياتى المهنية كمخرجا صغيرا لم ابدأ بعد وشاءت الأقدار أن اتقدم للسيدة الفنانة والنجمة صفاء أبو السعود حرم سيادة الشيخ صالح بفكرة برنامج تليفزيونى وكانت قد تحمست لى بعد أن شاهدت حلقة من برنامج كنت بدأته للتو على الفضائية المصرية، وأعجبت بالفكرة ورشحت لى بعض الأسماء للتقديم.. وأيضا رشحت لى لإعداد البرنامج السيناريست الشهير وقتها رفيق الصبان.. وبمجرد أن سمعت اسمه لم أصدق اننى سأخرج برنامجا من إعداد نجم الإعداد التليفزيونى وواحدا من أهم السيناريستات فى السينما المصرية. ولكن اتت الرياح بما لا أشتهي.. فلقد اختلفت مع الاستاذ رفيق بمجرد بدء العمل ولم يقتنع بى هوه ايضا.. وجاء الصدام قبل أن نبدأ، ومما زاد من تعقيد الامور اننى رفضت أيضا كل الأسماء التى رشحوها لى لتقديم البرنامج، فلقد كان لديا رغبة فى تقديم النجمة صفاء ابوالسعود كمذيعه.. ورأيت أنها أنسب من يقدم البرنامج. ولم تكن صفاء أبو السعود تظهر كثيرا وقتها أو تشارك فى ايا من الأعمال.. وكانت تدير قناة الأفلام كرئيسة لها ومن هنا استدعانى مكتبه للقاءه.. وسالنى مباشرة لماذا ترغب فى ان تقدم صفاء البرنامج... ولم يكن وقتها متداولا فكرة أن يقدم الفنانين برامج بصورة كبيرة مثل الآن وقلت له لن استطيع الإجابة على السؤال إلا بشريط مسجل عليه حلقه.. وهنا ابتسم سعادة الشيخ صالح وقال لى ولماذا اختلفت مع رفيق الصبان....قلت له فى ذهنى افكار وتصور ورؤية لم يستطع كتابتها ..وبمنتهى الحكمه والذكاء والوعى قالى لى إذن لماذا لا تكتب انت ماى جول بذهنك.. وتقوم بنفسك بإعداد البرنامج. وبالفعل شجعنى على أن أخطو الخطوة الأولى فى مجال الإعداد ولم أكن قد بدأته بعد وبالفعل قدمت البرنامج الأول الذى بث على شبكة الـ Art بعنوان أوراق سينمائية من إعداد وإخراج عمر زهران وتقديم النجمة صفاء أبو السعود ولاقى وقتها نجاحا كبيرا وكان بداية لرحلة طويله استمرت لأكتر من ثلاثة عشر عاما تعلمت خلالها أصول وقواعد العمل الإعلامى وتعلمت منه شخصيا ما لم أكن أتخيل حياتى ولا شخصيتى بدون لقاء هذا الرجل. وأقسم بالله طوال عملى مخرجا مع زوجته وصاحبة المحطة والنجمة الكبيرة والتى حدثت بيننا الكثير من الخلافات فى العمل لم يشعرنى ولو للحظة أنها زوجته وأنها رئيسة القناه التى أعمل بها مخرجا بل كان العدل والمساواة هما اساس كل احكامه على أى سوء تفاهم يحدث فى العمل وكان له مقولة ابدا لا أنساها "ابدعوا ما شئتم ولكن لا تدخلونى النار" ومن الوقائع التى ابدا لا أنساها.. حين حدث خلاف بينى وبين ابن أخيه إياد كامل الرجل الخلوق والمهذب، حينما تدخل أولاد الحلال بوشاية بيننا واحتدم الخلاف لدرجة أننى قررت أن أرحل ظنا منى أنه ربما لن يضحى بوجود ابن اخيه ويبقى على وجودى بالمحطة، لكنه على الفور شكل لجنه تحقيق محايدة من مصريين وسعوديين لينتهى التحقيق ببراءتى مما نسب لى ظلما لأفاجئ بمكتبه يطلب منى الحضور فورا لمقابلته. طيب خاطرى بكلمات رقيقه وكأنها شبه اعتذار، وفوجئت ببيان على لوحة الإعلانات الخارجية للمحطة فيه نتيجة التحقيق والذى يبرئنى من أى مخالفة أو انتهاك لقواعد العمل، وكان ابن اخيه أيضا رائعا حين زارنى بمكتبى ودعانى لتناول القهوة معه بمكتبه. هذا هو صالح كامل الرجل العادل صاحب المبادئ.. الكبير مقاما.. وخلقا وقدرا. وفى أحد الوقائع التى علمنى فيها أن الكبير كبير بتواضعه.. .وأخلاقه وليس بأمواله، حين تم إبلاغه بوشاية ظالمه عنى...ولم أراه غاضبا هكذا من قبل، وكتب لى خطابا بعد أن قراته لم استطع أن أقف على قدمى من الصدمة فلقد كان خطابا قاسيا للغاية ما زلت احتفظ به حتى الآن، وفى هذه المرة قرر أن يكون التحقيق بنفسه وشاركت فيه السيدة لمياء مديرة مكتبه، والتى أبلغتنى تليفونيا بكلمته التى كتبها على محضر التحقيق. والله لم أصدق ما قالته لى تليفونيا وما كتبه العظيم صالح كامل لقد قرر أن يعتذر لى بنفسه وعلى ورقة رسمية سيقرأها كل من فى المحطة.. ما زلت احتفظ بها ومن خجلى ظللت أربعة ايام محرجا أن أذهب للمحطة، فلقد كتب لي: "الأستاذ المخرج عمر زهران.. أنا آسف اعتذر لك لقد أخطأت فى حقك ويسعدنى لقاءك على وجه السرعة" تخيلوا رجل بحجم سعادة الشيخ صالح كامل يستقبله الرؤساء والملوك استقبالا رسميا وتربطه صداقه بكل مشاهير ونجوم العالم العربى، ولديه شركات ومؤسسات كبيرة بها المئات من العاملين وربما الالاف...يعتذر بنفسه ويكتب هذا الاسف على ورق سيقراها معظم العاملين بالمحطة. لقد تحلى هذا الرجل بأخلاق الملائكة وكان تواضعه قمة العظمة ولم يفكر فى البشر وإنما كان تفكيره الدائم فى إرضاء الخالق سبحانه وتعالى وكان يخشى أن يظلم أحد حتى من أساءوا اليه كان تسامحه هو الرد الدائم لهم كنا نتعلم منه البساطة الشديدة فى ملبسه وفى حديثه وفى ملاحظاته على اعمالنا، ولقد كان ذكاءه حاد، ولديه أفكارا تنشئ شركات الآن بأطقم عمل كامله من أجل خلقها. ما زلت احتفظ بكل تأشيراته على الأعمال التى كنت اقوم بعملها ويوما ما أذعت "برومو" إعلانى عن حلقه مع المخرج الكبير حسام الدين مصطفى، وكان قد سخر من "تمثيلية التنحى التى عاشتها مصر بعد 1967 ،وفوجئت باتصال تليفونى منه يبلغنى بغضبه الشديد منى قائلا لي: "يا عمر مصر وزعماءها خط أحمر احذف هذه الجملة فورا ، لا يمكن ان أقبل الإساءة لزعيم عربى كبيير بحجم عبد الناصر مهما اختلفنا معه. كان يسمى حبه لمصر مرضا أصابه فرغم ما عانى فيها احيانا كرجل أعمال عربى برغم عشقه الشديد لها، ولا أنسى موقفه حين ضرب الإرهاب السياحة فى الاقصر واسوان فيما يسمى بمجزرة الاقصر حينها قرر أن تنتقل كل اجتماعات شركاته بالكامل إلى الأقصر وكل البرامجين والمذيعين ببرامجهم وأطقم العمل من مخرجين ومعدين ومصورين ليبثوا الأمل فى نفوس وشعب الأقصر وكانت تبث جميع البرامج على الهواء من الأقصر . وكان يعشق الشعب المصرى بعاداته وتقاليده ولا أنسى فى الاحتفال الأول بمرور سنه على صرح الـ Art ، قال فى كلمته لولا المصريين ما كانت الـ ART . هذا الرجل الخير كثيرا ما كنت أقوم بدور مرسال الخير أحمل معى الأموال لأذهب إلى زوجة فنان توفى أو إلى فنانة مريضة وكان من يطلب منى أن أوهمهم بأنها عربون لأعمال ستنفذ قريبا وبالطبع كانت تتم هذه المساعدات من خلال السيدة صفاء أبو السعود. ويوم أن قدمت فيلما تسجيليا عن وفاة السندريلا سعاد حسنى وكتبت فى أحد فقرات الفيلم، عاتبا على المذيع الذى أذاع خبر وفاتها قائلا:"أذاع خبر وفاتها مذيعا قاسى الصوت ليس فى قلبه رحمة، كيف طاوعه قلبه ان ينعى زوزو سيدة المشاعر، بصوت بلا مشاعر"، فهاتفنى معاتبا:"يا عمر كيف تقول هذا ألم يمت الرسول عليه الصلاة والسلام وماذا كنت ترغب فى ان يقول الرجل ورفض رفضا قاطعا ان يحتوى فيلمها على اى صور شخصيه لها فى مراحلها الأخيرة، ولقد حاول بشتى الطرق ان يساعد السندريلا عن طريق السيدة صفاء أبو السعود، ووسط وقتها الملحن الكبير كمال الطويل، لكنها أرسلت له بوكيه ورد ورسالة شكر". الحديث عنمواقف هذا الرجل تحتاج إلى صفحات وصفحات، لقد جعلنا نحلق بأجنحة نتزود بالمعرفة والتعلم على أحدث التقنيات الحديثة، وذهبنا للعمل من خلال الـ Art إلى روما وألمانيا وأمريكا وفرنسا وبريطانيا وكل دول العالم العربى، نكتسب خبرات، وننمى مهاراتنا...ولم يعاقب أحد على خطأ اقترفه فى عمله بقدر ما أعطى لنا عشرات الفرص لنجود، ونصلح أخطاءنا وننجح من جديد". لقد فقد الوسط الإعلامى فى مصر والعالم العربى أبا ومعلما ورائدا فى فن العمل الاعلامى وفقد المصريين صديقا غاليا ومحبا...وعاشقا لترابها.... لقد كان حقا دولة تسير على الأرض رحم الله سعادة الشيخ صالح كامل.......ولله الأمر. عمر زهران مخرج في شبكة راديو وتلفزيون العرب ART التى كان يملكها الراحل رجل الأعمال صالح كامل، وأعد وأخرج برامج للفنانة صفاء أبو السعود أشهرها برنامج "ساعة صفا"




















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;