"عرب اليسار".. "منازل" متهدمة و"أحياء" نائمة.. الأهالى: المنازل تسقط علينا والآثار والمحافظة تهددنا بالحبس.. أم محمد: بيتى وقع 3 مرات والحى يقول سيبوا المنطقة.. وأم نزيه: ياريت يوفروا لنا مساكن بديلة

منازل سقطت وتهدمت، وأخرى ينتظرها نفس المصير، ومواطنون لا حول لهم، ومحافظة متعنتة صمت آذانها عن صرخات مواطنيها من أبناء منطقة "عرب اليسار" التابعة لحى الخليفة بمحافظة القاهرة.

منازل بعضها بلا أسقف، وأخرى تشققت حوائطها، وثالثة بدورات مياه مشتركة تجمع سكان 20 عائلة متجاورة، ترفض المحافظة والحى أن ترحمهم سواء بفتح قرارات ترميم منازلهم أو تنكيسها بالطريقة التى تتوافق مع كونها منطقة أثرية أو نقلهم من هذا المكان الى مكان آخر.

"عرب اليسار" المنطقة التى لا تبعد عن أسوار قلعة محمد على سوى بـ30 متر، أصدر محافظ القاهرة الأسبق عبد العظيم وزير بالتعاون مع هيئة الآثار قرارا فى منتصف يناير من عام 2011 بحصر وإجلاء أكثر من 2000 أسرة من أهلها بدعوى تحويلها إلى منطقة سياحية، على الرغم من أن أراضى المنطقة والوحدات العقارية هى ملكية خاصة ولا تعد من أملاك الدولة، بحسب ما يقوله النائب جمال الشويخ عضو مجلس النواب عن دائرة المقطم والخليفة والدرب الأحمر.

سقوط المنازل بمنطقة عرب اليسار ليس أمر جديدا على أهالى المنطقة، فبحسب محسن فودة أحد أهالى المنطقة، الذى يضيف كل يوم أو على الأكثر أسبوعيا، لدينا حوادث قتل جراء سقوط المنازل، ويكمل "نعيش فى معاناتنا منذ أكثر من 70 عاما كاملة بين الحى ومحافظة القاهرة من جهة، وبين وزارة الآثار من جهة أخرى".

ويوضح "لو حصلنا من الحى على قرار ترميم أو بناء، يحرر لنا مسئولو الآثار محضرا يتخذ مجراه القانونى إما الحبس عام أو الغرامة 10 آلاف جنيه، بدعوى أنها منطقة أثرية ممنوع البناء فيها، يا إما نموت هنا بالبطىء، يا إما نتشرد".

يكمل فودة: "لو المنطقة أثرية تيجى الحكومة تشوف الشكل والحل اللى عايزاه وبالطريقة اللى ترضيها لكن فى المقابل يكون فى حل بدل من تشريد الأهالى، أصحاب المنطقة لأن معاهم ملكية خاصة بها من أيام الملك فاروق".

وأكد أن الأهالى لم يتعنتوا مع ممثلى الحكومة سواء بمحافظة القاهرة أو مسئولى الآثار، فهم على استعداد لترميم منازلهم على نفقتهم الخاصة، مضيفا "مع تولى أى مسئول جديد نتقدم بطلبات ترميم على الأقل إلا أنهم لا يهتمون بنا، فإذا كانت الآثار تريد أن تحول المنطقة إلى منفعة عامة وتصبح مزاراً سياحياً فإن أهالى عرب اليسار لهم الأولوية فى امتلاك المحال بتلك المنطقة مع توفير سكن بديل لهم".

"أم محمد" الذى يتكون منزلها من طابقين تهدمت درجات سلمه، وتشققت حوائطه، وبقيت فتحة كبيرة فى سقف المنزل نتيجة السقوط المتكرر لأجزاء منه، تقول: السقف سقط تلات مرات علينا، لكن دون أن يتسبب هذا السقوط فى خسائر فى الأوراح.

وتضيف السيدة التى تبلغ نحو 57 عاما، فى كل مرة يسقط فيها جزء من المنزل، نتوجه لمسئولى الحى الذين لا يتغير ردهم "المنطقة أثرية مينفعش بناء أو ترميم فيها"، وتكمل "بيقولولنا أمشوا من المنطقة الخطرة دى وروحوا شوفوا شقة فى أى مكان"، لكن ردها هى أيضا لم يتغير: هنروح فين وهنعمل أيه ومحدش حاسس بينا ولا فى مسئول بيسأل فينا؟، منقدرش نتحمل دفع ايجارات 500 – 600 جنيه شهريا، وتضيف: فى الصيف الاوضاع يمكن تحملها والتعايش معها، لكن الحال فى الشتاء بيبقى صعب، مع سقوط الامطار والبرد الشديد".

على غرار ما يدور من أحاديث رسمية حول نية الحكومة تحويل منطقة عرب اليسار إلى منطقة سياحية، فإن الأهالى أيضا لا يمانعون ذلك فبحسب ما تقوله أم نزيه "أحنا لا طالبين مساعدة ولا غيره.. دلوقتى دول لا عايزين يخلونا نصلح عرب يسار ولا عايزين يشوفولنا مكان نضيف".

محمد محمود العيسوى من مواليد منطقة عرب اليسار يقول "من كثرة ما حدث من سقوط منازل وتهدمها تحولت المنطقة إلى خرابات متجاورة، ولا يوجد أى اهتمام بسكان المنطقة سوى تحرير محاضر لما يحاول ترميم منزله"، ويكمل: "كل يوم يقولوا هيشلوا المنطقة أو يرموموا أحنا قاعدين منتظرين مصيرنا بقى".