بعد الدمار الهائل الذى سببته جائحة كورونا لحركة السفر والتنقلات العالمية، بدأت الكثير من دول العالم، لاسيما فى آسيا وأوروبا، فى استكشاف كيفية استئناف الحركة بينها بشكل آمن مع استمرار الوباء على ما يبدو لأجل غير مسمى.
وفى ضمن الاقتراحات التى يتم تداولها فقاعة السفر والجسر الجوى، القائمان على ترتيبات محددة للسفر بين دولتين هدفها تجنب إجراءات الحجر الصحى طويلة الأمد المطلوبة خلال هذه الفترة.
وتقول مجلة فورين بوليسى إن خطط ما يسمى بالجسور الجوية وفقاعات السفر، والتى تعنى ترتيبات الدول للسماح بالمواطنين بعبور الحدود دون حاجة للحجر الصحى، تقدم أملا باستئناف السفر والسماع بعودة التجارة والسياحة الدولتين. لكنها بدلا من توحيد العالم المجزأ، فإن إعادة فتح السفر بناء على دوائر دولية منقسمة يخاطر بإحداث انقسامات جديدة، حيث سيسلط الضوء بشكل خاص على نفوذ ثلاث قوى عظمى وهى الولايات المتحدة والصين والاتحاد الاوروبى، مع تقييم العالم أيضا إلى دول تعاملت مع الوباء بشكل جيد عن تلك التى عانت. ويأتى مع هذه الفقاعات نظاما جيوسياسيا جديدا، ويامل أن يكون مؤقتا، قائم على أساس التعامل مع الوباء، له تداعيات معقدة على أنماط التجارة والسياحة والاستثمار.
وتحدثت المجلة عن خلاف بين فرنسا وبريطانيا فى هذا الشأن، وقالت إن لندن وبارييس ألمحتا مؤخرا إلى السياسات المريرة التى قد تأتى مع لوائح السفر الجديدة المرتبطة بكورونا، حيث تبادل البلدان الأوروبيات قواعد قبل إعادة فتح الحدود المقررة بينهما. فقد أعلنت بريطانيا أنها ستطلب من كل زوارها الأجانب عزل أنفسهم أسبوعين، وتراجعت عن اتفاق لإعفاء الفرنسيين. وردت فرنسا بدورها د بفرض متطلبات الحجر الصحى. وفى ظل القرارات الانتقامية، توسلت شركات الطيران العالمية إلى أن تتبع السياسات الوطنية العلم وليس السياسة، لذلك من غير المرجح أن تكون المواجهة الحالية هى الأخيرة.
وتشير المجلة إلى أن انهيار السفر العالمى بسبب كورونا غير مسبوق. فنصف الرحلات الجوية فى العالم توقفت، وتراجع سفر الركاب بنسبة 95%. وقبل الوباء كان نحو مليونى مسافر جويا يحلقون فى الولايات المتحدة كل يوم. لكن الرقم يقترب الآن من 100 ألف فقط. كما أن مطار تشانجى بسنغافورة، وهو أحد أكثر المطارات ازدحاما فى العالم شهد حوالى 5 مليون مسافر فى إبريل 2019، حوالى 150 ألف يوميا. لكن الشهر الماضى تراجع المعدل اليومى إلى الألف فقط.
وفى ظل هذه الخسائر الاقتصادية الفادحة تبدو فكرة فقاعات السفر جذابة بشكل خاص، فقد أطلقت دول لاتفيا واستونيا وليتوانيا أول هذه الترتيبات فى مايو، وسمت بحرية المواطنين بين الدول الثلاثة فى الوقت الذى ظل الاتحاد الأوروبى مقيدا. وتمت مناقشة فقاعة مشابهة بين استراليا ونيوزيلندا، وكذلك بين ألمانيا وفرنسا والنمسا. وبمرور الوقت، من المرجح أن تظهر فقاعات أخرى، التى ستتصل ببعضها البعض لتنشى مناطق حرة أكبر تسمح بالسفر غير المقيد.
ورغم الآمال التى تتطرحها الفكرة، لكن هناك صعوبات واضحة،فعدد كبير من هذه الفقاعات لا يمكن أن ينشىأ فورا. فاستراليا لم تستأنف رحلاتها بين الولايات حتى الآن، وتقول أن السفر الدولى غير مرجح قبل أكتوبر. ومن المرجح أن تكون الدول الأخرى حذرة بالمثل. كما أن تايوان التى لديها سجل تحسد عليه لفيروس كورونا، تقول إنها لت تفتح حدودها على الإطلاق فى المستقبل القريب.
وحتى داخل هذه الفقاعات، سيكون هناك قيود، فقد فتحت كوريا الجنوبية والصين فقاعة صغيرة أوائل مايو للمسافرين فى أعمال، لكنهم طلبوا تأشيرات واختبارات لأمراض عديدة. بينما يمكن أن تنتهى خطط ثنائية أخرى إلى فترات معينة للحجر أو تطبيقات مراقبة إلزامية.