احتفل الأقباط اليوم بعيد حلول الروح القدس، بصلوات القداس الإلهى التى عمت فى أرجاء الكنائس الأرثوذكسية التى تؤمن بأن الروح القدس حلت على تلاميذ المسيح الذين سيبدأون التبشير برسالته فى كافة الأرجاء والأقاليم، بداية من الغد بالتزامن مع بدء صوم الرسل.
ضمن طقوس الاحتفال بالعيد فإن الكنيسة صلت القداس صباحًا بينما فى المساء تبدأ صلوات السجدة وهى أحد الطقوس الخاصة بعيد العنصرة، فمن المعروف فى التاريخ أنه ساعة صلاة السجدة كان يحدث هبوب ريح، ولا يسكت هبوب الريح إلا إذا سجدوا، لذلك سموها صلاة السجدة تقام فيها الصلوات ونحن ساجدون.
من جانبه، قدم قداسة البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية جموع الأقباط فى كل مكان بعيد العنصرة فى تذكار حلول الروح القدس، لافتا إلى أن الكنيسة المسيحية ولدت فى هذا اليوم فى مدينة أورشليم ومنها انتقلت لكل العالم.
وقال قداسة البابا تواضروس الثانى - فى كلمة له تم بثها عبر عدد من القنوات الفضائية المصرية - إنه فى العهد القديم كانوا يحتفلون فى مثل هذا اليوم بتذكار استلام الناموس، وأن أعداد كبيرة من كل العالم القديم يتجمعون فى أورشليم من جنسيات مختلفة، وهو يشبه يوم اجتماع عالمى من كل الجنسيات وهو اعتياد سنوى يحدث من كل اليهود على مستوى العالم.
ونصح قداسة البابا تواضروس الثانى بضرورة اتخاذ الانسان لكافة التدابير الصحية فى مواجهة وباء كورونا وأن يكون لدينا الثقة أن كل الأمور تعمل معا للأخر، ولكن يجب أن نأخذ كافة الاحتياطات التى تصدرها وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، مع ضرورة الابتعاد عن التجمعات وارتداء الكمامات واستخدام المطهرات، وأن نصلى باستمرار فى كل وقت لكى يمنح الله السلام والهدوء للجميع.
وأضاف أن ما حدث فى ذلك اليوم كان عبارة عن هبوب صوت رياح عظيم كما ظهرت ألسنة من نار وهى نار ليست حارقة وهو وعد السيد المسيح لهم بان ينتظروا حتى يحل عليهم قوة من العلي، كما كان المظهر الثالث فى هذا اليوم هو التحدث بألسنة، وأن كل منهم صار يتحدث بلغته، وبعدها ألقى بطرس الرسول عظته العظيمة لجموع يصل عددها إلى آلاف الأشخاص وما حدث أن كل شخص بدأ يفهم الكلام بلغته.
وتابع قائلا، أن بطرس الرسول بدأ يقول عظة نارية، وهى تاريخية وتربوية وكرازية وهى أيضا توضيحية يسرد فيها الأحداث الأخيرة التى وقعت فى أورشليم من أحداث الصلب والقيامة وانتظار حلول الروح القدس وهى جميعها مذكورة فى سفر أعمال الرسل، موضحا أن الكنيسة رتبت فى صلواتها "صلاة الساعة الثالثة" وهى تذكار لحلول الروح القدس على التلاميذ.
وأشار قداسة البابا تواضروس الثانى إلى أن الحديث عن الروح القدس ممتد ومتشعب، موضحا أن الروح القدس يعمل فينا ويعطينا سمات معينة، فهو يقدم روح الحق وروح المعرفة، فالانسان فى مسيرة حياته يتلوث فكره وعقله وكلامه، وعادة يقع فى عدم قول الحق وظهرت خطايا الكذب وبدأ الانسان يبتعد عن الحق، اما حياة الحق فهى تكشف كل زيف فى العالم، وأن الكتاب المقدس عرف الحياة بأنها "بخار يظهر قليلا ثم يضمحل" والروح القدس يجعل من الإنسان دائما شاهدا على الحق.
ونوه إلى أن الروح القدس يعطى معرفة الحق ويعطى للانسان أيضا شهادة الحق، لذلك كان التلاميذ شهود حق وهى القوة التى كانت بداخل بطرس ليلقى عظة عظيمة يؤمن بعدها الآلاف بالسيد المسيح فى يوم جماهيرى كبير، لافتا إلى أن الروح القدس يعطى الإنسان السلام الداخلي، وعمل الروح القدس أن يعطى للانسان الطمأنينة والتعزية للنفوس المتعبة، وأن الإنسان عندما يسقط فى الخطية يكون شاعرا بالذنب ولكن الروح القدس فى سر الاعتراف يعطى سكينة وتعزية للإنسان.
وأوضح البابا تواضروس الثانى أن الروح القدس يعطى التعزية للإنسان، والانسان فى هذه الأيام وبسبب انتشار الوباء يحتاج إلى التعزية وإلى السلام والطمأنينة، وأن الله هو الذى يستطيع أن يمنح البشر السلام والاطمئنان فى كافة الظروف، مشيرا إلى أن الروح القدس يعمل على الوحدة وحدة النفوس والأفكار والقلوب، وأن السيد المسيح قال ليكون الجميع واحدا، وأن الروح القدس ينقل هذه الوحدة التى فى الثالوث إلى الوحدة، وأن الوحدة فى المسيح هى وحدة الإيمان "رب واحد وإيمان واحد ومعمودية واحدة"، وأن الروح القدس يعطى الوحدة داخل البيت الواحد وليس فقط على مستوى الطوائف او المذاهب فقط.
وذكر قداسة البابا تواضروس الثانى أن المحبة هى الأرض الصالحة لظهور كافة ثمار الروح القدس، وهى التى تدفع الإنسان للسير فى الطريق الصحيح إلى الملكوت، وأن الروح القدس يمنح حكمة للإنسان لكى يتصرف بالشكل اللائق فى كل موقف، لافتا إلى أن الكنيسة ستبدأ غدا صوم الرسل، والكنيسة تعتبره صوم من أجل الخدمة، وأنه فى المساء ستصلى الكنيسة صلاة السجدة تذكارا لما فعله التلاميذ.
عيد الصعود فى التقويم العبري
يعتبر عيد الخمسين عيد مهم فى التقويم العبرى القديم، يحتفل بنزول وحى موسى وقد أدخله المسيحيون ضِمن الأعياد المسيحية لإحياء ذكرى نزول الروح القدس على تلاميذ يسوع الإثنى عشر حسب المعتقدات المسيحية.
ويشير عيد الخمسين فى الكنائس الشرقية إلى الخمسين يومًا بين عيد الفصح وحتى عيد العنصرة، لذا يُطلق على الكتاب الذى يحتوى على النصوص الطقسية الخاصة بهذه الفترة كتاب الخمسين، كما يطلق على هذا العيد عيد الخمسين أو أحد العنصرة أو أسبوع العنصرة لاسيما فى أوروبا حيث يكون يوم الاثنين التالى إجازة، ويُسمى عيد الخمسين بهذا الاسم لأنه يتم الاحتفال به بعد أحد عيد القيامة بسبعة أسابيع (أى خمسين يومًا) ويقع عيد الخمسين فى اليوم العاشر من عيد الصعود.