فى مثل هذا اليوم شهدت الدنيا أسود يوم مر بها لوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذى توفى 8 يونيو لعام 633 ميلاديا، الموافق 12 ربيع الأول لعام 11 من الهجرة، عن عمر 63 عاما.
وقال أنس بن مالك رضى الله عنه: ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوماً كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وحكى أنس عن ذلك اليوم فقال: بينما هم فى صلاة الفجر يوم الإثنين وأبو بكر يصلى بهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم فى صفوف الصلاة، ثم تبسم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة، فقال أنس وهمَّ المسلمون أن يفتتنوا فى صلاتهم، فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخى الستر. رواه البخاري.
تُوفّى النبى -صلّى الله عليه وسلّم- يوم الإثنين الثانى عشر من ربيع الأوّل، فى العام الحادى عشر للهجرة، أى ما يوافق العام 633 ميلادى 8 من شهر يونيو، وكان له -صلّى الله عليه وسلّم- من العُمر ثلاثة وستون عاماً، وقد خُلِّد موته علامةً من أشراط الساعة، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخارى عن عوف بن مالك الأشجعى أنّه قال: (أَتَيْتُ النبى صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فى غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو فى قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَى السَّاعَةِ: مَوْتِي...).
وكانت وفاة النبى -صلّى الله عليه وسلّم- فى المدينة المنورة، فى حُجرة السيدة عائشة -رضى الله عنها-، بل جاء بالخبر الصحيح أنّه قُبض -عليه الصلاة والسلام- ورأسه على فخذ عائشة رضى الله عنها.
غسّل النبى -صلّى الله عليه وسلّم- بعد وفاته أهلُ بيته، وعُصبته من بنى هاشم، وهم: ابن عمّه على بن أبى طالب، وعمّه العبّاس مع ابنَيه: الفضل، وقثم، وأسامة بن زيد، وشقران مولى النبى -رضى الله عنهم جميعاً-، وتمّ تغسيله، وثيابه عليه، ولم تُنزَع عنه، فقد رُوِى عن السيّدة عائشة -رضى الله عنها- أنّها قالت: (لمَّا أرادوا غسلَ النَّبى صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ قالوا: واللَّهِ ما ندرى أنُجرِّدُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ من ثيابِهِ كما نجرِّدُ مَوتانا، أم نَغسلُهُ وعلَيهِ ثيابُهُ؟ فلمَّا اختَلفوا ألقى اللَّهُ عليهمُ النَّومَ حتَّى ما منهم رجلٌ إلَّا وذقنُهُ فى صَدرِهِ، ثمَّ كلَّمَهُم مُكَلِّمٌ من ناحيةِ البيتِ لا يَدرونَ من هوَ: أن اغسِلوا النَّبى صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ وعلَيهِ ثيابُهُ).
وباشر على غسلَ النبى -صلّى الله عليه وسلّم- وحده، وأسنده إلى صدره، وكان يقول وهو يُغسّله: "ما أطيبك يا رسول الله حيّاً وميتاً"، أمّا العبّاس وابناه: الفضل، وقثم فكانوا يُقلّبون النبى -صلّى الله عليه وسلّم-، وكان أسامة وشقران يصبّان الماء، وشَهد الغسل أوس بن خولى من بنى عمرو بن عوف من الخزرج؛ فقد طلب ذلك من على فأذن له، وتمّ تكفين النبى -صلّى الله عله وسلّم- بثلاثة أثوابٍ من القطن دون نزع ثيابه عنه.
وبعد أن انتهى الصحابة -رضى الله عنهم- من تغسيل النبى -صلى الله عليه وسلّم-، وتكفينه، وضعوه فى بيته على سريره؛ ليُصلّى عليه، وقد صلّى عليه المسلمون فُرادى من غير إمامٍ يؤمّهم؛ بحيث تدخل جماعةٌ من الناس تصلّى عليه وتخرج، فصلّى عليه الرجال، ثمّ النساء، ثمّ الصبيان،وقد دُفِن النبى فى مكان فراشه فى المكان الذى قبض الله فيه روحه الطاهرة، وتمّ إدخال النبى إلى القبر من جهة القبلة، وجُعِل قبره مُسطَّحاً غير بارزٍ، ورشّ بلال بن رباح -رضى الله عنه- الماء على قبره ابتداءً بالشقّ الأيمن لرأس النبى الكريم، وانتهاءً بقدميه الشريفتَين، وكان الدفن ليلة الأربعاء، وقد نزل فى قبره: على بن أبى طالب، والفضل بن العباس، وأخوه قثم، وشقران مولى النبي، وقيل أسامة بن زيد، وعبد الرحمن بن عوف، فكانوا هم من دفنوا النبي.
بدأ احتضار النبى حين اشتداد ضحى يوم الاثنين، وكان بجوار عائشة -رضى الله عنها- فأسندته إليها، وكان موته فى بيتها، وفى حِجرها، وعند اشتداد سكرات الموت عليه أقرّ أن للموت سكراتٍ، فرفع إصبعه وشَخِص بصره للأعلى، وسمعت عائشة منه كلماتٍ فأصغت إليه، وإذ به يقول: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لى وارْحَمْنِى وأَلْحِقْنِى بالرَّفِيقِ)، وقد كرّرها ثلاثاً قبل أن يلتحق بالرفيق الأعلى.
وقد خُلِّد موته علامةً من أشراط الساعة، ودليل ذلك ما رواه الإمام البخارى عن عوف بن مالك الأشجعى أنّه قال: (أَتَيْتُ النبى صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فى غَزْوَةِ تَبُوكَ وهو فى قُبَّةٍ مِن أَدَمٍ، فَقالَ: اعْدُدْ سِتًّا بيْنَ يَدَى السَّاعَةِ: مَوْتِي...)، وكانت وفاة النبى -صلّى الله عليه وسلّم- فى المدينة المنورة، فى حُجرة السيدة عائشة -رضى الله عنها-، بل جاء بالخبر الصحيح أنّه قُبض -عليه الصلاة والسلام- ورأسه على فخذ عائشة رضى الله عنها.
وفى الساعات الأخيرة من حياة النبى حدثت مواقف حاسمةً للغاية؛ أوّلها عندما كان المسلمون يصلّون صبيحة فجر يوم الاثنين وكان إمامهم أبو بكرٍ، فحلّت إطلالةٌ باسمةٌ من وجه النبى الكريم عليهم بعدما كشف ستارة حجرة عائشة، وثانيها عند ارتفاع شمس الضحى، إذ أمر النبى بحضور ابنته فاطمة -رضى الله عنها- إليه، وأسرّ إليها فبكت، ثمّ أسرّ إليها أخرى فضحكت؛ فكانت الأولى إخبارها بأنّه سينتقل إلى الرفيق الأعلى، أمّا الثانية فقد أخبرها بأنّها أوّل أهل بيته لحاقاً به، وبأنّها سيّدة نساء العالَمين، وثالثها دعوته للحسين والحسن، وتقبيلهما، وتوصيته بهما حُسناً، ورابعها دعوته لنسائه، ووعظهنّ.