قبل ساعات من انعقاد الانتخابات المحلية ببريطانيا، غدا الخميس، احتدمت المنافسة بين زاك جولدسميث، المنتمى لحزب المحافظين، وصديق خان، مرشح حزب العمال، على بلدية لندن، وأوضحت استطلاعات الرأى أن الأخير هو الأقرب للفوز ليصبح بذلك أول عمدة مسلم للندن، وهى واحدة من أهم العواصم العالمية ومركز رئيسى للمال والأعمال.
ومن جانبه أعتبر آمول راجان، فى مقال له بصحيفة "الإندبندنت" البريطانية أن فوز خان، النائب ووزير النقل السابق والبالغ من العمر 45 عاما، يعنى أنه قد يصبح يوما من الأيام أول رئيس وزراء بريطانى مسلم.
وأشاد الكاتب بسجل خان فى حزب العمال قائلا إنه "لا يخسر أبدا"، وإن فوزه، فى حال صدقت استطلاعات الرأى، سيكون انتصارا ضخما لحزبه، فى ظل الإحباط والغضب من موقف حزب المحافظين من البقاء فى الاتحاد الأوروبى، وهو الأمر الذى أثر على شعبيته فى الآونة الأخيرة، لسعيه المستمر فى إقناع البريطانيين بالتصويت فى استفتاء 23 يونيو المقبل للبقاء ضمن دول الاتحاد، على عكس حزب العمال برئاسة جيريمى كوربين، الذى يدعو للخروج.
كما سيقوى فوزه موقف القائد اليسارى فى حزب العمال جيريمى كوربين الذى يواجه اتهامات بمعاداة السامية، ويعانى جراء مشاكل مع العديد من صناع القرار فى حزبه.
وفي حال فوز النائب خان، فسيخلف عمدة لندن الحالى بوريس جونسون من حزب المحافظين الذى شغل هذا المنصب منذ 2008، والذي يعد أيضا من أوائل الداعمين لحملة انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي.
وسيكون لفوز صديق خان، تأثير كبير فى الوقت الذى تحاول فيه المملكة المتحدة العمل على دمج الأقليات ومحاربة "التطرف"، وتغيير سلوك ومواقف الشباب البريطانى المسلم حيال داعش من خلال إشراكه فى أعمال خيرية تهدف لمساعدة اللاجئين، وذلك تحت إشراف وزارة الداخلية، فى أطار خطة سرية موضوعة لتحقيق هذا الهدف.
ولم تكن المعركة على منصب العمدة بين خان وأقرب منافسيه زاك جولدسميث من حزب المحافظين جيدة، وخاصة بعد استحضار مسائل حساسة تتعلق بالعرق والدين فى الانتخابات البلدية، فقد اتهم الأخير نظيره بتقديم الدعم الضمنى "للمتطرفين" وبأنه خطير وليس لديه مبدأ.
من جهته، قال خان إن جولدسميث يدير حملة يائسة ومسببة للانقسام، وإنه استهدف الناخبين على أسس دينية أو عرقية، وإنه لا يملك سجلا يؤهله ليكون رئيسا لبلدية لندن.
ويتنافس كذلك المرشحون بشأن مسائل تتعلق بازدحام شبكة المواصلات وطرق التخفيف من التكاليف الباهظة للإيجارات.
ومن ناحية أخرى، قالت الكاتبة ياسمين براون فى مقال لها بصحيفة "الجارديان" إن صادق خان، ذي الأصول الباكستانية، وبغض النظر عن عرقه وديانته وطبقته الاجتماعية، هو لندني حقيقي، وهذا هو سر كونه الخيار المفضل لمنصب عمدة لندن.
وأشادت الكاتبة بمشوار خان، مشيرة إلى أنه قادم من أسرة متواضعة، وعاش في المساكن العامة واستعمل وسائل النقل العمومية وعرف معنى الحرمان، وهو يجسد الطموح في المناطق الحضرية. وتعتبر الكاتبة فوزه أسوأ كابوس للإرهابيين.
ويعتبر صديق هو الابن الخامس لعائلة باكستانية مهاجرة، حيث عمل والدة كسائق لمدة 25 عاما بعد انتقالهم من بلدهم إلى بريطانيا مباشرة، ويصفه الكثيرون من السياسيين والصحفيين باليسارى الديمقراطى، نظراً لآرائه و أنشطته الاجتماعية.
بدأ صديق حياته كمحام وناشط فى مجال حقوق الإنسان، ثم انضم لمجلس العموم البريطاني عام 2005 عن دائرة توتينج الانتخابية، ثم أصبح ثانى بريطانى من أصل باكستانى مسلم ينضم للحكومة البريطانية عام 2008 كوزير للمجتمعات والحكومات المحلية.
في عام 2009 أصبح أول مسلم يشغل منصب وزير النقل فى الحكومة البريطانية، حتى أعلن أنه سيخوض الانتخابات فى لندن على منصب العمدة عام 2016.
في خطاب له قبل الانتخابات، دعا صديق للتمسك بالأمل بدلاً من الخوف، مطالباً البريطانيين بأن يعطوه الفرصة التي يستحقها من أجل تحقيق ظروف أفضل للبلد، كما انتقد الحكومة البريطانية لعدم إقدامها على بناء مزيداً من المنازل الجيدة للبريطانيين.