فجر قداسة البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الجدل من جديد حول استخدام الماستير "ملعقة التناول" وعدوى وباء كورونا بعدما كشف البابا عن إمكانية تغيير هذا الأمر لأن الطقوس ليست جامدة ولا تستمد من أفكار بل مما تسلمته الكنيسة من الآباء وهو ما رفضه الأنبا أغاثون أسقف مغاغة في عظته أمس.
ما هو سر التناول؟
ضمن الأسرار المقدسة فى الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، وهو تذكير بالعشاء الذى تناوله يسوع بصحبة تلاميذه عشيّة آلامه.
ويُحتفل بها المسيحيون بتناول قطعة صغيرة ورقيقة من الخبز (تعرف بالقربان) التى تمثل جسد يسوع وملعقة من الخمر وتمثل دم المسيح.
ماذا قال البابا تواضروس عن سر التناول؟
البابا تواضروس قال في حوار مع إحدى الصحف "لم نفكر في هذا ولم نناقشه في اجتماعات اللجنة الدائمة للمجمع المقدس، ولكنه أمر وارد.. وإن كان التناول بالماستير لم يتسبب في أي إصابة بمرض على امتداد تاريخ الكنيسة، ونحن في الظروف المرضية يناول الكاهن المريض بدون استخدام الماستير، وفي ظل الظروف المرضية التي نعيشها هذه الأيام يمكن أن يطرح هذا للمناقشة، فمسيحيتنا ليست جامدة، وطقوسنا لا تستمد من أفكار بل مما تسلمناه من الآباء، ومن ارشاد الروح القدس العامل فينا، وليس ثمة ما يمنع من استخدام نتاجات العقل والتطور والتقدم في تسيير أمور كنيستنا دون المساس بعقائدنا وأساس إيماننا المستقيم".
ما وجهة نظر معارضى البطريرك؟
وقال الأنبا أغاثون، خلال عظته المباشرة عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إن الكنيسة على مدار مئات السنين الكلام في المسلمات الإيمانية يحيطه محاذير، مشددًا أنه يجب على من يتكلم على هذا الأمر أن يتكلم بحرص شديد.
وعبر الأسقف عن غضبه من تصريحات البابا دون التطرق إليه بشكل مباشر، قائلًا: "إن إيمان الأطفال أحسن من إيمان الإكليروس (الرتب الكهنوتية) في هذا العصر"، لافتاً إلى أن المشكلة من وجهة نظره أن الناس تناقش الأسرار بشكل علمي وهو أمر غير صحيح على حد قوله.
وأوضح أن في سر التناول، هناك القمح الذي يتم إعداده إلى قربان، ومثلها العنب الذي يتحول إلى خمر، ومثلها رفع الحمل، كلها أمور إذا تم التركيز عليها فمن الممكن أن تشك باحتمالية نقل العدوى في أي مرحلة منها.
وأكد أن جسد الله لا يمكن أن ينقل العدوى، حتى نطالب بتغيير “الماستير”، لافتًا إلى أن الرسل سلموا الآباء طريقة تدشين المستير، تقول: "مجدا وكرامة وقوة ونور وتقديس" وهو ما يعكس مدى إيمان المسيحيين بذك السر، مشددًا أن التناول للوقاية ولحفظ حامله ولشفاء المرضى دون أدنى شك في أنه قد ينقل عدوى، وفي نهاية الصلاة التي يصليها سرًا: "يعطى عنا خلاصًا وشفاءً".
وأشار إلى أن على مدار التاريخ لم تسجل أي حالة نقل عدوى عن طريق الأسرار المقدسة، ولم يتكلم أي رجل من الإكليروس عن أسرار الكنيسة وكونها تنقل العدوى.
آراء متباينة حول ملعقة التناول وعدوى كورونا
أمجد بشارة الباحث في علوم اللاهوت الكنسي، قال إن تغيير الشكل الخارجي لطقس التناول لن يتسبب في مشكلة عقائدية إذ كانت الكنيسة قديما تستخدم طرقا للتناول غير المعمول بها حاليا، بينما رأى إن المجمع المقدس للكنيسة القبطية هو الجهة المسئولة عن هذا التعديل باعتباره السلطة العليا في الكنيسة.
واعتبر بشارة إن الأزمة الحقيقية تكمن في عدم معرفة المسيحيين بفحوى وقيمة سر التناول "الإفخارستيا" الذى يتحول فيه الخبز والخمر لجسد ودم المسيح في صلوات القداس الإلهي، مؤكدا أن جسد المسيح ودمه وفقا لتلك المعطيات لا ينقل الأمراض ولا يمكن القبول بالتشكيك فى ذلك لأنها نقطة إيمانية بحتة.
وأوضح بشارة: ليس هناك أي حادثة تاريخية تقول إن شعب كنيسة كاملة أو حتى معظمه اتنقل له نفس المرض بسبب التناول من الجسد والدم والأمر لا يتعلق بفيروس كورونا المستجد بل يمكن أن ينطبق على كافة الأمراض الجسدية الأخرى، فلم يحدث من قبل إن انتقلت عدوى لكنيسة كاملة.
أما دكتورة ليديا عادل التي حصلت على درجة الدكتوراة في العلوم الكنسية، فقد كان لها رأي مغايرًا مؤكدة إن ممارسة سر التناول "الإفخارستيا" يعني طهارة وشفاء لأمراض الروح متسائلة هل الشفاء هنا يعني المرض الجسدى؟.. وأضافت: المقصود هو الشفاء من أمراض الروح وليس الجسد فالطهارة والشفاء المعنيين للإنسان ككل وليس لجسده فقط بل لتطهيره.
وأشارت ليديا: إلى وجود شفاء بقوة الصلوات وأوشية المرضى وزيت مسحة المرضى ولكن ذلك يحدث فى سياق مغاير لسر التناول الذى يختص فى الأساس بتطهير الروح من الخطايا.
ولفتت ليديا: نؤمن بالشفاء قطعًا بقوة الصلوات وأوشية المرضى وزيت مسحة المرضى، لكن ده فى محتوى خاص مختلف عن محتوى سر الافخاريستيا وهو الشفاء والتطهير من الخطايا.