شنت صحيفة "واشنطن بوست" هجوما على السياسة الخارجية الأمريكية فى العراق، وحملتها مسئولية الأزمة السياسية التى تعرضت لها البلاد مؤخرا.
وقالت الصحيفة فى افتتاحيتها إن إخفاقين أساسيين للسياسة الخارجية الأمريكية كانا الاعتماد المفرط على أفراد، فشلوا مرارا فى تلبية التوقعات الأمريكية، والتردد فى قبول أن الوضع القائم حاليا لا يمكن أن يستمر، وقد ارتكبت إدارة الرئيس باراك أوباما هذين الخطأين فى العراق أكثر من مرة.
وفى ظل رغبتها لسحب كل القوات الأمريكية من العراق فى الوقت المحدد قبيل إعادة انتخاب باراك أوباما فى عام 2012، فإن الإدارة ألقت بثقلها خلف رئيس الوزراء العراقى حينئذ نورى المالكى وهو ما كانت له عواقب كارثة، حيث إن النظام الطائفى الشيعى الذى تبناه المالكى قد أدى إلى تقسيم النظام السياسى الهش وفتح الطريق أمام صعود داعش، وفى عام 2014، وبالضغط من أجل الإطاحة بالمالكى، راهنت الإدارة على حيدر العبادى، والآن وفى ظل عدم صبرها لمحاولة الحد من نفوذ داعش قبل أن يترك أوباما البيت الأبيض، تتشبث الإدارة برئيس وزراء تبين أنه غير قادر على حكم البلاد أو تحقيق المصالحة بين الفصائل المتحاربة.
وأشارت الافتتاحية إلى أن عدم كفاءة العبادى ظهرت مع الأحداث التى وقعت الأيام الماضية، عندما اقتحم أنصار مقتدى الصدر الشيعة المنطقة الخضراء فى بغداد، قبل أن ينسحبوا بعد يوم بدعوة من رجل الدين الشيعى، ورأت الصحيفة أن تلك الأحداث جاءت فى وقت محرج لإدارة أوباما التى كانت قد ضاعفت لتوها من دعم العبادى خلال زيارة نائب الرئيس الأمريكى جو بايدن للعراق الأسبوع الماضى.
وتقول واشنطن بوست إن نجاة العبادى من هذه الأزمة تعتمد على ما إذا كانت الأحزاب الشيعية، وبمساعدة إيران، تستطيع أن تحل خلافاتها، إلا أن رئيس الوزراء العراقى أثبت أنه غير قادر على معالجة المشكلة السياسية الأساسية فى العراق وهى الانقسام بين السنة والشيعة والأكراد، وهو ما يجعلنا أمام الخطأ الثانى لإدارة أوباما، وهو عدم القبول بفكرة أن العراق لا تستطيع البقاء تحت نظام الحكم الحالى الذى يقوم على مركزية السلطة فى بغداد.
فمنذ ظهور داعش فى المناطق ذات الأغلبية السنية، تمسكت الإدارة بشكل عنيد بشعار العراق الموحد، حتى على الرغم من أن هذا يعنى حرمان الحكومة الكردية من الاستقلال الذاتى والقوات المسلحة من الموارد التى تحتاجها لمحاربة الإرهاب.
وخلصت الصحيفة فى النهاية إلى القول إن الأزمة الأخيرة ينبغى أن تؤدى إلى مراجعة، فالقادة الأكراد يقولون صراحة الآن إن الهيكل السياسى لعراق ما بعد 2003 قد انهيار، ودعت واشنطن بوست الولايات المتحدة إلى بناء علاقات أوثق مع الحكومة الإقليمية، والعمل لتشجيع نظام فيدرالى مشابه فى المناطق السنية فى العراق، قالت إنه لو ظل العراق دولة موحدة، فسيكون هذا بسبب القوة وعائدات النفط التى ابتعدت عن المركزية فى بغداد، وحذرت من أن استمرار تركيز الدعم الأمريكى على زعيم عراقى واحد سواء كان العبادى أو غيره، سيعنى مزيدا من الفشل.