فرضت إسرائيل حظرا على أنباء حادث وقع يوم 11 يونيو 1971، واستمر الحظر 24 ساعة، وفى يوم 12 يونيو، مثل هذا اليوم، أعلنت شركة «يام «الإسرائيلية أول نبأ عنه، وفقا للدكتور عبد العظيم رمضان فى كتابه «المواجهة المصرية الإسرائيلية فى البحر الأحمر».
كان الحادث مواجهة عربية إسرائيلية فى «باب المندب» بالبحر الأحمر، ويؤكد على العمق الاستراتيجى لهذا المضيق بالنسبة لمصر أثناء مواجهتها العسكرية لإسرائيل ودوره فى حرب أكتوبر 1973، وكذلك يكشف طبيعة التعاون الإسرائيلى الإثيوبى، يذكر رمضان، أنه بعد أقل من نصف عام من حرب يونية 1967، أقيمت جمهورية «جنوب اليمن الشعبية» وعاصمتها «عدن» يوم 30 نوفمبر 1967، وبالإضافة إلى الوضع المصرى فى اليمن الشمالي، فإنه توفر لمصر عمقا استراتيجيا بالغ الأهمية، وأتاح للبحرية المصرية الفرصة للعمل ضد الملاحة الإسرائيلية فى عمق البحر الأحمر من قواعد بعيدة عن مدى الطيران الإسرائيلى، والقيام فى باب المندب بنفس الدور الذى كانت تقوم به فى شرم الشيخ قبل حرب 1956، وهو منع الملاحة الإسرائيلية من النفاذ إلى البحر الأحمر، يؤكد رمضان: «الوجود المصرى فى مضيق باب المندب فى حرب أكتوبر 1973 ألغى الوجود الإسرائيلى فى شرم الشيخ وإيلات معا».
كان حادث 11 يونيو 1971 أحد تجليات العمق الاستراتيجى لباب المندب بالنسبة لمصر، ووفقا لرمضان: تبدت بوادر الخطر على الملاحة الإسرائيلية، فى حادث خطير يوم 11 يونيو 1971 وهو مهاجمة زورق مسلح مجهول لناقلة البترول «كورال سى» ترفع علم ليبيريا وتحمل شحنة من بترول الخليج 78 ألف طن إلى إسرائيل، كانت تعبر مضيق باب المندب قرب جزيرة «بريم» وهى إحدى الجزر التابعة لليمن الديمقراطية الشعبية، وتتوسط المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، حيث تعرضت لهجوم قذائف مدفع بازوكا، وهو مدفع مضاد للدبابات، يحمله زورق سريع مجهول اتجه فى أعقاب القذف إلى جزيرة «بريم»، وأدى هذا الهجوم إلى إشعال النار فى الناقلة وإصابتها ببعض الأضرار، ولكن ربانها اليونانى تمكن وبحارته الذين يبلغ عددهم 35 منهم 23 إسرائيليا من إخماد النيران».
يذكر «رمضان»: «فرضت إسرائيل حظرا على أنباء الحادث لمدة 24 ساعة، ثم أعلنت شركة «يام» الإسرائيلية أول نبأ عنه فى بيان عرضت فيه وصفا للحادث، ولم تحدد جنسية البترول الذى تحمله الناقلة إلى ميناء إيلات ليتم نقله عبر خط أنابيب البترول الإسرائيلى الجديد إلى ميناء عسقلان على البحر المتوسط ليعاد تصديره إلى أوربا».
يرصد «رمضان» رد فعل إسرائيل قائلا: «أعلنت جولدا مائير رئيسة الحكومة، فى اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلى عقب الحادث، أن إسرائيل ترى الخطورة الجسيمة التى تمثلها محاولة إغراق الناقلة الليبرالية الضخمة، وهددت بأن إسرائيل سوف تتخذ الإجراءات الضرورية لتأمين حرية الملاحة إلى موانيها، ثم أصدر مجلس الوزراء عقب الاجتماع بيانا ذكر فيه أن إسرائيل تنظر نظرة خطيرة إلى ذلك الاعتداء».
كان فدائيو «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» هم الذين نفذوا الحادث كما عرف فيما بعد، حسبما يذكر رمضان، مضيفا: «الحكومة الإسرائيلية اعتبرت حكومة اليمن الديمقراطية مسؤولة، ووجهت إليها إنذارا عن طريق حكومة ليبيريا وعدد من المنظمات الدولية، وكانت اليمن الديمقراطية أعلنت على لسان بعض زعمائها عقب الاستقلال، أنها سوف تحكم سيطرتها على مضيق باب المندب من جزيرة «بريم» ولن تسمح لإسرائيل بالملاحة فى هذا المضيق، كذلك أعلن العسكريون الإسرائيليون، وفقا لوكالة الأنباء الفرنسية أنهم يعتبرون هذا الهجوم أخطر ضربة تعرضت لها الملاحة التجارية الإسرائيلية حتى الآن، وأن هذه الضربة لايعادلها إلا قرار عبد الناصر فى مايو 1967 بإغلاق مضيق تيران».
انطلقت إسرائيل فى أعقاب هذا الحادث لمعالجة أمنها بطريقتها الخاصة، وفقا لرمضان، مضيفا: «لم تكن تمضى بضعة أشهر على هذا الحادث حتى كان رئيس أركان حرب القوات الإسرائيلية الجنرال حاييم بارليف يزور أثيوبيا للتباحث مع قائد القوات البحرية الإثيوبية حول تأمين مدخل البحر الأحمر للبلدين، وعرض بارليف تقديم دعم كبير للبحرية الإثيوبية يسمح بوجود ضباط وجنود البحرية الإسرائيلية عند المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، وتعهد بارليف بقيام إسرائيل بتدريب البحرية الإثيوبية مجانا، ومدها بزوارق الدورية وبعض زوارق الصواريخ، وتقديم شبكة الرادار التى تقام على مدخل البحر الأحمر، وقيام ضباط وجنود البحرية الإسرائيلية بتشغيل هذه الأجهزة والأسلحة حتى إتمام تدريب قوات البحرية الإثيوبية عليها».