التطور فى المشهد العراقى والمذابح فى سوريا هو صراع بين أطراف خارجية ينعكس على الأرض بإضعاف الدولة بدماء وفوضى وجعلها دول لا تملك أوراقها السيادية فى الصراع بين الولايات المتحدة وروسيا وإيران، وتسبب التدخل الايرانى الفاجر فى العراق على مدار سنوات طويلة منذ سقوط صدام حسين فى تهميش الدور العربى والدولى، ووجدت أيضا إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لم تحقق بأسلوبها سوى تحجيم للنفوذ ومن تراجع شديد للدور الأمريكى مع كل ما تملك من أوراق وأطراف فى العراق، لذلك زادت من خطواتها مؤخراً بهدف استعادة توازن الولايات المتحدة فى العراق والقبض مجدّدا على زمام المبادرة السياسية والعسكرية هناك، قبل الرحيل أوباما وادارته العاجزة عن البيت الأبيض خلال شهور.
وتعددت زيارات كبار المسئولين الإمريكيين بشكل مفاجئ للعراق الذى يعانى أزمات حادة اقتصادية وأمنية وسياسية، تعتبر جميعها من نتائج الغزو الإمريكى للبلد وحلّ جيشه وإطلاق عملية سياسية فيه مبنية على الحصص الحزبية والعرقية والطائفية.
ولا ترغب إدارة باراك أوباما الحالية والديمقراطيين فى أن يحسب فى رصيدها، ضياع النفوذ الذى أسسته إدارة الجمهوريين بقيادة الرئيس السابق بوش الابن فى العراق من خلال غزوه واحتلاله.خاصة بعد فقد أوباما الكثير من الاحترام فى المنطقة العربية من ارتباك سياسى وتردّد فى ردود الفعل تسببا فى تراجع مكانة واشنطن ودورها فى منطقة الشرق الأوسط، ظهرت تهديدات جديدة لنفوذ الولايات المتحدة فى العراق، فمن جهة تزايد الطموح الإيرانى إلى تحويل النفوذ السياسى الذى تمارسه طهران من خلال الأحزاب الشيعية الحاكمة فى العراق، إلى نفوذ عسكرى عبر جيش بديل يعرف الحشد الشعبى المكون من ميليشيات شيعية تمكّنت من خلال خوض الحرب ضد تنظيم داعش من فرض سيطرة ميدانية متحكمة على عدّة مناطق عراقية ما سبب القلق لامريكا ، من الخوف من توسّع سيطرة تلك الميليشيات.
وجدنا مؤخراً الجنرال رحيم صفوى كبير مستشارى على خامنئى والقائد السابق للحرس الثورى الإيرانى يؤكد أن المرحلة المقبلة ستكون موجهة نحو تعزيز دعم حلفاء طهران فى المنطقة، وهى خطوة تعكس إصرار ايران على سياساتها العدوانية تجاه الدول العربية بعد الضغط العربى تراهن الآن إيران على حزب الله والرئيس السورى بشار الأسد للإبقاء على طموحاتها بالمنطقة العربية، مع كل رد فعل عربى يرفض ويحاصر هذا النفوذ والتدخل فى الشؤون العربية وبناء على ذلك نجد تصعيد فى العراق، وتطور دموى فى سوريا وعرقلة الدولة فى لبنان .
وعادتة فى التحليل السياسى نبحث دائما عن أسباب التمدد والصعود لهذه الأزمات التى تمثل فى كل مرة تعميق للأزمة وليس الخروج منها وذلك لاستغلال مكونات أساسية داخل الدولة فى العراق نجد الحشد الشعبى والنظام الأسدى فى سوريا وحزب الله فى لبنان، والحوثيين فى اليمن وذلك عبر سنوات طويلة تسبب فيها غياب الاجندة العربية، وقد نجد مثلا أن جماعة داعش مستحيل أن تحظى بكل هذا الاهتمام والرواج إلا إذا كانت تجد مساحة غياب لقوى الاعتدال فى المنطقة وهى مازالت قادرة على الترويج لأى اعتدال دينى واجتماعي. والعالم اليوم يعتمد على مصر، التى تحظى بالنصيب الأكبر من التاريخ الوسطية والاعتدال الدينى وعليها أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية فى قيادة الخروج من هذا المستنقع الذى يضغط على هوية العرب خصوصا والإسلام عموما.