"النقض" تقضى بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر دعوى تعويض عن اغتيال القوات الفرنسية لمواطن مصرى.. المواطن تم أسره إبان العدوان الثلاثى على مصر عام 1956..والحيثيات: مصر لم تنضم لاتفاقية الأمم المتحدة لح

- الحيثيات: من غير المقبول أن تستفيد دولة من أحكام اتفاقية ليست طرفاَ فيها قضت دائرة الإثنين "د" المدنية – بمحكمة النقض - بعدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر دعوى تعويض عن اغتيال القوات الفرنسية لمواطن مصرى كان يخدم فى القوات المسلحة بعد أسره إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، مستندة على أن مصر لم تنضم لاتفاقية الأمم المتحدة لحصانة الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية، وذلك بعد مرور 64 سنة على الواقعة. صدر الحكم فى الطعن المقيد برقم 2703 لسنة 87 القضائية، برئاسة المستشار مجدى مصطفى، وعضوية المستشارين وائل رفاعى، ورفعت هيبة، وياسر فتح الله العكازى، وهانى عميرة، وبحضور رئيس النيابة لدى محكمة النقض أحمد عبد العال، وأمانة سر عادل الحسينى، فى الطعن المرفوع من كل من عمر طوسون بغدادى رمضان، وأحمد راوى بغدادى رمضان، ورضا راوى بغداد رمضان، وفاطمة راوى بغداد رمضان، وأمينة راوى بغدادى رمضان، وكيلاَ عنهم المحاميان محمد عدلى، ونبيه بهنسى، ضد كل من سفير دولة فرنسا بصفته ممثلاَ لدولته فى مصر. الوقائع.. دعوى تعويض عن اغتيال القوات الفرنسية لمواطن مصرى الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعنين الأربعة الأول أقاموا الدعوى 6 لسنة 2010 مدنى الجيزة الابتدائية على المطعون ضده بصفته، بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى لهم تعويضاَ مقداره 10 مليون يورو عما لحقهم من أضرار، وقالوا بياناَ لذلك: إن مورثهم كان يخدم لدى القوات المسلحة المصرية برتبة ملازم أول إبان العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، وتم أسره على يد القوات الفرنسية، ثم اغتالته، ومن ثم فقد أقاموا الدعوى، وتدخلت الطاعنة الخامسة انضمامياَ للطاعنين، وقضت المحكمة بعدم قبول الدعوى، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 22182 لسنة 127 ق القاهرة – مأمورية الجيزة. مراحل نظر الدعوى حتى الوصول لمحكمة النقض وفى تلك الأثناء – قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وإعادة الأوراق إلى محكمة أول درجة، والتى قضت برفضها، استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 7909 لسنة 129 ق القاهرة – مأمورية الجيزة – وبتاريخ 18 ديسمبر 2012 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، ثم طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 2745 لسنة 83 ق، وبتاريخ 9 أبريل 2015 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه، وأعادت الأوراق إلى محكمة الاستئناف، التى أحالتها للتحقيق وبعد أن استمعت لشاهدى الطاعنين، وقضت بتاريخ 26 ديسمبر 2016 بالتأييد، ثم طعن الطاعنون فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. المحكمة فى حيثيات الحكم قالت أن نصوص المواد من 28 حتى 35 من قانون المرافعات – التى ترسم حدود الاختصاص القضائى الدولى للمحاكم المصرية – تدل على أن أحكام هذه المواد تقوم على المبدأ السائد فى فقه القانون الدولى الخص، وهو أن الأصل فى ولاية القضاء فى الدولة هو الإقليمية، ومن ثم تتحدد هذه الولاية وفقا للضوابط والقواعد المنصوص عليها فى هذه المواد باعتبارها المرجع فى تحديد اختصاص المحاكم المصرية، والمخالفة فى هذا المقام لا تتصل بمخالفة قواعد الاختصاص النوعى أو القيمى أو المحلى، ولا بالاختصاص الولائى أو الوظيفى، الذى يقصد به توزيع الاختصاص بين الجهات القضائية المختلفة التى لها ولاية الفصل فى المنازعات داخل الدولة. الاختصاص القضائى الدولى للمحاكم المصرية ووفقا لـ"المحكمة" – تتعلق المخالفة فى هذا الخصوص بتجاوز المحكمة حدود سلطتها بالفصل فى نزاع يخرج عن ولايتها ولا يدخل فى اختصاص أو ولاية أية جهة من جهات القضاء الوطنى، لخروجه عن ولاية السلطة القضائية فى الدولة، ولذلك حرص المشرع على جعل قواعد الاختصاص القضائى الدولى للمحاكم المصرية الواردة فى المواد المشار إليها تتعلق بالنظام العام، وذلك بالنص فى المادة 35 من قانون المرافعات على أنه: " إذا لم يحضر المدعى عليه ولم تكن محاكم الجمهورية مختصة بنظر الدعوى طبقا للمواد السابقة تحكم المحكمة بعدم اختصاصها من تلقاء نفسها"، مما مؤداه أن انعقاد الاختصاص للمحاكم المصرية بنظر الدعوى يعتبر مسألة أولية يجب على المحكمة التصدى لبحثها من تلقاء نفسها، وتعد هذه المسألة قائمة ومطروحة دائماَ فى الخصومة لتعلقها بالنظام العام، ومن ثم يجوز لمحكمة النقض التصدى لها من تلقاء نفسها، ذلك أن الحكم الصادر فى خصومة تخرج عن ولاية المحاكم المصرية لا يكتسب أية حصانة ولا تكون له حرمة ولا حجية فى نظر القانون. وبحسب "المحكمة" – كانت قواعد القانون الدولى العام المستمدة من العرف الدولى قد استقرت على عدم خضوع الدول الأجنبية كأشخاص قانونية لولاية القضاء الوطنى فى المنازعات المتعلقة بنشاطها كشخص دولى ذى سيادة، وفيما يصدر عنها من تصرفات بوصفها صاحبة سلطان وسيادة، فلا تخضع للقضاء الوطنى إلا بقبولها التنازل عن هذه الحصانة القضائية صراحة أو ضمناَ باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاَ فى دلالته على التنازل عن هذه الحضانة وقبول الخضوع الاختياري للقضاء المصرى، تلك الحصانة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – التى لا تخضع بموجبها الدولة لولاية قضاء دولة أخرى – وتقوم أساساَ على مبدأ استقلال الدول وسيادتها فى المجتمع الدولى، وهو من المبادئ المسلمة فى القانون الدولى، لأن حق الدولة فى القضاء فى المنازعات الناشئة عن التصرفات التى تباشرها بصفتها صاحبة سلطان لصيق بسيادتها، وخضوعها لقضاء غير القضاء الوطنى يعنى خضوع الدولة بأسرها لذلك القضاء، بما ينطوى عليه ذلك من مساس بسلطة الدولة وسيادتها واستقلالها، ولا يغير من ذلك ما يثار فى فقه القانون الدولى العام حول تراجع وانحسار مبدأ السيادة الوطنية، وما ترتب على ذلك من تغير فى مفهوم ونطاق فكرة السيادة الوطنية نتيجة التطورات التى شهدها النظام الدولى خلال العقود القليلة الماضية، وخاصة فى قواعد القانون الدولى الجنائى، والاستدلال على ذلك بإنشاء المحاكم الجنائية الدولية 2002، وسن بعض الدول قوانين داخلية تخول لقضائها الوطنى محاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب جرائم دولية خطيرة مثل جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقى وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حتى وإن وقعت هذه الجرائم خارج إقليمها وكان المتهم والضحايا من غير مواطنيها، وهو ما أطلق عليه فى الفقه الدولى بالولاية القضائية العالمية. المسئولية المدنية ضد دولة أجنبية أمام محاكمه الوطنية وقالت "المحكمة" – أن كل ذلك استجابة للاتجاه المتنامي فى المجتمع الدولى نحو احترام حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ووجوب وضع ضمانات دولية تكفل احترام هذه الحقوق وعدم انتهاكها من جانب الحكومات الوطنية والتنصل من تحمل مسئوليتها معتصمة بمبدأ السيادة الوطنية، ما استدلوا بانحسار فكرة السيادة الوطنية على ما حققته المنظمات الدولية عن طريق الاتفاقيات الدولية فى سعيها إلى تقنين المسئولية الدولية، بحيث تسمح للدولة كشخص من أشخاص القانون الدولى إذا لحقها ضرر تحريك دعوى المسئولية المدنية على الشخص الدولى المتسبب فى هذا الضرر، إلا أن كل ما سبق بيانه لا يكشف عن قيام عرف دولى يسمح للشخص الطبيعى أن يقيم دعوى المسئولية المدنية ضد دولة أجنبية أمام محاكمه الوطنية بالمطالبة بالتعويض عما حاق به من أضرار ناشئة عن التصرفات التى باشرتها هذه الدولة بوصفها صاحبة سلطان وسيادة، ومن أظهر هذه التصرفات ما انطوى على قرار الحرب ولو كانت حرباَ عدوانية غير مشروعة، إذ ما زال المبدأ الذى يمنع خضوع الدولة الأجنبية كشخص قانونى دولى لولاية القضاء الوطنى لدولة أخرى مستقراَ ويسود العلاقات الدولية. النقض تقضى بعدم اختصاص المحاكم المصرية لما كان ذلك وكان الطاعنون قد أقاموا دعواهم على سفير فرنسا بصفته الممثل القانونى لها، بطلب التعويض عما لحقهم من أضرار بسبب قتل القوات الفرنسية مورثهم الذى كان يخدم بالقوات المسلحة المصرية بعد أسره من هذه القوات خلال الحرب العدوانية التى شاركت فيها عام 1956، وبرغم أن المستندات المقدمة من الطاعنين وخاصة كتاب مفوض الهيئة الدولية للصليب الأحمر المؤرخ 29 أبريل 1957، وكذلك الصادرة من الجهات المختصة المصرية والشهادة التى تقييد منح المورث بجمة الشرف، فضلاَ عما ساقوه من قرائن يقطع جميعها باستشهاده على يد القوات الفرنسية بعد أسره، وكانت اتفاقيات جينيف الأربع والبروتوكولات الملحقة بها قد أوردت نصوصاَ تفصيلية عن كيفية معاملة أسرى الحرب، بما يكفل لهم معاملة إنسانية محترمة وتحرم أى عمل يؤدى إلى وفاة الأسير أو تعرض حياته للخطر، وأوجبت على قوات الدولة التى قامت بأسره أن ترد على جميع الاستفسارات المتعلقة بالمعلومات عن الأسير، وفى حالة وفاته إخطار الطرف الثاني وإصدار شهادة وفاة تتضمن سبب الوفاة ومكان وقوعها وتاريخها، وإذ لم تلتزم الدولة الفرنسية بأحكام هذه الاتفاقيات الواجبة الاحترام من جميع الدول، سواء كانت طرفاَ فيها أو من غير أطرافها. وأوضحت "المحكمة" – أنه على الرغم من ثبوت مخالفة القوات الفرنسية لأحكام اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة بها – على النحو السالف البيان – بما يستوجب مسئولية الدولة الفرنسية عما قارفته قواتها المسلحة فى حق مورث الطاعنين، إلا أن الحصانة القضائية التى تتمتع بها الدولة الفرنسية تعفيها من الخضوع لولاية المحاكم المصرية، ولا يؤثر فى ذلك انضمام الدولة الفرنسية إلى اتفاقية الأمم المتحدة لحصانات الدول وممتلكاتهم من الولاية القضائية التى نشرت وفتحت للتوقيع بموجب قرار الجمعية العمومية للأمم المتحدة بتاريخ 2 ديسمبر 2004 التى نصت فى المادة 12 منها على أنه: "ما لم تتفق الدولتان المعنيتان على غير ذلك، لا يجوز لدولة أن تحتج بالحصانة من الولاية القضائية أمام محكمة دولة أخرى، تكون من جميع الوجوه الأخرى هى المحكمة المختصة، فى دعوى تتصل بالتعويض النقدى عن وفاة شخص أو من ضرر لحقه أو عن الإضرار بممتلكات مادية أو عن ضياعها، نتيجة لفعل أو امتناع عن فعل يدعى عزوه إلى الدولة، إذا كان الفعل أو الامتناع قد وقع كلياَ أو جزئياَ فى إقليم تلك الدولة الأخرى وكان الفاعل أو الممتنع موجوداَ فى ذلك الإقليم وقت حدوث الفعل أو الامتناع". والحيثيات: مصر لم تنضم لاتفاقية الأمم المتحدة لحصانة الدول وممتلكاتها من الولاية القضائية وهذا النص ولئن كان من شأنه أن يخول المحاكم المصرية ولاية الفصل فى الدعوى المطروحة باعتبارها مطالبة بتعويض نقدى عن الأضرار التى لحقت بالمدعيين الناجمة عن قتل القوات الفرنسية مورثهم أثناء تواجدها على الأراضي المصرية، إلا أنه لما كانت مصر لم تنضم إلى هذه الاتفاقية ومن ثم لا تقيد من أحكامها، لأن الاتفاقيات الدولية الجماعية – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا تلزم إلا الدول أطرافها فى علاقاتها المتبادلة وهى الدول التى صدقت على النحو الذى يحدده تشريعها الداخلي، وقامت بإيداع هذا التصديق بالطريقة التى توجبها كل اتفاقية، بما مؤداه أن الدول التى لم تنضم إلى اتفاقية جماعية معينة تخضع فى علاقاتها المتبادلة مع الدول التى انضمت إليها للقواعد المقررة فى القانون الدولي، دون تلك التى نصت عليها الاتفاقية، إذ لا يتصور أن تنشئ الاتفاقية التزامات أو حقوقاَ للدول غير الأطراف بدون موافقتها، احتراما لسيادة تلك الدول، كما أنه من غير المقبول أن تستفيد دولة من أحكام اتفاقية ليست طرفاَ فيها - لكل ما تقدم بيانه أنفاَ – فإن هذه المحكمة لا تملك سوى تقرير عدم اختصاص المحاكم المصرية بنظر الدعوى والوقوف عند هذا الحد.
















الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;