بداية ، أنا أحد أعضاء الجماعة الصحفية ، ادافع عن كبريائها المهنى ، وحقها القوى فى التمتع بحرية التعبير ، وقيادة تشكيل وعى الناس ، وثقافته، والدفاع عن المظلومين ، وأقف فى مقدمة الصفوف ، مدافعا ومناضلا من أجل هذه المبادئ السامية ، ولكن هناك مثل شعبى مفاده (لا تقول أمين ، على دعاء لا رجاء منه)
وبإسقاط هذه المبادئ ، والمثل الشعبى ، على الأزمة الحالية بين النقابة ووزارة الداخلية ، فإنه ويا للأسف والحسرة، لا يمكن لى أن أقول أمين ، على نهج مجلس النقابة الانحراف من المسار المهنى ، إلى مسار المزايدات السياسية ، وتغليب المصالح الانتخابية .
نعم ، أنا ضد اقتحام النقابة تماما ، ولكن أيضا ضد أن يتدثر مجلس النقابة الحالى بالعباءة السياسية عندما وافق على تحويل النقابة لمنبر سياسى ، كما وافق على إيواء زميل وناشط ، صادر بحقهما قرار ضبط وإحضار من النيابة العامة ، فى قضايا جنائية ، ومنحهم غطاء الهروب من العدالة ، خاصة الناشط (محمود السقا).
نعم أنا مع دعوة اجتماع الصحفيين لبحث كل ما يتعلق بمهنتهم ، والدفاع عن حقوقهم المشروعة ، ولكن ضد مطلبين من المطالب الـ 18 التى تضمنها البيان الذى أصدره مجلس النقابة ، بجانب قرار شفهى، وأعتبرهم من المطالب والقرارات الغريبة، ووضعت الجماعة الصحفية فى موقف حرج ، يشبه وضع لعبة الدومينو التى "قفلت" ولا يمكن ايجاد أى نوع من الحلول لها ، أو اللجوء للمفاتيح السحرية لحلها وتعالوا نفند المطالب الغريبة :
المطلب الأول : اعتذار رئيس الجمهورية اعتذارا واضحا ، وهو مطلب صدامى ، غير مبرر أو مفهوم ، وبدلا من تحييد الرئاسة وجعلها حكما بين نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية ، واكتساب مزيدا من تأييد ودعم المؤسسات ، فوجئنا بالبيان يزرع الرئاسة فى قلب المعركة ، ويعتبرها خصما ، بديلا عن الحكم.
المطلب الكارثى الثانى: دعوة جميع الصحف لتثبيت لوجو " لا لحظر النشر " وهنا محاولة يفهم منها أن الجماعة الصحفية فوق القانون ، وتسير عكس الدستور، دون الوضع فى الاعتبار أن النيابة العامة هى (محامى الشعب) ، والزج بها فى المعركة ، واستعدائها دون أى مبرر خطر أيضا ، ويعد تغول عجيب فى أعمال السلطة القضائية.
أما القرار الشفوى والذى لم يتم تدوينه فى البيان ، هو إعداد قوائم سوداء تضم كل الأسماء المعارضة والمختلفة مع طريقة مجلس النقابة فى إدارة الأزمة ، وهو قرار يعد ضربة قاضية لشعارات حرية التعبير ، فكيف لمن ينادى بالحرية ، أن لا يتحمل أى صوت معارض له ، ثم يصنفه فى قوائم سوداء ؟!
وأرجو كناصح أمين ، يخشى على المهنة ، وعلى المصلحة العامة للجماعة الصحفية ، أن نستعين برموز المهنة وشيوخها ، ونستمع لهم جيدا ، ونبدأ حوارا حقيقا على أرضية المحافظة على هيبة وكبرياء صاحبة الجلالة ، وأن نستعين بمجلس النواب ، والحكومة ، للخروج من الأزمة بحفظ ماء الوجه ودون خسائر ندفع كلفتها جميعا ، غاليا.
لابد لنا أن نسخر ونُعلى من صوت العقل ، ونستعين بكل أدوات المنطق ، كوننا جزء محورى وجوهرى للنخبة ، تصرفاتنا وقراراتنا محسوبة بدقة ، ويراقبها رجل الشارع العادى ، وأن لا نلجأ إلى التصعيد التصادمى ، ومحاولة خوض معركة صراع فرض الإرادات ، خشية أن نخسر قضيتنا العادلة فى الدفاع عن الحريات ، وإعلاء شأن المهنية ، وأخشى أن يتخذ المجلس قرارات صدامية تفقدنا تعاطف الشارع ، وندفع ثمنا غاليا لانصراف الناس عن قضيتنا.