تعانى الدولة اللبنانية من أزمات اقتصادية متلاحقة بسبب تدهور الليرة اللبنانية ما أدى لارتفاع أسعار الخبز فى البلاد، وقرر الموزعون وقف تسليم الخبز للمحال التجارية ما دفعهم للتوجه بأعداد كبيرة للمخابز المركزية فى البلاد.
ونشر عدد من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعى فى لبنان صورا تظهر تهافت المواطنين على المخابز، وذلك بعد ارتفاع أسعار الخبز بشكل كبير فى البلاد حيث وصلت فى بعض المناطق اللبنانية إلى 2500 ليرة بدلا من 1500 ليرة لبنانية.
وحذر نشطاء لبنانيون من مشاهد تهافت المواطنين على المخابز بهذه الأعداد الكبيرة ما ينذر بمشكلات وأزمات تعيد إلى الأذهان مشاهد الحرب الأهلية فى البلاد، حيث اصطف المواطنون لساعات طويلة لشراء حزمة خبز واحدة من المخابز المركزية.
وانتقد عدد من النشطاء اللبنانيين الطبقة السياسية الحاكمة فى البلاد بسبب فشلها فى وضع حلول اقتصادية للأزمات التى تشهدها البلاد، فيما اتهم تيار آخر التجار باستغلال الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى يشهدها لبنان لاحتكار السلع ورفع الأسعار وسط ضعف الرقابة الحكومية فى البلاد.
وعزت نقابة الأفران فى لبنان سبب امتناع أصحابها عن توزيع الخبز على المحال التجارية إلى "عدم قدرة أصحاب المخابز على تغطية التكلفة الكبيرة لبعض المواد المصنعة للخبز، بعد وصول الدولار إلى قرابة 8 آلاف ليرة لبنانية" .
إلى ذلك، قدم عضو لبناني كبير بفريق التفاوض مع صندوق النقد الدولي استقالته من منصبه مديرا عاما لوزارة المالية، بسبب موقفه من طريقة تعامل الزعماء السياسيين مع الأزمة المالية التي يعانى منها لبنان.
وباستقالة آلان بيفاني، يكون ثاني عضو بفريق لبنان في محادثات الصندوق يتخذ هذه الخطوة خلال الشهر الحالي.
وقال بيفاني في مؤتمر صحفى عقده الاثنين "قدمت استقالتي لأننا وصلنا إلى طريق مسدود وارتفعت نسبة المخاطر إلى مستوى لم يعد من الممكن التعامل معه بصمت."
وأضاف "اخترت أن أستقيل لأنني أرفض أن أكون شريكا أو شاهدا على الانهيار، ولم يعد الصبر يجدي اليوم"، متابعا "نقف اليوم أمام مرحلة مفصلية وقد ظهرت النيات بوضوح وانكشف من يهرب من المسؤولية ومن يسير بعكس قناعاته وبات الصراع حادا بين أصحاب المصالح وبين ضحايا هذه المنظومة والساعين إلى التغيير."
ولم يحدد مدير عام وزارة المالية اللبنانية المستقيل الجهات التي تهرب من المسؤولية أو أصحاب المصالح. وأشار بيفاني إلى أن المشروع الذي يفرض على اللبنانيين سيأخذ منهم مرة أخرى قدرتهم الشرائية وسينتقلون لمزيد من الفقر وارتفاع البطالة وزيادة الانكماش الاقتصادى.
ولفت مدير عام وزارة المالية اللبنانية إلى أن المقاربة التي اعتمدتها خطة الحكومة وضعت تقويما صحيحا وتم إقرارها بالإجماع وحصلت على ترحيب من المؤسسات المالية بالجدية اللبنانية في مقاربة الأمور، مضيفا أن "الخطة تناولت ضرورة استرداد الأموال المنهوبة وضرورة الإصلاح الشامل للنظام."
ويواجه لبنان أسوأ أزمة مالية منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، حيث فقدت الليرة نحو 75 % من قيمتها منذ أكتوبر الماضي، ولم يكن أمام حكومة حسان دياب من خيار سوى اللجوء إلى صندوق النقد الدولي في ظل عزوف المجتمع الدولي على تقديم أي مساعدات لاعتبارات اقتصادية تتعلق بعدم التزام لبنان بإجراء إصلاحات جوهرية، وأيضا سياسية في ظل سيطرة حزب الله المصنف تنظيما إرهابيا لدى العديد من الدول على القرار اللبناني.
وقال صندوق النقد إن أرقام الحكومة اللبنانية تبدو في النطاق السليم من حيث الحجم لكن بيروت بحاجة إلى التوصل لفهم مشترك من أجل المضي قدماً.
وفي وقت سابق من الشهر استقال هنري شاوول مستشار وزارة المالية من فريق محادثات صندوق النقد بلبنان قائلا إن الساسة والسلطات النقدية والقطاع المالي "يعمدون إلى صرف الأنظار عن حجم" الخسائر والشروع في "أجندة شعبوية".
بدورها، قالت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى لبنان دورثي شيا، إن بلادها مستعدة وستواصل مساعدة لبنان طالما تتخذ الحكومة اللبنانية الخطوات اللازمة لمعالجة أسباب الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وأشارت السفيرة الأمريكية – في تصريح لها عقب لقاء عقدته ظهر اليوم الاثنين مع وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي – إلى أن الولايات المتحدة تقدر التعاون مع لبنان لتعزيز المصالح المشتركة للبلدين في ظل هذه الأوقات العصيبة الراهنة. مضيفة: "أؤكد لكم أن علاقتنا الثنائية قوية وسنواصل تقديم كل ما يعود بالنفع على شعبي بلدينا".
وتطرقت السفيرة الأمريكية للقرار الصادر عن إحدى المحاكم اللبنانية مؤخرا بمنع وسائل الإعلام اللبنانية من إجراء مقابلات إعلامية معها أو السماح لها بإدلاء تصريحات صحفية، مشيرة إلى أنها بحثت هذا الأمر مع وزير الخارجية ناصيف حتي "وقد طوينا هذه الصفحة". على حد قولها.
وأضافت: "هذا القرار المؤسف أري فيه إبعادا للأنظار عن الأزمة الحقيقية المتمثلة في تدهور الوضع الاقتصادي في لبنان".