بعد غياب 7 سنوات، تعود إلينا الغرفة النيابية الثانية ممثلة فى مجلس الشيوخ، الذى يبدأ اليوم أولى خطوات العملية الانتخابية من خلال تقدم المرشحين بأوراق ترشحهم، وتتوالى بعد ذلك دوران عجلة العملية الانتخابية لنصل إلى أول انعقاد لمجلس شيوخ فى أول أكتوبر طبقا لنص المادة 115من الدستور.
تم تأسيس مجلس الشورى، فى عام 1979، حيث ذكر رئيس مجلس الشعب الأسبق الدكتور صوفى أبو طالب، أن الرئيس أنور السادات تحدث معه حول رغبته بإيجاد مجلس آخر بجوار مجلس الشعب فى هذا التوقيت لمجرد إبداء الرأى والاستشارة دون أن يكون له دور رقابى ولا تشريعى، ويكون بديلا للاتحاد الاشتراكى الذى كان قائما فى ظل حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، على أن يضم كل القيادات، سواء كانت معارضة أم حزبية وطنية.
وتم إجراء تعديل الدستور المصرى لاستحداث مجلس الشورى بموافقة الشعب على التعديل، فى استفتاء 22 مايو 1980، ثم صدر القانون رقم 120 لسنة 1980 بشأن مجلس الشورى، وضم المجلس 270 عضوا، وجرى انتخاب ثلثيهم، وقام رئيس الجمهورية بتعيين الثلث الأخير وهو 90 عضوا، وتم إدخال اختصاصات لمجلس الشورى بموجب التعديلات الدستورية فى 2007 وبعد 30 يونيو 2013، تم حل مجلس الشورى، وبقيت مصر بغرفة تشريعية واحدة هى مجلس النواب، وأظهرت الممارسة العملية أهمية وجود غرفة ثانية للسلطة التشريعية، خاصة بعد تقييم الدور الفاعل الذى قام به مجلس الشورى وبصماته الواضحة والدراسات التى تقدم بها منذ إنشائه وحتى صدور قرار حله، كما أن الغرفة الثانية أثبتت نجاحًا عمليًا داخل العديد من الدول التى أخذت بهذا النظام، ومنها فرنسا وإيطاليا والهند والبرازيل والأرجنتين وكندا وجنوب أفريقيا وأستراليا واليابان وسويسرا.
ومجلس الشورى كان أشبه بمجلس الحكماء لأنه كان يضم خبرات وكفاءات وكان ينتج تقارير ودراسات أعمق وأقوى فى كثير من الملفات من مجلس الشعب وقتها.
وبعد أن أصدر مجلس النواب قانون الشيوخ، وتصديق الرئيس عبد الفتاح السيسى عليه، أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات جدول مواعيد الانتخابات، والتى من المقرر أن تعلن نتيجتها النهائية فى 16سبتمبر، ومع عودة مجلس الشيوخ كان هناك تفاؤل كبير، ونرصد أهم المكاسب التى ستتحقق من وجوده.
1 - وجود مجلس الشيوخ يحقق زيادة التمثيل المجتمعى وتوسيع المشاركة وسماع أكبر قدر من الأصوات والآراء من جهة أخرى، كما أن عودة التنظيم البرلمانى فى مصر إلى نظام المجلسين يمثل ضمانة مهمة لتطوير السياسات العامة للدولة وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية والمعاونة فى إنجاز العملية التشريعية وسن القوانين بطريقة أفضل تضمن حسن الدراسة والمناقشة، والاستفادة المثلى بمخزون الخبرات، وبالتأكيد سيرسخ دعائم الديمقراطية ويدعم التعددية السياسية.
2 – طبقا لقانون المجلس فإنه يختص بدراسة واقتراح ما يراه كفيلًا بدعم الديمقراطية ودعم السلام الاجتماعى والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطى، وتوسيع مجالاته. وهو اختصاص مهم للمجلس، لأنه يتعلق بدعم الحريات والدفاع عن حقوق الإنسان.
3 - من المنتظر أن يضم مجلس الشيوخ لجانا نوعية تماثل اللجان النوعية فى مجلس النواب، وكل هذه اللجان بما تضمه من كوادر وخبرات ستتناول كل لجنة ما يتعلق بها من موضوعات مثارة على الساحة ومشاكل خاصة بالمواطنين وسيمثل الوزراء أمامها، وسيتم مناقشتها فى إطار من العمق وتقديم الحلول التى تمكن مصر من الوصول لكثير من الحلول للقضايا، خاصة أن من شروط الترشح للمجلس أن يحمل المترشح شهادة علمية لا تقل عن مؤهل عال، وبالتالى فإن أعضاء المجلس سيكونون من الكفاءات المختلفة والمتنوعة، ويستطيعون دراسة القضايا المهمة بشكل متأن وبحرفية أكبر، عكس مجلس النواب الذى يكون مزدحما بكثير من التشريعات والأدوات الرقابية.
4 - سيتم أخذ رأى مجلس الشيوخ فى عدد من الموضوعات التى تحتاج إلى الخبرة والكفاءة والتخصص والدراسة المتعمقة، وهو ما نأمل أن تأتى به الانتخابات ويتم اختيار عناصر تتحقق فيها تلك المواصفات، حيث إن المجلس سيتم أخذ رأيه فى الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، وهو أمر محمود لأنه سيوسع المناقشات فى أمر حيوى مثل تعديل الدستور فبدلا من أن يكون قاصرا على مجلس النواب فقط، وأصبح الأمر فى يد مجلس آخر به كفاءات وسيقوم بالإدلاء برأيه وأيضا سيؤخذ رأيه فى معاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التى تتعلق بحقوق السيادة.
5 - أخذ رأيه فى مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وهذا سيعود على الدولة والحكومة بالفائدة لأن طرح خطة الدولة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية للنقاش بين خبرات فى مختلف التخصصات سيؤدى حتما إلى تقديم منتج يفيد الحكومة.
6 - يؤخذ رأى المجلس أيضا فى مشروعات القوانين التى تحال إليه من رئيس الجمهورية أو مجلس النواب وهى قوانين تحتاج إلى مناقشات متأنية.
7 - يؤخذ رأى المجلس فيما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشؤون العربية أو الخارجية. ويجب على مجلس الشيوخ أن يبلغ رئيس الجمهورية ومجلس النواب برأيه فى هذه الأمور.
8 - يقوى نظام المجلسين الممارسة الديمقراطية ويعززها، لأنه ينوع التمثيل السياسى لفئات المجتمع المختلفة ويحقق المساواة بين المواطنين سكانيًا وجغرافيًا، كما أن وجود غرفتين يمنع انفراد غرفة واحدة بالرأى، ويحقق التوازن الضرورى فى حالة سيطرة حزب أو تكتل معين ﻋﻠﻰ إحدى الغرفتين.
9 - أما عن الاختصاص الرقابى فإن أعضاء مجلس الشيوخ لديهم طلب المناقشة العامة، حيث يجوز لـ20 عضوا من أعضاء المجلس التقدم بطلب مناقشة حول موضوع ما لاستيضاح سياسة الحكومة بشأنه، كما أن هناك وسيلة أخرى لديهم فى الرقابة، وهى التقدم باقتراح برغبة فى موضوع ما إلى رئيس الوزراء أو أحد نوابه أو الوزراء مع الأخذ فى الاعتبار أن رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء وغيره من أعضاء الحكومة غير مسؤولين أمام مجلس الشيوخ لكنهم ملتزمين بالحضور أمام المجلس ولجانه.
وقد تكون عدم تمتع المجلس بالأدوات الرقابية مثل طلب الإحاطة والسؤال والاستجواب لصالح المجلس، وليس ضده لأنه سيقلل من التوتر والضغط وإثارة الموضوعات للفرقعة، وسيكون تناول إثارة الموضوع بهدف التوصل إلى حل بدون أى توتر مع المسؤول.
10 - سيضم مجلس الشيوخ ما لا يقل عن 10% من إجمالى عدد المقاعد البالغة 300 مقعد للمرأة، وهو ما يمثل نحو 30 مقعدا، وهذا سيكفل للمجلس الحرص على مشاركة المرأة فى القضايا المجتمعية والتعبير عن رأيها فى كل القضايا المطروحة وطرح القضايا التى تتعلق بالأسرة والمرأة.
كما أن المعينين سيكونون بمثابة الورقة الرابحة التى تضيف للمجلس خبرات وكفاءات قد لا تأتى بالانتخاب فنحن نعرف أن هناك كثيرا من الكوادر العلمية فى مختلف التخصصات تعزف عن خوض الانتخابات ومن هنا سيكون سلطة الرئيس فى انتقاء التخصصات التى تمثل إضافة للمجلس فى مناقشة ما يحال إليه من موضوعات أو ما يتصدى له المجلس تعيين ثلث أعضاء المجلس بما يمثل 100 نائب الذى نص القانون على أن يُعين رئيس الجمهورية ثلث أعضاء المجلس، بعد إعلان نتيجة الانتخاب وقبل بداية دور الانعقاد، ويراعى عدد من الضوابط فى التعيين وهى أن تتوافر فيمن يعين الشروط ذاتها اللازمة للترشح لعضوية مجلس الشيوخ.