فى غضون عقود قليلة، سيصبح تعداد سكان الصين نصف ما هو عليه الآن بفضل الانهيار السريع والتراجع فى معدلات المواليد، كما أن الدول التى بها تقدم فى العمر فى أوروبا وفى مختلف أنحاء العالم ستتنافس على المهاجرين من أفريقيا التى لا تزال تنمو، بينما سيبحث آخرون إعادة عقارب الساعة للوراء فيما يتعلق بحقوق النساء فى محاولة لإنقاذ المجتمعات المحتضرة بزيادة فى أعداد المواليد.
هذه الرؤية للعالم فى عام 2100 كما جاءت فى دراسة كبرى خلصت إلى أن عصر التعداد البشرى المتسع يأتى أسرع عما كان يعتقد من قبل، مع تداعيات هائلة على الاقتصاد والبيئة العالميين، فبدلا من الزيادة السكانية على مدار القرن، بحسب ما كان يفترض من قبل، وتقول الدراسة الصادرة عن معهد قياسات وتقييم الصحة فى جامعة واشنطن إن تعداد السكان سيصل إلى ذروته عام 2046 ليصل إلى 9.7 مليار نسمة، قبل أن يتراجع بشدة فى نهاية القرن ليصل إلى 8.8 مليار مع قفزة عالمية فى تعليم النساء وإتاحة وسائل منع الحمل التى ستؤدى إلى انخفاض الخصوبة.
وبحلول عام 2050، ستشهد أكثر من 150 دولة تراجع أعداد السكان، والعديد منها سيتراجع عدد سكانه بمعدل النصف بحلول 2100، فى ظل تداعيات كارثية.
ويمثل التقرير ابتعادا كبيرا عن نبوءة قسم السكان بالأمم المتحدة الذى توقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10.9 مليار نسمة فى عام 2100 قبل أن يبدأ فى التراجع.
وتقول صحيفة التايمز إن الأرقام الرئيسية فى تقرير جامعة واشنطن ملفتة للنظر، فكوريا الجنوبية، التى كانت واحدة من قصص النجاح الاقتصادى العالمى خلال الخمسين عاما الماضية، سيتراجع عدد سكانها من 52 مليون نسمة إلى 27 مليون بحلول نهاية القرن.
وستكون اليابان وأسبانيا من بين 23 دولة سينهار عدد سكانها أكثر من النصف كما وجدت الدراسة أن بعض دول أوروبا الشرقية قد بلغت ذروتها بالفعل ويمكن أن ينخفض عدد سكانها بمقدر يبلغ حوالى الثلثين بحلول عام 2100.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن حظوظ الصين ومعها حظوظ الاقتصاد العالمى تؤكد الاضطراب القادم، حيث تتوقع الدراسة أن الصين ستحل محل الولايات المتحدة كأكبر اقتصاد فى العالم بحلول عام 2035، ولكنها ستفقد اللقب مرة أخرى مع ذوبان سكانها خلال النصف الثانى من القرن الحالى لينخفض عددهم من 1.6 مليار اليوم إلى 730 مليون.
وستشهد الدول الأكثر ثراءً مثل الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وفرنسا نموا سكانيا متواضعا حيث تعوض الهجرة معدلات المواليد المتضائلة. وسيصبح هذا الاعتماد على الهجرة لدعم القوة العاملة محل منافسة عالمية على مدار العقود القادمة.
ويخالف هذا الاتجاه الصحراء الأفريقية الكبرى، حيث ستكون أفريقيا القارة الوحيدة المتوقع أن يزداد عدد سكانها بنهاية القرن، ومن المتوقع أن يثير هذا منافسة عالمية لجذب العمال الأفارقة المهاجرين إلى الدول المتقدمة التى تعانى من الشيخوخة، كما سيكون هناك صعودا لاقتصادات أفريقية رئيسية مثل نيجريا التى من المتوقع أن تكون ثانى أكبر دولة فى العالم من حيث عدد السكان بحلول 2100.