بيروت تنزف دما وتلملم أنقاضها منذ الصباح، وتبحث عن أهلها الذين باتوا ضحايا تحت الركام أو أشلاء على الطرقات، ولا يزال المشهد كارثى فى مرفأ بيروت وضواحيها الذى دمى قلوب الملايين فى العالم بانفجاره الهائل أمس بعد ليلة اشبه بقصص الخيال، مدينة منكوبة وأضرار تقدر بالمليارات، أمهات ثكلى تنتظر بقلوب يعتصرها الألم عودة أبنائها المفقودين، وبيوت فقدت الأب والأخ، وأطفال مشردة، وجثامين تنتظر من يتعرف عليها.
هذا كان حال بيروت صباح اليوم ولا يزال حتى كتابة هذه الأسطر، وكأنه كتب على هذه المدينة التى يعيش فيها نحو مليونى لبنانى، العيش بوجع دائم، بعد الساعات الكارثية التى عاشتها أمس.. لايزال آثار الدمار وصرخات الأهل والاستغاثات تعلو تحت الركام، هول ممزوج بحالة خوف تسود كل لبنان.
This video from #beruit really breaking my heart.
Father trying to protect his son from the explosion 😢💔
Believe me I can't stop my tears from falling.#Lebanon #بيروت pic.twitter.com/i9NwVPoHeq
— Tanzeel Memon (@tanziltweets) August 4, 2020
جحيم الميناء، بدأت مشاهده تتضح اليوم، واصبح المشهد اليوم يُختصر فى آلاف من الشهداء والجرحي والمفقودين فى بلد الأرز.. وانتشرت مقاطع فيديو تحكى لحظات من الفزع والرعب عاشها اللبنانيون أمس داخل منازلهم، يسارعون للاختباء وحماية أبنائهم من شدة الانفجار الذى صاحبه صوت مفزع وتهشم لزجاج منازلهم، وها هو أب حمل طفله بين يده وسارع بالاختباء به تحت الطاولة، وآخرون تهشم الزجاج فى وجوههم وتساقط زجاج عدد كبير من المباني والمحال والسيارات.
مشهد آخر تكرر فى ضواحي بيروت، وهو مشهد فرق الانقاذ التى تحاول انتشال الجثامين وتبحث عن المفقودين من تحت ركام البنايات، وأظهر مقطع فيديو، انتشال رجال الإنقاذ فى 4 قتلى من عائلة واحدة، بينما نجت الابنة من تحت أنقاض المبانى المنهارة. بينما تجوب صور المفقودين منذ أمس مواقع التواصل الاجتماعى، مئآت المفقودين ينتظر زويهم تقفى أثرهم، العثور عليهم أموات أو أحياء، راجين من الله أن يردهم إليهم.
مشهد ثالث نشرته مواقع لبنانية، وهو صورا لأطنان الذرة المتناثرة التى تُغطى مساحة من مرفأ بيروت، بعد أن تحطمت صوامعها بالكامل، وهو ليس سوى جزء من المأساة التى حلّت بالأمن الغذائى للبنانيين، وهو ما أشار إليه وزير الاقتصاد اللبناني قائلا "إن صومعة الحبوب في ميناء بيروت دُمرت في الانفجار، وأضاف راؤول نعمة إن البلاد تملك مخزونا كافيا، بجانب سفن في الطريق، مما سيغطي احتياجاتها.
أما عن كارثة القطاع الصحى، كتبت صحيفة الأخبار اللبنانى، أن الحادث انفجار مرفأ بيروت ضربة قاضية للقطاع الصحى فى لبنان، وقالت فى تقريرها اليوم، ناشدت أحد المستشفيات، أمس إجلاء مرضاه بعدما دمّره الانفجار وهو ما يختصر هول الكارثة أمس، إذ أصبح الهروب من المُستشفى، وخلافاً لكل «أدبيات» الكوارث، نجاةً من الموت!.
أمّا الخسارة الأبرز التى سُجلت على صعيد القطاع الصحى فتمثّلت بتدمير جزء كبير من مُستودع الأدوية المخصّصة للأمراض المُستعصية فى منطقة الكرنتينا، والذى يضمّ مخزوناً من الأدوية الباهظة الثمن التى تؤمنها وزارة الصحة لآلاف المرضى ممن لا يملكون أى جهة ضامنة، وممن سيُحرمون خلال الفترة المُقبلة من الحصول على علاجاتهم الضرورية إلى حين تأمين البديل.. ولاتزال مآسى مرفأ بيروت تتواصل لأيام وربما لسنوات مقبلة.