رصد تقرير لـ"المرصد المصرى" التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، تفاصيل جديدة، في الكشف الأخير الذى أعلنت عنه قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، والذى تناول بالأدلة تمويل النظام القطري لشحنات أسلحة إلى تنظيم "حزب الله" اللبناني، وهو ما يعرض ما يقرب من 10 آلاف عسكري أمريكي في قطر في قاعدة "العديد" التي تستضيف مقر القيادة المركزية الأمريكية، لخطر كبير.
وقالت قناة "فوكس نيوز" في تقريرها أمس أنها حصلت على وثائق من محقق أمني خاص، أطلقت عليه أسم "جيسون جي"، بعدما أخفى اسمه الحقيقي وهويته، حيث اخترق أعمال شراء الأسلحة في قطر وكشف للقناة الأمريكية، أن أحد أفراد العائلة المالكة في قطر سمح بتسليم عتاد عسكري لتنظيم “حزب الله” في لبنان، حيث أشارت الوثائق إلى أن عضو العائلة المالكة في الدوحة الذي سمح بتسليم أسلحة لتنظيم حزب الله – المصنف إرهابيًا لدى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة – ، لعب أيضا دورا محوريًا، في مخطط مترامي الأطراف لتمويل النشاط الإرهابي، منذ عام 2017.
وقال "المرصد المصرى" أن هذا الشخص هو سفير قطر في العاصمة البلجيكية بروكسل وحلف شمال الأطلسي، "عبد الرحمن بن محمد الخليفي"، والذي عمل أيضًا سفيرًا للدوحة في ألمانيا.
وأشارت القناة الأمريكية، إلى أن منظمة حزب الله اللبنانية التي هي ميليشيا شيعية تعمل بالوكالة عن إيران، أسسها فيلق الحرس الثوري الإسلامي في لبنان عام 1982، لا تزال تعتمد على التمويل والدعم الإيراني. وهي مسؤولة عن مقتل مئات من العسكريين الأمريكيين في العراق ولبنان، وكشفت الوثائق عن محاولة السفير الخليفي، دفع مبلع 750 ألف يورو لـ "جيسون جي"، بهدف إخفاء دور النظام القطري في إمداد حزب الله بالأموال والأسلحة، وحاولت القناة الأمريكية الوصول لحلف الناتو، والحكومة البلجيكية، لكن أي منهما لم يرد على استفسارات القناة حول دور السفير القطري في القضية المثارة.
وقال "جيسون جي" لـ"فوكس نيوز": هدفي هو إيقاف قطر عن دعم النشاط الإرهابي، مؤكدا أنه "يجب إزالة التفاحة الفاسدة من السلة"، في إشارة إلى الدور الهدام الذي تلعبه الدوحة في النظام الدولي.
وترافق تصريح جيسون مع تصريح سابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ادلى به في عام 2017، وقال خلاله أن قطر "ممولة للإرهاب على مستوى عال جدًا"، وبعد عام، ناقض الرئيس ترامب نفسه، وقال في اجتماع مع أمير قطر: "إن الدوحة تقاتل المتطرفين".
وتتبع المرصد المصري، نشاط جماعات الضغط مدفوعة الأجر وخاصة الألمانية في أوروبا، والتي بذلت جهودًا مكلفة بإيعاز من مسؤولين في الحكومة القطرية، لمحاولة التوصل لاتفاق مع "جيسون جي"، لمنعه من نشر الوثائق التي تحصل عليها وتكشف تورط النظام القطري وأفراده في تمويل وتسليح تنظيم حزب الله ونشاطه الإرهابي، حيث كشفت صحيفة "دي تسايت" الألمانية المرموقة، أن شركة علاقات عامة ألمانية “wmp eurocom” بذلت جهودا للوساطة بين حكومة قطر، و "جيسون جي" للتوصل لاتفاق "صمت" وتسوية الأمر، كما رتبت بالفعل شركة العلاقات الألمانية ستة اجتماعات بين "جيسون جي"، ودبلوماسي قطري في بروكسل.
وأشار "المرصد المصرى" إلى أن رئيس شركة العلاقات والضغط الألمانية "مايكل إيناكير" لديه علاقات قوية ووثيقة بالسفير القطري في بروكسل والناتو "عبد الرحمن بن محمد الخليفي".
وشمل ملف الوثائق طبقاً للصحيفة الألمانية معلومات عن صفقة سلاح اشترتها شركة قطرية من أوروبا الشرقية، لصالح حزب الله، وأموال جمعتها منظمتان قطريتان تعملان تحت غطاء العمل الخيري، لصالح الميلشيات اللبنانية، وبمعرفة عناصر من العائلة المالكة القطرية ومسؤولين حكوميين.
وقال "المرصد المصرى" في تقريره أن الاجتماعات الست التي تم ترتيبها بين جيسون و"عبد الرحمن بن محمد الخليفي"، باءت بالفشل رغم تقديم الدوحة لعروض مالية كبيرة لجيسون جي، وهو عميل استخباراتي غربي، عمل لصالح العديد من الأجهزة الأمنية ووكالات الاستخبارات، ونفذ مهمات في عديد من دول العالم، منها قطر، لذلك، فتح إيناكير اتصالا مع الاستخبارات الألمانية، وعرض عليها الملف، وانتقل الأمر إلى أجهزة الأمن في برلين التي تولت تقييم جيسون جي وتاريخه السابق، وخلصت إلى أن "الأمر ذي صلة بتمويل الإرهاب"، وفق ما أكدته صحيفة "دي تسايت" الألمانية.
وقالت الصحيفة الألمانية في تحقيقها المطول: "عادة ما يتم إخفاء عالم الخدمات السرية والعملاء والأنشطة المرتبطة بهما عن العامة، ونادرًا ما يرفع الستار قليلاً وتسمح برؤية بعض مما يجري في هذا العالم، هذا هو الوضع في الوقت الحالي.. وبين برلين والدوحة، تتكشف قضية كبرى متعلقة بالمال وتجارة الأسلحة والإرهاب".
ودخلت في مسار التحقيقات بشأن تمويل قطر لنشاطات حزب الله، صحيفة ألمانية أخرى وهى "برلينر تسايتونج" التي نقلت تصريحات جيسون جي حول دور الدوحة في دعم وتمويل حزب الله وتحت اشراف عناصر من العائلة المالكة، حيث تقاطعت التقارير التي كشفت عنها الصحف الألمانية وكذا الإسرائيلية في هذه القضية، مع ما وصل لقناة "فوكس نيوز" الأمريكية التي تحققت بدورها من الوثائق التي قدمها جيسون جي وأفردت لها تقريرا.
وقالت فوكس نيوز إن تمويل قطر لحزب الله – واحد من أكثر الجماعات الإرهابية دموية – يلقي بظلال من الشك حول شراكة قطر مع الولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب، وفي هذا الصدد، من المثير للاهتمام أن نتذكر أن الدكتور عزمي بشارة، وهو عضو برلماني عربي إسرائيلي سابق اتهم بمساعدة حزب الله في حربه ضد إسرائيل عام 2006، وجد ملجأ ورعاية ملكية (وحصانة من المقاضاة) في الدوحة.
ودعا سياسيون أوروبيون في لقاءات مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية إلى شن حملة على تمويل قطر للإرهاب وحزب الله اللبناني، وقالت البرلمانية الفرنسية، ناتالي جويليه، التي قادت لجنة تحقيق بشأن الشبكات المتطرفة في أوروبا: "ينبغي أن تكون لدينا سياسة أوروبية فيما يتعلق بقطر، وأن نحذر، بشكل خاص بشأن تمويلها للإرهاب"، مضيفة "علينا انتهاج سياسة محددة وحذرة لمنع أي تمويل للإرهاب، خاصة من دول مثل قطر أو تركيا اللتان تدعمان الإخوان المسلمين وأيديولوجيتهم المعادية للسامية الخطيرة".
كما أكد عضو البرلمان البريطاني، أيان بايسلي جونيور، أن سلوك قطر يعتبر مشينا، ويجب على الحكومتين البريطانية والبلجيكية على حد سواء أن تتصرف بحزم، موضحاً "هذه المزاعم خطيرة للغاية، لا سيما بالنظر إلى أن السفير هو سفير لدى الناتو، ويجب التحقيق في ذلك واتخاذ الإجراءات المناسبة.. حزب الله جماعة ارهابية محظورة في بريطانيا والعمل معهم لا يمكن التسامح معه. سأتصل غدا بوزير خارجية المملكة المتحدة وسأطلب منه التحقيق في هذه المزاعم وتقديم احتجاجات للسفير".
من جانبه، قال الدكتور إفرايم زوروف، مركز سيمون ويزنثال، إن دور قطر المزعوم في تمويل إرهابيين من حزب الله "يتطلب اتخاذ إجراءات فورية ضد المتورطين وطرد السفير القطري فوراً".
وأشارت "فوكس نيوز" إلى أن جمعيتان خيريتان قطريتان قدمتا أموالاً لحزب الله في بيروت "تحت غطاء الطعام والدواء"، وقد سميت المنظمات المشاركة باسم جمعية الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية ومؤسسة التعليم فوق الجميع، ولم ترد كلتا المؤسستين الخيريتين على استفسارات شبكة فوكس نيوز.
وقال جيسون جي لفوكس نيوز، أن كبار مسؤولي الاستخبارات الألمانية اطلعوا على الوثائق التي بحوزته وقيموها، على أنها ذات صلة وصحيحة، كما قدرتها الصحيفة الألمانية "دي تسايت" بنحو 10 ملايين يورو، وتطرقت القناة الأمريكية لتمويل قطر لحركة حماس في قطاع غزة عن طريق المؤسسات والجمعيات الخيرية، وأشارت إلى انه في عام 2014، اتهم وزير التنمية الألماني جيرد مولر قطر بتمويل إرهابيي الدولة الإسلامية، وأضاف الوزير الألماني في مقابلة تلفزيونية " عليك أن تسأل من الذي يسلح، ومن يمول قوات داعش. إن الكلمة الرئيسية هي قطر – ولكني أسأل كيف نتعامل مع هؤلاء الناس والدول سياسيًا".