تقلبات هائلة شهدتها صناعة الصحافة العالمية فى السنوات الأخيرة متأثرة بالتطور الهائل فى عالم التكنولوجيا، بالشكل الذى كاد أن يفقد الصحافة التقليدية التى عرفها العالم على مدار مئات السنين شكلها، هذه التغييرات زادت وضوحا مع صعود دور السوشيال ميديا، وأضاف عليها وباء كورونا المزيد حيث عزز عالم الصناعة الإلكترونى على حساب الورقى، بشكل انعكس على الإيرادات المتدفقة من كلا القطاعين.
هذه التغييرات تجلت فى إعلانين من اثنين من أكبر المؤسسات الصحفية والإعلامية فى العالم، وهى نيويورك تايمز، ونيوز كورب، حيث قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إنه على مدار ثلاثة أشهر هيمن فيها وباء كورونا، وفى ظل تباطؤ فى الإعلانات سجلت شركة نيويورك تايمز ولأول مرة إيرادات فصلية تأتى من المنتجات الرقمية أكثر من الصحيفة المطبوعة.
ومع عمل أغلب فريق العمل بالصحيفة عن بعد، حققت التايمز 185.5 مليون دولار إيرادات من الاشتراكات الرقمية والإيرادات خلال الربع الثانى من 2020، بحسب ما أعلنت الشركة، فى حين أن الإيرادات من المطبوع كانت 175.4 مليون دولار.
وأضافت الشركة 669 ألف مشترك رقمى جديد، مما يجعل الربع الثانى الأكبر على الإطلاق لنمو الاشتراكات.
ويوجد لدى نيويورك تايمز إجمالى 6.5 مليون اشتراك، من بينها 5.7 مليون اشتراك رقمى فقط، مما يضعها على مسار تحقيق هدفها المعلن بالوصول إلى 10 مليون اشتراك بحلول 2025.
وفى بيان، قال الرئيس التنفيذى مارك تومبسون إن تحول الشركة من إيرادات المطبوع إلى الرقمى يعد معلما أساسيا فى عملية التحول التى تشهدها نيويورك تايمز. وتشير الصحيفة إلى أن جذب المشتركين الراغبين فى الدفع مقابل المحتوى الإلكترونى عمل شائك تحاول كل الشركات العاملة فى مجال الأخبار تقريبا تحقيق النجاح فيه.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد بدأت فى فرض رسوم على المحتوى الرقمى فى عام 2011، عندما طلبت من مستهلكى الأخبار الدفع مقابل ما يقرؤونه على شاشاتهم، فيما أعتبر فى هذا الوقت مناورة محفوفة بالمخاطر.
وقال تومسون فى بيان: لقد اثبتنا أنه من الممكن إنشاء دائرة قوية، حيث يؤدى الاستثمار المخلص فى الصحافة عالية الجودة إلى مشاركة عميقة من الجمهور، مما يؤدى بدوره إلى زيادة الإيرادات وزيادة القدرة الاستثمارية.
فى المقابل، قالت صحيفة "جارديان" البريطانية إن شركة نيوز كورب المملوكة لروبرت مردوخ قد سجلت خسائر قدرها 1.5 مليار دولار، حيث تعانى الصحف التابعة للشركة فى بريطانيا واستراليا من تراجع حاد فى العائدات بينما تفقد خدمات التلفزيون المدفوع فى استراليا "فوكستل" المشتركين بشكل كبير، وفقا لما كشفت عنه النتائج المالية لعام 2019-2020.
وكشفت عملاق الإعلام العالمى عن نتائجها المالية أمس الخميس فى الولايات المتحدة. وترسم التقارير صورة قاتمة عن الربع والعام الأخير باستثناء الأعمال الخاصة بداو جونز، فقد تراجعت عائدات نيوز كورب استراليا وبريطانيا بنسبة 16% و13% على التوالى على مدار العام.
وفى الربع الأخير، ونتيجة لوباء كوفيد 19، تراجعت العائدات فى استراليا بنسة 31%، وبنسبة 22% فى بريطانيا.
وتأتى هذه النتائج فى أسبوع صاخب لشركة نيوز كورب، بعدما استقال جيمس مردوخ من مجلس إدارة الشركة يوم السبت الماضى بسبب خلافات حول المحتوى التحريرى.
ولم يذكر تقرير الشركة الذى تم تقديم للجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية أى شى عن جيمس، لكنه وجه الشكر بشكل مباشر لروبرت ولاتشلان، وقال إن نجاح الشركة لم يكن ممكنا دون قيادتهما.
وكانت إحدى النقاط الإيجابية القليلة لنيوزك ورب الأداء الخاص بأعمال داو جونز التى تصدر صحيفة وول ستريت جورنال وخدمات ونشرات مالية أخرى. فلأول مرة، أصدرت الشركة أرقاما منفصلة لداو جونز، وهى الخطوة التى قالت إنه تسلط الضوء بشكل أفضل على نموها وقيمتها، واستطاعت أن تحقق أرباحا 3% على الرغم من الأزمة.
لكن الصورة كانت أقل وردية فى مختلف الأعمال الأخرى، فتراجع إجمالى العائدات بمقدار 11% على مدار العام من 10.07 مليار دولار إلى 9.01 مليار دولار، كما تراجعت عائدات الإعلانات فى شهر يوليو على ترويسة الصحيفة ما بين 25 إلى 30%.