كنت أتصور أن طلابا أعلن فوزهم بالمركز الأول أفريقيًّا بمسابقة الروبوت بأمريكا وتم تكريمهم من محافظ الفيوم ونشرت أخبارهم بالصحف والمواقع الإلكترونية سيكونون مملوءين بالأمل والطاقة، كنت أعتقد أن الحوار معهم سيكون مصدرا للأمل ويؤكد أننا- رغم كل ما وصلنا إليه من تدهور الحال فى المؤسسات التعليمية- فإن الروتين والإهمال يتلاشيان أمام طلاب موهوبين يمثلون مصر أمام العالم إلا أن الحقيقة التى قالها الطلاب وحالة الإحباط التى تسيطر عليهم كانت صادمة وتنذر بخطر يؤكد أن الكثير من المسابقات الدولية التى يمثل المشاركون فيها اسم مصر قد يكون سببا كبيرا لفقدانها الإهمال والروتين.
لؤى محمد حامد، طالب بالصف الثانى الثانوى وأحمد راضى سيد طالب بالصف الثالث الإعدادى، وأحمد طلبة كمال طالب بالصف الثانى الثانوى وهشام محمد لطفى طالب بالصف الثانى الثانوى ومحمود وائل إبراهيم بالصف الأول الثانوى ويوسف محمد طه بالصف الثانى الإعدادى وعمر عبد المنعم فهمى بالصف الأول الإعدادى وجميعهم بمدرسة المستقبل للغات بمحافظة الفيوم بدأت الفكرة بقيام 3 منهم بتكوين فريق يسمى "الروبر فاى" لإعداد فريق قوى قادر على المنافسة فى مسابقة تصميم وبرمجة الروبوت الدولية "ROBOFY" التى تقام بالولايات المتحدة الأمريكية، بعدما عرفوا عن المسابقة بالصدفة من خلال الموقع الإلكترونى لها.
وقام الطلاب الثلاثة بنشر الفكرة بالمدرسة وتم عمل امتحان لأكثر من 80 طالبا لاختيار 4 من الطلاب الموهوبين القادرين على المنافسة فى المسابقة بعدما اجتازوا الامتحان الذى يقيس القدرة على حل المشكلات فى وقت قياسى، بالإضافة إلى 19 سؤالا آخر يتم تحديد دقيقة لكل سؤال، وبذلك اكتمل الفريق وأصبح مكونا من الطلاب الـ7 وبدأت رحلتهم للاستعداد للمشاركة فى المسابقة فى التصفيات الأولى على مستوى الجمهورية.
وأكد الطلاب أنهم تقدموا للمسابقة من خلال المنحة التى تقدمها وزارة الاتصالات لوزارة التربية والتعليم ومن هنا بدأت معاناة الطلاب فى الإمكانيات الضعيفة التى توفر لهم من قبل وزارة التربية والتعليم، حيث فوجئ الطلاب أن المشاركين فى المسابقة من مدارس خاصة توفر لهم إمكانيات عالية ورغم إمكانياتهم المحدودة فإنهم استطاعوا الحصول على المركز الأول على مستوى الجمهورية.
وأشار الطلاب إلى أنهم كانوا يعتقدون أن فوزهم بالمركز الأول على مستوى الجمهورية سيكون سببا كافيا لاهتمام وزارة التربية والتعليم والمسئولين بهم، خاصة أنهم سيمثلون مصر فى التصفيات النهائية للمسابقة التى تعقد فى الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنهم فوجئوا بعدم الاهتمام من قبل الوزارة، وبدأوا يبحثون من خلال الإنترنت لحجز فندق بسعر مناسب فى الولايات المتحدة الأمريكية والتقديم للحصول على تأشيرة السفر وإنهاء الإجراءات وبدأوا يواجهون العائق الأكبر فى توفير نفقات السفر وخاطبوا الوزارة ولكن دون جدوى.
هنا بدأ أولياء أمورهم رحلة معاناة على مكاتب المسئولين للحصول على الموافقات لتوفير نفقات السفر ولم تسفر محاولات أولياء الأمور عن نتائج إلا قبل موعد المسابقة بأسبوع واحد بعدما وفرت أكاديمية البحث العلم ووزارة التربية والتعليم نفقات السفر للطلاب وعلق الطلاب قائلين: "مكنش العشم إن يحدث كل هذا التأخير وأن يبذل أولياء أمورهم كل هذا الجهد للموافقة وتوفير تكلفة السفر والتى تبلغ 150 ألف جنيه قد يكون مبلغا كبيرا ولكننا نتحدث عن فريق يمثل مصر وأفريقيا فى الخارج وكل هذا جعلنا لم نكن نعلم سنسافر أم لا وأضاع علينا الاستعداد الجيد للمسابقة".
ولفت الطلاب إلى أنهم سافروا بصحبة مشرف واحد قدم كل ما فى وسعه، ولكنهم كانوا ينتظرون أن يصطحبهم متخصص يضيف لهم ملاحظات ويساعدهم قبل المشاركة فى المسابقة ولكنه لم يحدث والمساعدة الوحيدة التى تم تقديمها لهم خلال سفرهم هى تيسير إجراءات إنهاء أوراقهم بمطار القاهرة خلال السفر بعد توصية من المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم.
ونفى الطلاب ما تردد عن قيام ممثلين عن السفارة المصرية بأمريكا بزيارتهم وتقديم تسهيلات لهم أثناء الإقامة بأمريكا خلال فترة المسابقة مؤكدين أنهم لم يزرهم أحد بل إن الخيمة المخصصة لهم كانت أردأ خيمة موجودة بين الفرق المشاركة بالمسابقة، كما أن الطلاب المشاركين كان بصحبتهم مشرفون ومتخصصون يتابعون خطوة بخطوة استعداداتهم للمسابقة، ونحن كنا ندرب أنفسنا بأنفسنا وكأننا لسنا تابعين لأى جهة.
وأكد الطلاب أنهم مصابون بحالة من الإحباط بعد هذه التجربة التى أيقنوا فيها أن مصر لا تهتم بالبحث العلمى وأن المسؤولين بوزارة التربية والتعليم ليسوا على درجة كافية من الوعى بأن هناك مسابقات بدرجة كبيرة من الأهمية خاصة إذا كان المشاركون فيها يمثلون اسم مصر وطالب الطلاب العائدون من أمريكا بالاهتمام بهذه المسابقات وتوفير الرعاية الكافية للطلاب المشاركين فيها ومعالجة الأخطاء التى تحدث، خاصة أن مصر من الدول التى تتسلم المهمات الخاصة بالروبوت متأخرة عن باقى الدول كل عام حيث تأتى كمنحة من شركة كبرى ترعى المسابقة، ولكنها توفرها لباقى الدول فى وقت مبكر، وتصل دائما إلى مصر متأخرا مما يجعل هناك فجوة بين الفريق المصرى والفرق الأخر المشاركة نظرا لقلة فترة التدريب.
وعن تأثير اهتمام الطلاب بالبحث العلمى والمسابقات على مستواهم الدراسى أكد الطلاب أنه لابد أن يعى أولياء الأمور فى مصر أن عليهم الاختيار ما بين طريقين هما إما اهتمام الطالب بالبحث العلمى والمشاركة فى المسابقات أو مستواهم الدراسى والحصول على درجات عالية، خاصة أن نظام التعليم فى مصر لا يساعد على الإبداع، مؤكدين أنهم عانوا الأمرين لتأجيل امتحاناتهم لبعد رجوعهم من الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن جانبه قال أشرف السيد عضو مجلس الأمناء بمدرسة المستقبل المتميزة للغات، إن هذا الفريق حقق المستحيل، ولم يكن أحد يتوقع فوزهم بالمستوى الأول على مستوى الجمهورية وفاجئوا الجميع أثناء التصفيات بالقرية الذكية وقبل سفرهم لأمريكا لم نكن نعلم ماذا نفعل خاصة أنها للمرة الأولى التى يسافر فيها طلاب مدرسة حكومية للمشاركة فى مسابقة مثل هذه، وبدأ التحرك من قبل أولياء الأمور الذين أصروا على سفر التلاميذ وبدأنا بعد ذلك فى التحرك معهم حتى سافر التلاميذ وقال نحن كأعضاء مجلس أمناء، وقال سأخاطب وزارة الاتصالات وأقول لهم "عيب عليكم لما يبقى عندكم فريق رايح يمثل مصر ومحدش يكلف نفسه يقعد معاهم دقيقتين يفهمهم يعملوا إيه".
وكان المستشار وائل مكرم محافظ الفيوم استقبل الطلاب قبل سفرهم وبعد عودتهم وقام بتكريمهم ومنحهم شهادات تقدير.