أكرم القصاص يكتب: مصر وليبيا.. سلام تحميه القوة وتدخل غيّر خرائط إقليمية ودولية.. كيف حولت القاهرة موازين التحركات والقوى داخل ليبيا والمواقف الدولية والإقليمية

- شهران فقط بين إعلان السيسى الخط الأحمر وبيان المجلس الرئاسى الليبى لوقف إطلاق النار - بعد المبادرة السياسية أعلن السيسى التدخل بحسم لتأكيد حماية الليبيين وثرواتهم وحصل على تأييد البرلمان والقبائل الليبية والقوى الدولية شهران فقط بين إعلان مصر عن خطوطها الحمراء فى ليبيا، وبيان المجلس الرئاسى الليبى بوقف إطلاق النار فى الأراضى الليبية، والدعوة لانتخابات رئاسية ومسارات سياسية، بيان المجلس الرئاسى تبعه تصريحات من رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح، اعتبر فيها وقف إطلاق النار يقطع الطريق على أى تدخلات عسكرية أجنبية وينهى تدخل المرتزقة، يجب تفكيك الميليشيات لاسترجاع السيادة الوطنية الكاملة، نسعى لتجاوز وطى صفحة الصراع والاقتتال. وخلال الفترة من 20 يونيو إلى 21 أغسطس، جرت مياه كثيرة فى أنهار القضية الليبية، وبالرغم من إعلانات وتصريحات وتهديدات وحملات دعائية من أطراف المرتزقة والأطراف الخارجية، ظلت الخطوط الحمراء واضحة. وسبق أن طرحت مصر مبادرة للحل السيسى، دعت فيه إلى مسارات سياسية تنهى التدخلات والمرتزقة، وتضع ليبيا فى أيادى الليبيين، ثم أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى خطوطا حمراء للأمن القومى المصرى فى سرت والجفرة، لا يمكن تخطيها. الموقف المصرى مدعوم بتحركات فى كل الاتجاهات، تؤكد الجدية والحسم فيما يتعلق بالخطوط الحمراء، ساندته التحركات التالية لإعلان السيسى، فقد أعلنت مصر من البداية الدفع نحو الحل السياسى، وأعلن الرئيس السيسى مبادرة القاهرة 6 يونيو مهدا لعودة الحياة الطبيعية إلى ليبيا، محذراً من التمسك بالخيار العسكرى لحل الأزمة فى ليبيا، مؤكدا أن الحل السياسى هو الوحيد لحل أزمة ليبيا، وأن أمن مصر من أمن واستقرار ليبيا. ضمن مبادرة ليبية ليبية لحل الأزمة باسم «إعلان القاهرة»، تشتمل على احترام كل المبادرات والقرارات الدولية بشأن وحدة ليبيا، لكن أطرافا خارجية تصورت أن المرتزقة والتنظيمات المسلحة يمكن أن تقود إلى تغيير الوضع العسكرى على الأرض، وبذات عمليات حشد المرتزقة إلى ليبيا، وهنا أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى من المنطقة الغربية بيانا حاسما فى 20 يونيو عن الخط الأحمر المصرى فى ليبيا، سرت والجفرة، وأن تخطيها يعد تهديدا للأمن القومى المصرى، وقال السيسى: جيش مصر قوى ورشيد يحمى ولا يعتدى، كانت الرسائل واضحة، وبالفعل بدأت خرائط التحركات تتغير بسرعة، لتنتهى إلى البيان، الذى أعلنه المجلس الرئيسى. حاولت منصات الدعاية فى قطر وإسطنبول الإيحاء بأن القوى الدولية الكبرى لا تعارض التدخلات الخارجية والمرتزقة، لكن الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية فى الاتحاد الأوروبى، جوزيب بوريل، أكد أنه لا مصلحة للأوروبيين فى رؤية حلقة من القواعد العسكرية الخارجية قبالة السواحل الإيطالية، وأعلن وزير الخارجية الروسى سيرجى لافروف وقتها أنه لا بديل لحل الوضع فى ليبيا إلا المفاوضات السياسية، بمشاركة جميع الأطراف الليبية حسب قرارات مؤتمر برلين المنصوص عليها فى قرار مجلس الأمن 2510. فيما يرى ألكسندر خرامتشيخين، المحلل العسكرى الروسى فى «فوينيه أوبزرينيه»، أن موقف مصر مشروع دوليا وإقليميا، ويقول: لن يكون هناك من يعترض على مثل هذا التطور للأحداث. من بين الدول «العظمى» الخمس، دائمة العضوية فى مجلس الأمن الدولى، روسيا وفرنسا ستدعمان المصريين بشكل لا لبس فيه، وستبقى الصين على الأقل صامتة، فيما لا يزال موقف الولايات المتحدة وبريطانيا غير واضح، ومن المرجح أن تلتزما الحياد، وهناك موقف عربى باستثناء قطر داعم للموقف المصرى. كان الموقف الدولى والإقليمى تجاه تدخل مصر قائما على تفهم فيما يشير إلى تحول كبير، من متابعة التطورات فى الملف الليبى منذ إطلاق مبادرة القاهرة للحل السيسى، ثم إعلان الخطوط الحمراء يؤكد أن مصر ألقت حجرا كبيرا حرك الكثير من المياه الراكدة، فقد كان الموقف المصرى واضحا أن مصر ليس لها أطماع بل هى طرف يريد استقرار ليبيا، ويرفض أن تتحول إلى بؤرة للإرهاب تهدد الأمن المصرى مباشرة. مصر طوال تسع سنوات لم تتدخل بهذا الشكل الحاسم، إلا بالقدر الذى يحمى أمنها القومى، لكن التدخل الخارجى بدا أنه يتجه بالأوضاع فى ليبيا إلى اتجاه آخر، مصر ظلت تراقب وتتابع التفاصيل والتحركات، وقدمت مصر مبادرة للحل السياسى، تقوم على مشاركة الليبيين فقط، وليس غيرهم ولا ميليشيات أو قوى خارجية، وتعاملت بعض القوى بهيستريا، وهاجموا المبادرة وأعلنوا التحرك نحو سرت والجفرة. هنا جاءت اللحظة التى أعلنت فيها مصر «قف»، وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسى من المنطقة الغربية أن هناك خطا أحمر لا تسمح مصر بتجاوزه، وبعدها كرر: مصر ستتدخل بشكل مباشر فى ليبيا لمنع تحولها لبؤرة للإرهاب، وسنتوجه للبرلمان لطلب أى تحرك عسكرى خارجى. والتقى وفد قبائل ليبيا البرلمان لمنح التفويض، وهو ما يعد بمثابة إعلان واضح بالاستعداد، مصر طوال الوقت تقدم حديث السلام والاستقرار، لكنها أيضا تعرف أن السلام بحاجة إلى قوة ردع، وهى قوة تتوفر لدى مصر كما تعرف الأطراف الأخرى. فى التاسع من يوليو نفّذ الجيش المصرى مناورة عسكرية باسم «حسم 2020»، ضمّت تشكيلات من القوات البحرية والجوية والخاصة، فى المناطق الحدودية الغربية بين مصر وليبيا، ثم أعلن البرلمان الليبى تفويض القوات المسلحة المصرية لحماية الأمن القومى الليبى والمصرى، إذا رأت «هناك خطر داهم وشيك يطال أمن بلدينا»، وبعد يومين فقط كانت القبائل الليبية فى القاهرة تعلن تفويض الرئيس السيسى والجيش المصرى للتدخل لحماية سيادة ليبيا، ويومها أعلن الرئيس أن مصر إذا تدخلت عسكريا فى ليبيا ستحسم الموقف العسكرى بسرعة وحسم، وهذا بعد موافقة البرلمان، وقال الرئيس فى كلمة خلال مؤتمر مشايخ وأعيان ليبيا: إن الجيش المصرى من أقوى الجيوش فى المنطقة وأفريقيا ولكنه رشيد، والقاهرة تدعم دائما الحل السياسى فى ليبيا، مشيرا إلى عدم امتلاك أطراف النزاع لإرادة اتخاذ القرار السياسى بسبب تدخل قوى خارجية توظف بعض الأطراف لمصالحها، مشيراً إلى أن استمرار نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا يهدد أمن المنطقة كلها. وفى 20 يوليو، وافق البرلمان على قرار يجيز قيام الجيش بـ«مهام قتالية» فى الخارج لتؤكد مصر أنها جادة فى توجهها، وبالرغم من حالة الهستيريا وفقدان التركيز وتناقضات بعض الجهات الخارجية وانعكست فى تغطيات منصات قطر وإسطنبول تجاه المبادرة، واستضافت محللين ومدعين يهددون مصر، فقد كان الموقف المصرى واضحا. وانتهى الأمر إلى بيان 21 أغسطس من المجلس الرئاسى الليبية يعلن وقف إطلاق النار والدعوة لانتخابات رئاسية ومسار سياسى، وهو ما اعتبره البرلمان الليبى خطوة مهمة نحو إخراج المستعمرين وقد فرض الموقف المصرى نفسه فى ليبيا، وغيّر من خطط وتحركات قوى متعددة وليس فقط تركيا وقطر، فقد اعتبر أغلب المحللين الغربيين التدخل الخارجى سواء من تركيا وغيرها بلا خطة واضحة، خاصة مع رصد عمليات نقل مئات المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، بما يمثله من تهديد لأوروبا والعالم، وكانت المواقف الدولية والإقليمية ترى التدخل المصرى مشروعا، لحماية الأمن القومى، وأن مصر أعلنت رأيها بحسم فى الوقت المناسب. وكانت مصر تتحرك بقواعد السياسة الدولية وآليات إدارة الصراع الإقليمى والدولى، وأهم هذه القواعد أن السلام لا يقوم بمجرد الإعلان عن السلام، لكن السلام يحل فى أى قضية، عندما يعرف كل طرف أنه غير قادر على هزيمة الخصم، وأن الفوضى يصنعها الاختلال فى موازين القوى القائمة، لأن الطرف الانتهازى أو الغازى يستغل ضعف الطرف الآخر ليبدأ فى التقدم للاحتلال أو الغزو. صر من جهتها موقفها واضح، وأعلنه الرئيس السيسى فى كلمته لقبائل ليبيا، التى تمثل كل الجهات والمناطق، مصر مع وحدة ليبيا ومؤسساتها وضد التدخلات الخارجية، وأنها قادرة على حسم عسكرى سريع، ومع هذا فإن خطوطها الحمراء هى من أجل السلام، وحتى لا تضطر للتدخل لحماية أمنها القومى، مصر لديها مطالب من كل الأطراف الليبية، ومع هذا تحرص على تكرار مبادرتها السياسية للأطراف المختلفة، وأن القوات المصرية إن دخلت فسوف تدخل بطلب من الليبيين، ولا ترفع إلا علم ليبيا. وتدرك الأطراف المختلفة ومنها الأوروبية الفاعلة أن الجدية المصرية قادرة على الحسم، والولايات المتحدة وباقى الأطراف يدركون الحقيقة، وهى أن مصر تمتلك القوة القادرة على حماية السلام والأمن القومى، وهى قواعد يدركها من يتابع السياسة الدولية، فالحرب قائمة من سنوات، والردع هو الذى يحقق الحسم قبل الصدام المباشر.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;