يمر الجمعة الذكرى الـ 19 للعمل الإرهابى الأكبر فى فى القرن الحادى والعشرين، والأكثر مأسوية فى التاريخ الأمريكى عندما شن تنظيم القاعدة هجوما متعددا على الأراضى الأمريكية فأسقط برجى مركز التجارة العالمية بطائرتين مختطفتين، وهاجم مبنى البنتاجون بطائرة أخرى.
وعلى الرغم من أن السنوات الماضية شهدت ظهور العديد من التنظيمات الإرهابية التى فرضت وحشيتها وسطوتها، أبرز داعش، إلا أن دور القاعدة فى إيديولوجيا الإرهاب، أو كما تسميه الدوائر الغربية الفكر الجهادى، ظل حاضرا دون أن يغيب تماما.
مجلة فورين أفيرز الأمريكية، سلطت الضوء على تنظيم القاعدة، وتساءلت عما إذا كان لا يزال يشكل تهديدا كبير للأمن القومى الأمريكى.
وتقول المجلة الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى، إنه لا يوجد إجماع كبير بين الباحثين والمسئولين العسكريين والاستخباراتيين وصناع السياسات الذين يدرسون الجماعة. لكن عددا قليلا من الخبراء فى الحركات السلفية الجهادية يرفضون فكرة انتهاء التنظيم، لذلك عندما قال وزير الخارجية الأمريكى مايك بومبيو فى مقابلة فى مارس الماضى على فوكس نيوز إن القاعدة هى ظلها لنفسها السابقة، كان هناك حالة من الدهشة والقلق بين الباحثين.
وترى المجلة أن توصيف بومبيو للقاعدة يعكس التمنى فى أحسن الأحوال، والسذاجة فى أسوأها، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة بحاجة لتغيير نظرتها بتقييم رصين لمسار القاعدة وعلاقات التنظيم المستمرة مع حركة طالبان، التى تتجه واشنطن للسلام معها.
وتؤكد المجلة أن أى تقييم دقيق لسلامة تنظيم القاعدة يجب أن يأخذ فى الاعتبار عودة التنظيم الأخير والدرامية. فقبل أربع سنوات تم إهلاك التنظيم وقدراته بشكل كبير نتيجة للجهود الأمريكية فى مكافحة الإرهاب فى أفغانستان وباكستان وسوريا واليمن. وكان صعود داعش بمثابة ضربة أخرى للقاعدة، حيث انقسم حلفاء وتابعون محليون فى أفغانستان والعراق والفلبين والصومال وسوريا عن القاعدة وانضموا لمنافستها الأساسية، ومع تدفق المقاتلين الغربيين والأجانب على داعش، فقط القاعدة وضعها باعتبارها حاملة لواء الجهاد الأكثر تفضيلا.
لكن منذ عام 2017، ومع تركيز الانتباه الدولى على داعش، عمل تنظيم القاعدة بجد لقلب هذه الاتجاهات الهبوطية. فحسن علاقاته مع وسطاء السلطة المحليين من بلاد الشام وحتى شبه الجزيرة الهندية، ودمج الأهداف المحلية والعابرة للحدود فى محاولة لتعزيز التماسك وتوسيع قاعدة دعمه. والآن، يبدو أن هذه الإستراتيجية تؤتى ثمارها، فقد أعادت القاعدة تنظيم شبكتها فى جنوب آسيا وسوريا. ويبدو أنها موحدة أكثر من ذى قبل. كما أصبح التنظيم أكثر مهارة فى تحقيق التوازن بين الأهداف العابرة للحدود والأولويات الإقليمية، والعمل على المستوى المحلى فى الصومال وسوريا اليمن والساحل مع الحفاظ على التركيز على مواجهة الغرب.
وعلى الرغم من أن القاعدة قد خففت بالفعل الخسائر البشرية بعدما سلب داعش أعدادا كبيرة من المسلحين فى جبهات عدة عمل ففيها كلا التنظيمين، إلا أن القاعدة تحت قيادة أيمن الظواهرى استمرت فى مسارها، وعملت على تنمية العلاقات مع المجندين المحتملين الذين يركزون بشكل أكبر على المظالم البسيطة فى المناطق التى تعانى من الصراع الأهلى.
ففى منطقة القرن الأفريقى والساحل، عزز المسلحون الذين هم على صلة بالقاعدة روابطهم مع القيادة المركزية للجماعة ويستجيون لتوجيهاتها. كما أن هناك أدلة متزايدة على أن بعض فروع القاعدة على الأقل تجتذب المقاتلين الأجانب مرة أخرى.
وذهبت المجلة الأمريكية إلى القول بأنه صحيح أن القاعدة لم تعد تملك نفس القدرة على التخطيط وتنفيذ الهجمات الإرهابية العابرة للحدود مثلما فعلت فى أحداث 11 سبتمبر. لكن إدعاء إدارة ترامب بأن التنظيم فى حالة تدهور نهائى يتجاهل مرونته ويفشل فى تفسير تصميمها السياسى.