تناولت مقالات صحف الخليج، اليوم الجمعة، العديد من القضايا الهامة أبرزها، كارثة فيضانات السودان، ودور مذبحة دير ياسين فى وجود إسرائيل، ودور الجالية العربية فى أمريكا فى ظل الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وإليكم التفاصيل....
سامر أبو رمان: كارثة السودان أكثر من مجرد فيضان!
قال الكاتب فى مقالة المنشور بصحيفة الأنباء الكويتية، امتدت آثار الفيضان الأخير الذى اجتاح السودان، والذي لم تشهد البلاد مثله منذ 100 عام، لتشمل 17 من أصل 18 ولاية سودانية، مخلفا 103 قتلى، ونصف مليون من المهجرين، وتدمير أكثر من 100 ألف منزل، فضلا عن الأضرار التي لم يتسن حصرها بعد في الأراضي الزراعية والمواشي والبنية التحتية الهشة أصلا من فساد متوارث!، ويأتي الفيضان في ظل حالة من الإرهاق الاقتصادي البالغ الذي يعيشه السودان، والذي يجعل الحكومة عاجزة عن التصدي لآثاره، وتقديم المساعدة الضرورية للسكان المتضررين.
وإلى جانب الاحتياجات العاجلة للمهجرين، من المأوى والغذاء والمياه الصالحة للشرب، فإن الفيضان قد وضع السودانيين أمام مخاطر صحية وخيمة، فقد تدفقت السيول الجارفة حاملة بين أمواجها العقارب والثعابين السامة، إلى جانب خطر تفشي الأمراض المنقولة عن طريق المياه، مثل الكوليرا والملاريا والالتهاب الكبدي الوبائي، بسبب وجود المياه الراكدة في العديد من المناطق المتضررة من الفيضانات، والتي سيضاعف من أثرها انتشار البعوض وسوء التغذية، فضلا عن نفوق أعداد كبيرة من المواشي بما يشكل كارثة بيئية، ومزيدا من الانتشار لوباء كورونا!
ورغم أن السودان، وعبر بعثته الدائمة لدى الأمم المتحدة في جنيف، قد وجه نداء عاجلا للمنظمات الدولية لإغاثة المتضررين من السيول والفيضانات، إلا أن الاستجابة العالمية لتقديم العون، سواء على مستوى الحكومات أو المنظمات الإنسانية، مازالت محدودة، ولا تتلاءم مع حجم الكارثة وآثارها الحالية أو المتوقعة.
إن الحكومات العربية والإسلامية، ثم المجتمع الدولي عامة والمنظمات الدولية، مطالبون بالارتقاء الى مستوى الكارثة، وضرورة رصد الميزانيات وتوفير الدعم اللوجستي على وجه السرعة لإغاثة الشعب السوداني، وتسهيل جمع التبرعات من مختلف الشعوب وإرسال المساعدات ومساندة عمل المنظمات الإنسانية للقيام بدورها في هذه المأساة التي لن تقف عند الخسائر قريبة المدى فقط!
صبحى غندور: عن دور الجالية العربية فى أمريكا
قال الكاتب فى مقالة المنشور بصحيفة البيان الإماراتية، يشهد هذا العام، في نوفمبر المقبل، انتخابات أمريكية مهمة ستقرر مصير رئاسة ترامب، إضافة لانتخاب كل أعضاء مجلس النواب، وثلث عدد أعضاء مجلس الشيوخ وبعض حكام الولايات. وكما في كل سنة انتخابية، يتساءل الكثيرون عن دور «الجالية العربية» في أمريكا، بل السؤال ينطبق على الانتخابات في معظم دول الغرب، حيث لا تظهر فاعلية كبيرة توازي ما تقوم به جماعات أخرى معادية للقضايا العربية.
ربما تكون أهم الأسباب هي خطأ المقارنة أصلاً بين حال العرب في أمريكا (أو في دول غربية أخرى) بحال الجاليات الأخرى. فالواقع أنّ «العرب الأمريكيين» مثلاً هم حالة جديدة في الولايات المتحدة مختلفة تماماً عن الحالة اليهودية على سبيل المثال. العرب جاءوا لأمريكا كمهاجرين حديثاً من أوطان متعدّدة إلى وطن جديد، بينما اليهود في أمريكا هم مواطنون أمريكيون، أي عكس الحالة العربية والإسلامية الأمريكية وما فيها من مشكلة ضعف الاندماج مع المجتمع الأمريكي.حالة العرب في أمريكا مختلفة أيضاً من حيث الأوضاع السياسية والاجتماعية، فكثيرٌ منهم أتوا كمهاجرين لأسباب سياسية واقتصادية، وغالباً لأسباب أمنية تعيشها المنطقة العربية، مّا يؤثّر على نوع العلاقة بين العربي في أمريكا والمنطقة العربية. وتتعامل المؤسّسات العربية - الأمريكية مع علاقات عربية متشعبة ومختلفة بين أكثر من عشرين دولة عربية وبين الولايات المتحدة. من ناحية أخرى، فإنّ للعرب الأمريكيين مشكلة تحديد الهويّة وضعف التجربة السياسية، فلقد جاء العرب إلى أمريكا من أوطان متعدّدة، ومن بلاد ما زالت الديمقراطية فيها تجربة محدودة، إضافةً إلى آثار الصراعات المحلية في بلدان عربية على مسألة الهويّة العربية المشتركة.
أيضاً، من المهمّ التمييز بين حالاتٍ ثلاث مختلفة تتّسم بها الجالية العربية في أمريكا وتنطبق على العرب في أوروبا: فهناك «أمريكيون عرب»، وهم أبناء الجيل المهاجر الأول، و«عرب أمريكيون» وهم الأجيال التالية التي لم تذب تماماً بعد في المجتمع، لكنها مندمجة فيه بقوّة وتشارك في العمليات الانتخابية، وهناك «عرب في الولايات المتحدة» وهؤلاء لم يصبحوا مواطنين أمريكيين بعد. وبينما نجد أغلب «الأمريكيين العرب» غير متواصلين مع البلاد العربية الأم، نرى أنّ الفئة الثالثة (أي المهاجرون الجدد) غير متواصلة بعمق مع المجتمع الأمريكي نفسه، ولكلٍّ من هذه الفئات نظرة مختلفة للحياة الأمريكية ولدورها في المجتمع، إضافةً لتعدّد الانتماءات الدينية والطائفية والإثنية في الجالية العربية. فالبعض مثلاً يندفع نحو منظمات إسلامية، وهو ما يستبعد نصف الجالية العربية، حيث أكثرية الجالية العربية في أمريكا هي من جذور دينية مسيحية بينما أكثرية الجالية الإسلامية هي من أصول غير عربية.
إذن، كلّما كان هناك تعامل فكري عربي سليم فيما يتعلق بمسألة الهوية ستتعزّز معه إمكانات الجالية في أن تنجح عملياً وتتجاوز كثيراً من الثغرات. فالجالية العربية في أمريكا (كما هي في أوروبا) تعيش محنة ارتجاج وضعف في الهُويتين العربية الأصلية وفي الهُوية المستحدثة. فالمهاجرون العرب، أينما وُجِدوا، ينتمون عملياً إلى هويتين: هوية أوطانهم العربية الأصلية، ثمّ هوية الوطن الجديد الذي هاجروا إليه. وقد تفاعلت في السنوات الأخيرة، خاصّة عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، جملة تطوّرات انعكست سلبياً على الهويتين معاً. ففي الحالة الأمريكية أصبح المواطن الأمريكي ذو الأصول العربية موضع تشكيك في هويته الأمريكية وفي مدى إخلاصه أو انتمائه للمجتمع الأمريكي. وقد عانى الكثير من العرب في عدّة ولايات من هذا الشعور السلبي لدى معظم الأمريكيين غير العرب حيال كل ما يمتّ بصلة إلى العرب والعروبة والإسلام.
أيضاً، ترافق مع هذا التشكيك، تشكّك ذاتي حصل ويحصل مع المهاجرين العرب في هويّتهم الأصلية العربية، ومحاولة الاستعاضة عنها بهويّات فئوية بعضها ذو طابع طائفي ومذهبي، وبعضها الآخر إثني أو مناطقي أو في أحسن الحالات إقليمي.
وإذا كان مردّ التشكيك الأمريكي بـ«الهويّة الأمريكية» للمهاجرين العرب هو «الجهل»، فإنّ سبب ما يحدث من تراجع وضعف في مسألة «الهويّة العربية» على الجانب الآخر، هو طغيان سمات مجتمعية بدائية على معظم المنطقة العربية، وانعكاس هذا الأمر على أبنائها في الداخل وفي الخارج.
إنّ العرب في الأوطان العربية منشغلون اليوم في همومٍ كثيرة؛ بعضها ذو عناوين سياسية محلّية، والبعض الآخر منها يدخل في دائرة الهموم الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، لكن بشكلٍ عام هي الآن همومٌ وطنية داخلية في صراعاتها وساحاتها، وتنعكس سلباً على معظم المهاجرين العرب، وهي مرحلةٌ مختلفة تماماً عمّا كان عليه واقع العرب قبل نصف قرن، حيث لم يعرف ذاك الزمن التمييز بين العرب على أساس الانتماءات الوطنية أو الطائفية أو الإثنية.
محمد حسن مفتى: فش ما فش !
تناول الكاتب فى مقالة المنشور بصحيفة عكاظ السعودية قضية مذبحة دير ياسين ودورها فى وجود الكيان الصهيونى، وجاء فى المقال، لعل الحدث الأبرز الذى غير خارطة الصراع العربى الإسرائيلى هو مذبحة دير ياسين، تلك المذبحة التي أزهقت أرواح قرابة المئة نسمة من الأبرياء من سكان القرية، والتي كانت مقصودة لإثارة الرعب في نفوس الفلسطينيين، وقد وصفها الزعيم الإسرائيلي الراحل مناحم بيجن «لولا دير ياسين لما كانت إسرائيل»، وقد أثرت هذه الواقعة على نفوس سكان المدن والقرى الفلسطينية الأخرى والتي بدورها نزحت من فلسطين إلى خارجها، وهو ما كانت تريده إسرائيل بالضبط.
بعد وصول بعض أهالي دير ياسين إلى القدس استقبلتهم الصحف المحلية وقتذاك لسرد قصصهم، لم تكن روايات أكثر الناجين سوى أن أبناءهم قتلوا بالرصاص، لكن بعض المزايدين على القضية منهم طلبوا من الناجين المبالغة في سرد أحداث المذبحة، يقول أحد الناجين من أبناء دير ياسين خلال مقابلة على قناة BBC البريطانية، إن الإسرائيليين لم يقوموا بإجهاض النساء الحوامل كما أشاع بعض المزايدين، لكن بعض قادتهم طلبوا منهم التصريح بذلك لاستعطاف الرأي العربي تجاه القضية، ولكي تقوم الجيوش العربية بمساعدتهم.
يقول الإعلامي والسياسي «حازم نسيبة» في البرنامج الوثائقي «خمسون عاماً من الصراع العربي الإسرائيلي» الذي أذيع العام 1998، إن «المبالغة في سرد هذه المذبحة كانت أكبر أخطاء الفلسطينيين؛ لأنها ولدت الرعب في نفوس القرى والمدن الأخرى الأمر الذي دفع أبناءها للهجرة». قبل هذه الحادثة كانت التركيبة الديموغرافية في هذه المنطقة لصالح الفلسطينيين وهو ما كانت تخشاه إسرائيل.
كانت الدول العربية ومنها الخليجية متعاطفة تماماً مع اللاجئين الفلسطينيين، لذلك أمر الملك عبدالعزيز رحمه الله بتقديم كافة العون لهم، وهو ما عبر عنه الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبل أشهر بأنه تلقى اتصالاً من الملك سلمان –حفظه الله- أخبره خلاله أن المملكة تقف جنباً إلى جنب مع القضية الفلسطينية منذ زمن الملك عبدالعزيز ولن تتخلى عنهم.
كانت دول الخليج من ضمن الدول التي استضافت اللاجئين الفلسطينيين، وقد قامت قيادة المملكة-وقتذاك وإلى الآن- بتقديم كافة الرعاية لهم، كما سمحت لأبنائهم بالالتحاق بالمدارس والجامعات، كما قامت بعض دول الخليج بمنح العديد منهم الجنسية، لولا تدخل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات طالباً من الدول العربية -ومنها الخليجية- بوقف منح الفلسطينيين الجنسية، لأن ذلك سيسهم في مسخ الهوية الفلسطينية وسيساعد في الإضرار بها.
لا شك أن أكثر من أضر بالقضية الفلسطينية هم المزايدون بشأنها، والذين باعوا القضية بثمن بخس -ومنهم صبري البنا المعروف بأبي نضال- وغيره من أمثاله، أضف إلى ذلك تصريحات بعض المسؤولين الذين يحاولون التجمل أمام شعبهم، من خلال تجيير أخطائهم وإسقاطها على دول كانت أول من مدت يدها للشعب الفلسطيني.
قبل أيام شن أحد السياسيين الفلسطينيين هجوماً على دول الخليج من خلال كلمات لا تخلو من الاستفزاز «فش فش» ولعل السبب الرئيسي في ذلك هو الحملة الشعواء ضد الإمارات بسبب اتفاقية السلام التي أبرمتها مع إسرائيل، والحقيقة لا أعلم هل نسي أم تناسى هذا السياسي المناضل أن زعماءه وضعوا يدهم في يد زعماء إسرائيل قبل قرابة ثلاثة عقود مضت من أجل السلام، فلماذا يحرم هؤلاء ما أحلوه لأنفسهم؟
من المؤكد أن قادة المملكة العربية السعودية والإمارات لا يبالون بمثل هذه التصريحات، والتي لا تعدو كونها واحدة من ثلاثة احتمالات، وهي إما زلة لسان، أو محاولة لتجيير الأخطاء، أو سعي لتملق الرئيس الفلسطيني، عموما.. العلاقات بين الفلسطينيين ودول الخليج ليست علاقة دبلوماسية فحسب، بل هي علاقة أخوة ومصاهرة بين شعوب يجمعها تاريخ واحد ومصير مشترك، ومن المؤكد أن أي اتفاقية سلام توقعها دولة خليجية مع إسرائيل دون أن تصب في نهاية المطاف في مصلحة الشعب الفلسطيني ستكون مجرد حبر على ورق.
يبدو أن -بعض- السياسيين الفلسطينيين يصرون على الإضرار بقضيتهم وبشعبهم من خلال الإدلاء بمثل هذه التصريحات المستفزة، فعلى سبيل المثال عندما قرر الفلسطينيون الذهاب إلى أوسلو اعترض الزعيم الليبي السابق القذافي على هذه الخطوة، والتي قابلها رد فلسطيني حاد بأنه شأن داخلي لا علاقة للقذافي به، فما كان من الزعيم الليبي الأحمق إلا أن أمر بطرد الفلسطينيين من ليبيا بعد أن قام بوضعهم على الحدود.