السؤال مطروح بالفعل طوال الوقت.. وفى كل مرة يتحدث الرئيس عبدالفتاح السيسى عن الفساد وخطره، وأنه لا تهاون مع المفسدين، وضرب مثلاً بما تم فى مؤسسة الرئاسة وإصراره على إحالة المفسدين للمحاكمة، ونحن نعرف أن الفساد الموجود هو تراكمات وتشعبات عقود خاصة فى المؤسسات التى تتعلق بحياة الناس ومصالحهم، المحليات والمخالفات والحرائق التى تجرى وكل التفاصيل الخطيرة، تكشف لنا كيف ندفع طوال الوقت ثمن الفساد والمفسدين. الرئيس وجه اللوم لبعض المسؤولين على تأخر إنجاز مشروعات وطرق، وانتقد عدم دقة البيانات، وبدا أنه يدرك ويتذكر المواعيد، ويشير بوضوح إلى التأخير، ليؤكد مدى الاهتمام والتركيز، فقد قال الرئيس إن طريق السويس انتهى منه %75 فقط، وكان مفترضا أن يتم افتتاحه من 6 أشهر، وطريق شبرا بنها الذى لم ينته منه سوى %30 فقط، كما طلب مراجعة تكاليف بعض الطرق والمشروعات التى وجد أنها تتجاوز المناسب. وزير النقل برر التأخر وارتفاع الأنفاق بأن هناك نزع ملكية كبيرا ووعد بإنهاء طريق شبرا بنها فى احتفالات أكتوبر، وهذا يعنى المتابعة ويتطلب أن يكون المسؤولون والحكومة على نفس مستوى الاهتمام، وأكثر من مرة يراجع الإنفاق والمصروفات والمبالغات ويطلب مراجعتها. ثم إنه يفرض مراجعة كل المشروعات وتفاصيلها من الرقابة الإدارية، وهى أمور تكشف مدى اهتمام الرئيس بتفاصيل حماية المال العام، وأهمية أن يتوجه كل مسؤول وهو يعمل إلى التحرك فى نطاقات توفر المال العام وتحميه وتمنع المبالغات والفساد الذى يمكن أن يكون إهدارا للمال العام، والشعب أولى بكل مليم من المال، ونعرف أن التسرب والإهدار يتم بالتدريج، ومن خلال تفاصيل وثغرات تفتح الباب أمام التسرب الأكبر للمال.
ونحن نعرف أن مشروعات البنية الأساسية من صرف ومياه خلال العقود الماضية استهلكت أموالا ضخمة، لكنها للأسف تسربت فى تواطؤ وفساد لدرجة أننا أنفقنا أضعاف ما أنفقته دول عظمى على بنيتها الأساسية لكن اتضح أن ما أقمناه إما فاسد وإما ناقص وإما فاشل. ورأينا خلال الشتاء الماضى انهيار الصرف فى محافظات كثيرة، وكشفت التحقيقات عن إهدار مئات الملايين فى شراء محطات ومعدات صرف فاسدة ولا تعمل. واضح أن الحكومة بحاجة إلى أن تتحرك لتصنع آليات لمراقبة التكاليف ومتابعة العمل فى المشروعات، للوصول إلى نتيجة، حتى لا يكون الرئيس وحده الذى يتابع هذا ويراجعه، وحتى يمكن توفير المال والوقت وضمان الجودة والتنفيذ، وهذه الخطوات هى التى يفترض أن تبدأ الحكومة فى عملها لتكون جديرة بثقة الشعب، وهناك تجارب أو آليات لدول تحتاج الحكومة إلى التعلم منها، لتترجم إرادة الدولة، التى يمثلها الرئيس لمواجهة سلبيات عانينا ومازلنا نعانى من تأثيراتها، ونحتاج إلى إنهائها حتى لا تعانى منها الأجيال المقبلة، هى معادلة مطلوبة، أن نوقف الإهدار وننفذ كل المشروعات التى نريدها ونطلبها، وهو ما لن يتحقق من دون إرادة وهى متوفرة، وحكومة تنفذ هذه الإرادة.