تشهد المنطقة الغربية في ليبيا أحداث متسارعة خلال الساعات الأخيرة سواء عسكرية أو سياسية وكان آخرها إعلان رئيس المجلس الرئاسي الليبى فايز السراج اعتزامه الاستقالة من منصبه وتسليمها إلى سلطة تنفيذية بحد أقصى نهاية أكتوبر المقبل، والواضح أن رئيس المجلس الرئاسي الليبى لم يقدم استقالته من منصبه وإنما هي رغبة للخروج من المشهد السياسى خلال فترة محددة، بالإضافة إلى منحه مهلة للقوى المتحالفة معه في المنطقة الغربية قبيل انسحاب السراج من المشهد الحالى، وهو ما يفسر سبب تراجع الأخير عن استقالته في الفترة الأخيرة حيث خضع لضغوطات كبيرة.
يقول مراقبون أن رئيس المجلس الرئاسي الليبى لا يمتلك قراره المستقل إنما يخضع لسلطة الميليشيات المسلحة وهى الحاكم الفعلى للمنطقة الغربية في ليبيا، وبالتالي لن تقبل هذه الميليشيات بخروج السراج من المشهد إلا بعد التوافق على شخصيات بديلة له وتحديدا من مدينة طرابلس وتواصل تخصيص الاعتمادات المالية للمسلحين.
موقف الأطراف المؤيدة للسراج في طرابلس
يرتبط وجود رئيس المجلس الرئاسي الليبى في طرابلس بعدد من منظمات المجتمع المدنى التي أسسها السراج وأبرزها الهيئة الطرابلسية، بالإضافة للتشكيلات المسلحة التابعة لعدد من المجرمين، والمسلحون التابعون لجماعة الإخوان الليبية.
وترفض تلك الكيانات خروج رئيس المجلس الرئاسي الليبى فايز السراج من المشهد إلا بعد إيجاد بديل له يمارس دور السراج داخل العاصمة الليبية، ويقوض من نفوذ التشكيلات المسلحة التابعة لمدينة مصراتة داخل طرابلس.
ويتخوف مسلحون من مدينة الزنتان وعدد من أنصار النظام الليبى السابق المنخرطين في عدة مؤسسات غرب البلاد من رحيل السراج دون وجود ضمانات أو اتفاق حول شخصية ليبية تواصل لعب نفس دور السراج في تمويل الميليشيات وتوزيع المناصب وفق المحاصصة على كل هذه المكونات، وهو ما يؤكد الفشل الذريع وحالة التشظي التي تسبب فيها السراج خلال فترة رئاسته للمجلس الرئاسي الليبى.
تيار مصراتة وطموح الحكم
تتصارع تشكيلات مسلحة داخل مدينة مصراتة وبعضها من داخل حكومة الوفاق الليبية لتولى رئاسة المجلس الرئاسي الليبى باعتبار السراج من أبناء المنطقة الغربية وفشل بشكل كامل في إدارة شؤون البلاد أو حل الأزمات، وهو ما يثير لعاب عدد من السياسيين داخل المدينة ولعل أبرزهم وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحى باشاغا.
وأثارت المعلومات التي ترددت عن نية السراج تكليف نائبه أحمد معيتيق ( من مدينة مصراتة) بتولى رئاسة المجلس الرئاسي الليبى حالة من الغضب والرفض من تشكيلات طرابلس خوفا من نفوذ مدينة مصراتة داخل العاصمة الليبية، وهو ما ترفضه أيضا مكونات من الزنتان والزاوية.
وتعاظمت قوة مدينة مصراتة في المنطقة الغربية لليبيا مع تولى فتحى باشاغا لحقيبة الداخلية في حكومة الوفاق، بالإضافة لتكليف محمد الحداد رئيسا للأركان وهو من مصراتة وينتمى لقبيلة ورفلة العريقة، وهو ما يفسر طبيعة الصراع بين طرابلس ومصراتة.
وتعد مشكلة تفتيت الميليشيات المسلحة وتسليم أسلحتها أحد أبرز التحديات التي تواجه أي جسم سياسى في ليبيا مستقبلا، وسيكون على أي مسئول سواء سياسى أو عسكرى التفكير في هذه المشكلة والعودة إلى ما تم الاتفاق عليه في القاهرة خلال اجتماعات العسكريين منذ سنوات، والتي شارك بها قيادات عسكرية من طرابلس ومصراتة تولى بعضها مناصب رفيعة داخل قوات فايز السراج.
السراج رئيسا للمجلس الرئاسى واختيار رئيس حكومة جديد
ومن السيناريوهات المطروحة في ليبيا هو الإبقاء على فايز السراج كرئيسا للمجلس الرئاسي وتحجيم صلاحياته وتعيين نائب عن المنطقة الغربية وآخر عن المنطقة الشرقية، بالإضافة لتكليف رئيس حكومة جديد منفصل عن المجلس الرئاسي لتولى إدارة كافة الملفات السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وتعد أبرز الشخصيات المرشحة لتولى رئاسة الحكومة الجديدة في ليبيا وزير داخلية حكومة الوفاق فتحى باشاغا باعتباره الرجل الأقوى في المنطقة الغربية، والذى له مواقف واضحة ومحددة من فكرة وجود تشكيلات مسلحة خارج سلطة الدولة.
ردود أفعال الدول الإقليمية والدولية
ترفض عدد من الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في المشهد الليبى فكرة خروج فايز السراج من المشهد السياسى داخل البلاد خلال هذه الفترة، وذلك بالتزامن مع التحركات التي تقوم بها واشنطن وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة ستيفانى وليامز، وذلك لعدة اعتبارات أبرزها عدم وجود رؤية واضحة لكيفية التعاطى مع الشخصيات التي ستخلف السراج.
وتدرك هذه الأطراف أن خروج السراج من المشهد سيؤدى لخلط الأوراق بشكل كامل في ليبيا وإفشال أي جهود أو تحركات تقوم بها البعثة الأممية في هذا الصدد، وذلك في ظل صعوبة التئام لجنة الحوار السياسى الليبى في جنيف بالقريب العاجل.