أكد مرصد الفتاوى التكفيرية بدار الإفتاء أن القضاء المصرى تعرض وما زال لحملات تشويه تديرها وتقوم بها جماعة الإخوان، فهم دائمًا ما يتهمون القضاء بأنه مسيس تابع للنظام، وخاصة فى تلك الأوقات التي يصدر فيها أحكامًا ضدهم سواء بالسجن أو الإعدام، وفند المرصد تلك المزاعم فى تقرير له،مؤكدا أنها مردود عليها بأن دائرة المحكمة التي تنظر القضية هي الأكثر دراية بظروفها وملابساتها؛ لأنها من أجرت التحقيقات واستمعت للشهود وفضت الأحراز وغيرها، وأن الأحكام الصادرة سواء في قضايا العنف والإرهاب ضد رموز تلك الجماعة أو أي قضية جنايات أخرى لا تأتي اعتباطًا، وإنما تسبقها تحقيقات أولية من جانب الشرطة والنيابة العامة وتقارير الطب الشرعي، ثم يأتي دور المحكمة التي تستمع وتقرأ وتطلع على كل ما يتعلق بملف القضية.
فالحكم البات يصدر بعد مشوار طويل داخل المحاكم، سواء أمام الجنايات أو النقض، والقضاء المصري وضع ضمانات لا مثيل لها قبل صدور حكم الإعدام مثلًا:
- أولها اتفاق جميع آراء أعضاء الدائرة.
- ثم إحالة القرار لمفتي الديار المصرية لأخذ الرأي الشرعي الذي يكون استشاريًّا.
- ثم صدور الحكم بالإعدام بإجماع الآراء.
- ومن بعدها يتم الطعن على الحكم من جانب المتهم، وكذلك فإن النيابة العامة تطعن بقوة القانون حتى لو لم يطعن المتهم.
وكل تلك الملابسات لا يطلع على تفاصيلها ذلك المتعاطف مع المتهم المروج للأكاذيب.
وأضاف: لكنهم في الحقيقة ليس مقصودهم من تلك الحملات التي تشكك في القضاء المصري إلا تهييج الرأي العام لخلق حالة من التعاطف معهم، رغم أنه طالما تم الانتهاء إلى صدور حكم الإعدام فإن الأدلة لا تشوبها أية شائبة أو شك.
وتابع التقرير: من ضمن حملات ادعاء التسييس الترويج لأن النظام يجامل القضاة في رواتبهم وامتيازاتهم ليتمكن من تسييس أحكام القضاء؛ حيث تقوم وسائل إعلام ومواقع تابعة لتلك الجماعة بنشر معلومات غير حقيقية وبيانات مالية كاذبة ومزورة عن رواتب القضاة وأعضاء النيابة العامة، مفادها أنهم يتقاضون رواتب خيالية تصل لمئات الآلاف شهريًّا مع كثير من البدلات والامتيازات، وذلك من أجل إثارة سخط واستياء المواطنين وتأليبهم ضد أعضاء الهيئات القضائية.
وقد رد نادي القضاة على تلك الأكاذيب بأن رواتب القضاة تأتي في المرتبة رقم (26) بين قطاعات الدولة المختلفة، وأكد أن جدول رواتب القضاة لم يعدل منذ عام 1983م.
وذكر التقرير أنه في مقابل هذا التشنيع على القضاء المصري يقومون بتمجيد الإرهابيين ووضعهم في مصاف المناضلين، وظهر ذلك واضحًا من ردات فعل وتصريحات قادة الجماعة وأعضائها على خبر القبض على هشام عشماوي وإعدامه؛ حيث صوروه مناضلًا وكالوا له عبارات المديح بزعم اعتباره رمزًا للمقاومة بحسب وصفهم.
وتابع: كان الأولى بهم احترام أحكام تلك المؤسسة الوطنية؛ لأن القضاة هم أكثر الناس اطلاعًا على ملابسات وتفاصيل تلك القضايا المنظورة أمامهم، وهم المسئولون أمام الله سبحانه عما يصدرونه من أحكام، فليس من مصلحة أي إنسان يحب وطنه أن يشكك في قضاء بلاده؛ لأن ذلك يجرئ الناس على الاعتراض على الأحكام القضائية؛ مما يساعد على نشر الفوضى والاحتكام لمنطق القوة.
وأكد المرصد أنه يجب احترام أحكام القضاء حتى وإن كان حكم القاضي في واقعة ما قد جانبه الصواب، فما دام القاضي مؤهلًا للقضاء مستجمعًا ضابطًا لشروطه فهو مأجور وإن أخطأ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر». فالقاضي بشر لا يعلم الغيب، يحكم فقط بظواهر الأدلة، لا يجوز له أن يحكم بعلمه الشخصي، ولا أن يطلب بحكمه رضا الناس؛ ولذا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو مما أسمع منه، فمن قطعت له من حق أخيه شيئًا، فلا يأخذه، فإنما أقطع له به قطعة من النار».
فالرضا بصورة عامة عن أحكام القضاء -حتى وإن كانت ضد مصلحة الفرد أو الحزب أو القبيلة- هو المتوافق مع أصول الشريعة، وهو الضرر الأقل في مقابل الضرر الأعظم الناتج عن نشر الفوضى والفساد في المجتمع إذا عزف الناس عن قضاء بلدهم الوطني واحتكموا للقبلية والهمجية.