علا الشافعى تكتب: ورحل العزيز على القلب "على البدرى" أيقونة الحلم والحب والثورة المشاهير والبسطاء جنبا إلى جنب فى وداع "الفارس النبيل" ممدوح عبد العليم "رفيع العزايزى" و"حمص" و"رمزى" شخصيات لا تنس

"عملتها يا ممدوح ليه استعجلت لسه بدرى.. كدا ياممدوح من غير كلمة وداع.. فجأة تترك كل محبينك.. كنت عايز تشوف غلاوتك عند كل اللى بيحبوك، أنت غالى قوى".. تقريبا كان هذا هو لسان حال كل من سمع بخبر الرحيل المفاجئ للنجم ممدوح عبد العليم سواء من زملائه فى الوسط الفنى أو حتى معجبيه ومحبيه فى البيوت المصرية والتى أظن أن معظمهم بات مغموما ليلة أمس الأول وبعد سماعهم خبر وفاة نجمهم المفضل، خصوصا أن ممدوح لم يكن مجرد فنان مصرى يوضع اسمه فى قائمة النجوم.

ممدوح كان بالنسبة لى ولجيلى مرادفا لمعانى أكبر بكثير، ممدوح كان الحلم كان الأمل كان لحظات الانكسار التى نعيشها ممدوح كان الحب البرئ الذى لم يكتمل.. كان نقاء الأشياء والأفكار وصفاءها.. بتلك العينين المائلتين للخضار والتى تمنح من ينظر فيها صفاءً ونقاءً خالصًا مع الملامح المصرية.. وطابع الحسن فى ذقنه كان يظهر فى مشهد فيخطف قلوب فتيات كثيرات منا، كن يبحثن عن فتى يماثل ممدوح أو على البدرى.. ذلك المحب الثائر الشغوف.. توحدنا مع على البدرى أو ممدوح.. ذابت الحدود ما بين الاثنين ممدوح بملامحه الجذابة.. وعلى بتركيبته النفسية الحالمة.. والطريقة التى يتعاطى بها مع زهرة حبيبته.. سواء زهرة الإنسانة التى تقف أمامه ويتغنى ويغنى لها مع صوت حليم.. أو زهرة الكبرى الرمز أقصد مصر التى عشقها وكسرته هى أيضا.. (كسر النظام الديكتاتورى عفويته وحلمه وثوريته).. وتحول على البدرى إلى شخص آخر يحاول طول الوقت أن يدارى انكساره ولكن لأنه على البدرى والذى بداخله نورا روحانيا لم نكرهه أبدا فى لحظات تجبره أو محاولاته الادعاء بأنه صار وحشا اقتصاديا.. يدوس على كل المعانى.. راجع حواره فى واحد من أجمل مشاهد ليالى الحلمية مع زهرة: "زهرة: من إمتى بتدخن يا على، على: ده مجرد دلع فى المناسبات بس.. زهرة: ما هى دايما بتبدأ دلع وبعدين بتقلب بجد بلاش يا على.. زهرة: أنا خايفة على صحتك.. على: متشكر.. زهرة: عامل إيه فى حياتك يا على.. على: عايش.. زهرة: سعيد يا على.. على: بالتأكيد أنا ناجح فى عملى جدا أنا تقريبا اللى بدير الإمبراطورية الاقتصادية اللى رجع سليم باشا وبناها من جديد.. عندى شقة فخمة فى الزمالك.. عربيتين آخر موديل.. هدومى من باريس جزمى من إسبانيا عربيتى آخر موديل رصيد فى البنوك وصحتى بمبب.. مافيش حاجة بشكى منها.. زهرة: سعيد يا على.. على بانفعال: أنتى مصرة تنتزعى منى اعتراف إن أنا مش سعيد عشان توهمى نفسك انك سبب تعاستى". أصريت أن أكتب هذا الجزء من الحوار الذى صاغه بعبقرية الراحل أسامة أنور عكاشة.. وجسده ممدوح عبد العليم بروحه.. ليظل خالدا فى ذاكرتنا لا أنسى انفعالاته وعيونه التى كانت تزوغ من عينى زهرة.. ومحاولاتة المسميتة ليؤكد على قوته رغم كسر روحه.. تلك هى الطريقة التى كان يتعامل معها ممدوح مع كل الشخصيات الراسخة فى أذهاننا بداية من حسين أفندى فى فيلم البرىء، ومرورا بعمر فى مشوار عمر ورمزى فى سوبر ماركت ويوسف فى كتيبة الاعدام وحمص فى سمع هس وحسن فى رومانتيكا.

ممدوح كان ينتقى أدواره بعناية فائقة وتماما مثلما كانت هناك مساحات من الخصوصية فى حياته لا يستطيع أحد الاقتراب منها.. حيث تقريبا كان فنانا يحمل تليفون محمول ولا يعرف رقمه إلا أقرب المقربين.. دائما ما كان يجلس فى ركنه الخاص يقرأ يسمع موسيقى يتأمل.. يعمل على أدواره.. وليس صحيحا أنه كان يعانى نفسيا من ابتعاد المنتجين أبدا فهو كان يتعامل مع فنه بروح العابد والناسك. يعشق الدور وينسج تفاصيله لذلك صار رفيع بيه ذلك الصعيدى صاحب الكبرياء والملىء بالنبل ويشبه الفرسان، وأبدا لا نستطيع أن نتخيل أحدا فى هذا الدور غير ممدوح، وحتى دور بليغ حمدى والذى كان مرشحا له.. ظل أكثر من عام يتدرب على تفاصيل الشخصية وروحها لأنه كان مدركا أن بنيانه الجسدى يختلف كثيرا عن بليغ لذلك أصر على أن يمسك بروح الشخصية ولم يتردد فى أن يتعلم العزف على آلة العود، وبعد هذا المجهود لم يخرج العمل للنور لأسباب إنتاجية.

ممدوح رحيلك المفاجئ والمفجع أدمى قلوبنا وكأنه علامة على الوجع والهم الذى بتنا فيه وكان الزمن يرفض أن يترك لنا شيئا نعيش عليه.. أنت لم تكن مجرد فنان مثل باقى زملاء جيلك انت كنت الحلم ورحيلك كسر بداخلنا الكثير وكأننى فى هذا الأسبوع وأنا أشاهد فيلم "كتيبة الإعدام" على إحدى القنوات كنت أودعك مثل غيرى.. لتكون آخر الراحلين فى فريق كتيبة الإعدام حيث بدأ القطار مع عاطف الطيب ثم شوقى شامخ ومعالى زايد ونور الشريف وفى النهاية أنت ولكن عزاؤنا أنك تحيط بنا بأعمالك الراقية وفنك وموهبتك التى قلما تتكرر.

فى جنازتك تيقنت من المقولة الشهيرة: "إن جزءا بداخلنا يموت مع رحيل كل غالٍ سواء كان قريبا، أو شخصا شكل جزءا فى وجدانك وعندما يأتى الموت الأكبر لا يجد شيئا". فى وداع ممدوح عبدالعليم وقف المشاهير جنبا إلى جنب مع البسطاء من محبيه وجمهوره بعضهن نساء بسيطات يتشحن بالسواد وأخذن يدعين له بصوت واحد مرددات :"كان فنان محترم وممثل شاطر كل أدواره بنحبها، العيبة عمرها ما طلعت من بقه، لا حول الله مات كدا فجأة الله يرحمك يا أستاذ ممدوح"، ذلك كان حال البسطاء وجمهوره ومحبيه.

أما زملائه فى الوسط الفنى سيطرت عليهم حالة من الصدمة والذهول من هول المفاجأة بعضهم كان يردد ممدوح اتخطف من وسطنا، زوجته الاعلامية شافكى المنيرى ما بين بكاء هيسترى وعدم توازن من الصدمة.




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;