لجنة عليا من أساتذة الجامعات ومُعلّمى الجماعة تضع المناهج وتُشرف على المنفذين.. وبرنامج خاص لإدارة الإعلام ومواقع التواصل
رأت جماعة الإخوان بعد سنوات العنف والشتات، أن هيكلها الإدارى بوضعه الحالى لم يعد قادرا على حمل جسد التنظيم، أو الحركة إلى الأمام خطوة واحدة، وأن صدامها مع الدولة يُعززه جدار صلب من الرفض الشعبى للجماعة وأفكارها ووجودها فى المجال العام مجددا، ولأن الكبار يصعب استهدافهم أو غسل أدمغتهم، قررت الجماعة أن تعود إلى سيرتها الأولى، وأن تقتدى بما فعله مؤسسها حسن البنا، الذى راهن فى بداية التنظيم على الفقراء ومحدودى الوعى والأطفال، لسهولة السيطرة عليهم وتجنيدهم وحشدهم لصالح أفكاره، وهو المسار الذى تسعى "خطة الشرائح" الآن إلى تكراره.
ربما لا تكون الخطة نفسها جديدة، إذ سبق للجماعة أن عملت على تجنيد الأطفال وطلاب المدارس، وأسست لجانا ووحدات نوعية مختصة بهذا الأمر، واخترقت عديدا من الجامعات والمؤسسات التربوية، وورطت أطفالا ومراهقين فى إرهاب وأحداث عنف، لكن الجديد تلك المرة بحسب ما كشفته الخطة، أنه يأتى فى سياق يبدو انتقاميا أكثر من كونه تنظيميا أو دعويا، فالجماعة تسعى طوال الوقت لعقاب المجتمع الذى رفضها وخرج عليها، وفى الوقت نفسه تستهدف من هذا العقاب اختراق الأجيال الجديدة، وتغيير رؤيتها للتنظيم، واستقطاب أكبر عدد ممكن منها، وإشعال الشارع بوقوده الذاتى وعناصره، طمعا فى أن يكون العنف سلوكا عضويا متجذرا بين المواطنين، وهو ما تفضح الخطة التى انفردنا بتفاصيلها فى حلقتين سابقتين كثيرا من أسراره، فيما يخص محاولات ترميم التنظيم وإعادة بناء أركانه المُتهدّمة، عبر هيكلة لجنة الأشبال، وتشكيل جناح جديد باسم "وحدة الشرائح"، تكون مهمّتها استقطاب الطلاب من المدارس والأندية، وفرز وانتقاء العناصر وتوزيعها على اللجان الإعلامية والتربوية، وترشيح المؤهلين للانخراط فى الجماعة والحراك على الأرض. واستعرضنا ملامح الخطّة التى حصلنا عليها من 3 مصادر لا رابط بينها داخل مصر وخارجها، ومراحل عملها، وفريق إعدادها، وآلية تمويل تلك الأنشطة، ودور اللجان الإلكترونية وصفحات "إعلام الظل" إلى جانب المكاتب الإدارية واللجان التنظيمية. ونستعرض فى هذه الحلقة مزيدًا من تفاصيل وأسرار خطّة الإخوان لاختراق البيوت والأُسَر والمؤسّسات التعليمية، سعيًا إلى تجنيد أطفال مصر.
معلمون وأساتذة فى خدمة الإرهاب
تضع أوراق الخطَّة مهمة الإشراف العام على تنفيذ مُستهدفات "وحدة الشرائح" على عاتق لجنة فنية مُتخصِّصة، تتفرَّع عنها لجان نوعية بحسب المراحل وأماكن العمل. وتُعرِّف الخطة تلك المجموعة الأساسية بـ"اللجنة الأكاديمية والتربوية العليا". يقول مصدرنا الخارجى قريب الصلة ببعض دوائر الإخوان، والذى زوّدنا بواحدة من نُسخ "الشرائح" الثلاث، إن ما نما إلى علمه فى هذا الشأن أن هناك تكليفًا لقيادات المكاتب واللجان المهنية بتشكيل لجنة من أساتذة الجامعات والمُعلّمين ومسؤولى الأنشطة فى النوادى ومراكز الشباب والعناصر التابعة فى مؤسّسات الثقافة، وأن ملامحها تُشير إلى أعضاء بهيئات تدريس بعض الجامعات الحكومية والخاصة، ومُعلِّمين وإداريين بمدارس دولية وأهلية ذات صبغة إسلامية، وكوادر فى عدد من الأندية الكبرى وعشرات من مراكز الشباب فى بعض مدن الدلتا وشمال الصعيد، وتنظيميِّين من هيئة قصور الثقافة وبعض الهيئات الشبيهة.
يُعلّق محمد مصطفى "اسم مستعار" الناشط بلجان التربية والدعوة ونجل أحد قيادات الجماعة بالدلتا، بعدما تحدث إلينا كفريق بحثى يُعد دراسة لإحدى المؤسسات الدولية عن آليات التربية داخل التيارات الإسلامية، بأن "لدى الإخوان قاعدة عريضة من المهنيين والكفاءات فى كل المجالات، ومنهم أساتذة فى عشرات الجامعات، والمؤكَّد أنهم جميعا على اتصال دائم، إذ تعتمد لجان الجماعة آلية الربط الشخصى إلى جانب العلاقات المؤسّسية، لذا لا تنقطع صلات الأعضاء حتى لو تجمّد التنظيم". أما الشاب "محمد. ع" الذى يُخفى انشقاقه عن الجماعة لأسباب اجتماعية واقتصادية، فأكّد أن من تبقّوا من كوادر الشُّعَب واللجان النوعية والمهنية ما يزالون على اتصال، وأن تلك المجموعات على الأرجح ستكون النواة التى ستتشكّل منها لجنة "وحدة الشرائح" العليا التى تتحدّث عنها الخطة.
وحدة الشرائح ورؤية 2020
تُطوى صفحات التقدمة التعريفية والملامح العامة لخطة وحدة الشرائح، لتبدأ المحاور التفصيلية بورقة "رؤية لتطوير الوحدة يناير 2020"، تتضمّن الوصف الوظيفى والمهام العملية. وتستعرض هيكل الوحدة ولجانها الداعمة فى التعليم قبل الجامعى، عبر ثلاثة أقسام: "الأمانة" التى تضم مسؤولا إشرافيا من اللجنة العليا، وأمينا عاما ونائبا عنه، وممثلا عن اللجان الفنية، و"المجلس" المُشكّل من المسؤول والأمين ومُمثّلى القطاعات الجغرافية مع جواز استدعاء بعض أعضاء اللجان للاجتماعات حسب الظروف والحاجة، وأخيرًا "اللجان الفنية" المُوزَّعة على 4 مسارات، تُغطّى: التربية، والمدارس، والتنمية والإبداع، والإعلام والوعى.
تُمثّل "أمانة الوحدة" القلب الصلب لعمل "الشرائح"، إذ تتولى 7 مهام أساسية على صعيد التخطيط والتنفيذ وتقييم الجدوى العامة مرحليًّا واستراتيجيًّا وعلى صعيد كل طفل، وتشمل تلك المهام: وضع خطّة عمل الوحدة فى ضوء خطاب التكليف التنظيمى وتوجيهات القيادة والملامح الاستراتيجية المُحدّدة من اللجنة العليا على أن يحقّ لها الاستعانة بكل الخبراء والعناصر الفنية الضرورية لإنجاز ذلك، واعتماد "الدعوم الفنية والمالية" الخاصة بالوحدة، والمتابعة الفنية والتنفيذية الدورية للقطاعات الفرعية بما يُحقّق الأهداف المُدرجة مع توثيق أعمال المتابعة الميدانية وزيارات الأمانة ومسؤولى القطاعات كلّما كان مُمكنًا، وتنظيم لقاءات دورية مع القطاعات لرصد المشكلات والمعوّقات ووضع اقتراحات عاجلة بالحلول، ورصد التجارب البارزة فى أنشطة الشرائح بالنطاقات الجغرافية والمكاتب الإدارية ووضع آلية لنقل النماذج الصالحة للتطوير والتعميم، وإعداد تقرير دورى كل 3 أشهر يُرفع إلى اللجنة العليا وإلى "القيادات التنظيمية" بكل الأهداف المُنجزة والمقترحة ومحل التنفيذ "خاصة الاستيعاب والتوجيه والدمج والانتقاء والتجارب اللامعة"، وأخيرًا التنسيق الدورى والمُتّصل مع اللجان والوحدات المُناظرة لا سيما الصف والتربية والدعوة والمناهج والإعلام.
خريطة الفروع ومهام اللجان
تملك وحدة الشرائح المركزية وحدات فرعية تُشكل بالآلية نفسها، تُشرف عليها وتُحدد مسارات عملها وتقيّم أداءها وفق المستهدفات، وتخضع كل تلك اللجان "المركزية والفرعية" للإشراف الفنى من اللجنة العليا، التى تُنيط بها الخطة مهمة إعداد البرامج التربوية والتثقيفية، ووضع مناهج عامة وفق طبيعة كل موقع عمل أو مادة دراسية، بهدف ربط المُعلم أو مُشرف النشاط بالأطفال ربطا شخصيا ونفسيا عميقا، على أن تتدرّج تلك المناهج لاحقا لاجتذاب المستهدفين من خلال رسائل أخلاقية ودينية بسيطة، ثمّ تعريفهم بالتاريخ والثورة ودور شباب الإخوان فيها، كما تُعدّ اللجنة مُحدِّدات الاختبار والتقويم وفرز العناصر وانتقائها، وآليات تحديد الصلاحية والتوزيع على المسارات المقترحة داخل الوحدة.
إلى ذلك، تتوزّع المهام القاعدية على أربع لجان مركزية أو مُمتدّة جغرافيا، تشرح الورقة تفاصيلها ومهامها على الوجه التالى: لجنة التربية "فنية بدون امتداد جغرافى" مجال عملها الصف والفئات المستهدفة والمناهج ومجموعات التبنى ومشروعا البيت و"المربى والزائر، وتعمل إلى جانب اللجنة العليا ولجنة المناهج المركزية على تطوير مناهج الشرائح وفق التخطيط الاجتماعى والنفسى والسلوكى والقطاعى، وبما يواكب واقع التنظيم ومستجدات الساحة ويُحقق المستهدفات المرحلية والاستراتيجية، مع إعداد رسائل شهرية موجهة لطلاب الشرائح والمشرفين والمُعلّمين والأُسَر وأولياء الأمور، والتنسيق مع اللجان النوعية المناظرة وتكامل الجهود مع المكاتب والشُّعَب فيما يخص مشروع البيت، أما شقّها الثانى فيشمل الإشراف على إعداد وتربية ورفع كفاءة المربين والزائرين، وإعداد برامج تأهيل ولقاءات شهرية مع تلك العناصر، وبرامج للرعاية الممتدة للأطفال خارج بيئات العمل الأساسية بالمدارس والأندية، وتطوير برامج تربية الصف وأشبال الإخوان، وبرامج الرعاية الاجتماعية والنفسية والتثقيف ومتابعة التدرج والفاعلية ومجموعات التبنى والموهوبين والمؤهلين لاجتذاب العناصر والربط معها وفق ضوابط "مشروع الدعوة الفردية".
خطوة باتجاه اختراق الجامعات
أما اللجنة الثانية "التنمية والإبداع" فهى لجنة مركزية مُمتدّة جغرافيا، وتختص بمهام التدريب واكتشاف المواهب والقدرات الفردية، وتحديد صلاحيتها للأنشطة والمهام النوعية، وتعمل على تحقيق ذلك عبر: تجهيز المواد التدريبية، ووضع خطط تنشيط وتحفيز سنوية، وانتقاء المشرفين وتأهيلهم وتحسين مهاراتهم فى الاتصال والربط، وإعداد جداول المتابعة والتقييم، ومراجعة خطط اللجان المركزية والقطاعية ومطابقتها للمستهدفات، ورعاية العناصر النابغة فى العلوم والفنون والشعر والإلقاء والتكنولوجيا والرياضة، وتوفير محفزات ومكافآت شخصية وتنظيم مسابقات وفعاليات كلما كان مُتاحا، ورسم خريطة تنفيذية لمشروع "أكاديمية المدرب" لتحقيق أهداف مرحلية متتابعة بتخريج دفعات مؤهلة من الموهوبين وتوجيهها للكليات النوعية ومجالات الدراسة المناسبة مع ربطهم بالمجموعات المناظرة فى النشاط أو الكلية نفسها داخل القطاعات الجغرافية المختلفة. وتعمل لجنة "الإعلام والوعى" وفروعها على تسويق رؤية الإخوان وضمان رواجها عبر مواقع التواصل، والرد على الشبهات والاستهداف، وتثبيت الصف والمتعاطفين بما يضمن "عدم انجرافهم خلف ما يبثه إعلام النظام من شبهات عن الإخوان" بحسب تعبير الخطة، وتُحقق اللجنة أهدافها من خلال: تسويق الفعاليات والحملات الخاصة بالشريحة أو المؤسسة، وإعداد محتوى ومواد بصرية بالوقائع التاريخية والسياسية وأحداث الثورة وفترة حُكم الإخوان، والتسويق مع لجنتى الإعلام والتوعية المركزيتين، والتواصل مع المنصات والقنوات التابعة وتغذيتها بالمعلومات والصور والوسائط، ورفع الاحتياجات التدريبية والفنية ومتطلبات التجهيز، وإعداد رسائل ومضامين مواكبة للمناسبات التاريخية والأحداث الجارية ومُستجدات المواقف السياسية والتنظيمية، ووضع مخطط مشروع "إعلامى المستقبل" عبر برنامج سنوى لتخريج دفعات فى نهاية مرحلة التعليم قبل الجامعى، يتمتعون بقدر من التدريب والتأهيل على أعمال الرصد وتحرير المحتوى والصور وإنتاج مواد ووسائط إخبارية وتثقيفية، وإدارة وتنشيط حملات مواقع التواصل، مع إمكانية توجيههم إلى كليات الإعلام وربطهم بالمنصات والنوافذ الإعلامية التابعة والحليفة.
ورابع تلك اللجان "المدارس والطلاب"، وهدفها العمل مع الأطفال من مراحل الطفولة المُبكرة فى الحضانات حتى المرحلة الثانية، مع التركيز على الابتدائى والإعدادى بدرجة أكبر، فضلا عن امتداد أنشطتها إلى الحلقات والتجمعات غير النظامية داخل مراكز الدروس الخصوصية والأندية ومراكز الشباب وأقسام الموهوبين فى المؤسسات الرسمية والأهلية، وفى سبيل إنجاز ذلك تضطلع بـ6 مهام: وضع خطط دورية لأنشطة كل فصل دراسى وفق طبيعة المدرسة والفئة الاجتماعية والموقع الجغرافى، وتجهيز مواد مُقترحة للإذاعة المدرسية والأنشطة الثقافية والفنية وتمريرها من خلال الطلاب أنفسهم، وتنفيذ مُخرجات اللجنة العليا ولجنة التربية فيما يخص المناهج التربوية ورسائل القيم والتاريخ، ومتابعة الأنشطة وتقييمها ورفع تقارير دورية بشأنها، وإعداد كشوف وقوائم رصد وإحصاء لمعدلات الإنجاز وتقييم كل طالب ومستويات تدرّجه وفق المعايير النفسية والسلوكية المُحددة، وتنظيم زيارات ولقاءات مع المُشرفين والصف لرصد التحديات وتطوير الأداء وفتح آفاق أوسع للعمل داخل المؤسسات فى ضوء ظروف كل مكان ومجموعة عمل.