قال معهد واشنطن الأمريكى لدراسات الشرق الأدنى إن مقتل مصطفى بدر الدين القيادى بحزب الله فى سوريا، تعد أكبر خسارة حتى الآن للميليشيا الشيعية اللبنانية فى البلد الذى يعصف به الحرب، وتوقع المركز أن تضر تلك الخسارة بقدرات حزب الله العملياتية فى سوريا.
وأشار المعهد إلى أن موت بدر الدين يمثل أكبر خسارة لحزب الله منذ اغتيال القيادى عماد مغنية عام 2008، وذلك نظرا لدوره كرئيس لمنظمة الأمن الخارجى وقواته للحزب فى سوريا، وقد عرف الرجلان، مغنية وبدر الدين، بعضهما البعض معرفة وثيقة، حيث كان الثانى ابن عم الأول وشقيق زوجته الأولى، وقاد كلاهما العمليات العسكرية لحزب الله طوال سنوات.
ورصد التقرير أهمية بدر الدين الذى يعرف أيضا باسم ذو الفقار بالنسبة لحزب الله، وقال إن له تاريخ طويل يعود لأوائل الثمانينيات فى القرن الماضى عندما شارك فى سلسلة من الهجمات فى لبنان والكويت، فى عام 2008، وبعد مقتل مغنية فى انفجار وقع فى دمشق، تمت ترقية بدر الدين إلى منصب رئيس عمليات حزب الله، التى تشمل عمليات الجماعة فى الخارج.
ومع ذلك، بقى بدر الدين شخصية غامضة فى لبنان حتى عام 2011، حتى وجه إليه الاتهام فى قضية اغتيال رئيس الوزراء اللبنانى السابق رفيق الحريرى، وفى العام نفسه، شهدت مكانة بدر الدين مزيداً من التعزيز لكونه أحد الركائز العسكرية لحزب الله، عندما تسلم المسئولية فى سوريا.
ووفقاً لوزارة الخزانة الأمريكية، التى فرضت عقوبات على بدر الدين، فإن منصبه الجديد شمل حضور الاجتماعات بين زعيم حزب الله حسن نصر الله والرئيس السورى بشار الأسد، وتنسيق نشر المقاتلين فى البلد المجاور، والتخطيط لبعض من عملياتهم فى الحرب.
ولذلك، اكتسب بدر الدين العديد من الأعداء، الأمر الذى يثير السؤال حول من الذى يقف وراء قتله، ويشير المعهد إلى أنه فى كل مرة يقتل أحد كبار المسئولين فى حزب الله بطريقة غامضة، تكون إسرائيل هى المشتبه به الأساسى فى عملية الاغتيال، وهذه المرة ليست استثناء، حيث تُشير بعض التقارير إلى أنها قد تكون وراء الحادث بالفعل. وعلى الرغم من أن كثيرا من صناع القرار فى إسرائيل سعداء للتخلص من بدر الدين، لكن نظراً لشهرته، فمن الصحيح أيضاً أنهم سيفكرون طويلاً وملياً قبل اتخاذ قرار لقتله، لأن خطر التصعيد سيزداد بعد اغتيال شخصية رفيعة المستوى كبدر الدين.
ويتوقع التقرير أن المسئولين الإسرائيليين لا يريدون تصعيد الموقف على الجبهة الشمالية فى الوقت الراهن، والاحتمال الآخر هو أن إسرائيل كانت تستهدف عملية لنقل الأسلحة وقتلت بدر الدين عن طريق الخطأ، أو أنه كان يحاول منع هجوم وشيك من قبل حزب الله، ولكن هذه كلها تكهنات فى الوقت الراهن.
ومن المشتبهين المحتملين أيضاً الجماعات المتمردة فى سوريا، فدور بدر الدين فى تلك البلاد جعل منه هدفاً ذا قيمة عالية بالنسبة لهم، لأن حزب الله هو المسئول عن مقتل آلاف السوريين، وفى حين أنه من غير المرجح أنه قد قُتل فى الخطوط الأمامية، إلا أن وحدات المتمردين قد تكون هى التى قصفت موقعه وراء هذه الخطوط.
وبغض النظر عمن يقف وراء عملية القتل، يرى المعهد أن وفاة بدر الدين تشكل ضربة كبيرة لـحزب الله من الناحية العملية والعقلية، وسيحتاج الحزب الآن إلى إرسال مسئول آخر رفيع المستوى للإشراف على العمليات فى سوريا.
وهناك اثنان من البدلاء المحتملين هما إبراهيم عقيل وفؤاد شكر، وكلاهما شغل مناصب فى أعلى هيئة عسكرية فى حزب الله، الذى يعرف باسم المجلس الجهادى، ويشاركان بالفعل فى ساحة المعركة فى سوريا.
ويشكل الحادث أيضاً ضربة كبيرة لصورة الحزب كتنظيم لا يمكن هزيمته ولا غبار عليه، وإذا كان من الممكن قتل بدر الدين فى سوريا، فلا يوجد أى قائد من حزب الله فى مأمن هناك.
وخلص التقرير فى النهاية إلى القول بأن الشىء المهم الذى يجب أن يُراقب فى المرحلة القادمة، هو الجهة التى سيلقى عليها حزب الله اللوم على عملية القتل، لأن تحميل اللوم علناً سيجبر الجماعة على الانتقام، وفى الوقت الراهن، يبدو أن الحزب قد أمر كوادره بوقف التكهنات حول مرتكب الجريمة، ولكن ليس هناك شك بأنه يحقق بما حدث، وسوف يلقى نصر الله اللوم فى النهاية على شخص أو جماعة أو دولة ما، وذلك جزئياً لكى يُظهر لمؤيديه فى لبنان أن الحزب لا يتخلى عن الانتقام، وإذا اتهم حزب الله إسرائيل فى النهاية، فربما يعنى هذا أنه سينتقم على مقتل بدر الدين، وهذا يعنى أن الإسرائيليين سوف يواجهون فترة طويلة من حالة التأهب القصوى على الحدود الشمالية وفى الخارج.