رداً على إعلام الجماعة الإرهابية، وبعض المنظمات الحقوقية، التشريع المصرى وضع مجموعة من الاشتراطات القاسية للحيلولة دون إصدار أحكام الإعدام إلا وفق ضوابط صارمة، كما تطبق مصر جميع الضمانات المتعلقة بفرض عقوبة الإعدام والمشار إليها فى المواثيق وفقا للمعايير الدولية منها أنه لا يجوز الحكم بالإعدام لمن هو أقل من 18 سنة أو أكبر من 70 سنة، وأنه لا يجوز الحكم بالإعدام إلا فى حالة إجماع آراء كافة قضاة المحكمة، ولا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام فى أيام الأعياد الرسمية أو الأعياد الخاصة بديانة المحكوم عليه، ويوقف تنفيذ الحكم على المرأة الحامل وإلى ما بعد شهرين من وضعها انتهاء أنه يجوز لرئيس الجمهورية إبدال العقوبة وهو ما تحقق فى حالة المدان فى القضية رقم (813) لسنة 2014 محمد حسين والذى جرى تخفيف العقوبة من الإعدام إلى السجن مدى الحياة.
يُضاف لذلك استحداث النص الدستورى لمبدأ غير مسبوق بوجود الاستئناف التلقائى ودون طلب من المتهمين فى كافة الأحكام الصادرة فى الجنايات حيث نصت المادة (20) على (تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة فى الجنايات وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور وينظم القانون ذلك) وهى كلها اشتراطات وضوابط توضح مدى احترام الدولة المصرية للمواثيق الدولية ومراعاة عدم التناقض معها فى الحالات التى يستحيل معها التصديق عليها لموانع عقائدية.
وفيما يلى نستعرض الرد على إعلام الجماعة الإرهابية فيما يخص أحكام الإعدام فى مصر، وبعض المنظمات الدولية فى هذا الصدد، المواقع الإخوانية دافعت عن عناصر الجماعة المدانين فى القضية رقم 20091 لسنة 2013 جنايات باب شرق المعروفة إعلاميا بقضية «أحداث مكتبة الإسكندرية» والمحكوم فيها بالإعدام حضوريا على كل من الإخوانى ياسر الأباصيرى عبد النعيم والإخوانی ياسر عبد الصمد محمد عبد الفتاح، وشهرته " ياسر شكر" ومتهم آخر غيابيا.
وقد تم تنفيذ الحكم بعد استنفاد كافة درجات التقاضى التى كفلها لهما القانون أمام محكمتى الجنايات والنقض، وذلك لإحالتهما بالاشتراك فى أحداث العنف التى وقعت بمحيط مكتبة الإسكندرية عقب فض تجمع رابعة المسلح فى أغسطس 2013، وقتل فى تلك الأحداث 15 شخصا بينهم ضابط شرطة ومجند والشروع فى قتل عشرات المواطنين وأفراد الشرطة، وإتلاف المنشآت وحيازة السلاح.
وخلال الأحداث تم إلقاء القبض على ياسر شكر وياسر الأباصيري، مع آخرين، وبحوزتهم أسلحة نارية ومواد مفرقعة وأسفرت جرائمهما عن استشهاد النقيب حسام السيد بهى السيد من قوة الإدارة العامة للأمن المركزى بالإسكندرية متأثرا بإصابته بطلقين ناريين بالبطن، والمجند فاروق أحمد عبد الله من قوة الإدارة العامة للأمن المركزى بالإسكندرية، متأثرا بإصابته بطلق نارى بالبطن و13 مواطنا، فضلا عن إصابة 5 ضباط آخرين، و19 مجندا بإصابات متنوعة وباشرت النيابة العامة التحقيقات فى القضية، واستمعت لشهود الوقائع التى أتاها المتهمون، وبعد 11 شهرا من التحقيقات، أمرت بإحالتهم للمحاكمة الجنائية ونسبت لهم اتهامات تتعلق بارتكاب جرائم القتل العمد والشروع فيه ومقاومة السلطة ومحاولة احتلال مبان حكومية بالقوة وتخريب مقر المجلس الشعبى المحلى بوسط المدينة وقسم شرطة باب شرق ونقطتى الشاطبى والإبراهيمية وكنيسة مار جرجس ومكتب مرور الجامعة وعربة ترام وماكينة صراف آلى وسيارتين ومدرعتين شرطة وسيارة إسعاف وتعطيل المواصلات والسرقة بالإكراه وإتلاف مقهى و6 سيارات خاصة بالمواطنين وحيازة الأسلحة النارية والذخائر غير المرخصة.
وعقدت محكمة جنايات الإسكندرية برئاسة المستشار جمال جمعة جلسات علنية نظرت فيها الدعوى واستمعت خلالها المرافعات الدفاع الحاضر عن المتهمين، وشهود الإثبات وشهود النفى الذين استعان بهم المتهمون، ثم قررت إحالة 3 متهمين للمفتى، وهم ياسر شكر وياسر الأباصيري، وآخر هارب "وليد محمد".
كما ركزت المنظمات الإخوانية على إبراز دفاعها عن العنصرين الإرهابيين التابعين لها، وتحاشت الحديث عن باقى العناصر الإرهابية بتنظيم "أجناد مصر"، الذين تم إعدامهم رغم ضمهم للعدد النهائى لأحكام الإعدام المنفذة، وخرج تنظيم "أجناد مصر" الإرهابى من تجمعى النهضة ورابعة العدوية المسلحين، وتأسس على يد أحد قيادات تنظيم أنصار بيت المقدس، وخصص نشاطه العدائى ضد قوات الشرطة والجيش فى محيط مناطق محافظات القاهرة الكبرى "القاهرة –الجيزة – القليوبية".
وكانت محكمة جنايات الجيزة، برئاسة المستشار معتز خفاجي، فى 7 ديسمبر عام 2017، قد قضت بإعدام 13 متهما، ونسبت نيابة أمن الدولة للمتهمين فى أمر الإحالة، أنهم فى 2013، أنشأوا جماعة تدعو إلى تكفير الحاكم وشرعية الخروج عليه وتغيير نظام الحكم بالقوة والاعتداء على أفراد ومنشآت القوات المسلحة والشرطة واستباحة دماء المسيحيين ودور عبادتهم واستحلال أموالهم وممتلكاتهم.
كما وجهت النيابة لهم، "تفجير كمين جامعة القاهرة"، ما أسفر عن استشهاد العقيد طارق المرجاوى، وإصابة مساعد مدير المباحث ونائب مدير الأمن ورئيس مباحث شرطة الجيزة وعدد من أفراد الشرطة، وتخريب الممتلكات العامة.
وكشفت تحقيقات النيابة فى القضية، أنه فى أعقاب ثورة 30 يونيو بدأ التنظيم الإرهابى فى تنفيذ مخططه بزرع العبوات الناسفة فى المواقع العامة ومحيط أقسام الشرطة والارتكازات الشرطية والتمركزات الأمنية فى مناطق عبود والسواح وقسم مرور محور 26 يوليو ومحيط قسم شرطة الطالبية وقطاع الأمن المركزى بطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، وتمركز قوات الأمن المركزى أعلى كوبرى الجيزة وبمحيط مترو الأنفاق بمحطة البحوث وأمام جامعة القاهرة، ونقطة مرور الجلاء، وقسم مرور ميدان لبنان، وتمركز قوات الشرطة بمحيط ميدان المحكمة بمصر الجديدة.
كما أظهرت التحقيقات التكميلية فى الجزء الثانى من القضية أن المتهمين نفذوا تفجيرات إرهابية بمحيط دار القضاء العالى ومجلس الوزراء، وأيضا تفجير محيط قسمى شرطة الطالبية وعين شمس، وواقعة استهداف ضباط حراسة سفارة الكونغو، ونقاط التمركز الأمنية فى محيط جامعات القاهرة وحلوان وعين شمس، وقوات الشرطة المكلفة بتأمين محيط كلية طب أسنان قصر العيني، وقوات تأمين محيط قصر القبة الرئاسي، والتمركز الأمنى بمنطقة ممر بهلر بوسط البلد، والتمركز الأمنى بمحيط سينما راد وبيس، وقوات الشرطة المكلفة بتأمين محيط مستشفى الهرم، وتفجير إحدى حافلات النقل العام.
وأوضحت التحقيقات، أن التنظيم قام باستهداف ورصد ومراقبة وتتبع العديد من رجال الشرطة والقوات المسلحة ومحاولة اغتيالهم.
وكشفت تحقيقات النيابة العامة تفاصيل أحداث تلك التفجيرات التى روعت المجتمع منذ نوفمبر من عام 2013، حيث استمعت النيابة إلى 126 شاهدا بخلاف خبراء الطب الشرعى والأدلة الجنائية والجهات الأمنية، وأجرت المعاينات اللازمة للأماكن التى شهدت الأحداث وقت وقوعها، كما أجرت المعاينات التصويرية اللازمة بعد أن اعترف 8 من الإرهابيين المضبوطين بارتكاب جرائم الإرهاب والقتل العمد والشروع فيه وحيازة المفرقعات وتخريب الأملاك العامة ومحاولة صنع غواصة صغيرة وطائرة السلكية وإنسان آلى لتحميلهم بالمتفجرات واستخدامهم فى استهداف السفن العابرة للمجرى الملاحى لقناة السويس والمنشآت العامة والعسكرية.
وتدافع القناة الإرهابية عن مجموعة من الإرهابيين اقتحموا قسم شرطة كرداسة وارتكبوا العديد من الجرائم الإرهابية، وفيما يلى نستعرض الأحداث بالتفصيل، بدأت أحداث قضية "مذبحة كرداسة " فى منتصف أغسطس عام 2013 عقب فض اعتصامى جماعة الإخوان بميدانى رابعة العدوية والنهضة المؤيدين للرئيس المعزول محمد مرسى بعدما اقتحم أنصار مرسى مركز شرطة كرداسة، ما أسفر عن قتل مأمور القسم ونائبه ونحو 12 ضابطا وفرد شرطة وإتلاف مبنى القسم.
كما تم حرق عدد من سيارات ومدرعات الشرطة وحيازة الأسلحة النارية الثقيلة، قبل القبض على المتهمين والتحقيق معهم بمعرفة النيابة العامة صدر قرار من النائب العام بإحالة 188 متهما للمحاكمة الجنائية ووجهت لهم تهم الاشتراك مع آخرين مجهولين فى ارتكاب جرائم القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد إذ شرعوا فى جرائمهم بعدما اقتحموا مركز شرطة كرداسة وقتلوا العديد من ضباط وأفراد قوة قسم شرطة كرداسة، كما قاموا بسحلهم والتمثيل بجثثهم.
وأسندت النيابة للمتهمين تهمة وإتلاف مبنى القسم وحرق عدد من سيارات ومدرعات الشرطة، وحيازة الأسلحة النارية الثقيل أصدرت محكمة جنايات الجيزة فى 2015 حكمها بإعدام 149 متهما حضوريا و34 غيابيا وسجن حدث 10 سنوات فى القضية وطعن المتهمون على الأحكام، وقضت محكمة النقض فى فبراير 2016 بقبول الطعن المقدم من 149 متهما، وإعادة محاكمتهم مرة أخرى أمام دائرة جنائية مغايرة، وفى يوليو 2017 أصدرت محكمة جنايات القاهرة حكما عقب إعادة محاكمة 156 متهما بالقضية بالإعدام شنقا ب 20 متهما، ومعاقبة 80 متهما بالسجن المؤبد ومعاقبة 34 متهما بالسجن المشدد 15 عاما، ومضت بالسجن 10 سنوات لطفل بإيداعه دار أحداث، وبراءة 21 متهما، وأيدت محكمة النقض فى 24 سبتمبر 2018 هذا الحكم.
قضية عرب شركس، قام تنظيم أنصار بيت المقدس بتكوين خلية إرهابية تابعة له، نفذ عدة عمليات إرهابية فى الداخل المصرى وتعد العلاقة بين أنصار بيت المقدس وجماعة الإخوان علاقة وثيقة والدليل على ذلك حديث القيادى الإخوان محمد البلتاجى أثناء اعتصام رابعة المسلح بأن الذى يحدث فى سيناء سيتوقف فى اللحظة التى يعود فيها محمد مرسى إلى الحكم.
ونفذت تلك الخلية هجوما مسلحا استهدف حافلة تقل جنودا فى الجيش فى منطقة الأميرية بالقاهرة وأسفر عن مصرع مساعد بالقوات المسلحة فى 13مارس2014، واستشهاد 6 جنود فى كمين للشرطة العسكرية فى منطقة مسطرد فى 15 مارس 2014.وإثر تلك الجرائم التى أدت إلى سقوط أبناء من الشعب المصرى كثفت الأجهزة الأمنية جهودها لضبط المتورطين وداهمت قوات مشتركة من الجيش والشرطة فى 19 مارس 2014 مخزنا مهجورا بمنطقة "عرب شركس“ بمحافظة القليوبية، واشتبكت مع مجموعة مسلحة داخله، وقبضت على عدد من المسلحين وقتلت 6 آخرين.
واسُتشهد أثناء المداهمة العميد ماجد أحمد إبراهيم والعقيد ماجد أحمد كامل من ضباط سلاح المهندسين بالجيش المصري" خبراء مفرقعات " أثناء محاولتهما إبطال مفرقعات كان المتهمون زرعوها فى المخزن المهجور قبل القبض عليهم.
وكانت المحكمة العسكرية قضت فى شهر أغسطس 2015 بإحالة أوراق 6 أشخاص للمفتى بعد أن حكمت بالإعدام عليهم بتهمة» استهداف حافلة جنود بمنطقة الأميرية وكمين مسطرد، وقتل ضابطين أثناء المداهمة.
وعقب تنفيذ حكم الإعدام فى المتهمين الستة أصدرت جماعة أنصار بيت المقدس بيان نعى عنوانه" نعى شهداء ملحمة عرب شركس بالقليوبية" نعت فيه العناصر الستة الذين قتلوا من الخلية على يد قوات الأمن، ونشرت صورهم، ووصفتهم بأشجع أبطالها وفرسانها المجاهدين، حسب البيان.
ورغم ذلك لم يؤثر ذلك على العدالة الناجزة واتباع كافة درجات التقاضى فى التعامل مع العمليات والجرائم الإرهابية، بل والوصول فى بعض الأحيان إلى إلغاء عقوبة الإعدام والمؤبد عن بعض من ُحكم عليهم بها فى درجات التقاضى الثانية من قبل محكمة النقض مثلما حدث فى قضية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات إذ قضت محكمة الجنايات فى 22 يوليو 2017 بالإعدام على 28 متهما والسجن المؤبد على15 متهما، ثم قضت محكمة النقض فى 25 نوفمبر 2018 بتأييد حكم الإعدام ضد 9 متهمين فقط وتعديل حكم الإعدام إلى السجن المؤبد ضد 6 متهمين، وتعديل حكم المؤبد إلى 15 سنة ضد 4 متهمين، وتعديل حكم المؤبد إلى حكم 3 سنوات وسنة لمتهمين، وبراءة 5 متهمين. وكذلك الأمر فى قضية كرداسة.
ومع تنامى موجة العنف والإرهاب بعد ثورة 30 يونيو، واتخاذ جماعة الإخوان منهج العنف ومعاقبة الشعب المصرى سواء فى سيناء التى زاد فيها عدد العمليات الإرهابية أو فى المحافظات الأخرى من الإسكندرية إلى أسوان، تزامنا مع عمليات مكثفة لنقل الإرهابيين والمسلحين من الأراضى الليبية إلى مصر، وعمليات تدفق وشحن الأسلحة على مختلف المحاور الاستراتيجية، كان لزاما على الدولة المصرية أن تتخذ إجراءات وقرارات استثنائية لتحقيق عقوبات رادعة بحق الإرهابيين الذين عاثوا بأمن مصر وشعبها فسادا.
ومن أهم هذه الإجراءات قانون رقم 8 لسنة 2015 بتنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين الذى عرف بشكل واضح من هو الإرهابى والأموال التى تدخل فى تمويل عمليات الإرهاب بالإضافة إلى وضع قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية، وهو ما يتم بموجبه التعامل مع كل إرهابى وفقا للجرم الذى ارتكبه بالعقوبة المناسبة للجرم المرتكب.