تحل فى هذه الأيام الذكرى المائة لاتفاقية سايكس بيكو التى يحملها الكثيرون مسئولية تقسيم العالم العربى. وفى صحيفة واشنطن بوست، تحدث الكاتب جاكسون ديل عن هذه الاتفاقية، وما أثارته من حديث فى الدوائر البحثية والصحفية الغربية عن مستقبل سوريا والعراق، البلدان اللذان تعصفا بهما الحروب والانقسامات وتتعالى أصوات تطالب بتقسيمهما لحل أزماتهما. وكذلك الحال بالنسبة للبنان، التى أسفرت اتفاقيات تقاسم السلطة فيها عن معضلة سياسية الآن.
ويقول ديل إن الباحثين والمحللين اختلفوا فى هذا الشأن. فقال البعض إنه ينبغى أن تكون العراق وسوريا دولتين بالشكل الذى عليه الآن، ويقولون إن البلدين طالما كانتا موجودتين وتنافستا قبل اتفاق سايكس بيكو، واستطاع شعبيهما أن يجعلوا الأولوية للولاءات الوطنية التى تتجاوز الطائفية خلال القرن الماضى، وأن أى محاولة لإعادة رسم الحدود يمكن أن تسفر عن مزيد من المشكلات أكثر من التى يمكن أن تحلها.
فكتب الباحث فى معهد إنتربرايز الامريكى روبين رايت يقول إنه من المستحيل أن تقسم الحدود وتؤدى على إنشاء دولة منسجمة، وأن حتى مجرد المحاولة تعنى تطهيرا عرقيا وطائفيا.
وهناك مدرسة أخرى ترى أنه من الحماقة الافتراض أن كلا الدولتين يمكن أن تعودا كما كانت. فقادة كردستان العراق عازمون على ما يبدو على السعى نحو الاستقلال على الرغم من أنهم يختلفون حول ما إذا كان ينبغى أن يفعلوا هذا ببطء أم بشكل سريع. وفى مقال له مؤخرا، كتب مسرور البرازانى، رئيس مجلس أمن كردستان العراق يقول إن العراق تمثل فشل فى المفاهيم، وشعوب مقتننعة أنه لا يوجد قاسم مشترك فى مستقبل غير مؤكد.
ويقول بعض العرب والمفكرين إن على الغرب أن يبقى خارج هذا النقاش، فسايكس بيكو والاستعمار الذى نجم عنها وحتى ما فعله جورج بوش أدوا إلى دمار كبير. بينما يقول آخرون إن المنطقة لن تستقر إلا بالتدخل الخارجىى، ليس بغزو غربى جديد ولكن ربما عن طريق الأمم المتحدة. ويقول الناشط الحقوقى بهى الدين حسن إن الحلول التقليدية لن تجدى نفعا لهذه المنطقة، فبعض الدول ليست مؤهلة الآن لكى يدير شعوبها البلاد.
من جانبه، يقول الكاتب عن إدارة أوباما اختارت أن تخرج نفسها، وان تركز على تحديد مصالحها بشكل ضيق للغاية والتركيز على تحقيق مصالحها، حسبما قال مبعوث أوباما للمنطقة روبين رايت.. وهذا يعنى فى العراق الاستثمار فى بقاء الحكومة المركزية ورئيسها الضعيف حيدر العبادى، وفى سوريا، يدفع وزير الخارجية الأمريكية نحو الحكومة الانتقالية التى يمكن أن توحد نظام الأسد مع ضحاياه.
لكن ديل يقول إن المشكلة فى هذا النهج هو أنه أعاق ظهور توافق دولى حقيقى حول مستقبل البلدين. فرغم أن الحملة العسكرية التى وضعتها الولايات المتحدة ضد داعش بدأت تدمر التنظيم بشكل فعال، لكن ليس هناك خطة واقعية لحدود الهياكل السياسية التى من شأنها أن تحل محله.