تعد نسبة الدين الخارجى إلى الناتج المحلى الإجمالى أحد أهم المؤشرات الاقتصادية التى تعطى دلالة هامة على قدرة الدولة على الإنتاج والالتزام بسداد المستحقات الخارجية، حيث نجح برنامج الإصلاح الاقتصادى فى زيادة موارد الدولة فى مختلف القطاعات الاقتصادية والحفاظ على توازن السياستين المالية والنقدية وتحديدًا فى هذه الفترة العصيبة على اقتصادات العالم على وقع جائحة كورونا، وهو الأمر الذى ساهم فى انخفاض ملحوظ فى مستويات الدين.
والدين الخارجى هو إجمالى المستحقات المالية على الدولة تجاه دول أو مؤسسات، والتى تقتضى أداء تلك الديون، فى فترة زمنية محددة ويشمل الفائدة وأصل مبلغ القرض أو الدين، والدين الخارجى طويل الأجل هو الذى يبلغ أجل استحقاقه أكثر من سنة واحدة.
ويبلغ الدين الخارجى لمصر فى نهاية مارس 2020، نحو 111 مليار دولار، ونسبته الأكبر فى استحقاقات طويلة الأجل، أى تسدد على مدد زمنية تصل إلى 30 عامًا، وهو مؤشر هام لقدرة الدولة على إدارة منظومة الدين الخارجى، ورغم تأثير أزمة كورونا على اقتصاديات العالم الكبرى، والناشئة ومنها مصر، فإن "القاهرة" سددت 35 مليار دولار ديون خارجية فى ظل أزمة كورونا، أى خلال الـ6 أشهر الأولى من العام الجارى، دون تأثير سلبى على الاقتصاد.
والدين الخارجى لمصر فى الحدود الآمنة دولياً، وذلك مقارنة بدول أخرى فى الأسواق الناشئة، التى تصل نسبة الدين للناتج المحلى إلى أكثر من 45%.
ونجحت مصر فى خفض نسبة الدين الخارجى إلى الناتج المحلى الإجمالى من 33.5% فى نهاية ديسمبر 2019، إلى 31.7% فى نهاية مارس 2020، وكانت تلك النسبة فى 30 يونيو 2017 نحو 37%، والحكومة تستهدف النزول بهذه النسبة إلى 30% فى الشهور القادمة.
ويحدد صندوق النقد الدولى النسب الآمنة للدين الخارجى من الناتج المحلى الإجمالى من 30 إلى 49%، ما يؤكد أن مصر لازالت فى الحدود الآمنة، ومتوسط عمر الدين، مؤشر مهم على قدرة الدولة على على سداد مديونياتها.
ومؤشر هام آخر وهو استمرار ارتفاع الاحتياطى الأجنبى لمصر، بصافى ارتفع إلى 38.425 مليار دولار فى نهاية سبتمبر من 38.366 مليار دولار فى نهاية أغسطس 2020، وهو ما يؤكد أن الاحتياطى الأجنبى امتص الفترة الأصعب من تأثير جائحة كورونا.
وانخفض المعدل السنوى للتضخم العام فى الحضر ليسجل 3.4% فى أغسطس 2020 مقارنة بـ 4.2% فى يوليو 2020، وهو ثانى أدنى معدل مسجل - بعد أكتوبر 2019- منذ ما يقرب من 14 عامًا.
وقرر البنك المركزى المصرى فى 24 سبتمبر 2020 خفض كل من سعر عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى بواقع 50 نقطة أساس أى 0.5% ليصل الى 8.75٪ و9.75 ٪ و9.25٪ على الترتيب، وهو ما يؤكد تراجع التضخم ودعم الاستثمار عن طريق الائتمان والقروض، والتى تشجع بدورها نمو الناتج المحلى الإجمالى.
وعندما وافق المجلس التنفيذى للصندوق على طلب مصر الحصول على مساعدة مالية طارئة قدرها 2,772 مليار دولار لتلبية احتياجات التمويل العاجلة لميزان المدفوعات التى نتجت عن تفشى جائحة كوفيد-19، ويسهم التمويل الجديد فى احتواء الأثر الاقتصادى والمالى لجائحة كورونا، والتى تضررت منها كبرى الاقتصاديات العالمية، وحزمة التمويل تدعم جهود الدولة فى مواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد ولمساعدة الاقتصاد المصرى فى الحفاظ على مكتسبات نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى رفع معدلات النمو إلى 5.5%، وخفض معدل البطالة إلى 7.5%.
وستساعد أداة التمويل السريع لصندوق النقد الدولى على تخفيف احتياجات التمويل العاجلة، بما فى ذلك الإنفاق على الصحة وتوفير الحماية الاجتماعية ودعم القطاعات الأشد تأثرا وشرائح المجتمع الهشة.
ووفقًا لصندوق النقد الدولى فإن مصر حققت تحولًا ملموسًا قبل صدمة كوفيد-19، حيث نفذت بنجاح برنامجا للإصلاح الاقتصادى يدعمه الصندوق من خلال "تسهيل الصندوق الممدد" (EFF) لتصحيح اختلالات خارجية ومحلية كبيرة، وقد بادرت الحكومة المصرية بالتصدى للأزمة من خلال حزمة شاملة من الإجراءات التى تستهدف التعامل مع الطارئ الصحى ودعم النشاط الاقتصادى، فتحركت السلطات بسرعة لتخصيص موارد للقطاع الصحى، وتوفير الدعم الموجه للقطاعات الأشد تأثرا، والتوسع فى برامج شبكات الأمان الاجتماعى لحماية شرائح المجتمع الأكثر هشاشة. وبالمثل، اعتمد البنك المركزى مجموعة واسعة من الإجراءات، بما فى ذلك تخفيض سعر الفائدة الأساسى وتأجيل مدفوعات السداد المتعلقة بالتسهيلات الائتمانية القائمة.
ويؤكد صندوق النقد الدولى أنه "ومع انحسار الأزمة، سيتعين استئناف الإجراءات الرامية إلى خفض مستوى الدين مع مواصلة تنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتعزيز مساهمة القطاع الخاص حتى يضطلع بدور قيادى فى تحقيق مستوى أعلى وأشمل من النمو وخلق الوظائف، مما يطلق إمكانات النمو فى مصر ويرسخ صلابتها".