تكتسب صناعة الغاز الطبيعى المسال زخماً متزايداً عاماً بعد عام، فى ظل تسارع الدول الغنية بالغاز نحو تنفيذ مشاريع لإنتاج وتصدير الغاز الطبيعى المسال إلى الأسواق المختلفة، ووجود طلب متنامى عليه لمزاياه الاقتصادية والبيئية، وقد عززت تلك التطورات من مكانة الغاز الطبيعى المسال كسلعة ذات طلب عالمي، خاصة مع تقارب أسعارها فى مختلف الأسواق ومن هنا باتت صناعة الغاز الطبيعى المسال بمثابة المقياس الأكثر دقة وموثوقية على صحة قطاع الغاز الطبيعى بأكمله، فهى الأسرع تأثراً بتقلبات السوق العالمى من جانبى العرض والطلب، وتتأثر القرارات الاستثمارية لشركات النفط العالمية بتلك التقلبات.
وأشار تقرير لمنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول حول تطورات صناعة الغاز الطبيعى المسال خلال الربع الأول والربع الثانى من عام 2020، لدراسة تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد على قطاع الغاز الطبيعى المسال العالمى، إلى أن تداعيات انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد امتدت بشكل واسع لتتسبب فى تراجع أسعار الغاز الطبيعى المسال فى السوق الفورى وطويل الأمد على حد سواء، وإلغاء العديد من الشحنات المعدة للتصدير من مناطق مختلفة وبالأخص الولايات المتحدة بسبب تباطؤ الطلب العالمي، علاوة على إرجاء اتخاذ قرار الاستثمار النهائى فى غالبية مشاريع الإسالة الجديدة المقترحة للتنفيذ بسبب تخفيض الشركات العالمية لنفقاتها الرأسمالية.
وأضاف التقرير، إلى أنه من جانب الأسعار فى السوق الفورى "يمثل 33% من مبيعات الغاز الطبيعى المسال"، فقد تهاوت إلى مستويات تاريخية فى السوق الآسيوى والسوق الأوروبي، لتصل إلى أقل من 2 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية فى المراكز الرئيسية فى آسيا وأوروبا، كما تراجعت تراجعت أسعار الغاز الطبيعى وفقاً لمركز هنرى إلى 1.9 دولارللمليون وحدة حرارية بريطانية خلال الربع الأول من العام الجارى 2020، ثم إلى 1.7دولار/ مليون وحدة حرارية بريطانية خلال الربع الثاني.
أما فيما يتعلق بالصادرات أوضح التقرير أن الدول العربية لم تتأثر إلا بشكل طفيف، حيث بلغت صادراتها خلال النصف الأول من العام الجارى 2020 حوالى 53.6 مليون طن بتراجع طفيف نسبته 1.5% عن الفترة المماثلة من عام 2019 حين بلغت الصادرات آنذاك نحو 54.4 مليون طن. وقد استحوذت الدول العربية مجتمعة على حصة سوقية قدرها حوالى 29.35% خلال النصف الأول من عام 2020.
ويعود ذلك فى المقام الأول إلى طبيعة التعاقدات بين الشركات الوطنية فى الدول العربية وعملاءها فى الأسواق الأوروبية والآسيوية، حيث تعد الدول العربية المورد الأساسى المعتمد طويل الأمد لكبار المستهلكين فى مختلف الأسواق، وفى المقابل، فقد باتت الولايات المتحدة الأكثر تأثراً عالمياً بجائحة كوفيد-19 خلال الربع الثانى للعام الجارى 2020، حيث تراجعت صادراتها إلى 10 ملايين طن مقارنة بـ 14.2 مليون طن التى حققتها خلال الربع الأول، بنسبة تراجع تخطت الـ40%، وهو التراجع الأكبر عالمياً.
وتابع التقرير ، أن جائحة فيروس كورونا المستجد ألقت بظلالها على أداء بعض الأسواق بسبب تراجع النشاط الاقتصادى ومن ثم تباطؤ الطلب على الغاز الطبيعى المسال الذى ظهر بوضوح خلال الربع الثانى من العام الجاري، حيث وصل إجمالى الطلب إلى 88 مليون طن مقارنة بـ100مليون طن خلال الربع الأول بتراجع 12%، إلا أن إجمالى الطلب خلال الربع الأول والثانى مجتمعين يزيد بنحو 6% عن الفترة المماثلة من عام 2019 أى أن تجارة الغاز الطبيعى المسال عالمياً شهدت نمواً قدره 6% على أساس سنوى خلال النصف الأول من عام 2020 بالرغم من انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد، لكنه يظل أقل من النمو المتوسط على مدار السنوات العشر السابقة.
وقد لفت التقرير إلى أن الصين أصبحت أسرع الأسواق الآسيوية فى التعافى من تداعيات الجائحة بعد أن كانت أولى الأسواق المتأثرة، حيث بلغت وارداتها خلال الربع الثانى 16.6 مليون طن مقارنة بنحو 14.6 مليون طن خلال الربع الأول بنمو 13.7% (على أساس ربع سنوي)، وذلك بفضل نجاحها فى احتواء جائحة فيروس كورونا المستجد ومعاودة مزاولة النشاط الصناعي.
وذكر التقرير، أنه من جانب الاستثمارات، فقد تسببت جائحة فيروس كورونا المستجد فى توجيه ضربة قوية للاستثمارات فى معظم مشاريع الإسالة المقترحة، حيث تم تأجيل قرار الاستثمار إلى عام 2021 وما بعده فى نحو 17 مشروعاً مقترحاً لتصدير الغاز الطبيعى المسال فى سبع دول بإجمالى 171.4 مليون طن/السنة من إجمالى 21 مشروعا للغاز الطبيعى المسال كانت بانتظار اتخاذ قرار الاستثمار النهائى عام 2020، وأصبحت الولايات المتحدة الأكثر تأثراً بجائحة فيروس كورونا، حيث شهدت وحدها تأجيل سبعة مشاريع مقترحة لتصدير الغاز الطبيعى المسال دفعة واحدة بطاقة إجمالية 107 مليون طن/السنة.
ولفت التقرير إلى أنه بالرغم من تأثر قطاع الغاز الطبيعى المسال بجائحة فيروس كورونا المستجد ، بعدة تداعيات ستلقى بظلالها على هذا القطاع الاستراتيجى لعدة سنوات مقبلة، قد تنشأ فرص حقيقية تساهم فى تحقيق التوازن داخل السوق العالمى واستمرار تدفق استثماراته على المدى المتوسط والطويل.