بنات الشوارع "بيزنس الدعارة والاتجار بالبشر"..فتيات أجبرتهن قوانين الرصيف على الأمومة فى سن الطفولة.. صابرين عمها باعها لسداد إيصالات أمانة.. "شيرين": البنت ممكن تتخزن فى مكان واللى خطفها يتاجر بجسمها

نقلا عن العدد اليومى...

اشتدت عليها آلام الوضع.. يتصبب وجهها وجسدها عرقا وهى تقاوم رغبة جنين يحاول الخروج للحياة، مثلما حاولت من قبل أن تقاوم زرعه فى أحشائها، رغما عنها، تجز على أسنانها، بينما تتساقط الدموع من عينيها، وتتذكر تلك الليلة التى اجتمع عليها ثلاثة ذئاب، وهى نائمة على رصيف أحد الشوارع، لم يكن عمرها قد تجاوز 15 عاما، جذبها اثنان من ذراعيها، بينما وضع الثالث مطواة بجانبها ويده الثقيلة على فمها، حاولت أن تقاوم فسبوها بأفظع الألفاظ، بينما اقتربت المطواة لتجرح جسدها، جحظت عيناها وأصابها الذهول والرعب، وارتعش جسدها وهم يقتادوها إلى التوك توك كذبيحة حان وقت ذبحها.. حاولت التوسل إليهم فلم تجد ردا سوى اللكمات والضرب.

لم تجد هدى مفرا من مصيرها المحتوم، وعندما وصلت إلى العشة التى اصطحبوها إليها، وبينما أخذ كل منهم ينزع عنها قطعة من ملابسها، توسلت إليهم بصوت ضعيف «علشان خاطر ربنا ماتشرحونيش وماتخزنونيش وهاعمل اللى انتوا عايزينه».

ومفهوم التخزين والتشريح لا تعرفه سوى الفتيات اللاتى حكمت عليهن الظروف ألا يجدن مأوى غير الشارع، فخضعن لقوانينه التى لا تعرفها سوى من جربت هذه الحياة وذاقت مرارتها واكتوت بنارها.. إنهن من نطلق عليهن لقب «بنات الشوارع» واللاتى نمر عليهن فى الشوارع مرور الكرام ونتأفف منهن ونحن ننظر إليهن عبر زجاج السيارات.

فى السطور التالية نقترب من حياة بنات الشوارع، أو بصورة أدق أمهات الشارع اللاتى أجبرتهن قوانينه على الأمومة رغما عنهن وكثيرات منهن فى سن الطفولة، لنكشف تفاصيل هذا العالم السرى الذى يشبه الغابة وقوانينه، وأبشع درجات الانتهاك الذى تتعرض له الفتيات فيه دون مجير.. هدى.. قصة اغتصاب وخطف و«تخزين» وطفل بدون أب وحيرة «أبيعه ولا ما أبيعوش؟!» كانت هدى قد سمعت من رفيقاتها فى الشارع اللاتى شربن من نفس الكأس حكايات كثيرة عن تجاربهن المؤلمة، كيف فقدت إحداهن جزءا من إصبعها أثناء قيام 4 شباب بالاعتداء عليها، وكيف شق وجه رفيقتها بطة «موس» حين قاومت شابين حاولا اختطافه، وكيف تم تخزين شيماء لمدة شهر فى غرفة ربطها فيها 5 شباب ليداوموا الاعتداء عليها خلال هذه الفترة التى جاملوا فيها أصدقاءهم بجسدها، الذى أنهك من كثرة الاعتداء الجنسى، هذا هو مفهوم التشريح والتخزين فى لغة البنات اللاتى أجبرتهن الظروف على أن يصبحن من «بنات الشوارع».

وكما لم تستطع هدى مقاومة الذئاب الثلاثة فى تلك الليلة التى افترسوا فيها جسدها بلا رحمة، وكما لم تختر شيئا فى حياتها، لم تستطع مقاومة قدوم هذا المولود الذى تعلق بأحشائها وخرج إلى الدنيا رغما عنها، فأصبحت أما رغم أنفها.

اصطحبتها رفيقاتها فى الشارع إلى المستشفى لتلد طفلها الذى لا تعرف له أبا، وبمجرد ولادته كانت المهمة الأولى لرفيقات الشارع اللاتى اعتدن على هذه المواقف هى محاولة تسريب هدى وطفلها دون أن تشعر إدارة المستشفى حتى لا يتم إبلاغ الشرطة، إذا ما عرفوا أنها من بنات الشارع وأن الطفل بلا أب.

وبالفعل نجحت المهمة وخرجت هدى إلى الشارع بطفلها الذى أطلقت عليه اسم أحمد، ولم تشأ أن تتخلى عنه وتتركه فى المستشفى وتهرب بمفردها، كما فعلت والدتها التى تخلت عنها، وكادت تتركها فريسة فى يد زوجها الذى تزوجته بعد وفاة والدها، فاضطرت الصغيرة لأن تهرب من البيت بعد أن حاول زوج الأم العبث بجسدها الذى ظهرت عليه علامات الأنوثة.

هدى لم تستجب أيضا لما طرحته عليها بعض رفيقات الشارع من عروض للاستفادة بهذا الطفل.. «ممكن أجيبلك فيه 2000 جنيه ينفعوكى بدل ما تشيلى همه طول العمر».. هكذا أشارت عليها صديقتها بطة، ولكنها رفضت هذا العرض، كما رفضت تسليف وتأجير الطفل «باليوم»، بهدف التسول، واختارت أن تذهب بطفلها للإقامة فى جمعية «قرية الأمل» لرعاية أطفال الشوارع، حيث كانت تتردد على الجمعية، خلال فترة حملها فى مركز الاستقبال النهارى أحيانا، وقررت بعد الولادة الإقامة فى الجمعية فى مركز الأمهات الصغيرات.

فى مركز الأمهات الصغيرات.. حكايات تقطّع القلب فى هذا المركز تجتمع أمهات صغيرات، بعضهن فى سن الطفولة أجبرتهن الظروف، وحياة الشارع على الأمومة رغما عنهن، حكايات ومآس وأوجاع تتجسد فى ملامح فتيات، قد تتأفف حين تصادف إحداهن فى الشارع تتسول أو تبيع مناديل أو تقترب منك، دون أن تدرك أن وراء كل منهن مأساة وحكاية دفعتها لمر الشارع وقسوته. تشعر بالرعب والذهول حين تستمع إلى حكايات البنات اللاتى أصبحن أمهات صغيرات تجسد كل منها أبشع سوءات المجتمع وعوراته. داخل المركز تلاحظ حركة ونشاطات متعددة، صغيرات يحملن على أكتافهن أطفالا رضع، وفتيات هربن من جحيم البيوت والشوارع، وسيدات مجتمع جئن ليشترين بعض ما تنتجه هؤلاء الفتيات من منتجات تعلمن صناعتها فى ورش المركز المختلفة، مخبوزات وإكسسوارات ومشغولات يدوية وملابس.

بعضهن تخش الحديث وتتهرب حتى لا تتذكر ما حدث لها من انتهاكات، أو لا ترغب فى ذكر الحقيقة كاملة لما تحمله الحكايات من ذكريات يصعب على العقل استيعابها. مأساة مروة.. حملت من والدها وحاولت الانتحار بعد إنجاب طفل لا تعرف إن كان ابنها أم شقيقها من أصعب المآسى التى يمكن أن تراها فى حياتك حكاية مروة الفتاة ذات الـ17 ربيعا والتى أصبحت حياتها جحيما بعد أن عجز عقلها عن استيعاب ما حدث لها، تحمل مروة طفلا لا تعرف إن كان أخاها أو ابنها، فالطفل الذى تحمله على يديها هو نتيجة لحملها من أبيها!! تخيل فى مجتمعنا الذى نتحدث فيه عن الدين والقيم أكثر مما نأكل ونشرب تحمل بعض الفتيات من آبائهن, لا تجف دموعها ولا ترغب فى الحديث أو فى استرجاع مأساتها.

تحكى عنها دكتورة عبلة البدرى مدير الجمعية وتعتبرها من أصعب الحالات التى شهدها المركز والتى شهدتها طوال 28 عاما فى مجال العمل على مساعدة أطفال الشوارع.

فمروة إحدى أصعب حالات اغتصاب المحارم، انتهك والدها جسدها وهى فى سن 15 عاما، ولم تصدقها أمها أو تحميها، فخرجت الفتاة إلى الشارع تحمل فى أحشائها جنينا لا تعرف إن كان ابنها أو أخاها، تلقفتها الجمعية ورفعت دعوى على الأب الذى أثبتت تحاليل الـ «دى أن ايه» أنه والد الطفل وحكم عليه بالسجن، بينما قاطعت الأم ابنتها بدعوى أنها تسببت فى سجن أبيها.

«مروة حاولت الانتحار أكثر من مرة، كما حاولت قتل الطفل، وعقلها ماستوعبش اللى حصل لها».. هكذا تحدثت دكتورة عبلة عن هذه الفتاة قائلة: «الأم ماحاولتش تزورها والبنت دموعها ما بتنشفش، حاولنا تأهيلها نفسيا، ودلوقت بتقول على الولد أخوها، وطلعنا له شهادة ميلاد باسمها» الطفلة فاطمة أنقذتها أمها من أنياب زوج الأم وهربت بها وشقيقتها إلى جحيم الشارع وقبل أن تفيق من صدمة مروة أو تفقد الثقة فى كل الأمهات والآباء تعيد حكاية فاطمة إليك بعضا من هذه الثقة، فتاة لم تكمل 14 عاما تتحرك بنشاط بين ورش المركز وتعمل فى ورشة المخبوزات، تحرص أمها التى هربت بفاطمة وشقيقتها الصغرى من إحدى المحافظات على ألا تتذكر فاطمة ما حدث لها قبل 5 سنوات، حيث كانت الطفلة يتيمة الأب، أن تفقد عذريتها على يد زوج أمها، ووالد شقيقتها مريم، الذى حاول اغتصابها، فأنقذتها الأم وكادت تفتك بزوجها واصطحبت فاطمة ومريم ابنتها من زوجها الثانى، والتى لم تكمل حينها عامين لتهرب من البيت، ومن المحافظة كلها، بعد أن حررت محضرا للزوج، ولم تجد مكانا لها وبناتها سوى الشارع، وأقامت فى ميدان التحرير لفترة، حتى أنقذتها الجمعية، ووفرت لها سكنا وعملا، تتدرب فاطمة فى الورش التى تتنوع بين التدريب على الخياطة وصناعة البامبو، وإعداد طلبات الحلوى لبيعها، والتحقت مريم بالمدرسة، ويبقى هاجس الأم الدائم وهو الخوف من أن يعثر عليها الزوج حتى لا يأخذ ابنتها الصغيرة.

صابرين بنت العشرين.. قضت ربع عمرها فى الشارع والحصيلة طفلان أحدهما لا تعرف مصيره وفى ركن من أركان الجمعية تجلس صابرين الفتاة السمراء التى لم تكمل عامها العشرين، ترتسم على وجهها ملامح السذاجة الممزوجة بالحيرة والشقاء لترضع طفلها الذى لم يكمل شهره الرابع، حين تراها لا تصدق أن هذه الفتاة قضت مايقرب من ربع عمرها فى الشارع، وأن هذا الطفل الذى تحمله هو ابنها الثانى الذى أنجبته فى الشارع، حيث إنها أم لطفلة عمرها الآن 3 سنوات لا تعرف عنها شيئا.

«عمى الله يجازيه بادعى عليه فى كل وقت لأنه السبب فى اللى حصل لى، أمى ماتت وهى بتولدنى وأبويا مات بعدها، وعشت مع عمى.. مادخلتش مدرسة، ولما بقى عمرى 16 سنة غصبنى على الجواز علشان كان عليه إيصالات أمانة لواحد، ضربنى وجوزنى بالعافية، ولما اتجوزت مااستحملتش وهربت وماكنتش اعرف إنى حامل، كنت عايشة فى الإسماعيلية، روحت عند واحدة قريبتى ولما حاولت ارجع بيت عمى طردنى، فهربت وجيت على مصر».

وتكمل صابرين حكايتها، بينما ترضع طفلها ياسين: «قعدت فى الشارع سنة مع واحدة قاعدة بفرشة شاى، بعت مناديل ولما ولدت بنتى ملك فى المستشفى مكانش معايا ورق قامت هى استلمتها وكتبتها باسمها وخدتها منى، بنتى دلوقت عمرها 3 سنين، وماشفتهاش من سنة ونص، الست سابت الفرشة ومش عارفة مكانها، اتعرفت على واحد بياع من الشارع واتجوزنى «عرفى» ولما عرف انى حامل سابنى، فجيت الجمعية من سنة علشان ابنى، باتعلم خياطة وبيدونى مصروف للولد، نفسى اعمل شهادة ميلاد لياسين وأشوف بنتى واشتغل ويبقى ليا مكان أتلم فيه مع عيالى.. بادعى على عمى هو اللى خلانى كده أنا وعيالى».

شيرين.. تكشف أسرار 12 سنة فى الشارع وبيزنس التجارة فى البنات على الرصيف «البنت فى الشارع مالهاش دية».. بهذه الكلمات لخصت شيرين خبرة 12 سنة قضتها فى الشارع، وأنجبت خلالها طفلها عمر الذى يبلغ من العمر 4 سنوات.

تعرضت شيرين خلال هذه الفترة لكل أنواع الانتهاكات وشاهدت ما لا يمكن أن يتخيله عقل من أسرار وخفايا تحدث لبنات وأطفال الشوارع.

شيرين التى تبلغ من العمر 27 عاما خرجت إلى الشارع هاربة من بيت أسرتها وعمرها 15 سنة: «خرجت من البيت هربانة من قسوة أمى اللى كانت حبسانى، كنت فاكرة إنى هلاقى الحرية، وهاعمل اللى أنا عاوزاه، لكن لقيت إن كل حاجة فى الشارع ليها تمن حتى اللقمة، والتمن دايما بيبقى غالى».

وتحكى شيرين عن بداية خروجها للشارع قائلة: «أول ما خرجت الشارع اتعرفت على بنتين فى العجوزة كانوا بيناموا جنب العربيات وقعدت معاهم لكن ماكنتش بانام بالليل أبدا كنت خايفة، وبعد شوية عرفت إن علشان البنت تعيش فى الشارع لازم يكون فى حد بيحميها، ولو جت فرصة إن أى حد يبيع التانى علشان مصلحة هيبيعه» وتبكى شيرين وهى تسترجع ما حدث لها فى الشارع قائلة: «أصعب حاجة لما الواحدة تعمل حاجة غصب عنها، أنا واحدة صاحبتى باعتنى كانت بتقعد معانا، وبعدين قالت إنها اتجوزت، وأخدتنى معاها فى بيتها وفجأة لقيتها مسلمانى لاتنين وهددتنى ووقفت تتفرج وأنا بادبح» وتكمل: «ماحدش بيحمى حد، حتى الشرطة بتستغل البنات اللى فى الشارع، كتير من أمناء الشرطة والضباط بيساوموا البنات فى القسم ويا تستجيب لطلباتهم، أو يتعمل لها قضية، وطبعا بنات كتير بيستجيبوا، وساعات البنت بتعتبر ده حماية ليها طول ماهى بتطاوعه هيبقى حماية ليها وماحدش هيقدر يكلمها».

برضاها أو غصب عنها هتتباع يعنى هتتباع «البنت فى الشارع كده كده بتتباع، ممكن يكون بيستغلها واحد، بيبعتها لناس وتديله نص الفلوس ده لو ماأخدهاش كلها، وطول ما هى تبعه ماحدش بيتعرض لها، والبنت بتقبل لأنه هيحصل برضاها أو غصب عنها، علشان ماتتخزنش ولا تتشرح لأنها لو رفضت هياخدها بالعافية ويخليها فى حتة ويجيب عليها ناس إسبوع أو شهر زى ما هو عاوز وياخد الفلوس غير اللى بيحصل فيها».

وتتحدث شيرين عن أبشع الانتهاكات التى تحدث، قائلة: «البنت ممكن تتشوه بموس لما اللى واخدها يخلص غرضه منها علشان يبقى كاسر عينها، ولو قال إنها كانت معاه وأنكرت يثبت إنه نام معاها وعورها فى وشها أو فى أماكن تانية علشان يبقى علم عليها».

وتكمل قائلة: «بيع المناديل والأذكار ده أسهل وأشرف حاجة فى الشارع، ساعات نشتغل مع تاجر بالنهار بيدينا فلوس مقابل الشغل ده، لكن بالليل البنت ممكن تعمل أى حاجة غصب عنها». وتكمل: «الناس فاكره إن اللى فى الشارع ده موجود بمزاجه، ويستاهل اللى يحصل له، لكن الحقيقة غير كده، وبالذات البنت لما بتخرج للشارع بتبقى الظروف أقوى منها، وحتى لما بتحاول ترجع تانى للبيت مابتقدرش خصوصا لو خلفت».

وتحكى عن تجربتها فى الأمومة، قائلة: «فى الشارع البنت بتتمنى حد يحن عليها وتحس إنه بيحبها حتى ولو بالوهم، وأنا قابلت شاب كان بيعاملنى كويس واتجوزنا بورقة عرفى، ولما عرف إنى حامل قاللى ماليش دعوة اتصرفى ونزليه، أصل البنت لما بتحمل فى الشارع غالبا اللى حملت منه بيتهرب منها وبيقول طول ماهى فى الشارع أضمن منين إنها حامل منى ؟». قانون الشارع.. إشرب علشان تستحمل وتنسى وعن تجربة الحمل والولادة فى الشارع تقول شيرين: «مفيش حاجة اسمها البنت تهتم بصحتها علشان حامل، فى الشارع كله بياخد مخدرات علشان مايحسش باللى بيحصل له، وأنا كنت باخد برشام، كنت عايزة أفضل تايهة لأن الواقع كبيرعلى دماغى».

وتؤكد شيرين أن الفتاة التى تحمل فى الشارع غالبا تعرف من هو والد طفلها، «فيما عدا اللى بيحصل عليها حفلة، على حد قولها». وعن الولادة تقول: «فى بنات بيولدوا فى الشارع وبيكون أصحابها معاها وبيقطعوا لها الخلاص لأنهم متعودين على الحاجات دى، وفى اللى بتروح المستشفى وتولد وتسيبه وتهرب، وساعات بتروح المستشفى وبيكون معاها حد من الكبار تقول أنها أختها أو أمها، وبعد ماتولد يخرجوا سرقة، لأنه لو اتعرف إنه ما لهوش أب مش بيخرجوها وبيستدعوا الشرطة علشان المستشفى تخلى مسؤوليتها».

ويختلف مصير الطفل المولود، كما تقول شيرين: «فى بنات بتخلى الطفل معاها من غير شهادة ميلاد، وفى اللى بتبيعه لناس مابيخلفوش، وتقول أهه يطلع له شهادة ميلاد ويتربى أحسن من الشارع، وفى اللى بتأجره باليوم لحد علشان يشحت بيه».

وتكمل: «لما ولدت واحدة عرضت عليا أبيع ابنى بمبلغ 2000 جنيه لكن رفضت، ماكنتش عاوزة أتخلى عنه، لأن طول عمرى حاسة، إن أمى بتتخلى عنى، الجمعية ساعدتنى أطلع له شهادة ميلاد وكتبته باسمى، وبعد ما خلفت حياتى، اتغيرت لأنى مش عاوزة ابنى يشوف اللى شفته.

الاغتصاب.. أو الضرب بالكرباج والقتل بالنار» تحكى شيرين عن أصعب الأوقات التى مرت عليها فى الشارع وتقول: «الشارع غابة مابترحمش وكنت باشوف أطفال بيتعرضوا للاغتصاب، والبنات بتخلف من سن 12 سنة، كان فى بنت عندها 9 سنين طفشت للشارع من عذاب مرات أبوها، وماكنتش عارفة أعمل لها حاجة لحد ما عرفت الجمعية وبلغتهم وخدوها».

وتتابع: «الناس بتبص للبنت اللى فى الشارع على إنها تستاهل كل اللى يحصل لها، ولو شافوها بتتعرض للخطف أو حتى القتل ماحدش بيساعدها، مش هانسى منظر صاحبتى اللى كان عندها 13 سنة، ومعاها بنتها لما انضربت بالكرباج قدام الناس فى الشارع من 3 بلطجية علشان مارضيتش تروح معاهم، وماحدش دافع عنها، البنت دى هربت من البيت لأن أبوها وأمها انفصلوا، وكان أبوها بيتحرش بيها، مكانش قدامها حل غير الشارع، لأن لو حصل ده من حد تانى هيكون أرحم، من إنه يحصل من أبوها». تبكى شيرينو وهى تتذكر ما حدث لصديقتها هبة: «انضربت بالنار فى الشارعو وماتت على إيدى، كانت بتحب ولد معانا فى الشارع، وحملت منه، الوحيد اللى اعترف بابنه وكتبه باسمه، ووقت الثورة هجم عليها 4 شباب، كانوا عاوزين ياخدوها غصب عنها، ولما قاومت ضربوها بالنار قدام ابنها، والناس وقفت تتفرج وهربوا، وماحدش حاسبهم، كانت بتروح وتيجى على الجمعية، بس فى ناس مش بتقدر تقعد فى الجمعية كتير ،علشان بيبقوا اتعودوا على حياة الشارع والمخدرات والسجاير، ولما ماتت جوزها ماقدرش ياخد الولد، لأنه عايش فى الشارع، وسابه فى الجمعية».

بيزنس الشارع.. من الدعارة للمظاهرات والمولوتوف تتحدث عن أشكال الاستغلال فى الشارع وتقول: «فى الشارع ناس بتعمل مصالح كتير، وفى اللى بيستغل البنات ويسرحهم فى موسم توافد العرب، كان فى واحدة عرضت عليا السكة دى، كانت بتروح وتيجى على الجمعية، وكانت تعرف واحد بيشغلها، ووقت الموسم بتعمل مشكلة وتخرج، ساعات ياخدها يوديها لناس وساعات، هما يييجوا عنده، وأيام الثورة والمظاهرات كان فى ناس بتأجر أطفال وبنات الشوارع، بيدوهم فلوس، علشان يضربوا مولوتوف، بيعرفوا أماكن التجمعات والكبار بتوع الشارع ويدوا كل واحد 50 أو 100 جنيه، ومانعرفش دول تبع مين المهم إنهم بيدفعوا». وعن زواج البنات عن طريق الجمعية تقول شيرين: «فى الجمعية بيساعدوا البنت علشان تتعلم صنعة، وممكن تتجوز وفى الجمعية بيجهزونا، لكن معظم الجوازات بتفشل، العريس بيبقى شايف إنه بيتجوز أرخص، وإن البنت ممكن تشتغل وتصرف عليه، وساعات هو اللى بيشغلها، والبنت بترضى علشان تبقى متجوزة بورقة رسمى».

مدير جمعية أطفال الشوارع: أطفال الشوارع وقود الإرهاب والمظاهرات ويتم استغلالهم جنسيا.. والحل فى المدارس العسكرية.

وفى جمعية قرية الأمل تسود الحركة والنشاط داخل أركان الجمعية، وتتحدث دكتورة عبلة البدرى عن خبرة 28 عاما هى عمر الجمعية التى تخصصت منذ نشأتها فى التعامل مع ظاهرة أطفال وبنات الشوارع.

وعن ظاهرة بنات الشوارع تقول: «أهم أسباب خروج البنت للشارع العنف والتفكك الأسرى، وتعرضها للاعتداء الجنسى أو التحرش داخل الأسرة، وفى حالات البنت بتنجب من أحد محارمها أو فى سن الطفولة، أو تنجب نتيجة الاعتداء عليها فى الشارع، وتحاول الانتحار أو قتل الطفل، لذلك أنشأنا مركزا للأمهات الصغيرات، نحاول من خلاله تأهيل البنت نفسيا وتقويم سلوكها».

وتضيف: «هناك صعوبة شديدة فى إعادة البنت لأسرتها مرة أخرى، فالأسرة فى الغالب لا تريد البنت، خاصة إذا كانت قد أنجبت فى الشارع خوفا من الفضيحة والشكل الاجتماعى، وفى حالات بسيطة ممكن ترجع لو اتجوزت، وكتير البنت بترفض ترجع لأهلها».

وتحكى دكتورة عبلة عن حالة من أصعب الحالات التى تعرضت لظلم الأسرة وهى طفلة من دمياط عمرها 15 سنة اعتدى عليها 3 صبية من جيرانها بصورة بشعة، حتى إنهم قطعوا إصبعها، ولكن الأسرة تنازلت عن المحضر مقابل مبلغ مالى بعد مساومة أهالى الجناة للأب وزوجته، وهو ما دفع الفتاة للهرب للشارع، فتلقفتها الجمعية ورفعت دعوى على الجناة، ونتج عن هذا الحادث حمل الفتاة، ومن حسن حظ الفتاة أن الحمل لم يكتمل. وعن كيفية التعامل مع الأمهات الصغيرات تقول: «بتختلف طريقة التعامل بين الولاد والبنات، الولد بعد ما يكمل دراسته ويخلص الجيش بيكون عنده دفتر توفير وبنوفر له شقة وينفصل عن الجمعية فى سن معينة، لكن مع البنات، الوضع بيختلف، بندرب البنت على مهنة معينة أو بنوفر لها وظيفة، وأحيانا لما بتوصل لسن 23 – 24 سنة ممكن نوفر شقة لمجموعات منهم بتتكون من 3– 4 حالات بشرط تكون قادرة على الاعتماد على نفسها، وبيعيشوا مع بعض، هما وولادهم، وتكون أماكن سكنهم فى مناطق مأهولة، وليست منعزلة، وبنتابعهم، أما التى لا تستطيع الاعتماد على نفسها نشغلها فى الجمعية لتحظى بالرعاية وتصبح مشرفة أطفال حتى تتزوج». وتضيف: «زوجنا عددا من الأمهات الصغيرات، بيتقدم حد يكون شافها ونعرفه كل ظروفها، ونطمئن أنه لن يستغلها، لأن فى حالات الشاب يكون محتاجا لخادمة تخدم أمه وأسرته، فندرس الحالة بدقة شديدة، وزوجنا حالات كتير ومنها بنات رجعت تانى لأن الزوج يريد استغلالها».

وعن الأطفال تقول: «فى بعض الحالات أزوج الفتاة وتصطحب معها طفلها إلى بيت الزوجية، وحالات أخرى يظل الطفل عندى إذا رفض الزوج، وساعات تتزوج ثم يفشل الزوج، وتأتى بطفل ثان، ونحن نرى كل الحالات، ولا نغلق الباب فى وجه الفتاة فى كل الأحوال، لأنها إذا لم تجد مكانا ستعود للشارع».

وتكمل مدير الجمعية قائلة: «إغراءات الشارع وضغوطه كثيرة، البنت ممكن تبيع الطفل، والأسعار بتبدأ بمبلغ 2000 جنيه، وهناك سماسرة يأخذون هؤلاء الأطفال للتسول، والبنات دول كنز لقيادات الشارع، بيتهجم علينا البلطجية لو عرفوا إن بنت من البنات اللى مشغلينها بتحتمى بالجمعية، البنت ممكن تجيبلهم 2000 جنيه فى اليوم لو شغلوها فى الدعارة، وهما بيراضوها كويس أوى علشان ماتهربش منهم، وعلشان المشاكل دى الجمعيات بترفض تتخصص فى التعامل مع أطفال الشوارع وبتفضل التخصص فى رعاية الأيتام والأطفال مجهولى النسب لأن مشاكلهم أقل».

السياحة الجنسية واستغلال أطفال الشوارع وتحكى قائلة: «كان عندنا بنت فجأة اختفت من المركز فى الصيف وعندما قابلها المشرفون فى الشارع، قالتلهم ده موسم، وأنا باخد 600 جنيه فى اليوم، يبقى اللى مشغلها بياخد كام؟!، وأنا مش عاوزة أفتح أى مجال للعودة للشارع».

وتكشف دكتورة عبلة البدرى عن وجود سياحة جنسية فى مصر، يتم خلالها استغلال أطفال وبنات الشوارع، وكشفتها تقارير منظمات دولية عن مصر، تؤكد مزيدا من المصائب والانتهاكات المسكوت عنها.

وتضيف: «نستقبل حالات أنجبت أكثر من طفل فى الشارع، لأن منتشر بينهم الزواج العرفى بتاع الشارع، ممكن الأسبوع ده متجوزة فلان، والأسبوع اللى بعده شخص تانى، وهى فاكرة إن ده جواز، وفى حالات باحاول إقناع الولد بالزواج الرسمى، ولو يوم لمجرد استخراج شهادة ميلاد للطفل».

وتحذر دكتورة عبلة البدرى من وجود جيل ثان، فى الشارع مجهول النسب، قائلة: «الأطفال اللى بتتولد فى الشارع مش محسوبة على الدولة، وكل يوم بيتولد أعداد كبيرة ماحدش عارفها كام، ولا بتعمل إيه، ودول ممكن استغلالهم فى جرايم كبيرة، ودى قضية أمن قومى، ويجب إثبات هذا العدد من الأطفال». وتضيف أن هؤلاء الأطفال كانوا وقود المظاهرات، ويتم استخدامهم فى أعمال الإرهاب، مؤكدة أن أطفال الشوارع، هاجموا بعض الأقسام فى ثورة يناير، وتم استغلالهم بشكل كبير فى اعتصامات رابعة والنهضة وهو ما يفسر ما لاحظه جميع الجمعيات، من اختفاء أطفال الشوارع خلال رمضان 2013، وتقول: «لما شفنا ولاد من اللى بيترددوا على الجمعية واحد منهم قال باخد 200 جنيه، فى اليوم ولو حدفت مولوتوف، باخد 600 ، مؤكدة أن هؤلاء الأطفال توكل إليهم أعمال لا يقوم بها غيرهم لأنه لا يوجد من يسأل عنهم.

وتكشف مدير جمعية أطفال الشوارع عن لغز لم يستطع أحد حله حتى الآن، وهو اختلاف خريطة تواجد أطفال الشوارع، وتوزيعهم، وهو ما يؤكد إمكانية استخدامهم فى أمور خطيرة، تضر بالأمن القومى.

وعن كيفية استقبال الأطفال وبنات الشارع فى الجمعية تقول دكتورة عبلة: «التعامل مع طفل الشارع صعب جدا، فهو لا يثق فى أى شخص ويشعر أن الكل يريد استغلاله، لذلك ينزل الأخصائيون الاجتماعيون للشارع ويتعرفون على أماكن تجمعات الأطفال، ويعرضون عليهم خدمات مركز الاستقبال النهارى، وأنه يمكن أن يساعدهم فى العلاج والاستحمام وتوفير التغذية اللازمة مجانا، ولا يجبرونهم على المجىء، وبعد فترة يتردد فيها الطفل على المركز النهارى، ويحصل على خدماته، يقرر بنفسه وبرغبته البقاء أو لا، لأننى لا أستطيع إجبار الطفل أو البنت على البقاء فى مراكز الإقامة التابعة للجمعية.

وتتابع: «هناك نماذج إيجابية من أطفال وبنات الشوارع استطعنا تأهيلها وحققت نجاحا كبيرا، ومنهم طلبة أحرزوا تفوقا دراسيا ورياضيا، وعلى سبيل المثال مشروع كورال مصر الذى تبناه المايسترو سليم سحاب يضم 27 من أبناء وبنات الجمعية، والعام الماضى اشتركنا فى بطولة كاس العالم الثانية على مستوى العالم لكرة القدم لأطفال الشوارع ضمن 20 دولة فى البرازيل.

ولحل مشكلة أطفال وبنات الشوارع ترى دكتورة عبلة البدرى أن الجمعيات الأهلية والشرطة ووزارة التضامن، جميعهم فشلوا فى التعامل مع هذه المشكلة، وأنه لا يجب بأى حال من الأحوال أن يستمر الوضع القائم فى ترك هؤلاء الأطفال والبنات فى الشارع، ولا يجب أن تتركهم الدولة فى هذا الوضع، حتى وإن كان باختيارهم، لأنهم يتعرضون لأبشع الانتهاكات، كما لا يجب أن تترك أمورهم فى يد الشرطة، مؤكدة أن هؤلاء الأطفال لديهم «تار بايت مع الشرطة» على حد قولها.

وتقول: «أنادى بأن تتولى المؤسسة العسكرية حل هذه المشكلة من جذورها، وذلك بإنشاء مدارس عسكرية، يتم فيها جمع هؤلاء الأطفال بالإجبار، وأن تتعاون الجمعيات الأهلية، والمجتمع المدنى مع هذه المدارس، ويتم عمل بحث اجتماعى لكل حالة ومعرفة إمكانية إعادة الطفل لأسرته أو لا، وتتولى هذه المدارس تدريب وتعليم وتربية هؤلاء الأطفال».

وتشير مدير جمعية «قرية الأمل» إلى أن الرئاسة تهتم بقضية أطفال الشوارع، وتعرف مدى خطورتها على الأمن القومى، ولدينا إرادة سياسية لحل هذه المشكلة المزمنة، مؤكدة أن المؤسسة العسكرية هى المؤسسة الوحيدة التى يمكن أن يطمئن المجتمع إذا تم منحها حق ضبطية هؤلاء الأطفال، وهى التى يمكن أن تنجح فيما فشلت فيه المؤسسة الشرطية والجمعيات الأهلية، لحل مشكلة أولاد وبنات الشوارع، وأن تُخضع هؤلاء الأطفال لنظام محدد، ولا تسمح بوجود أى طفل فى الشارع، فإما أن يعود إلى أسرته، أو تتولى الدولة والمؤسسة العسكرية رعايته، مؤكدة أنها أعدت مشروعا متكاملا للتعامل مع أزمة أطفال الشوارع وحلها بشكل جذرى.










































الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;