زيارة خاطفة لم تستغرق سوى يوما واحدًا، أجراها الرئيس التركى إلى الإمارة الصغيرة فى الخليج العربى التى تدعى قطر قبل نحو أسبوع، لكن أصداءها لاتزال حتى اليوم تتناقلها التقارير ويتناولها المحللين فى كتاباتهم، لاسيما بعد أن عمد رجب طيب أردوغان إلى تضخيم من دور قوات بلاده المتواجدة على الأراضي القطرية التى هى - بحسب تقارير إخبارية - تستولى على الدوحة فى استعمار جديد من نوعه فى المنطقة فى وقت تنهار فيه الليرة التركية ويتهاوى الاقتصاد.
صحيفة أحوال المعارضة التركية، رأت أن الرئيس التركي عمد إلى ذلك بدوافع مالية بالأساس غير ذات صلة بالشؤون الدفاعية والأمنية، بحسب خبراء في المجالين يعتبرون أن هامش التحرّك المتاح لتلك القوات محدود جدّا في منطقة بالغة الحساسية للولايات المتّحدة التي تحتفظ في قطر بإحدى أهم قواعدها العسكرية خارج مجالها؛ قاعدة العديد التي تؤوي عددا كبيرا من الجنود والعتاد المتطوّر.
وفى السابق قال أردوغان في تصريحات إن الوجود العسكري لبلاده في قطر يخدم الاستقرار والسلام في منطقة الخليج.
وبحسب الموقع التركي، يصف الخبراء الوجود العسكري التركي في قطر بالرمزي بغض النظر عن حجمه، ويعتبرون أنّ دوره لا يمكن أن يتعدّى الجانب “النفسي” المتمثّل في توفير الطمأنينة للأسرة الحاكمة غير المعرّضة في حقيقة الأمر لأي تهديد جدّي من أي طرف.
غير أن مطلّعين على الشؤون الخليجية يؤكّدون وجود دافع مالي مباشر وراء إرسال تركيا لجنودها إلى قطر حيث يفتح بابا إضافيا أمام أنقرة للوصول إلى أموال الغاز القطري.
ويربط هؤلاء حديث أردوغان عن القوات التركية في الخليج بالأزمة المالية المتفاقمة لبلاده، حيث سجّلت الليرة التركية قبل نحو أسبوع مستوى قياسيا جديدا في الانخفاض أمام الدولار الأميركي (7.9169 ليرة للدولار الواحد)، وسط استمرار تصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة والتي تشارك فيها تركيا بكثافة.
وتربط بين تركيا وقطر اتفاقية للتعاون العسكري تمت بموجبها إقامة قاعدة عسكرية تركية على الأراضي القطرية وتنفيذ تدريبات مشتركة.وتنص الاتفاقية على تشكيل آلية من أجل تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات التدريب العسكري، والصناعة الدفاعية، والمناورات المشتركة، وتمركز القوات المتبادل بين الجانبين.
وتحاول تركيا الحفاظ على العلاقة الأمنية والدفاعية مع قطر على الرغم من تشكيك أغلب الخبراء الأمنيين والعسكريين في جدواها بالنظر إلى تواضع القدرات القطرية في هذا المجال.
وترى تركيا في نهائيات كأس العالم التي تستعد قطر لاحتضانها بعد نحو عامين فرصة اقتصادية هامة يتعين اغتنامها، حيث شدّد الرئيس التركي فى تصريح سابق على أن البلدين سيعمقان التعاون بينهما من خلال المشاريع المشتركة قبيل مونديال 2022، مضيفا “يتطلب كأس العالم عملا تحضيريا كبيرا على نطاق واسع، بدءا من الأمن وحتى التنظيم، وليس فقط من حيث استثمارات البنية التحتية”.
وتقول المعارضة القطرية على لسان الناطق باسم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، فائق أوزتراك، إن الهدف من وراء زيارة أردوغان إلى قطر، الأسبوع الماضي، كان طلب المال.وأضاف أوزتراك، أنه كلما انحدرت الليرة التركية، يهرع أدروغان بسرعة قصوى إلى قطر طلبا للنقود، حسبما أوردت صحيفة "زمان" التركية.
ومنذ بداية الأزمة الخليجية انتهج إردوغان سياسة رد الجميل مع تميم، حيث ساندت قطر إردوغان عقب محاولة الاطاحة بحكمه فى يوليو 2016، مقابل ذلك منحت الدوحة أبواق اعلامها للمسئولين الأتراك لإطلاق إساءات تجاه الدول العربية والخليج والدفاع عن النظام القطرى.
وفى عام 2017، أوعز أردوغان لبرلمانه بالموافقة على إرسال قوات تحت غطاء قانونى، من خلال اتفاقية دفاعية تم إبرامها بين الدوحة وأنقرة فى 2014، تقتضى بنشر قوات من الجيش التركى فى قاعدة عسكرية تركية تسمى قاعدة الريان، غير أن مشروع القرار الذى وافق عليه البرلمان فى يوليو من العام نفسه، لم يحدد عدد الجنود الذين سيتم إرسالهم إلى القاعدة أو موعد إرسالهم، لكن تقارير أشارت إلى أن عددهم وصل إلى 3000 عسكرى تركى، مستندة إلى تصريح لسفير تركيا فى قطر، أحمد ديميروك آنذاك، الذى قال فيه إن القاعدة العسكرية ستضم فى النهاية 3 آلاف عسكرى أو أكثر اعتمادا على الاحتياجات".
وقاعدة الريان هي قاعدة عسكرية تركية في دولة قطر تم إنشائها بموجب توقيع اتفاقية تعاون عسكري في 28 أبريل 2014، وتشمل 90 جنديا تابعين لفرقة طارق بن زياد التركية برفقة مدرعاتهم، وعزز النظام التركى تواجده فى قطر بدفعات جديدة من قواته أرسلت على مدار السنوات الماضية، حيث أصبحت تضم قاعدة طارق بن زياد التركية نحو 5 آلاف جندي تركى يحتلون الدوحة وأكدت التقارير أن هذه القوات استخدمت لقمع الشعب القطرى الذى حاول الخروج للتعبير عن استياءه من النظام الحاكم.