باءت المحاولات القطرية بالفشل من أجل إنقاذ الاقتصاد التركى المتردى، عبر إطلاق حملة تسويق البضائع التركية داخل متاجر الدوحة، فى أعقاب حملات شعبية تدعو لمقاطعة عربية وخليجية لكل ما هو تركى فى الأسواق، حيث أشارت تقارير إلى أن الليرة التركية عند أسوأ أداء فى 21 عامًا.
وانتابت المستثمرين حول العالم حالة من الفزع حيال تثبيت البنك المركزى التركى لأسعار الفائدة، رغم المصاعب الاقتصادية التي تمر بها البلاد في خضم جائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية التي تثقل كاهل الاقتصاد التركي؛ ما أدى إلى تسجيل الليرة أسوأ أداء أسبوعى لها في نحو 21 عاماً؛ لتمحو كافة المكاسب الطفيفة التى تحققت، حسبما جاء بصحيفة عكاظ السعودية.
وأضافت الصحيفة، أن الهبوط المسجل الأسبوع الماضي هو تاسع تراجع أسبوعى للعملة التركية، التي اقتربت من حاجز نفسي مهم عند مستويات 8 ليرات للدولار الواحد؛ ما يؤكد مخاوف الأسواق من أن تحرك البنك المركزى التركي لن يرقى إلى مستوى الصعوبات التي يواجهها الاقتصاد البالغ حجمه نحو 700 مليار دولار، بحسب ما ذكرته وكالة «بلومبيرج».
وكشف محلل أدوات الدخل الثابت لدى Aberdeen لإدارة الأصول فى لندن للوكالة: «سنوات من أخطاء السياسات تسببت فى خسائر كبيرة بالاحتياطيات وضغط على العملة، القرار الذى اتخذه البنك أيضاً يوضح أن السلطات غير راغبة في خفض معدلات الائتمان، وهو أمر ضرورى لإعادة التوازن إلى السوق مرة أخرى».
وقالت مذكرة بحثية صادرة عن باركليز، إن البنك المركزى التركى كان يتعين عليه الاستمرار فى سياسة رفع الفائدة باعتبارها الخيار الوحيد لوقف نزيف العملة، وهو أمر قد لا يظل كافياً لدعم الليرة ولكنها الخطوة التي يجب اتخاذها على الفور.
وثبت البنك المركزي التركي في 22 أكتوبر الجاري أسعار الفائدة بعد رفعها في الاجتماع الماضي بنحو 150 نقطة أساس إلى مستويات 11.5%، وهي الخطوة التي فشلت في انتشال الليرة من الهبوط الحاد أمام الدولار مع اقترابها من تسجيل مستويات 8 ليرات للدولار الواحد، وهو مستوى قياسي لم يتم تسجيله من قبل.
وكانت الحملة الشعبية التى أطلقها نشطاء فى عدة دول خليجية وعربية من أجل مقاطعة البضائع التركية حول العالم قد نجحت فى إحداث هزة فى الاقتصاد التركى المتردى أساساً، وتكبدت أنقرة جراء تلك الحملة التى تتواصل للأسبوع الثالث على التوالى خسائر فادحة قدرها مراقبون بملايين الدولارات.
وحدث انهيار فى سعر الليرة التركية أمام الدولار، وحالة من شبه الإفلاس الجماعى للشركات المعتمدة على التصدير؛ ما يشير إلى قوة تأثير الحملة فى وقت تتطلع الحكومة التركية فيه إلى زيادة الصادرات ومساعدة الاقتصاد على التعافى من الركود الناجم عن أزمة العملة التى ضربت الليرة التركية منذ عام 2018.
وامتدت الحملة لتشمل الكثير من الشركات والمنتجات، إذ لم تعد مقتصرة فقط على قطاعى الاستيراد والتصدير والسياحة.
وفي أنقرة، أكد اتحاد المقاولين الأتراك وجود "عقبات مختلفة" أمام التجارة مع السعودية مثل عدم دعوة الأتراك إلى المشاركة في عروض، وصعوبة الحصول على تأشيرات للموظفين الأتراك، ويقدّر الاتحاد أن "الانطباع السلبي عن تركيا أدى إلى (خسائر) بقيمة ثلاثة مليارات دولار في الشرق الأوسط العام الماضى.
وأضاف الاتحاد أن السعودية التي كانت في المركز الثاني "في قائمة البلدان التي لديها أكبر قدر من الأعمال في 2016-2018 (مع تركيا) تراجعت إلى أدنى المستويات".
والعام الماضي، وجه السياح السعوديون دعوات إلى مقاطعة تركيا، وهي وجهة شهيرة في المنطقة لتمضية العطلة. كما صدرت دعوات للتوقف عن شراء العقارات في تركيا.
وتشير أرقام رسمية إلى تراجع الصادرات التركية فى السعودية إلى 1.9 مليار دولار في الأشهر الثمانية الأولى هذا العام، مقارنة بما قيمته 3.2 مليار دولار فى عام 2019.
ويرى روبرت موجيلنيكي، وهو باحث مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، أن "التدفقات التجارية الثنائية السعودية- التركية ليست كبيرة بما يكفي لنجاح أو فشل اقتصاد أى من البلدين"، ويضيف "ستخسر تركيا أكثر على المدى القصير من الاضطرابات فى العلاقات التجارية الثنائية".