بات تشويه وشيطنة المنافسين والسياسيين، واحد من أهم سمات الرؤساء والجماعات لتبرير ما لا يمكن تبريره من المنظور السياسى وتوجيه الأنظار بعيد عن الإخفاقات المتتالية والمشكلات الاقتصادية الداخلية.
أخرمشاهد مسلسل توظيف الدين فى المعارك السياسية، هو ما يمارسه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى حول امتطى الأزمة ليصنع من نفسه بطلا أمام دراويشه ومريديه من أنصار الخلافة العثمانية الجديدة.
إخفاقات أردوغان
خلال الأشهر الأخيرة تمكنت السلطات الفرنسية من إيقاف خطط الرئيس التركى الرامية إلى تأسيس الخلافة العثمانية الجديدة، وضبطت السلطات فى فرنسا العديد من الجمعيات ووفقا لما يقوله هشام النجار، الباحث المتخصص فى شؤون الجماعات الإرهابية.
وأشار إلى أن مخطط أردوغان يقوم على الأئمة الأتراك المبتعثين والمنتشرين فى مساجد وجمعيات فرنسا والتى تعزز النزعة الانفصالية عن الوطن ودعم مخططات أردوغان فى الخلافة.
ويضيف يلجأ أردوغان إلى حصر الازمة وكأنها حرب على الإسلام لتلميع نفسه أمام دراويشه بعد الإخفاقات المتعددة فى العديد من الملفات الخارجية، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تمر بها تركيا والمتمثلة فى انهيار الليرة التركية أمام الدولار واليورو.
ويعد الملفّ الليبى أبرز الملفات التى قوضت فيها فرنسا وحلفائها مخططات أردوغان للسيطرة على الموارد الليبية، فيما احتدم التوتر خلال الأشهر الماضية فى شرق المتوسط، بين تركيا واليونان، حول ملف التنقيب عن الغاز.
ويتابع هذه الخطة الجديدة القديمة تصوير الأمر على أنه حرب دينية على الإسلام ورموز المسلمين.
مغازلة مشاعر المسلمين
وقال الأمر ليس جديدا على أردوغان، فزعيم "حزب العدالة والتنمية" يسعى للعب دور قيادى فى العالم الإسلامي، سواء من خلال دعم التيارات الإسلامية فى العالم العربي، أو من خلال مغازلة مشاعر ملايين المسلمين.
موضحا قبل عدة أشهر لعب الرئيس التركى على مشاعر المسلمين من خلال تحويل آيا صوفيا إلى مسجد وقد أثار انتقادات دولية ضد الموقف التركى.
أردوغان والإخوان وجهان لعملة واحدة
ويكمل النجار على غرار ما يلعبه أردوغان، فإن من أبرز التنظيمات الإسلامية المعروفة باستغلال الدين للوصول إلى المكاسب السياسية، هى جماعة الإخوان، التى استغلت دور العبادة والمدارس والجماعات فى بادئ الأمر، ثم القنوات الدينية والإنترنت فى وقت لاحق.
وأشار إلى ان الاخوان حولوا المساجد إلى كيانات موازية تدعو للانفصال عن المجتمع المصرى وهو المخطط الذى كشفته الدولة المصرية منذ 1991، وعملت على نسفه.
وكانت صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" الأمريكية، تحدثت عن "صعود الإخوان إلى المنصّات السياسية الرفيعة عبر المنابر فى أكثر من بلد عربيّ”. وقالت الصحيفة إن “الإخوان أظهروا ألوانهم الحقيقية بعد تسلمهم سدة الحُكم فى البلدان العربية التى اجتاحتها ثورات الربيع العربي، الأمر الذى كشف التناقض الصارخ ما بين سياساتهم الفعلية وأجندتهم الانتخابية المغلفة بالدين".
وتحدثت كذلك مجلة ذى كونفرزيشن الأسترالية عن تبنى جماعة الإخوان تكتيكات جديدة، لتمرير وغلغلة أجندتها السياسية إلى الشعوب، استنادًا إلى الدين، من خلال إنشاء مؤسسات وجمعيات وحركات جديدة تحمل أسماء دينية مختلفة، فى الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة، إلا أنها تخدم جوهر وشخوص الحركة الأم؛ جماعة الإخوان المسلمين.
الرئيس التركى يستخدم الدين لتبرير أطماعه
وكان المؤشر العالمى للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية، أكد إن الرئيس التركي، يستخدم "سلاح الفتاوى لتثبيت استبداده فى الداخل وتبرير أطماعه الاستعمارية بالخارج".
وأوضح المؤشر العالمى فى بيان فى يوليو أن أردوغان يوظف المساجد فى بلاده للحصول على تأييد كتل انتخابية، بعد تهاوى شعبيته"، مشيرًا إلى ما وصفه بـ"فتاوى تكفيرية إخوانية لخدمة أغراض أردوغان وأطماعه فى ليبيا وسوريا واليمن".
واعتبرت دار الإفتاء المصرية في، أن ما أطلقت عليه "الفتاوى الأردوغانية"، تتهم كل معارضى النظام التركى بالكفر وعداوة الإسلام، حسبما ورد فى البيان.
ووصف البيان أن الرئيس التركي، يستغل الخطاب الدينى "لتحقيق استقرار داخلى وانتصار على خصومه السياسيين بعد تفشى وباء كورونا والبطالة والفقر وإنهاك جيشه فى صراعات خارجية".
وتابع المؤشر العالمى للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية، أن الخطاب الدينى فى تركيا "يرسِّخ للديكتاتورية المطلقة لأردوغان ومشروعه العثمانى الذى يسعى جاهدًا لتنفيذه ولو على حساب شعبه وأبناء وطنه".
وأشار المؤشر إلى "المعاملة الوحشية لكل المعارضين بلا استثناء، وذلك بعد إضافة الحكومة التركية إلى هيئات إنفاذ القانون عنصرًا جديدًا ذا خلفية دينية، وقضى هذا العنصر الجديد بأن تتعامل الجهات الأمنية مع معارضيهم والمشتبه بهم باعتبار أنهم (كفار) أو (أعداء الإسلام)، وقد أعطت حكومة أردوغان لتلك الجهات ذريعة ومبررًا باعتبار أن ما يقومون به من تنكيل لخصومها السياسيين هى أعمال مقبولة ينتظرون عليها الثواب فى الآخرة"، بحسب تعبير البيان.
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية للرئيس التركى رجب طيب أردوغان، قال المؤشر فى بيانه، إن "الرئيس التركى لا يزال يراهن على جماعات الإسلام السياسى للدفاع عن مصالح أنقرة داخل بلدانهم".