تقع قرية الشيخ مصطفى إسماعيل بالكيلو 56 بطريق مصر الإسكندرية الصحراوى بين الحدود الإدارية بين محافظتى الإسكندرية والبحيرة، يعيش سكانها حياة بدائية خارج خريطة الدولة من الخدمات، حيث انعدام تام للمتطلبات الأساسية التى يحتاجها البيت المصرى من المياه والكهرباء صعبة المنال، حياة جافة لا يعيشها يتوقع أن يوجد مثيلتها بمدينة عروس البحر.
"انفراد" انتقل إلى القرية وتجول بشوارعها وطرقاتها، حيث استغراق الوصول إليها أكثر من ساعة ونصف بعد بوابات محافظة الإسكندرية تحديداً بقرى بنجر السكر التابعة لدائرة العامرية ثانى، وذلك لرصد معاناة المواطنين وإيصال استغاثاتهم وصرخاتهم للمسئولين .
منازل بدائية يقطنها ريفيون يستقلون سيارات النقل كوسيلة أساسية لنقلهم يومياً من منازلهم وحتى أماكن عملهم، يرحبون بالغرباء بابتسامات ودعوة على الغداء بحب وتلقائية متمنين بأن تصل أصواتهم لمن يُسئل يوماً عنهم أمام الله.
شبح الموت يطارد أهالى بالقرية
" نفسى أعيش زى البنى آدمين" كلمات قالها الحج محمد البديرى، وهو يجلس أسفل شجرة بإحدى طرقات القرية يتأمل حبات الرمل، ويفكر فى قوت يومه الضعيف ومستقبل أولاده، يقول: "أنا عايش فى القرية من سنة 92 وسبت بلدى فى المنوفية وجيت أنا وعيالى من حبى فى الفلاحة ومكنتش أتوقع أن حياتى هتبقى بالشكل ده الفقر والمرض يحاصرنى ومستقبل أولادى التعليمى بينهار نفسى أعلمهم وأجوزهم وأشوفهم أحسن الناس".
ظل الحاج البديرى صامتاً للحظات، ثم رفع رأسه للسماء وكأنه يدعو ربه فى صمت ليكمل من بين دموعه الحزينة التى تكشف ألم شدة الفقر وقلة الرزق: "أنا مش زعلان على حالى بس بيصعب عليا الناس الغلابة اللى بيمرض فيهم مش بيلاقى دكتور يعالجه وبيموت مننا فى الطريق وبيجى غيرو وغيرو بيموتو عشان مفيش رعاية طبية فى القرية كلها.. خايف أموت بالطريقة دى!".
وأصبح الإهمال وعدم الرعاية الطبية كابوساً يطارد الحج محمد البديرى يتمنى النجاة منه وعدم المرور به.. ودعوات أهالى القرية البسطاء بالحياة الكريمة قد تنجيهم من عذاب الدنيا.
تقسيم إدارى خاطئ
ويقول محمد جميل، إنه يسكن بالقرية منذ بداية توزيع الأراضى على الخريجين لزراعتها وكانت عبارة عن صحراء جرداء حاول الأهالى بناء مبانى صغيرة ليعشيون فيها ومراعاة أعمالهم الجديدة بالأراضى الزراعية على أمل أن تهتم الدولة بالقرية وتعميرها بعد فترة قصيرة، ولكن ظلت كما هى بلا رعاية واهتمام من المسئولين .
وأضاف أن من الأمور التى يعانون منها هو اتباع القرية لمحافظة الإسكندرية، ولكن الخدمات التى يتلقونها من مياه وصرف صحى وكهرباء تابعة لمحافظة البحيرة، وهناك منازل يوجد بها إيصالات الكهرباء من البحيرة، بينما إيصالات المياه من الإسكندرية، مما يسبب لهم أزمة فى التواصل مع المسئولين وتهرب كل من المحافظين فى الدعم وتقديم الخدمات الأساسية للأهالى .
الوحدة الصحية "منشر غسيل"
بينما يقول أسعد عبدالنبى، أحد أهالى القرية، إن أزمة عدم وجود مستشفى قريب من القرية من أهم مشاكلها وصعوبة علاج الأهالى فى الحالات الطارئة خاصة لكبار السن وحالات الولادة الحرجة؛ مما يضطر أهل المريض لاستئجار سيارة والتوجه لمستشفى العامرية التى تقرب للقرية ساعة من الطريق الصحراوى، مما يعرض الحالات للخطر وبعضهم للموت المفاجئ فى الطريق.
وأضاف أن الوحدة الصحية الموجودة بالقرية تابعة لمحافظة البحيرة ولا يوجد بها طبيب وحولها العامل لسكن خاص به ولأسرته يقومون بنشر الملابس على واجهة الوحدة الصحية ولا يفتحون الأبواب للأهالى فى حالة احتياجهم للمستلزمات الطبية أو العلاج.
وطالب بضرورة اتباع خدمات القرية لمحافظة الإسكندرية بعد تهرب محافظة البحيرة من تقديم الخدمات الأساسية، خاصة أن التوزيع الجعرافى تابع للإسكندرية بالإضافة إلى البطاقات الشخصية للمواطنين جميعها صادرة عن محافظة الإسكندرية.
مدرسة واحدة لا تكفى
ولم يختلف حال التعليم بقرية الشيخ مصطفى إسماعيل كثيراً عن مستوى الخدمات الأخرى ، فهى مدرسة واحدة يتعلم فيها جميع أطفال القرية وتخدم القرى المحيطة، وتصل كثافة الفصل الواحد فيها إلى 100 طالب، فى مقابل عدد قليل من المعلمين بالمدرسة مما يسبب خلل فى العملية التعليمية وانحدار مستوى تعليم التلاميذ، بالإضافة إلى ارتفاع معدل التهرب من التعليم فى المرحلة الابتدائية، حسبما أكد الأهالى .
ويقول أحمد إمام، أحد أهالى القرية، إن المدرسة الوحيدة الموجودة بقرية الشيخ مصطفى اسماعيل للمرحلة الابتدائية والإعدادية تخدم جميع تلاميذ القرية، بالإضافة إلى قرى مجاورة تابعة لقرى بنجر السكر .
وأضاف أن المدرسة لا تكفى لجميع الطلاب مما تسبب فى انحدار نسبة التعليم بين الطلاب بسبب ارتفاع عدد الطلاب بالفصول مما يدفع الطلاب للنفور من الذهاب للمدرسة يوميا والتهرب من التعليم، مطالبا بإنشاء مدارس جديدة بالقرية، خاصة لوجود مساحات شاسعه تابعة للحكومة بالقرية.
بينما قالت ثريا شكرى، إحدى الأهالى، أنه لا يوجد مدرسة للمرحلة الثانوية، ومن يصل من أبنائهم للتعليم الثانوى عليه أن يخاطر بحياة أبنائه ويرسله يومياً للتعليم خارج القرية بمنطقة العامرية أو بإحدى مدارس البحيرة وهى مجازفة لا يمكن أن تفعلها الأمهات خوفا على أبنائهن خاصة الفتيات نظرا لخطورة الطريق.
سيارات النقل وسيلة المواصلات الوحيدة
وأضافت أنه لا يوجد وسائل مواصلات بالقرية سوى السيارات الخاصة التى يعمل عليها أبناء القرية بـ"الطلب" لخدمة الأهالى مما يدفع البعض، وخاصة السيدات لعدم الخروج من منازلهن إلا للضرورة ومنع الفتيات من الخروج من المنزل بمجرد اختفاء الشمس.
بينما قالت عبير راضى، إحدى الأهالى، إن مياه الشرب تنقطع لفترات طويلة وفى أزمة غرق الإسكندرية استمر غياب مياه الشرب لشهر كامل، مما جعل الأهالة يعيشون فى حياة من الجفاف والكرب، بينما فى الوقت الحالى تنقطع لمدة أقصاها 5 ساعات فى اوقات النهار ثم تعود مرة أخرى .
نائب الدائرة يضع مشاكل القرية أمام المحافظ
ومن جانبه أعلن النائب أحمد الشريف عضو مجلس النواب عن حزب النور عن دائرة العامرية وبرج العرب، إنه شارك فى لقاء المهندس محمد عبدالظاهر، محافظ الإسكندرية، بنواب المحافظة فى حضور رؤساء الأحياء والتنفيذيين ووكلاء الوزارات بالإسكندرية.
وأشار"الشريف"، إلى أن اللقاء استهدف عرض المشاكل التى تعانى منها دوائر المحافظة، مشيرًا إلى أنه عرض خلال اللقاء مذكرة بها 57 مشكلة، جاء على رأسها تحويل العامرية إلى مدينة وفقًا للطلب المقدم منه والنائب أحمد خليل خير الله رئيس الهيئة البرلمانية لحزب النور.
وأوضح نائب النور أن الطلبات شملت تقرير تحويل العامرية لمدينة وسرعة عرض ذلك، وتحويل مكتب تأمينات العامرية من برج العرب إلى العامرية، وإعادة الشىء لأصله بالصرف فى طريق الكينج وطريق عبد القادر والمستعمرة، ورصف مدخل الناصرية الجديدة والقديمة والكينج وطريق الميثاق بالبرج، واستعجال تنفيذ طريق "النهضة – الهويس".
كما تضمنت الانتهاء من كوبرى العامرية، وكذلك رصف طريق خدمات العامرية، وإنارة طريق البرج والمستعمرة والناصرية وطلبات إنارة القرى وكبارى الطريق الصحراوى للمشاة بالقرى والمناطق، ورصف من كوبرى فلسطين حتى نجع كاتب ومن تبة عرابى حتى جنزور.
ولفت نائب النور إلى أن من ضمن المشاكل التى عرضها مشكلة الدقيق بالعامرية وجودة الخبز، وفتح عدادات المياه فى بهيج وتجديد الشبكة من مواسير الإسبستوس ترميمات المساكن، وملف تخصيص الأراضى بالقرى وضرورة تسلم الوزارات ومعالجة أسباب طفح الصرف فى تعاونيات مساكن مبارك.