منذ اندلاع ثورة 30 يونيو، اختارت أقلام وأحزاب داخل الجزائر وبعض ممن يلقبون أنفسهم بالنخب المثقفة الوقوف في معسكر العداء للشعب المصري، عبر التشكيك في نزاهة الحراك الشعبي تارة، والزعم والادعاء بأن ما حدث في تلك الفترة الفارقة في عمر الدولة المصرية والشرق الأوسط بأكمله، لم يكن ثورة شعبية.
ومع تقدم الدولة المصرية في مسيرة البناء على امتداد 7 أعوام، ودخولها في استحقاقات سياسية تلو الآخري من خلال انتخابات رئاسية واستفتاء للدستور ودورتين انتخابيتين في البرلمان، تم استحداثها في الدورة الحالية بإضافة انتخابات مجلس الشيوخ، كانت نسب المشاركة أحد النقاط التي طالما حاول نواب وأعضاء جماعة الإخوان الإرهابية داخل الجزائر تشويه الحياة السياسة المصرية من خلالها، والادعاء بأن هناك "عزوف واضح" عن المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية.
الادعاءات التي طالما أطلقتها دوائر سياسية داخل البلد الشقيق، كشف زيفها نسب المشاركة في الانتخابات البرلمانية التي انتهت مرحلتها الأولي والتي سجلت 28.6% متفوقة في ذلك على إجمالي مشاركة الجزائريين في استفتاء الدستور الذي حصدت نسب المشاركة فيه بموجب الإعلان الرسمي 23% فقط.
وفى مؤتمر صحفي، أعلن المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات المصرية، أن نسبة المشاركة فى المرحلة الأولى لانتخابات مجلس النواب، بلغت 28.06 %، حيث إن عدد الحاضرين بلغ حوالى 9 ملايين ناخب من أصل 31 مليون ناخبًا فى 14 محافظة جرت فيها المرحلة الأول للانتخابات، مؤكداً أن الانتخابات شهدت تنافسية بين المرشحين وفق أعلى معايير الشفافية والنزاهة الدولية.
الأرقام التي أعلن عنها المستشار لاشين، لا يمكن قراءتها بمعزل عن القيود التي فرضها انتشار وباء كورونا، وما تبعها من حالة قلق مشروع لدى الناخب المصري، وهو ما يعكس بطبيعة الحال، احتمالات منطقية بارتفاع تلك النسب لو لم يكن هناك جائحة أو وباء يفرض إجراءات احترازية تعرقل حياة المواطن الطبيعية
وفى الوقت الذي حاولت فيه أحزاب التيار الإسلامي داخل الجزائر استمالة وسائل إعلام عدة داخل البلد العربي، واستغلال ميراث الشحن بين البلدين في ساحات الرياضة وبالأخص كرة القدم للهجوم على الدولة المصرية، كانت نتائج الاستفتاء على تعديلات الدستور الجزائري كاشفة لبطلان تلك الادعاءات.
تفاصيل مشاركة الجزائريين أعلنها رئيس السلطة الوطنيّة المستقلّة للانتخابات محمد شرفي، قائلاً إنّ "نسبة المشاركة في الاستفتاء الوطني على التعديل الدستوري كانت في حدود 23,7 %" دون احتساب 900 ألف ناخب في الخارج. وتعتبر هذه النسبة ضعيفة وأقل من نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسيّة العام الماضي.
وربما يعود ضعف المشاركة على استفتاء الدستور في الجزائر لأسباب عدة، غير أن اللافت في الأمر هو وجود انقسام بين الأحزاب الإسلامية داخل الجزائر حول مشروع الدستور وتعديلات المواد، فقبل شهر، أعلنت حركة البناء الوطني الإسلامية انضمامها لمعسكر التأييد للتعديلات الدستورية، مقابل أحزاب إسلامية آخري عارضت تلك التعديلات، ليواصل كل معسكر ما بين مؤيد ومعارض للتعديلات حشد الناخبين للتصويت وحسم معركة الدستور لصالحه، إلا أن ضعف المشاركة عكس بما لا يدع مجالاً للشك الوزن الحقيقي لتلك الأحزاب وغيرها داخل الشارع.