عام 2017 زار إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، وكانت هى الزيارة الأولى له منذ توليه قيادة الحركة الإخوانية، وأدلى بتصريحات تبرأ فيها من جماعة الإخوان بقوله: "لا توجد علاقة تربط الحركة بجماعة الإخوان المسلمين، سواء بمصر أو خارجها، وحماس حركة تحرر وطنى بمرجعية إسلامية، تأسست للدفاع عن القضية الفلسطينية، ولا توجد لهم أية تدخلات بالشؤون الداخلية للدول العربية؛ لأنّ هدفهم الوحيد تحرير فلسطين".
وكان يعد هذا التصريح للإيهام بفك الارتباط بين الحركة وتنظيم الإخوان الإرهابى، بالعودة إلى بنود ميثاق الحركة الصادر عام 1988، تذكر المادة الثانية منه أن "حركة المقاومة الإسلامية جناح من أجنحة الإخوان المسلمين بفلسطين، وحركة الإخوان المسلمين تنظيم عالمى، وهى كبرى الحركات الإسلامية فى العصر الحديث".
الأمر الذى يثير تساؤلات كثيرة هل فعلا فكت حركة حماس ارتباطها بالإخوان؟ أجاب على هذا التساؤل الكاتب والباحث الفلسطينى الدكتور عقل صلاح، فى مقال له بعنوان: "تحول العلاقة بين حماس والإخوان من الشرعية إلى العرفية"، يشير إلى أن الأصول التاريخية لحركة حماس تعود إلى جماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين، تلك الجماعة التى بدأت تنتشر فى "فلسطين" عام 1935 حينما أرسل "حسن البنا" مؤسس الإخوان، شقيقه عبد الرحمن ومحمد الحكيم لنشر الدعوة هناك، ثم أنشأ الإخوان أول فروعهم فى مدينة حيفا عام 1936، ثم فى مدينة غزة، وفى عام 1943 أسسوا جمعية المكارم فى القدس التى كانت البداية الحقيقية لوجود الإخوان فى فلسطين، ومن ثم انتشرت فروعهم فى جميع أنحاء فلسطين حيث وصل عدد الفروع عام 1947 إلى خمسة وعشرين فرعًا.
وأشار الباحث إلى أن جميع الفروع تخضع لإشراف الحركة الأم فى مصر، وكان أحمد ياسين مؤسس حركة حماس أحد من طالتهم حملة الاعتقالات المصرية عام 1965 التى شنتها الدولة على قيادات الجماعة الإرهابية فى مصر وقطاع غزة الذى كان يخضع لحكم "الحاكم العسكري" المصرى، ليلجأ بعدها الإخوان فى مصر وقطاع غزة للعمل "السري".
وبحسب الدكتور "عقل"، شكّل بعض أعضاء الإخوان فى قطاع غزة مجموعتين سريتين هما "شباب الثأر" و"كتيبة الحق"، قائلا إنهم رأوا أن تشكيل تنظيم عسكرى بعيد عن الأطر الأيديولوجية لمقاومة الاحتلال سيحيد العداء الناصرى للإخوان ويخرجهم من مأزقهم السياسى، فقدم خليل الوزير، أحد أعضاء كتيبة الحق، مذكرة خطية فى 1957 لقيادة الإخوان، إلا أن الإخوان أهملوا المذكرة، غير أن المجموعتين تابعتا العمل وانتهى الأمر بتلك المجموعتين بتكوين النواة الأولى لحركة التحرير الوطنى "فتح" ما بين عامى 1958 و1959، وفى عام 1960 تبنى الإخوان موقفًا معارضًا من قيام حركة فتح متخذين قرارًا رسميًا بعدم تبنى مشروعها لأنه يختلف تمامًا عن مشروع الإخوان.
ميثاق حماس ينص على تبعية جماعة الإخوان الإرهابية
وبحسب ميثاق تأسيس "حماس" المشار إليه، حددت الحركة مرجعيتها بأنها تتبع المنهج العقائدى لجماعة الإخوان، حيث حددت شعارها بأن "الله غايتها، والرسول قدوتها، والقرآن دستورها، والجهاد سبيلها، والموت فى سبيل الله أسمى أمانيها"، وهو نفسه شعار جماعة الإخوان.
كان ذلك قبل أن تتبرأ "حماس" من "الإخوان" فى وثيقتها السياسية الجديدة التى صدرت عام 2017 وأشارت إلى أنها "حركة تحرر ومقاومة وطنية فلسطينية إسلامية، هدفها تحرير فلسطين ومواجهة المشروع الصهيونى، ومرجعيتها الإسلام فى منطلقاتها وأهدافها السامية".