لماذا لا يتم خفض أسعار الغاز الطبيعي للصناعة ؟ وهل هناك أسباب غير معلومة وراء استمرار بيع الغاز للصناعة بسعر ضعف السعر العالمي ؟ وهل الغاز اهم من الصناعة على الاقتصاد؟ أم أن بيع الغاز للصناعة بسعر اقل من 4.5 دولار قد يسبب خسائر لقطاع الغاز؟
تحديدا هذه هي أهم وأبرز تساؤلات القطاع الصناعي والتي نحاول الإجابة عنها في هذا التحليل، ولا سيما أن هناك اتجاهين لا ثالث لهما ، الأول هو ضرورة خفض سعر الغاز للصناعة والثاني التمسك بهذا السعر حتى لا تلاحق الخسائر قطاع الغاز.
الاتجاه الأول يطالب بخفض سعر الغاز للصناعة على مرحلتين المرحلة الأولى خفضه لـ 3 ثلاثة دولار لكل مليون وحدة حرارية، بدلا من 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية، ثم بعد ذلك ربط سعر الغاز المصري بالسعر العالمي الذي يتراوح من 1.8 دولار إلى 2.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية حيث أن السعر ينخفض ويصعد حسب البورصة العالمية وحسب العرض والطلب وحسب الظروف المتعلقة بالصناعة.
الصناع يرون أن أي مجتمع لا يمكن أن ينهض إلا بالقطاع الصناعي فالقطاع الصناعي هو قاطرة التنمية ،وبالتالي فإن النهوض لأي دولة لابد أن يرتبط بالنهوض الصناعي في تلك الدول، بدليل أن العالم كله نهض لما يعرف باسم الثورات الصناعية أو الثورة الصناعية، وبالتالي فإن النزول ب سعر الغاز وتلبيه مطالب الصناعة إنما يعد تعميق للصناعة .
كما أن خفض سعر الغاز للصناعة له نتائج إيجابية و كثيرة و متعددة، لعل من أبرزها جذب الاستثمار بشكل مباشر إلى مصر، حيث ستكون مصر في هذه الحالة أكثر جاذبية من العديد من دول المنطقة لانه أي مستثمر جديد عنده دراسة جدوى مشروع فإنه يركز على سعر الطاقة سواء الطاقة الكهربائية أو الغاز الطبيعي حتى يضمن وجودها.
الامر الثاني النزول بسعر الغاز سوف يساعد العديد من الشركات الخاسرة أن تتحول إلى شركات رابحة وهذا معناه أن تقوم هذه الشركات بتحديث المعدات والآلات و إجراء توسعات اللازمة، مما ينعكس على زيادة إنتاجها المحلي وعلى توفير فرص العمل وعلى زيادة الصادرات ،بما يساعد في خفض عجز الميزان التجاري بجانب زيادة النمو للاقتصاد المصري في ظل هذه الظروف الصعبة التي يعاني منها الاقتصاد العالمي بسبب جائحة فيروس كورونا.
الصناع أيضا يرون أن أهمية الغاز الطبيعي تتمثل في وجود قيمة مضافة عليه من خلال تصنيعه سواء في صناعة الأسمدة أو في مصنع الأمونيا المطلوبة فى سوق التصدير،بدلا من تصديره كمادة خام فقط .
كما أن النزول ب كسعر الغاز ل3 دولارات لكل مليون وحدة حرارية سوف يساهم بشكل كبير في حماية البيئة وفي التوافق البيئي وفي تغيير شركات الأسمنت واستخدام الغاز الطبيعي بدلا من استخدام الفحم الملوث للبيئة ،وهذا معناه فتح المجال الكبير لتسويق الغاز الطبيعي المصري والذي فيه فائض حاليا ويتم تصديره للخارج وبالتالي دعم الصناعة بشكل كبير و أحداث النمو المرجو خلال الفترة المقبلة.
ومن هذا نستخلص إن النزول بسعر الغاز سوف تكون فوائده اكثر بكثير من العوائد التي تعود على قطاع الغاز فقط لأن العوائد الصناعية تعود على المجتمع وتزيد من مساهمة الشركة سواء القطاع العام أو قطاع الأعمال العام أو شركات القطاع الخاص في القيام بدور مجتمعي وخدمى كبير من خلال مسؤولياتها المجتمعية ،بالإضافة إلى زيادة تنافسية المنتج المصري وعلامة صنع في مصر في الخارج من خلال زيادة الصادرات ومواجهة الدول التي تدعم شركات ومصانعها بشكل كبير و مواجهة بعض محاولات الإغراق للمنتجات المثيلة في الداخل.
أما الاتجاه الثاني فهو يرى أن النزول بسعر الغاز لأقل من 4.5 دولار يمثل خسارة لقطاع الغاز المصري خاصة أن أغلب الاتفاقيات التي تم توقيعها كانت بسعر مرتفع خلال الفترة السابقة وقتها كان سعر الغاز يتراوح من 6 إلى 8 دولارات عكس الفترة الحالية التي انخفضت فيها الأسعار؛ لكن هذا الاتجاه يمكن الرد عليه من خلال إعادة التفاوض مع شركات الغاز ، بحيث يتم تخفيض السعر ويحقق الفائدة للطرفين بدلا من تحمل الجانب المصري الأعباء الكبيرة وخاصة في حالة الموافقة على النزول بسعر الغاز لـ3 دولارات.