تولى مصر اهتماما شديدا لمشروع إحياء مسار العائلة المقدسة إلى مصر، أحد أهم المشروعات القومية، باعتباره محورًا عمرانيًا تنمويًا يقوده قطاع السياحة، ويضم المشروع نحو 25 نقطة في 8 محافظات مصرية، تمتد لمسافة 3500 ذهابا وعودة من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوي كل موقع حلت به العائلة مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع، وفقا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.
وخلال الشهور الماضية كثفت الوزارات المصرية المعنية والمحافظات من نشاطها لاستكمال المشروع، وقد وافق مجلس ادارة صندوق السياحة برئاسة الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار فى أواخر شهر مارس الماضي على تحويل مبلغ 41 مليون جنيه إلى وزارة التنمية المحلية لاستكمال أعمال تطوير مواقع مسار العائلة المقدسة بمصر.
الوزارت والمحافظات تكثف نشاطها
والميزانية المخصصة للمشروع من موازنةً صندوق السياحة تقدر بـ 60 مليون جنيه، فيما قامت هيئة التنمية السياحة بوضع الخطط والاشتراطات التنموية لهذه المناطق، و تشمل أعمال التطوير ايضا النهوض ورفع كفاءة مستوى الخدمات السياحية المقدمة للزائرين بالمواقع الموجودة على نقاط المسار.
و قام المجلس الأعلي للآثار بترميم جميع المواقع الأثرية التى تقع على المسار وافتتاح العديد من المواقع والكنائس والأديرة الأثرية عليه، منها الكنيسة المعلقة بمصر القديمة، وقد تم الانتهاء من ترميم كنيسة العذراء مريم والشهيد أبانوب بسمنود وافتتاح مغارة وكنيسة آبي سرجة بمصر القديمة، كما تم ترميم أجزاء من أديرة وادي النطرون الأربعة وجاري ترميم وتأهيل كنيسة السيدة العذراء بجبل الطير بالمنيا ومشروع تطوير موقع شجرة مريم بالمطرية.
وأصدرت وزارة السياحة والآثار كتالوج بالغتين العربية والإنجليزية لتوثيق مسار العائلة المقدسة والمواقع الأثرية التي مرت عليها الرحلة، كما شكلت الوزارة لجنة قومية تضم خبراء من كل الجهات المعنية لإعداد ملف تم ارساله إلى منظمة اليونسكو لتسجيل مسار رحلة العائلة المقدسة على قائمة التراث العالمي اللامادي، وتسجيل أديرة وادي النطرون الأربعة على قائمة التراث العالمي المادى.
الفاتيكان يضع مصر على كاتالوجات الحج الفاتيكاني
وفى أكتوبر 2017 تم توقيع بروتوكول تعاون بين مصر ودولة الفاتيكان تم بموجبه اعتماد ايقونة العائلة المقدسة وإدراج المسار بكتالوج الحج الفاتيكاني، ومع مطلع 2018 ، أعلنت مؤسسة الحج الفاتيكاني، إضافة مصر إلى كتالوج رحلات الحج التي تنظمها "أوبرا رومانا بيلجريناجي" المؤسسة المسؤولة عن ملف الحج بالفاتيكان، ووضعت المؤسسة نفسها برنامجين لزيارة مصر، البرنامج الأول يتضمن جميع المناطق الأثرية من القاهرة إلى أسوان، بينما يضم البرنامج الثاني زيارة الأماكن الأثرية الدينية التي سارت وعاشت فيها العائلة المقدسة خلال رحلتها إلى مصر.
وفى سياق التعريف بمسار العائلة المقدسة، قامت وزارة السياحة أيضا بطبع كتالوج عن مسار العائلة المقدسة بتسعة لغات أجنبية منها اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية والصربية والروسية والإسبانية والمجرية وغيرها، على أن يتم تنظيم عدد من الرحلات التعريفية لعدد من الوفود الإعلامية العالمية والمؤسسات الدينية العالمية ورؤوساء الكنائس الكاثوليكية الفرنسية وغيرهم.
وقد أقر البابا تواضروس الثانى الرسمي الذي سيستخدم في لافتات مشروع "إحياء مسار العائلة المقدسة فى مصر" ومطبوعاته 23 أغسطس الماضى، وقد بدأت وضع نقاط مسار العائلة فى عهد البابا شنودة الثالث حين أعلن خريطة أرشد عنها البابا ثاؤفيلس (385 – 412م) وفقا لمخطوطة -ميمر- حيث ذكر أن السيدة العذراء مريم ظهرت له فى المنام وأخبرته بالزيارة.
و قامت المحافظات في الفترة الماضية بتوفير مبلغ 448 مليون جنيه لإقامة بعض المشروعات ومنها البنية التحتية وبعض الطرق والكبارى وأعمال التطوير للمناطق التى يمر بها المسار وتم توفير هذه المبالغ بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية.
استهداف 2.3 مليار مسيحي
و قال نادر جرجس، عضو اللجنة الوزارية لإحياء مسار العائلة، في تصريحات سابقة، إن زارة السياحة المصرية اعتمدت في المرحلة الأولى التجريبية من مسار العائلة المقدسة 5 مواقع أثرية تضم كنيسة أبو سرجة في مصر القديمة وكنيسة العذراء في المعادي بالقاهرة، إضافة إلى أديرة وادي النطرون ودير السريان والباراموس والأنبا بيشوي التابعة لمحافظة البحيرة، مشيرُا إلى أن مشروع إحياء المسار يستهدف 2.3 مليار مسيحي حول العالم.
تفاصيل الرحلة
وبدأت رحلة دخول العائلة المقدسة من رفح بالشمال الشرقى للبلاد، مرورا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادى النطرون في الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء "السريان"، والبراموس، والقديس أبو مقار، ثم اتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبو سرجه في وسط مجمع الأديان ، ومنها إلى كنيسة المعادى وهى نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل حيث ظهرت صفحة الكتاب المقدس على سطح المياه مشيرة إلى المقولة الشهيرة " مبارك شعبى مصر"، وصولا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق وبه أول كنيسة دشنها السيد المسيح بيده، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.