"لقد كانت مفاجأة بالنسبة لي أيضًا" هذه كانت أولى كلمات لطفي إلفان، وزير مالية اردوغان الجديد الذى تولى منصبه بعد إقالة "بيرات البرق " صهر الرئيس الذى ترك لنظيره تركة محملة بمؤشرات الانهيار خاصة بعد قيام الأخير بتشجيع البنك المركزي على إهدار ما يقدر بنحو 140 مليار دولار في تدخل صريح لإنقاذ العملة على مدى العامين الماضيين، الأمر الذى نتج عنه مزيد من الازمات للاقتصاد التركى وعلى راسها زيادة معدلات العجز التجاري، وانخفاض معدل الادخار، والتضخم المرتفع بشكل مزمن.
وبحسب تقرير لوكالة التصنيف الائتماني الدولية "موديز" فقد تراجع الاقتصاد التركي أكثر من 25 عاما إلى الوراء، وباءت كل محاولات الحكومة لإنقاذ الليرة التركية من الانهيار بالفشل. كما خفضت موديز تصنيفها الائتماني لتركيا من B1» إلى B2 مع نظرة مستقبلية سلبية، ثم أعقبت ذلك بخفض تصنيف 12 من بنوكها، وأثار هذا التصنيف، الذي يقل 5 مستويات عن المستوى الذي يسمح بالاستثمار في البلاد، جدلا واسعا، كونه أسوأ تصنيف ائتماني لتركيا على الإطلاق بما يشمل أيضا أزمة عام 2001.
واضافت موديز أن البنوك والشركات التركية قد تتخلف عن سداد ديونها، ولفتت إلى أن كل المحاولات المبذولة لإنقاذ الليرة التركية من دوامة الانهيار فشلت ولم تؤد إلى نتيجة تذكر، مضيفة أنه نتيجة لذلك، هناك احتمال جدي لتعديل غير منتظم في سعر الصرف يؤدي إلى تدهور اقتصادي ومالي خطير.
وأكدت أن الليرة التركية فقدت نحو 25 % من قيمتها أمام الدولار منذ بداية العام الجاري على الرغم من الحملات التي نفذتها الحكومة لإنقاذها، وأن هذا الأمر عزز بشكل بالغ خطر تدهور ميزانية الحكومة وأزمة ميزان المدفوعات التي ستؤدي إلى ركود اقتصادي مفاجئ.
ومن الداخل كشف اتحاد التجار والحرفيين في تركيا عن أن تزايد الانكماش والتدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد، تسبب في غلق نحو 38% من المتاجر الصغيرة التي افتتحت بالعاصمة أنقرة خلال العامين ونصف العام الماضيين ما يكبل هؤلاء بالديون التي تضاعف أزماتهم، وبحسب الاحصائيات بلغ عدد العاطلين عن العمل في السوق التركية حتى نهاية يونيو الماضي 4.1 مليون فرد، بنسبة بطالة بلغت 13.4% بزيادة 0.4 نقطة مئوية على أساس سنوي، بينما معدل البطالة غير الزراعية 15.9%.، ويتوقع الكثير من الخبراء ان تشهد الفترة المقبلة مزيدا من الارتفاع في أسعار المنتجات والسلع المختلفة سواء في القطاع الخاص أو العام؛ بعد صعود نفقات الإنتاج، وازدياد عجز الموازنة.
وكشف مركز مخاطر اتحاد البنوك التركية، في تقرير حديث، عن أن عدد المدانين بقروض شخصية في البلاد بعد تعثرهم في السداد زاد بمقدار 2.1 مليون شخص خلال 2020 ، وأوضح المركز في بيان نشره الموقع الإلكتروني لصحيفة "جمهورييت" التركية المعارضة، أن ديون القروض الشخصية ارتفعت خلال الفترة نفسها من 527 مليار ليرة إلى 769.2 مليار، ولفت إلى أن عدد الأتراك الذين لجأوا إلى قروض الاستهلاك بعد تدني الليرة زاد من 105 آلاف إلى 392 ألف شخص بزيادة تتجاوز 200%. ، وخلال الفترة نفسها ارتفعت ديون القروض الاستهلاكية المستحقة للبنوك من 220.9 مليار ليرة في يوليو 2019 إلى 365.8 مليار في يوليو الماضي، وزادت ديون القروض العقارية من 185.1 مليار ليرة في يوليو 2019 إلى 269.7 مليار في يوليو الماضي.
وبحسب تلك المؤشرات يتوقع عدد من الخبراء ان يعيد النظام التركى النظر في اللجوء لصندوق النقد الدولى ، للمساعدة في التغلب على تداعيات أزمة فيروس كورونا التي ضربت اقتصادها البالغ 750 مليار دولارعلى الرغم من المعارضة الشديدة من قبل مسئولين بعينهم وعلى راسهم الرئيس التركى ، وقالت مجلة فورين بوليسي، إن جائحة "كوفيد 19" فاجأت الحكومات والقطاع الخاص في كل بلد على حين غرة، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عبر سنوات من سوء الإدارة السياسية والاقتصادية، وضع بلاده في وضع يمكن القول إنه الأكثر ضعفاً من بين جميع الأسواق الناشئة الرئيسية. وإذا أصرّ أردوغان على مضاعفة أخطائه الماضية، فسوف يجلب المزيد من الخراب الاقتصادي لتركيا، مع عواقب مالية وجيوسياسية ستستمر إلى ما بعد نهاية الوباء.