كان من الصعب تجاهل المعلومات التى قدمها لنا، هو أحد الشباب الذين هاجروا إلى إندونيسيا فى محاولة لبداية حياة كريمة قبل أن يحاول بعض أعضاء تنظيم "داعش" تجنيده كما ذكر فى رسالته لـ"انفراد"، حاولنا بعدها التواصل معه ليرسل لنا رقمه فى إندونيسيا ونجرى معه مكالمة دولية طويلة، ولم يكن أمامنا للتأكد من شخصيته بعدها سوى أن يرسل لنا صورة من أصل بطاقته الشخصية وجواز سفره وهوا ما فعله للتأكيد على المعلومات التى قدمها، والتى يقول فيها إنه ليس له أى غرضه منها سوى إنقاذه هو ومئات الشباب الذين يمكن استغلال ظروفهم للدخول فى براثن هذا التنظيم.
هذا العلم الأسود الذى أصبح يرفرف فوق رؤوس الشباب يوما بعد الآخر ويحاول اختراقها ونشر أفكاره الإرهابية ويسمى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، كيف يقوم بتجنيد الشباب المصريين والعرب فى كل مكان بالعالم ليضمهم إليه تحت شعار حماية "الإسلام".. وأهمية كل معلومة تقدم لمحاربة هذا التنظيم.. هذه هى الأسباب التى دفعتنا لتبنى نشر شهادة هذا الشاب الذى طلب عدم ذكر اسمه بالكامل حفاظا على حياته.
"أ. ح" شاب مصر فى العقد الثالث هاجر إلى إندونيسيا مع زوجته صاحبة الجنسية الإندونيسية، بحثا عن حياة أفضل، وبدأ فى إعداد مشروع خاص به واستطاع فى وقت قصير أن يثبت أقدامه ويجنى أرباحه، ونظرا لعدم تحدثه لغة أهل البلد التى يعيش فيها لم يكون صداقات كثيرة فاقتصرت حياته على العمل والمنزل والمسجد الذى كان يتردد عليه حتى قابل شخصين من أصل يمنى وبمجرد معرفة أنه مصرى بدا لهم كفريسة لابد من إيقاعها لينضم إلى "داعش".
وأضاف الشاب أنه تعرض لضغوط عدة من قبل الشخصين لاستقطابه وضمه إليهم والسفر إلى سوريا، وكشف الشاب الخطة الكاملة لتجنيد الشباب إلى ذلك التنظيم والممارسات والتهديدات التى يتعرض إليها والتى يقول أنها تختلف بعض الشىء عن تجنيد الشباب للتنظيم فى مصر والتى تتم كالتالى:
المصريين أهم المستقطبين
أكد الشاب أن هناك مجموعات تستهدف نوعين من الشباب هم الطلبة الذين يدرسون فى جامعات إندونيسيا وخاصة أصحاب الجنسيات السودانية والليبية والتنزانية، والنوع الآخر هو الشباب الذى يبحث عن العمل وهاجر لجنى الأموال، وأهم هذه الجنسيات هى الجنسية المصرية، ويتم استقطابهم من المسجد، مؤكدا أنه فى البداية فوجئ بشخصين يطلبون التعرف عليه وبدءوا تبادل أطراف الحديث دون أى شكوك من ناحيتهم وقاموا بزيارته فى المنزل، والاطمئنان على أحوال مصر مؤكدين أنهم يعشقونها ويزورنها، ثم نقلوا الحديث عن الأوضاع السياسية وحكم الرئيس عبد الفتاح السيسى مع التأكيد أنهم لا يعلمون أى شىء عن داعش إلا ما يتم تداوله عنهم على وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام.
الأساليب الذكية للإقناع
وأضاف الشاب أنهم حاولوا اللعب على الأوتار الإنسانية وما يدور بالعالم من قتل المسلمين ونشر الأفكار الإلحادية، وما حدث فى فض اعتصام رابعة من قتل شباب وأطفال، وأن حكم الإخوان وعهد الرئيس المعزول "مرسى" كان الأفضل لأنه يطبق الشريعة الإسلامية ونصوص الدين عكس ما يحدث الآن، ثم بدءوا يوجهون حديثهم أن داعش هو تنظيم إسلامى يسعى لنشر الشريعة الإسلامية بالعالم وأن الحكومات تضحك على الشعوب، وهناك اضطهاد للإسلاميين فى العالم، ومحاولة إقناع الشاب بالسفر إلى هناك بنفسه ليتأكد من ذلك.
الإغراءات التى يقدموها
أضاف الشاب أنه فى حالة شعورهم بعدم قناعتى يطلبون منى التجمع معهم للتعرف على شباب عرب آخرون خاصة أنه لا يجد من يتكلم لغته، ثم عرض إغراءات مادية كبيرة عن طريق توفير فرصة عمل له فى سوريا بــ "5 آلاف" دولار شهريا، بحيث تكون طبيعة العمل هى تصميم مواقع وأعمال أخرى يقوم بها على الإنترنت، ويتم توفير له تذاكر السفر، ويتم السفر إلى سوريا بطرق شرعية دون الحاجة إلى التسلل كما يحدث فى بلدان أخرى، وأنه من الممكن ضم أى شخص يعرفه للعمل معه إذا أراد، بشرط ألا يعلم أحد من عائلته، وتم التردد عليه بشكل يومى، والتأكيد أنهم على استعداد لرفع الراتب الشهرى فى حالة موافقته.
الإسلام يبدأ من الشام ويغزو العالم
وتابع الشاب أنهم يحاولون جذب الشباب العرب لتوجيههم إلى الجهاد فى سوريا، لأنها هى المركز بالنسبة لهم بسبب تواجد مركز الإعداد والتدريب بها، وأن الإسلام يبدأ من الشام أولا ثم يغزو العالم، وأن أعضاء التنظيم يمارسون الدين بشكله السليم وصورتهم مختلفة عما يتردد عنهم.
اجتماع أسبوعى
وأضاف الشاب، أن هذين الشخصين ينظمان اجتماع أسبوعى يوم "السبت" للشباب العرب تحت غطاء ممارسة هواية كرة القدم، فى ملعب كرة قدم بإندونيسيا، يتم من خلال هذا الاجتماع غسل أفكار الشباب وبث الفكر الداعشى.
علاقتهم بمصر
وأوضح الشاب أنهم حاولوا طمأنته عن طريق التأكيد له أنهم يزوروا مصر دائما وأنهم لهم أصدقاء بالأزهر وعلى علاقة قوية بهم ويتم التردد عليهم من وقت إلى آخر، وآخر زيارة لهم لمصر كانت شهر أكتوبر الماضى.
رسالة الشاب للمسئولين
وفى نهاية حديث الشاب وجه رسالة للمسئولين للتدخل لإنقاذه هو ومن مثله من الشباب الصغير الذى ينجرف وراء إغراءات المال، وأنه يتلقى تهديدات من قبل هذا التنظيم فى حالة الإفصاح عن أى شىء عنهم، مطالبا بحمايته فى إندونيسيا، خاصة أنه صرف كل أمواله فى المشروع الذى أقامه هنا ولا يستطيع العودة لمصر مرة أخرى، لأن هذا سيكلفه أموالا طائلة لا يستطيع استردادها.