لا يزال سعر الغاز للمصانع كثيفة الاستهلاك للطاقة، يشكل عائقًا كبيرًا أمام تعريفة منتجات تلك الصناعات سواء بالسوق المحلية أو الخارجية، لما يمثله من جزء كبير من مدخلات الإنتاج، وقد جدد المصنعون، مطالبهم لخفض سعر توريد الغاز لمصانعهم ليتمكنوا من استعادة طاقاتهم الإنتاجية التي تراجعت بصورة كبيرة بسبب سعر الغاز، وهنا لماذا يجب خفض أسعار الغاز، وهنا الإجابة ستكون من عدة قطاعات إنتاجية أبرزها صناعة الحديد والصلب وصناعات مواد البناء الأخري.
ووفق المصنعون، فإن خفض تعريفة الغاز الحالية هو أول الغيث لإنقاذ الصناعات المختلفة من الخسائر، خاصة وأن أغلب القطاعات تضررت من ارتفاع التكاليف بسبب الغاز، وكذلك تأثرت بسبب أزمة فيروس كورونا حيث تكبد المنتجون مضاعفة التكاليف نتيجة سعر التوريد، باعتبار تسعير الغاز يحتسب بالدولار ويسدد بما يقابله من قيمته بالجنيه المصري للشركة القابضة للغاز الطبيعي.
وأكد عدد من المنتجين تلقيهم وعودا حكومية، بإعادة النظر فى تسعير الغاز المورد لمصانعهم مع تضاعف إنتاج الغاز، وتراجع معدلات الاستيراد، وينتظر هؤلاء المنتجين خفض جدي لأسعار الغاز حفاظا على الصناعة المصرية، لكن حتي الآن القرار تأخر لأكثر من شهرين.
في البداية، يرى طارق صادق، عضو مجلس إدارة جمعية السيراميك بالمركز القومى للبحوث، إن العديد من مصانع السيراميك تتعرض لخسائر كبيرة، وصعوبة فى المنافسة بمنتجاتها بالأسواق الخارجية في ظل ارتفاع اسعار الغاز، مضيفًا أن السعر العالمي للغاز فى تراجع ولا يتجاوز حاليًا قرابة 2.7 دولار للمليون وحدة حرارية، وقد قدر، تكلفة الغاز من الصناعة 40%، حيث يبلغ تكلفة المتر نحو 20 جنيها فى المتر تكلفة الكهرباء والغاز.
وأضاف في تصريحات خاصة، أن الشركات لجأت لخفض طاقتها الإنتاجية بنسب اقتربت من 50%، موضحًا أن مصانع السيراميك التي يقترب عددها من 34 مصنعا طاقتها الإنتاجية القصوى 400 مليون متر، تعمل بنصف تلك الطاقات، وهو ما ساهم فى تراجع معدلات تصدير السيراميك، وخفض أرباح الشركات.
وفي سياق متصل، أوضح فاروق مصطفى أحد المنتجين بقطاع مواد البناء، أن سعر توريد الغاز بقطاع مواد البناء مختلف بين الصناعات، لافتا أن قطاعي الأسمنت والسيراميك يعدان قطاعين مظلومين، وهما من أبرز القطاعات التي تأثرت سلبًا بسعر توريد الغاز للمصانع، خاصة عقب انخفاض قيمة العملة المحلية منذ التعويم ثم أسعار الغاز المرتفعة وكذلك جائحة فيروس كورونا، ليتحمل المنتجون ارتفاع تكاليف زيادة سعر الغاز.
وأوضح، أنه رغم زيادة أسعار السيراميك، إلا أن سعر الوحدة تراجع، حيث لجأ المنتجون لزيادة الكميات المصدرة لتحقيق تلك الأرقام، مؤكدا أن منتجي قطاع مواد البناء، استهلاكهم من الغاز مرتفع وأصبحوا يعانون فى التصدير، نتيجة ارتفاع تكلفة الإنتاج مقارنة بدول الجوار والمنافسة لنا حاليا.
وشدد، على ضرورة قيام الحكومة بتعديل تسعير الغاز المورد للمصانع ليتم تقييمه بالجنيه وليس بالدولار، خاصة وأن المنتج محلى يتم شراؤه من قبل شركات حكومية مصرية، موضحا أن المنتجين حاليًا يقومون بسداد سعر الغاز بما يعادل سعر الدولار بالجنيه المصري، مضيفا، أن المملكة العربية السعودية والإمارات أكبر المنافسين للسوق المصري بقطاع مواد البناء بالمنطقة، ويحصل منتجيهم على سعر الغاز أقل بكثير من مصر.
فى وقت سابق، أكدت غرفة مواد البناء، إن قطاعات كالحديد والإسمنت حال خفض الغاز المورد للشركات، فإن سعر التكلفة سيتراجع وتصبح أسعارهم تنافسية فى الداخل والخارج، وأن الدول الخارجية تدعم صادرات منتجيها ولديهم برامج قوية فى ذلك سواء فيما يتعلق بسعر الأراضي أو سعر الفائدة للقروض، لذا فإن المناخ الصناعي أيسر مقارنة بنظيره بالسوق المصري.
وأضافت، أن المصانع حاليًا لا تعمل بكافة طاقتها الإنتاجية، فكل مصنع يعمل وفق لظروفه، لكن فى حال زادت الطاقة الإنتاجية، فستحدث طفرة فى الصادرات ونموًا بين 30 الي 40%.
وطالب شريف عفيفي، رئيس شعبة السيراميك باتحاد الصناعات، بضرورة التعامل مع ملف دعم الصناعة وخفض الغاز بجدية لحماية الصناعة وتحقيق معدلات النمو الصناعي المستهدفة، التي لن تأتى إلا بتوفير مدخلات الإنتاج المحلية – ضمنها الطاقة – بأسعار عادلة، حتى تتمكن المنتجات من المنافسة فى الخارج.
تجدر الاشارة إلي أن عدد مصانع السيراميك العاملة فى السوق المحلية 33 مصنعا، تصل طاقتها الفعلية إلى 240 مليون متر سنويًا، أما الطاقة القصوى فتسجل 400 مليون متر، وفقا لشعبة السيراميك بغرفة مواد البناء.
شريف الجبلي، رئيس الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، يرى الحاجة المُلحة لبعض القطاعات لخفض سعر توريد الغاز، ومن بينها الزجاج فسعره مرتفع وبحاجة إلى خفضه، لافتا أن سياسة الغاز سياسية عليا لا نتوقع أن يتم اتخاذ فيها قرارا حاليا، إلا عند زيادة الإنتاج المحلى منها وتراجع معدلات الاستيراد.
في الوقت الذي تدرس فيه الحكومة المصرية تخفيض أسعار الطاقة للمصانع، أكد عدد من المصنعين أن تخفيض الأسعار سيصب في نهاية المطاف في صالح الصناعة المصرية، ويزيد التنافسية عقب عودة المصانع للعمل بكامل طاقتها الإنتاجية، مؤكدين أن الأمر سيسهم في زيادة الصادرات ووفرة المعروض في السوق المحلي، ويخفض أسعار المنتجات لصالح المستهلك المحلي في النهاية.